تشغيل محطات الكهرباء بالأمونيا والفحم.. توجّه ياباني جديد
صناعة الأمونيا تمثّل 1.3% من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون العالمية
نوار صبح
- كمية الأمونيا التي تُحرق بشكل مشترك ترتبط ارتباطًا مباشرًا بانخفاض الانبعاثات في المحطة
- اليابان تحتاج بصورة عاجلة إلى إزالة الكربون من قطاع الكهرباء لديها
- الفحم شكّل 27.8% من مزيج الطاقة في اليابان عام 2022
- خطة الطاقة الحالية للحكومة تهدف لخفض حصة الفحم إلى 19% بحلول عام 2030
تسعى الحكومة اليابانية والصناعات الكبرى إلى تشغيل محطات الكهرباء بالأمونيا، إضافة إلى الفحم، ضمن مساعيها لتقليل انبعاثات ثاني أكسيد الكربون من تلك المحطات.
وتُسمّى العملية بـ"الحرق المشترك"، إذ تقوم على استعمال الأمونيا بدلًا من جزء من وقود الفحم الذي يُستغنى عنه خلال هذه العملية.
وفي أواخر الشهر الماضي، استضافت اليابان مؤتمرها الدولي الثالث بشأن وقود الأمونيا ضمن سلسلة من الفعاليات التي تروّج للتحول إلى الطاقة النظيفة، بحسب مقال للكاتبة الصحفية الأميركية أنيليز جيسبيرت، نشرته صحيفة ذا جابان تايمز اليابانية اليومية (The Japan Times).
وكان من بين المتحدثين مسؤولون من وزارة الصناعة، ووكالة الطاقة الدولية، وممثلو الشركات الصناعية العملاقة، من شركة ميتسوبيشي اليابانية إلى أرامكو السعودية، إذ تناولوا موضوعات مثل سلاسل التوريد وإزالة الكربون من قطاع الشحن، وفق المعلومات التي رصدتها منصة الطاقة المتخصصة.
وكان المؤتمر دليلًا جديدًا على التزام اليابان الثابت باستعمال الأمونيا بصفتها الحل المناخي، الذي يقول النقاد، إنه أبعد ما يكون عن أن يكون نظيفًا، وقد لا يتناسب مع الجدول الزمني لخفض الانبعاثات العالمية بسرعة.
تجدر الإشارة إلى أن الأمونيا لا تطْلق ثاني أكسيد الكربون عند حرقها، ومن ثم فإن كمية الأمونيا التي تُحرَق بصورة مشتركة ترتبط ارتباطًا مباشرًا بانخفاض الانبعاثات في محطات توليد الكهرباء.
ولا يتطلب تجهيز محطات الفحم الحالية للحرق المشترك إجراء تعديلات تحديثية كبيرة، ما يسمح للمرافق بالاستمرار في استعمال أصولها الحالية.
وتحتاج اليابان، بصورة عاجلة، شأنها شأن جميع الدول، إلى إزالة الكربون من قطاع الكهرباء لديها، وشكّل الفحم -وهو أقذر أنواع الوقود الأحفوري- 27.8% من مزيج الطاقة في البلاد في عام 2022.
تشغيل محطات الكهرباء بالأمونيا والفحم
تهدف خطة الطاقة الحالية للحكومة اليابانية لخفض حصة الفحم إلى 19% بحلول عام 2030، على الرغم من دعوات الأمم المتحدة والمنظمات البيئية لدى دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية بوقف جميع أنواع الفحم، بحلول ذلك الوقت.
وتتوقع خطة الطاقة الحكومية هذه أن توفر الأمونيا والهيدروجين 1% من احتياجات اليابان من الطاقة بحلول عام 2030.
ويبدو أن حرق الأمونيا لتوليد الكهرباء أمر ممكن من الناحية الفنية، وإن كان مكلفًا، ولكنه لم ينفّذ على نطاق واسع بعد.
من جهتها، تقوم شركة "جيرا" اليابانية، هذا العام، باختبار نسبة حرق مشترك للأمونيا إلى الفحم تبلغ 20:80 في وحدة تابعة لمحطة هيكينان للطاقة الحرارية في محافظة آيتشي.
وتهدف الشركة إلى زيادة نسبة الحرق المشترك تدريجيًا بمرور الوقت، وأن يصبح حرق الأمونيا بنسبة 100% متاحًا بحلول عام 2050، في حين تهدف الخطة التفصيلية الانتقالية للحكومة إلى الحرق المخصص أو الحرق المشترك، جنبًا إلى جنب مع تقنية احتجاز الكربون وتخزينه بحلول ذلك العام.
هل الأمونيا وقود نظيف؟
نظرًا لاندفاع الحكومة والشركات لإنشاء سلاسل توريد تمدّها بوقود الأمونيا من جميع أنحاء العالم، يتساءل خبراء سياسة المناخ وتلوث الهواء عمّا إذا كانت الأمونيا وقودًا نظيفًا يمكن أن يساعد في إزالة الكربون في اليابان.
وتنقسم مخاوفهم البيئية إلى شقين:
أولًا: يطلق إنتاج الأمونيا الحالي كميات كبيرة من ثاني أكسيد الكربون، وهذا يعني أن مجرد استبدال الأمونيا بالفحم قد لا يسهم في الحد من إجمالي انبعاثات ثاني أكسيد الكربون.
ثانيًا: قد يؤدي تلوث الهواء عبر سلسلة توريد الأمونيا إلى الإضرار بصحة البشر والنظم البيئية، بحسب مقال للكاتبة الصحفية الأميركية أنيليز جيسبيرت، نشرته صحيفة ذا جابان تايمز اليابانية اليومية (The Japan Times).
تخفيضات ثاني أكسيد الكربون موضع شك
على الرغم من أن الأمونيا لا تطلق ثاني أكسيد الكربون عند حرقها، فإن إنتاج الأمونيا يتطلب كميات كبيرة من الطاقة، وتمثّل صناعة الأمونيا 1.3% من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون العالمية.
ويستعمل الخبراء نظام الألوان لتصنيف الأمونيا وفق كمية ثاني أكسيد الكربون المنبعثة في إنتاجها، وفق معلومات اطّلعت عليها منصة الطاقة المتخصصة.
وتنقسم فئات الأمونيا الـ3 الرئيسة إلى: الأمونيا "الرمادية" المنتجة باستعمال الغاز الطبيعي، تُنتَج الأمونيا "الزرقاء" باستعمال الوقود الأحفوري، ولكن مع 80-90% من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون التي تُلتَقَط بوساطة تقنية احتجاز الكربون وتخزينه، وتُنتَج الأمونيا "الخضراء" باستعمال الطاقة المتجددة.
جدوى إنتاج الأمونيا
في الأعوام الأخيرة، أعلنت الحكومة والشركات اليابانية سلسلة من الشراكات ودراسات الجدوى لإنتاج وقود الأمونيا مع نظرائها في الخارج.
وتستكشف شركة ميتسوي وماروبيني والعديد من المرافق اليابانية طرق إنتاج الأمونيا الزرقاء في أستراليا، وتتطلع ماروبيني إلى تطوير سلسلة توريد للأمونيا الزرقاء من كندا.
وتعاونت شركة لاينز وشركة النفط اليابانية إنبيكس في مشروع تجريبي لإنتاج وشحن الأمونيا الزرقاء من دولة الإمارات العربية المتحدة.
ووافقت شركة "جيرا" على العمل في مجال الأمونيا مع شركة نفط وغاز مملوكة للدولة في الإمارات العربية المتحدة، وفي المملكة العربية السعودية، تدعم الحكومة اليابانية والشركات اليابانية مشروع الأمونيا الزرقاء مع شركة الوقود الأحفوري العملاقة أرامكو السعودية.
وتعتمد الأمونيا الزرقاء على تقنية احتجاز وتخزين الكربون للحدّ من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، ولكن احتجاز وتخزين الكربون باهظ الثمن، ولا يُستعمل على نطاق واسع، وكان أداء العديد من مشروعات احتجاز وتخزين الكربون القائمة على مستوى العالم أقلّ من المستوى المطلوب.
وأفاد تقرير صادر عن مركز الأبحاث الياباني كلايمت إنتيغريت، أنه "حتى لو أصبح احتجاز الكربون وتخزينه ممكنًا في الممارسة العملية، فإن معدلات احتجاز الكربون ستظل عند نحو 80% إلى 85%، وهو ما يعني أن تحقيق هدف الحياد الكربوني سيظل غير ممكن".
وقالت كيميكو هيراتا، المديرة التنفيذية لمنظمة كلايمت إنتيغريت: "من خلال فهمي للبيانات التي يمكن الوصول إليها، فإن غالبية المشروعات التي تنتج الأمونيا هي من الوقود الأحفوري"، مشيرة إلى أن احتجاز الكربون وتخزينه "مجرد ذريعة" للاستمرار في إنتاج الأمونيا باستعمال الغاز.
وفي ماليزيا، دخلت شركة الصناعات الثقيلة اليابانية (آي إتش آي) في شراكة مع إحدى الشركات التابعة لشركة بتروناس لإجراء دراسة جدوى للأمونيا الخضراء، وتتعاون شركة سوميتومو كورب في مجال الأمونيا الخضراء مع أحد منتجي الكهرباء في تشيلي.
اقرأ أيضًا..
- سوق طاقة الرياح العالمية تلامس 182 مليار دولار بحلول 2032 (تقرير)
- استهلاك الكهرباء في الإنارة العمومية يؤرق الجزائر.. هل الحل بالطاقة الشمسية؟
- هل حققت المقاطعة النفطية في 1973 أهدافها؟ أنس الحجي يجيب