تسريع التخلص من محطات توليد الكهرباء بالفحم يفيد 3 فئات (دراسة)
نوار صبح
- الحكومات والشركات والمؤسسات المالية تستثمر في محطات الفحم لتحقيق الربح
- تقصير العمر التشغيلي للمحطة من شأنه أن يؤثر سلبًا في المستثمرين
- يستفيد المستثمرون والمجتمعات المحلية من الاستثمارات الجديدة في البنية التحتية والهواء النظيف
- يجب على الحكومات المحلية والمستثمرين إعادة التفاوض بشأن اتفاقيات شراء الكهرباء الحالية
يطرح المحللون والباحثون تساؤلات بشأن جدوى تسريع عملية التخلص التدريجي من محطات توليد الكهرباء بالفحم الحالية، وقد شهدت هذه المسألة نقاشًا متزايدًا، وحادًّا أحيانًا، في سياق مساعي الدول للتخفيف من تأثيرات تغير المناخ، وفي ظل تعهدات بتحقيق الحياد الكربوني وتحول الطاقة.
وبصفته أكبر مصدر لغازات الدفيئة، فإن طريقة تحويل قطاع الطاقة من الوقود الأحفوري كثيف الكربون إلى الطاقة الخضراء كانت منذ مدة طويلة في صميم المناقشات بشأن التخفيف من تداعيات تغير المناخ، حسبما نشرته منصة ذا ثيرد بول (thethirdpole) المعنية بشؤون البيئة والمناخ والتنوع البيولوجي.
وأصبح التخلص من محطات توليد الكهرباء بالفحم نقطة اهتمام أكثر حدة، منذ أن أعلنت دول مجموعة الـ7 والصين في عام 2021 أنها ستتوقف عن تمويل محطات الفحم الجديدة في الخارج، وفقًا لما اطلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة.
وتهدف آلية تحول الطاقة لدى بنك التنمية الآسيوي إلى التعجيل بالتقاعد أو إعادة استعمال محطات الوقود الأحفوري، في حين نشر تحالف غلاسكو المالي من أجل الحياد الكربوني (جي إف إيه إن زد) توجيهات طوعية، لتمويل التقاعد المبكر لمحطات الطاقة التي تعمل بالفحم في آسيا والمحيط الهادئ.
ويتعلق السؤال المهم بجدوى التقاعد المبكر لمحطات الفحم بالنسبة إلى أصحابها والمستثمرين.
وتستثمر الحكومات والشركات والمؤسسات المالية في محطات توليد الكهرباء بالفحم لتحقيق الربح، الذي يعتمد على تشغيل المحطة طوال مدة اتفاقية شراء الكهرباء، التي عادة ما تكون 25 عامًا، أو حتى نهاية عمرها الفني، عادةً نحو 40 عامًا.
لذلك، فإن تقصير العمر التشغيلي للمحطة من شأنه أن يؤثر سلبًا في المستثمرين، ويدفعهم إلى الاعتراض على التقاعد المبكر لمحطات الفحم أمام المحاكم ومن خلال ممارسة الضغوط.
ووجدت دراسة أجراها مركز التمويل الأخضر والتنمية في جامعة فودان بمدينة شنغهاي الصينية، ومشروعات المناخ الذكية في سنغافورة، أن هناك 3 فئات يمكنها الاستفادة من التقاعد المبكر لمحطات الفحم هي: المستثمرون، والمجتمعات المحلية التي تستفيد من الاستثمارات الجديدة في البنية التحتية والهواء النظيف، في حين يستفيد المناخ العالمي -بدوره- من انخفاض الانبعاثات.
وأوضحت الدراسة، أن هذا قد يوفّر حوافز للمستثمرين، للضغط من أجل التقاعد المبكر لمحطات الفحم.
محطات توليد الكهرباء بالفحم في باكستان وفيتنام
حللت دراسة أجراها مركز التمويل الأخضر والتنمية في جامعة فودان بمدينة شنغهاي الصينية ومشروعات المناخ الذكية في سنغافورة، قيمة الشركة لـ6 من محطات توليد الكهرباء بالفحم وجرى بناؤها باستثمارات صينية؛ 3 في باكستان و3 بفيتنام.
ولقد عانت باكستان ضائقة ديون خطيرة في العامين الماضيين، وهو ما يرجع جزئيًا إلى الإنفاق المرتفع على البنية التحتية والحاجة إلى استيراد الفحم الباهظ الثمن.
من ناحيتها، حظيت فيتنام، هذا العام، بالاهتمام بسبب تعاونها مع مجموعة الـ7، بشأن إنشاء شراكة عادلة لانتقال الطاقة وخطتها الطموحة لتطوير الكهرباء (بي دي بي 8) الصادرة في يونيو/حزيران 2023.
وتضمنت منهجية الدراسة 5 خطوات تحليلية، على سبيل المثال اختيار 6 محطات تستعمل تكنولوجيات أقل كفاءة (مثل الفحم المسحوق)، لزيادة الانبعاثات الكربونية التي يمكن تجنبها من خلال التقاعد المبكر النظري.
وبحثت الدراسة في محطات ذات قدرة توليد أقل من 1 غيغاواط، لمحاكاة سيناريو انتقالي واقعي لا تتعرّض فيه إمدادات الطاقة الوطنية للخطر.
بعد ذلك، تعمقت الدراسة في تحليل المعلومات بشأن اتفاقيات شراء الكهرباء المحددة لهذه المحطات والأداء المالي، بالإضافة إلى تقارير قطاع الكهرباء، واعتمدت نماذجها قدر الإمكان على الواقع بدلًا من الافتراض، وحددت الدراسة 3 سيناريوهات مستقبلية مختلفة.
تتمثل تلك السيناريوهات في سيناريو "العمل المعتاد"، إذ تعطي البلدان الأولوية لأمن الطاقة، والثاني الذي تعطي فيه التكتلات الإقليمية الأولوية للمصالح الاقتصادية والسياسية (سيناريو "الحلفاء")، والثالث حيث يعطي الاقتصاد العالمي الأولوية للطاقة المتجددة والعمل المناخي (سيناريو "المستقبل").
وأخيرا، طبّقت الدراسة سيناريوهين مختلفين للتمويل لتقييم مشروعات محطات الفحم، حسبما نشرته منصة ذا ثيرد بول (thethirdpole) المعنية بشؤون البيئة والمناخ والتنوع البيولوجي.
وتمثّل السيناريو الأول في إعادة تمويل الأصول، إذ تجمع محطة الفحم إعادة التمويل في عام 2024 بتكلفة أقل مقابل الوعد بإيقاف المحطة في وقت مبكر.
واعتمد السيناريو الثاني على إعادة التمويل مع الاستثمار في الطاقة المتجددة، إذ تتقاعد محطة الفحم في نهاية مدة القرض، وتبدأ مصادر الطاقة المتجددة في العمل عام 2025 وتستمر لمدة 20 عامًا.
نتائج واعدة للتقاعد المبكر لمحطات الفحم
كانت نتائج الدراسة، التي أجراها مركز التمويل الأخضر والتنمية في جامعة فودان بمدينة شنغهاي الصينية ومشروعات المناخ الذكية في سنغافورة، واعدة. بالنسبة إلى جميع المحطات الـ6، أظهرت نماذج الدراسة زيادة في قيمة المؤسسة في جميع السيناريوهات.
وفي باكستان، تسمح عملية إعادة التمويل بإحالة المحطات الـ3 إلى التقاعد قبل الموعد المحدد بـ7 إلى 9 أعوام، مع تحقيق الربح في الوقت نفسه، وفق المعلومات التي رصدتها منصة الطاقة المتخصصة.
وفي فيتنام، كانت الانبعاثات التي جرى تجنبها على مدة التشغيل تعادل 8 أعوام في محطة ثانغ لونغ، و3 أعوام في محطة هاي فونغ 2. بالنسبة إلى محطة كوانغ نينه-1 الأقدم، فإن الإطار الزمني لإعادة التمويل مماثل لإطار اتفاقية شراء الكهرباء الحالية، وبالتالي لن تقلل من الانبعاثات طوال مدة التشغيل.
وتشير نتائج الدراسة بشأن جميع المحطات الـ6، إلى أنه إذا جرى دمج إعادة التمويل مع استثمارات الطاقة المتجددة، فإن قيمة المؤسسة ستتضاعف 3 مرات حتى في "أسوأ الحالات"، وهو سيناريو العمل المعتاد.
وأفادت الدراسة بأنه حال تمكن المستثمرون من الحصول على عائد أعلى للتخلص التدريجي من محطات توليد الكهرباء بالفحم في وقت مبكر، وتحسين العائدات بصورة أكبر من خلال الجمع بين التقاعد من محطات الفحم واستثمارات الطاقة المتجددة، فإن التخفيض التدريجي المتسارع يصبح فرصة ثلاثية المكاسب.
وأوضحت أن المستثمرين والمجتمعات المحلية يستفيدون من الاستثمارات الجديدة في البنية التحتية والهواء النظيف، ويستفيد المناخ العالمي من انخفاض الانبعاثات.
وأضافت أنه لتحقيق ذلك في الممارسة العملية، لا بد من إجراء المفاوضات والتخطيط التفصيلي. ويجب على الحكومات المحلية والمستثمرين إعادة التفاوض بشأن اتفاقيات شراء الكهرباء الحالية والعقود ذات الصلة لمحطات توليد الكهرباء بالفحم، في حين يحتاج المخططون المحليون إلى إعداد تفاصيل لتوسيع الطاقة المتجددة.
وأوصت الدراسة بضرورة العثور على مستثمرين جدد يرغبون في توفير إعادة التمويل بتكلفة أقل من المستثمرين الحاليين، ربما من خلال تطبيق آليات تعزيز الائتمان والتحوط من سعر الصرف.
وفي جنوب شرق آسيا، يمكن توفير هذه الخدمات من خلال بنوك التنمية وربما المؤسسات المالية الخاصة بموجب تصنيف التمويل المستدام الجديد لرابطة دول جنوب شرق آسيا.
ويمكن للصين أن تؤدي دورًا محوريًا، نظرًا إلى مشاركتها الكبيرة في محطات الفحم في جنوب وجنوب شرق آسيا وطموحها المعلن لتخضير مبادرة الحزام والطريق.
اقرأ أيضًا..
- اكتشافات النفط والغاز العالمية تنخفض 30% أول 8 أشهر من 2023
- 9 خبراء لـ"الطاقة": أسعار النفط قد ترتفع إلى 100 دولار مع تطورات حرب غزة
- سياسات الحياد الكربوني غير واقعية.. ووقف الاحتباس الحراري مستحيل (مقال)