أخبار التكنو طاقةتكنو طاقةرئيسية

بطاريات تدفق الحديد.. تقنية قد تنهي مشكلة تقطّع إنتاج الطاقة المتجددة

تشغيلها يستمر 25 عامًا

محمد عبد السند

اقرأ في هذا المقال

  • بطاريات تدفق الحديد حل واعد لزيادة إنتاج الطاقة المتجددة
  • بطاريات تدفق الحديد قد تقضي على معضلة الطبيعة المتقطعة للطاقة المتجددة
  • يتميز هذا النوع من البطاريات بالقدرة على التشغيل لمدة 25 عامًا
  • من المرجح أن تعمل بطاريات تدفق الحديد على تثبيت حمولة الشبكة، عند تراجع المصادر المتجددة
  • يُخطط مشروع بطاريات تدفق الحديد لتركيب بطارية سعة 150 ميغاواط تدخل حيز التشغيل بحلول عام 2029

تبرز بطاريات تدفق الحديد حلًا واعدًا لمعضلة الزيادة في توليد الكهرباء من مصادر الطاقة المتجددة، والتي قد ينتُج عنها الكثير من الهدر في تلك السلعة الإستراتيجية، كما يمكن أن تسهم بفاعلية في حل معضلة الطبيعة المتقطعة لتلك المصادر الخضراء التي ما تزال التحدي الأكبر الذي يهدد موثوقية واستدامة الطاقة النظيفة.

ويتميز هذا النوع من البطاريات بالقدرة على التشغيل لمدة 25 عامًا، إضافة إلى السهولة الفائقة في صيانتها وانخفاض تكلفتها، مقارنةً ببطاريات الليثيوم أيون؛ ما يُعدّ حلًا واقعيًا لتحدي ارتفاع سعة الطاقة المتجددة في الأعوام الأخيرة، وما يتطلبه من تخزين فاعل للطاقة الكهربائية.

لكن يبقى هناك بعض العيوب المقترنة ببطاريات تدفق الحديد، والتي تستوجب خضوعها لمزيد من التطوير، من بينها كبر الحجم؛ ما يتطلب مساحات أكبر لتركيبها، وفق معلومات رصدتها منصة الطاقة المتخصصة.

أستراليا مثال عملي

للمرة الأولى، تجاوزت حصة مصادر الطاقة المتجددة بشبكة الكهرباء الرئيسة في أستراليا 70% هذا الأسبوع، فيما يُعدّ إنجازًا لا يسلّط الضوء على الزيادة السريعة لتوليد طاقة الشمس والرياح فحسب، بل يعكس حجم التحديات التي يواجهها هذا القطاع الحيوي -أيضًا-، وفق ما ورد في مقال لمحرر شؤون الطاقة في وكالة رويترز، كلايد راسل.

وتبرز أستراليا رائدًا عالميًا في توليد الكهرباء المتجددة، كما أن لديها أعلى معدل انتشار لأنظمة الطاقة الشمسية على الأسطح بالنسبة للفرد.

وفي 24 أكتوبر/تشرين الأول (2023)، وعند قرابة الساعة 1.05 مساءً بتوقيت شرق أستراليا، بلغت مساهمة الطاقة المتجددة في تشغيل شبكة الكهرباء الأسترالية التي تزوّد 6 ولايات في البلاد، 72.5%، مع مشاركة طاقة الشمس والرياح بنسبة 70.9%، مقابل 1.6% للطاقة الكهرومائية ومصادر أخرى.

ويبدو هذا كأنه إنجاز رائع في بلد كان يعتمد، حتى وقت قريب، على الفحم في توليد الكهرباء، لكن كان ممكنًا أن تزيد نسبة مساهمة الطاقة المتجددة في تشغيل الشبكة الأسترالية على 90%.

ولعل السبب في عدم وصول إجمالي معدل توليد الكهرباء من المصادر المتجددة في أستراليا إلى أكثر من 90%، في 24 أكتوبر/تشرين الأول (2023)، هو تقليص استعمال بعض تلك المصادر المتجددة نتيجة أسعار البيع بالجملة السلبية، وفق ما نشره موقع رينيو إيكونومي Renew Economy الإلكتروني.

مشكلة أوسع للشبكة

تسلّط الحصة المتزايدة لمصادر الطاقة المتجددة الضوء على مشكلة أوسع بالنسبة لشبكة الكهرباء الأسترالية، ونظائرها في بلدان أخرى تسعى إلى فطم نفسها عن الوقود الأحفوري.

وقال محرر شؤون الطاقة في وكالة رويترز، كلايد راسل، إن أستراليا تُنتِج كميات زائدة من الطاقة الشمسية خلال منتصف النهار؛ ما يجبر أسطول محطات الكهرباء القديمة العاملة بالفحم على التراجع، قبل أن ينتعش مرة أخرى مع غروب أشعة الشمس، وانحسار معدلات توليد الكهرباء النظيفة من المصادر المتجددة.

بطارية تدفق الحديد
بطارية تدفق الحديد - الصورة من energy-storag

خيارات داعمة

هناك حلول لتلك المعضلة، ترتكز جميعها على التصور القائل، إنه عند تغذية الشبكة بمزيد من المصادر المتجددة، تبرز الحاجة الماسّة إلى خيارات داعمة سريعة المفعول.

وفي أستراليا يقع هذا الدور على محطات توليد الكهرباء بالغاز الطبيعي، وبطاريات تخزين الكهرباء، والطاقة الكهرومائية.

وما يزال الغاز الطبيعي، الأكثر نظافة بين مصادر الوقود الأحفوري، مصدرًا للانبعاثات الكربونية، كما أنه لا يمثّل، في نهاية المطاف، حلًا طويل الآجل في توليد الكهرباء الخضراء، ضمن خطط أوسع لتحقيق أهداف الحياد الكربوني.

وبالمثل، لا تمتلك الطاقة الكهرومائية سوى نطاق محدود في أستراليا التي تُخطط لإرجاء مشروعات تخزين الكهرباء بالضخ، أو مواجهة تضخم قياسي في التكاليف؛ ما يقوّض جدواها الاقتصادية.

وهذا يترك البطاريات تستعمل وحدات الليثيوم أيون أساسًا، علمًا بأن أستراليا لديها العديد من مصانع إنتاج البطاريات على مستوى المرافق.

وتتّسم تلك البطاريات بمزايا الاستجابة السريعة والقدرة على المساعدة في التحكم في تردد الشبكة الكهربائية.

لكن تلك البطاريات لا تخلو من بعض العيوب، من بينها كلفتها المرتفعة، وعدم استمرارها لمدة طويلة، وصعوبة إطفائها حال نشوب حرائق بها.

بطاريات تدفق الحديد

لعل أحد الدروس المستفادة من تحول الطاقة هو وجود مساحة لحلول مختلفة عديدة، وهنا تبرز بطاريات تدفّق الحديد خيارًا مثاليًا لسدّ الحاجة لتخزين الكهرباء لمدة طويلة.

وبطاريات تدفق الحديد نوع من بطاريات تدفق الأكسدة والاختزال، وتتألف عادةً من خزانين للقطب الكهربائي السالب والإيجابي والمضخات، ولها القدرة على التشغيل لمدة تصل إلى 25 عامًا، بحسب ما قاله محرر شؤون الطاقة في وكالة رويترز، كلايد راسل، وتابعته منصة الطاقة المتخصصة.

ولا تحتاج بطاريات تدفق الحديد سوى الحدّ الأدنى من أعمال الصيانة، كما تستطيع العمل في نطاق واسع من درجات الحرارة.

الرحلة بدأت

طُورت بطاريات تدفق الحديد قبل عقود، لكن لم تُستَعمَل حلًا لتخزين الكهرباء على نطاق الشبكة.

ودخلت شركة ستانويل كورب Stanwell Corp العاملة في توليد الكهرباء والمملوكة من قبل حكومية ولاية كوينزلاند، في اتفاقية مع نظيرتها إنرجي ستوريدج إنداستريز آسيا باسيفيك Energy Storage Industries Asia Pacific، لتطوير محطة تجريبية بسعة تتراوح من 1-10 ميغاواط/ساعة.

وتنص الاتفاقية على تركيب 20 من بطاريات تدفق الحديد تمتد بطول 12 مترًا، بمحطة كهرباء ستانويل في مدينة روكهامبتون الإقليمية الواقعة في كوينزلاند.

وتمنح الاتفاقية -التي أُعلنت في 5 أكتوبر/تشرين الأول (2023)- ستانويل الحق في شراء سعة كهرباء مخزّنة قدرها 200 ميغاواط سنويًا، بدءًا من عام 2026.

ويُخطط مشروع بطاريات تدفق الحديد لتركيب بطارية سعة 150 ميغاواط، تدخل حيز التشغيل بحلول عام 2029.

تشغيل 50 ألف منزل

من الممكن أن تزوّد بطاريات تدفق الحديد الكهرباء لأوقات زمنية مطولة مقارنةً بنظائرها من بطاريات الليثيوم أيون الشهيرة؛ إذ تستمر لمدة 10 ساعات؛ ما يعني أن بطارية سعة 150 ميغاواط يمكنها تشغيل 50 ألف منزل خلال الليل.

وقال العضو المنتدب لشركة إنرجي ستوريج إنداستريز آسيا باسيفيك ستورات باري، إنه يعتقد أن بطاريات تدفق الحديد فكرة "حان وقتها"، في تصريحات أدلى بها إلى كالة رويترز في 20 أكتوبر/تشرين الأول (2023)، تابعتها منصة الطاقة المتخصصة.

ومع خروج محطات الكهرباء العاملة بالفحم من الخدمة خلال العقد المقبل، من الممكن أن تسُدّ بطاريات تدفق الحديد تلك الفحوة، وفق باري.

وتابع: "لم تكن هناك حاجة إلى بطاريات تدفق الحديد قبل الآن".

ولا يرى باري أن بطاريات تدفق الحديد ستحلّ محلّ نظائرها بطاريات الليثيوم أيون تمامًا، ولكنها ستدخل في علاقة تكاملية مع الأخيرة التي لديها القدرة على حسم المنافسة لصالحها، بفضل العمل السريع.

ومن المرجّح أن تعمل بطاريات تدفق الحديد على تثبيت حمولة الشبكة، عند تراجع المصادر المتجددة، كما تُعدّ تلك البطاريات أرخص ثمنًا، بواقع الثلث، من بطاريات الليثيوم أيون، على أساس التكلفة لكل ميغاواط/ساعة.

بطاريات الليثيوم أيون
بطاريات الليثيوم أيون - الصورة من transportenvironment

ليست خالية من العيوب

رغم جميع المزايا المذكورة التي تجعل منها حلًا واعدًا لتخزين الكهرباء لمدة مطولة؛ ما يدغم بدوره جهود تحول الطاقة، تبرز هناك بعض العيوب المقترنة ببطاريات تدفق الحديد، في مقدّمتها كبر الحجم مقارنة بمثيلتها بطاريات الليثيوم أيون من السعة المكافئة؛ ما يعني الحاجة إلى مساحات أكبر لتركيب هذا النوع الجديد من البطاريات.

وبناءً عليه، تُعدّ بطاريات تدفق الحديد كبيرة جدًا بما يتعذر تركيبها في الوحدات السكنية، رغم أنه في حال تعديل اللوائح التنظيمية المنظمة لاستعمالها، من الممكن أن تعمل جيدًا على مستوى الأحياء، أو في المدن النائية غير المتصلة بالشبكة الكهربائية.

وظاهريًا، تبدو بطاريات تدفق الحديد حلًا معقولًا لتشغيل شبكة كهربائية متصلة بمصادر الطاقة المتجددة، غير أن نشر هذا النوع من البطاريات يتطلب بيئة تنظيمية داعمة تتيح مساحة كافية من الأراضي، وتوصيلات بالشبكة.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق