الطاقة المتجددة في جنوب شرق آسيا تنتظر قفزة.. وهذه أبرز التحديات (تقرير)
نوار صبح
- • توقعات بأن تصل الاستثمارات العالمية المرتبطة بالطاقة إلى 2.8 تريليون دولار أميركي هذا العام.
- • الاستثمار في الطاقة النظيفة يتركّز في مجموعة مختارة من البلدان والمناطق.
- • الاستثمار الخاص يُشكِّل أهمية بالغة لنجاح تحول الطاقة في رابطة دول جنوب شرق آسيا.
- • أعضاء رابطة دول جنوب شرق آسيا يتمتعون بموارد وفيرة ومتنوعة من الطاقة المتجددة.
- • دول "آسيان" تُعَد إحدى الوجهات الرئيسة لاستثمارات الطاقة الخارجية من الصين.
تستعد الطاقة المتجددة في جنوب شرق آسيا لأداء دور مهم، بعدما تعهّد قادة رابطة دول "آسيان" بدعم التحوّل منخفض الكربون في مجال الطاقة؛ سعيًا لتحقيق التنمية الخضراء.
والتزمت الدول الكبرى المستهلكة للطاقة في الرابطة، وفق بيان طالعته منصة الطاقة المتخصصة؛ بما في ذلك إندونيسيا وفيتنام، بتحقيق الحياد الكربوني، وزادت بصورة كبيرة حصة مصادر الطاقة المتجددة في خططها الوطنية للطاقة.
وكان "تسريع تحوّل الطاقة العادل والشامل" بمثابة إجراء رئيس اتخذه هؤلاء القادة في بيانهم في القمة الـ43 لرابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان) في سبتمبر/أيلول الماضي، بحسب ما نشره موقع مؤسسة تشاينا ديالوغ (China Dialogue).
ويرى المحللون أن تنفيذ هذا التحول ليس بالأمر السهل؛ لأنّ نشر مصادر الطاقة المتجددة في جنوب شرق آسيا على نطاق واسع يتطلب استثمارات هائلة.
تواجه مشروعات الطاقة المتجددة في جنوب شرق آسيا، كما هو الحال في البلدان النامية في مناطق أخرى، مشكلات عديدة؛ إذ يبدو مستثمرو القطاع الخاص أقل حماسًا؛ ما يعرقل إطلاق المشروعات، بينما يتوقع المحللون أن تصل الاستثمارات العالمية المرتبطة بالطاقة إلى 2.8 تريليون دولار هذا العام، وفقًا لأحدث تقرير للاستثمار في الطاقة العالمية الصادر عن وكالة الطاقة الدولية.
وسيُنفَق أكثر من نصف هذا الإجمالي على نشر تكنولوجيات الطاقة النظيفة؛ بما في ذلك السيارات الكهربائية ومحطات توليد الكهرباء من مصادر الطاقة المتجددة في جنوب شرق آسيا وتخزين الطاقة.
ويتركّز الاستثمار في الطاقة النظيفة لدى مجموعة مختارة من البلدان والمناطق، على سبيل المثال الصين، والاتحاد الأوروبي، والولايات المتحدة، واليابان. وقد حدث أكثر من 90% من الزيادة في هذه الاستثمارات منذ عام 2021 في مناطق الاقتصادات المتقدمة والصين.
أهمية الاستثمار الخاص
يتطلّب التزام قطاع الكهرباء في منطقة آسيان باتباع المسار نحو هدف 1.5 درجة مئوية بموجب اتفاق باريس للمناخ، استثمار نحو 45.8 مليار دولار سنويًا حتى عام 2030، وفق تقديرات الوكالة الدولية للطاقة المتجددة (آيرينا).
وهذا من شأنه أن يزيد من قدرة توليد الكهرباء من مصادر الطاقة المتجددة في جنوب شرق آسيا، بالإضافة إلى تطوير البنية التحتية للشبكة ذات الصلة إلى النطاق اللازم، وفق المعلومات التي رصدتها منصة الطاقة المتخصصة.
وتتجاوز هذه الأرقام كثيرًا القدرة الاستثمارية للقطاع العام في رابطة دول جنوب شرق آسيا، الذي كان، تاريخيًا، المصدر الأكبر لتمويل تنمية الكهرباء في المنطقة.
وفي المدة بين عامي 2016 و2020، بلغ إجمالي الاستثمار العام في كهرباء رابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان) ككل نحو 20 مليار دولار، وهو أقل كثيرًا من المبلغ اللازم لدفع التحول في قطاع الكهرباء لمدة عام واحد.
وأدى تفشي وباء كوفيد-19 إلى ارتفاع الدين العام في المنطقة؛ لأن دول رابطة دول (آسيان) أدخلت سياسات لحماية الفئات الضعيفة ودفع التعافي الاقتصادي، بحسب ما نشره موقع مؤسسة تشاينا ديالوغ (China Dialogue).
إزاء ذلك، ارتفع متوسط نسبة الدين الحكومي إلى الناتج المحلي الإجمالي بين دول رابطة آسيان من 41% في عام 2016 إلى 57% في عام 2021. وهذا يزيد من صعوبة توسيع المخصصات المالية للاستثمار في الطاقة النظيفة.
على ضوء ذلك، يشكل الاستثمار الخاص في مصادر الطاقة المتجددة في جنوب شرق آسيا أهمية بالغة لنجاح تحول الطاقة في رابطة دول آسيان، وسيأتي أكثر من 70% من استثمارات تحول الطاقة في الرابطة على مدى الأعوام الـ10 المقبلة من رأس المال الخاص، وفقًا لتقديرات وكالة الطاقة الدولية.
عقبات أمام مشروعات الطاقة المتجددة
انخفضت تكلفة توليد الكهرباء من طاقة الرياح والطاقة الشمسية الكهروضوئية بشكل كبير خلال السنوات القليلة الماضية، بفضل تقدم التكنولوجيا. وفي العديد من البلدان والمناطق، أصبحت الآن قريبة من تكلفة كهرباء الفحم أو أقل منها.
وتتمتع دول رابطة آسيا بموارد وفيرة ومتنوعة من الطاقة المتجددة في جنوب شرق آسيا، مع إمكانات تنموية هائلة، وفق ما طالعته منصة الطاقة المتخصصة.
ويشير هذا إلى أن المنطقة يجب أن تكون جذابة للغاية للمستثمرين، لكن الواقع مختلف تمامًا. ويظل القطاع العام يشكل الدعامة الأساسية للاستثمار في الطاقة النظيفة في رابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان)، وسط مستوى منخفض فقط من الاستثمار الخاص.
بالنسبة إلى مشروعات الكهرباء المولّدة من الطاقة المتجددة في جنوب شرق آسيا، يبني مستثمرو القطاع الخاص قراراتهم إلى حد كبير على الربحية، مع كون التكلفة مجرد واحد من العوامل ذات الصلة.
وقال المعلق الاقتصادي لدى صحيفة فايننشال تايمز البريطانية، مارتن وولف: "رغم أنه من الممكن منع الشركات تنفيذ مشروعات مربحة؛ فمن المستحيل إرغامها على تنفيذ مشروعات تعتبرها غير مربحة بالقدر الكافي، بعد التكيف مع المخاطر".
الصين وقيادة تحول الطاقة
تُعَد منطقة جنوب شرق آسيا إحدى الوجهات الرئيسة لاستثمارات الطاقة الخارجية من الصين؛ حيث استثمرت الشركات الصينية بين عامي 2000 و2022 في أكثر من 1400 وحدة لتوليد الكهرباء في الخارج، وفقًا لمركز سياسات التنمية العالمية بجامعة بوسطن.
ويمثل هذا إجمالي قدرة مركّبة تزيد على 170 غيغاواط في شكل استثمارات جديدة وعمليات استحواذ على أسهم. ومن بين تلك المحطات، كان 31% منها في جنوب شرق آسيا.
وباعتبارها مستثمرًا رائدًا في قطاع الكهرباء في رابطة آسيان، تستطيع الصين أن تقدم دعمًا كبيرًا للمنطقة من خلال تشجيع استثمار رأس المال الخاص في مشروعات الطاقة المتجددة.
وأوضح رئيس مجلس الدولة الصيني لي تشيانج، في قمة شرق آسيا الـ18 في سبتمبر/أيلول، أنه يريد تعميق التعاون مع دول آسيان؛ فالتعاون في مجالات الطاقة وتغير المناخ والسيارات الكهربائية من شأنه أن يحقق النمو المشترك.
موضوعات متعلقة..
- استثمارات الطاقة المتجددة في جنوب شرق آسيا قد تتجاوز 119 مليار دولار بحلول 2027
- الطاقة المتجددة قد توفّر 160 مليار دولار لدول جنوب شرق آسيا (تقرير)
- دول جنوب شرق آسيا تشهد تحولًا بطيئًا إلى الطاقة المتجددة (تقرير)
اقرأ أيضًا..
- توربينات الغاز الجزائرية تترقب تجربة عالمية.. ما القصة؟
- ما دور التكسير المائي الهيدروليكي في إشعال ثورة الصخري الأميركي؟ (تقرير)
- محللون: أسعار النفط لن تتأثر بحرب غزة.. إلا في حالة واحدة