المقالاترئيسيةمقالات الهيدروجينهيدروجين

مليارات بايدن لدعم الهيدروجين النظيف تواجه عقبات (مقال)

أومود شوكري* – ترجمة: نوار صبح

اقرأ في هذا المقال

  • إدارة بايدن أعلنت تمويلًا حكوميًا بقيمة 7 مليارات دولار لـ7 مراكز هيدروجين إقليمية
  • رؤية الطاقة النظيفة لدى إدارة بايدن تُعدّ خطة شاملة مصممة لمعالجة تغير المناخ
  • وزارة الطاقة الأميركية تعترف بأن الهيدروجين النظيف مصدر مهم للطاقة المتجددة في الولايات المتحدة
  • إستراتيجية وخريطة طريق الهيدروجين الوطنية تركّز بصورة كبيرة على إنتاج الهيدروجين النظيف
  • التعاون الدولي ضروري لوضع قوانين شاملة تغطي سلسلة قيمة الهيدروجين الأخضر بأكملها

تلقّت خطط الولايات المتحددة للتوسع في إنتاج الهيدروجين النظيف دعمًا كبيرًا، إذ أعلنت إدارة الرئيس الأميركي، جو بايدن، تمويلًا حكوميًا بقيمة 7 مليارات دولار لـ7 مراكز هيدروجين إقليمية في البلاد، ما يمثّل خطوة حاسمة في تحول الطاقة محليًا.

وستسهم هذه المراكز في تحقيق أهداف الرئيس بايدن الطموحة للريادة في مجال إزالة الكربون والطاقة المتجددة وإنتاج الهيدروجين.

ويهدف بحثنا إلى تقييم تأثير وأهمية سياسة الهيدروجين الأميركية، لا سيما في سياق مراكز الهيدروجين النظيفة الإقليمية، إذ سنقوم بتحليل دوافع المشروع والفوائد المحتملة والتحديات والمواءمة ضمن أهداف تحول الطاقة الأوسع.

مراكز الهيدروجين الأميركية

كشف الرئيس بايدن عن تمويل مراكز الهيدروجين الـ7 التالية:

مركز ميد-أتلانتيك للهيدروجين: يركّز على إزالة الكربون باستعمال الهيدروجين، وإعادة استعمال البنية التحتية النفطية، وإنتاج الهيدروجين المتجدد، وتُقدّر فرص العمل المتوقعة بـ20 ألفًا و800 فرصة.

مركز أبالاتشي للهيدروجين: يهدف للاستفادة من الغاز الطبيعي منخفض التكلفة لإنتاج الهيدروجين النظيف وتخزين الكربون، وتُقدّر فرص العمل المتوقعة بـ21 ألف فرصة.

مركز كاليفورنيا للهيدروجين: يهدف لإنتاج الهيدروجين حصريًا من الطاقة المتجددة لإزالة الكربون من عمليات النقل والمواني، وتُقدّر فرص العمل المتوقعة بـ220 ألف فرصة.

مركز هيدروجين ساحل الخليج (هاي فيلوسيتي هيدروجين هاب): يهدف لإنتاج الهيدروجين على نطاق واسع من خلال الغاز الطبيعي ومصادر الطاقة المتجددة، وتُقدّر فرص العمل المتوقعة بـ45 ألف فرصة.

مركز هارتلاند للهيدروجين: يهدف لإزالة الكربون من قطاع الزراعة وتعزيز استعمال الهيدروجين النظيف، وتُقدّر فرص العمل المتوقعة بـ 3880 فرصة.

مركز ميد-ويست لهيدروجين: يهدف لتمكين إزالة الكربون في مختلف الصناعات، وتُقدّر فرص العمل المتوقعة بـ13 ألفًا و600 فرصة.

مركز باسيفيك نورث ويست للهيدروجين: يهدف للاستفادة من الموارد المتجددة لإنتاج الهيدروجين النظيف والتركيز على تقليل التكاليف، وتُقدّر فرص العمل المتوقعة بأكثر من 10 آلاف فرصة.

خزانات الهيدروجين في محطة كونستليشن ناين مايل بوينت النووية بولاية نيويورك
خزانات الهيدروجين في محطة كونستليشن ناين مايل بوينت النووية بولاية نيويورك– الصورة من بلومبرغ

الهيدروجين النظيف في أميركا

تمثّل رؤية الطاقة النظيفة لدى إدارة الرئيس الأميركي، جو بايدن، خطة شاملة مصممة لمعالجة تغير المناخ، وخلق فرص العمل، وتحفيز النمو الاقتصادي.

ومن خلال مختلف البرامج والاستثمارات المالية، بما في ذلك التركيز القوي على الهيدروجين بصفته مصدرًا للطاقة النظيفة، تُحقق الإدارة الأميركية تقدمًا كبيرًا، وسعيًا منها إلى تحفيز الاستثمار في مشروعات الطاقة المتجددة، أُعلِنت مباردة رائدة بقيمة 20 مليار دولار لتحسين الوصول إلى التمويل.

وتُعدّ هذه المبادرة جزءًا من برنامج الاستثمار الأوسع في أميركا في عهد إدارة بايدن ونائبته، كامالا هاريس، الذي يهدف إلى ضمان حصول المجتمعات على كهرباء ميسورة التكلفة وموثوقة ونظيفة وأنظمة كهرباء حديثة لدعم اقتصاد الطاقة النظيفة.

بالإضافة إلى ذلك، تحدد إستراتيجية وخريطة طريق الهيدروجين الوطنية للولايات المتحدة، التي قدّمتها إدارة بايدن-هاريس في 5 يونيو/حزيران 2023، خطة شاملة لتعزيز إنتاج الهيدروجين النظيف ومعالجته وتوزيعه وتخزينه واستعماله بما يتماشى مع الأهداف الوطنية لإزالة الكربون.

وتطرح الخطة رؤية إستراتيجية لتحقيق إنتاج واستهلاك الهيدروجين النظيف على نطاق واسع، مع التركيز على سيناريوهات 2030 و2040 و2050.

ومن خلال تأكيد نهج يشمل الحكومة بأكملها، بما في ذلك إنشاء فريق عمل مشترك بين الوكالات المعنية بالهيدروجين، فإنها تضع أهدافًا محددة، ومعايير يحرّكها السوق، وخطوات قابلة للتنفيذ عبر مختلف القطاعات.

وتسلّط خريطة الطريق الضوء على إمكانات الهيدروجين النظيف، وموارده المحلية المتنوعة، وتوافقه مع البنية التحتية القائمة.

من ناحيتها، تعترف وزارة الطاقة الأميركية بأن الهيدروجين النظيف مصدر مهم للطاقة المتجددة في الولايات المتحدة، وتقدّم توصيات للمنظمين والشركات وصانعي السياسات للمتابعة حتى عام 2035.

وبحلول عام 2050، يتمتع هذا الهيدروجين منخفض الكربون بالقدرة على تقليل انبعاثات غازات الاحتباس الحراري بنسبة 10%، مقارنة بمستويات عام 2005.

تقليل تكلفة الهيدروجين منخفض الكربون

تلتزم الحكومة الأميركية بتقليل تكلفة الهيدروجين منخفض الكربون، من خلال مبادرات مثل "هيدروجين شوت" التابعة لوزارة الطاقة، التي تهدف إلى أن يبلغ سعر للكيلوغرام دولارًا واحدًا بحلول عام 2031.

وتؤكد الإستراتيجية تطوير شبكات الهيدروجين المحلية، من خلال مبادرة مراكز الهيدروجين التابعة لوزارة الطاقة.

وستخضع الخطة لتحديثات دورية كل 3 سنوات، ما يسمح بمشاركة أصحاب المصلحة وردود أفعالهم باستمرار، وفقًا لقانون البنية التحتية المشترك بين الحزبين.

وتركّز إستراتيجية وخريطة طريق الهيدروجين الوطنية -وهي عنصر رئيس في خطة الطاقة النظيفة للحكومة الأميركية- بصورة كبيرة على إنتاج الهيدروجين النظيف.

ويتماشى هذا التوجه مع الأهداف المناخية الطموحة، بما في ذلك تحقيق شبكة محايدة كربونيًا بحلول عام 2035، واقتصاد خالٍ من الانبعاثات بحلول عام 2050.

ويهدف برنامج مراكز الهيدروجين، الذي يرعاه قانون البنية التحتية المشترك بين الحزبين، إلى إطلاق اقتصاد الهيدروجين النظيف، وإنشاء شبكة هيدروجين وطني نظيف تستهدف خفض الانبعاثات في الصناعات كثيفة الاستهلاك للطاقة والنقل الثقيل.

في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، أعلنت الحكومة الأميركية تخصيص كبير قدره 7 مليارات دولار من الإعانات الفيدرالية لمبادرة مراكز الهيدروجين النظيف الإقليمية، ما يتيح إنشاء 6 إلى 10 مراكز إقليمية على مستوى البلاد.

وستعمل هذه المراكز على إنتاج الهيدروجين ليحلّ محلّ الوقود الأحفوري في القطاعات التي يصعب إزالة الكربون منها، على سبيل المثال، وسائل النقل الثقيلة والعمليات الصناعية، ما يعزز التحول إلى الطاقة المستدامة.

في إطار السعي لتحقيق اقتصاد هيدروجيني نظيف، تحدد إستراتيجية وخريطة طريق الهيدروجين الوطنية في الولايات المتحدة الإمكانات والعقبات.

الفرص

إزالة الكربون في قطاعات محددة: يمكن للهيدروجين النظيف أن يساعد في تحقيق أهداف إزالة الكربون الوطنية بمجموعة متنوعة من القطاعات الاقتصادية، بما في ذلك توليد الكهرباء، والتخزين طويل الأجل، والنقل المتوسط والثقيل، والعمليات الصناعية ذات الأحمال الحرارية العالية أو متطلبات الهيدروجين المحددة.

تَعدُّد الاستعمالات والقدرة على التكيف: يمكن توليد الهيدروجين دون انبعاثات كربونية تُذكر، ما يجعله ناقل طاقة مرنًا وقابلًا للتكيف، ويمكن إنتاجه من مجموعة متنوعة من الموارد المحلية، واستعماله في العديد من الصناعات، وإضافته إلى البنية التحتية الحالية للغاز الطبيعي والشبكة التقليدية.

خفض التكاليف: تريد إدارة بايدن جعل الهيدروجين منخفض الكربون أقلّ تكلفة بصورة كبيرة، ويُعدّ برنامج "هيدروجين شوت"، التابع لوزارة الطاقة، أحد البرامج المعروفة التي تهدف إلى خفض سعر الهيدروجين النظيف إلى أقلّ من دولار واحد للكيلوغرام الواحد بحلول عام 2031.

التحديات

البنية التحتية وسلسلة التوريد: يُعدّ تحسين البنية التحتية للنقل بسرعة كافية لتوصيل الكهرباء النظيفة إلى المواقع، التي سيُستَعمَل الهيدروجين فيها، إحدى المشكلات الرئيسة.

لذلك، يجب إنتاج عدد كبير من الألواح الشمسية وتوربينات الرياح والمحللات الكهربائية في الولايات المتحدة لجعل الهيدروجين الأخضر متاحًا بوجه عامّ في جميع أنحاء البلاد.

التمويل: نظرًا لأن سوق الهيدروجين المتجدد في جميع أنحاء العالم ما يزال في مرحلة مبكرة، فهناك صعوبات تمويل كبيرة، بما في ذلك تكاليف الإنتاج المرتفعة وظروف السوق غير المستقرة.

تكاليف إنتاج العالية: ما تزال تكلفة إنتاج الهيدروجين النظيف عالية، على الرغم من التقدم التكنولوجي. على سبيل المثال، من المتوقع أن تبلغ تكلفة هيدروجين بالمحللات الكهربائية نحو 1600 دولار أميركي للكيلوواط في عام 2030.

التوسع في السوق: لخفض تكاليف توليد الهيدروجين المتجدد واستعماله بصورة كبيرة، هناك حاجة إلى توسيع نطاق تجاري كبير.

غياب المعايير العالمية

يواجه قطاع الهيدروجين الأخضر الناشئ تحديات كبيرة، ويرجع ذلك أساسًا إلى غياب المعايير العالمية، ودون معايير ثابتة للإنتاج والتخزين والنقل والاستعمال، يصبح إنشاء إطار موحّد معقدًا، ما يعوق تجارة الهيدروجين الدولية، لإضافة إلى ذلك، فإن الافتقار إلى لوائح السلامة الموحدة يشكّل مخاطر أمنية ويمنع نمو البنية التحتية.

ويُعدّ التعاون الدولي ضروريًا لوضع قوانين شاملة تغطي سلسلة قيمة الهيدروجين الأخضر بأكملها، بما في ذلك عمليات التصنيع، ومواصفات النقاء، وإرشادات النقل، وتدابير السلامة.

وستكون هذه المعايير بمثابة الأساس للتوسع الصناعي، ما يضمن الاتّساق والسلامة والتوافق عبر الحدود.

وتوجد عقبة كبيرة أخرى في سوق الهيدروجين المتجدد، وهي انخفاض قدرتها التنافسية مقارنة بالبدائل المعتمدة للوقود الأحفوري، ويرجع ذلك في المقام الأول إلى تحديات التمويل الكبيرة، وارتفاع تكاليف رأس المال.

وقد تؤدي النفقات الأولية للبنية التحتية -على سبيل المثال، المحللات الكهربائية ومنشآت الطاقة المتجددة- إلى تثبيط عزيمة المستثمرين، خصوصًا في المناطق ذات اللوائح التنظيمية غير الواضحة.

من ناحية ثانية، تؤثّر عوامل السوق، بما في ذلك تقلّب الطلب على الهيدروجين ودعم الطاقة المتجددة، في جدوى المشروع.

ولمعالجة هذه العقبات، ينبغي للحكومات والمؤسسات المالية أن تتعاون على إيجاد الحلول، ربما من خلال اتفاقيات شراء الكهرباء طويلة الأجل لمصادر الطاقة المتجددة، والإعانات، والمنح، والحوافز الضريبية، وغيرها من الآليات المالية.

ويمكن لهذه الخطوات أن تعزّز جاذبية الهيدروجين الأخضر وتسريع اعتماده في التحول إلى مستقبل الطاقة المستدامة.

شاحنة تعمل بالهيدروجين من صنع شركة نيكولا رائدة صناعة الشاحنات الكهربائية الأميركية
شاحنة تعمل بالهيدروجين من صنع شركة نيكولا رائدة صناعة الشاحنات الكهربائية الأميركية– الصورة من رويترز

الطاقة النظيفة في أميركا

يمثّل برنامج الطاقة النظيفة لدى إدارة بايدن، على النحو المبيّن في إستراتيجية وخريطة طريق الهيدروجين الوطنية، خطوة كبيرة نحو مكافحة تغير المناخ، والحدّ من انبعاثات الغازات الدفيئة، والانتقال إلى مستقبل الطاقة المستدامة.

بموجب الأهداف الطموحة للأعوام 2030، و2040، و2050، صممت الإدارة إستراتيجية شاملة لتعزيز إنتاج وتخزين واستعمال الهيدروجين النظيف، ومن خلال استعمال الهيدروجين ناقلًا للطاقة النظيفة، تهدف الإدارة إلى إزالة الكربون من القطاعات الاقتصادية الرئيسة، بما في ذلك التصنيع والنقل وتوليد الكهرباء، وعلى الرغم من وجود تحديات كبيرة، على سبيل المثال، غياب المعايير العالمية والقيود المالية، فإن الحكومة الأميركية ملتزمة بقوة بالنهوض بقطاع الهيدروجين الأخضر.

ويتجلى هذا الالتزام في مبادرات مثل مبادرة "هيدروجين شوت" التي أطلقتها وزارة الطاقة، التي تهدف إلى خفض التكاليف.

وتركّز الإدارة الأميركية على تسريع التنمية، ودعم شبكات الهيدروجين الإقليمية، وتشجيع مشاركة أصحاب المصلحة لإبقاء الولايات المتحدة في طليعة التحول إلى الطاقة النظيفة.

ويعتمد النجاح في تحقيق إمكانات الهيدروجين بتقليل انبعاثات الغازات الدفيئة بصورة كبيرة، والإسهام في مستقبل أكثر استدامة ومنخفض الكربون، على الابتكار المستمر والتعاون والقدرة على التكيف مع ديناميكيات السوق المتطورة.

* الدكتور أومود شوكري، الخبير الإستراتيجي في مجال الطاقة، الزميل الزائر الأول في جامعة جورج ميسون الأميركية، مؤلف كتاب "دبلوماسية الطاقة الأميركية في حوض بحر قزوين: الاتجاهات المتغيرة منذ عام 2001".

* هذا المقال يمثّل رأي الكاتب، ولا يعبّر بالضرورة عن رأي منصة الطاقة.

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق