تقارير النفطرئيسيةنفط

صناعة النفط والغاز الصخري في بريطانيا تفشل في منافسة أميركا (تقرير)

دينا قدري

لم تتمكن صناعة النفط والغاز الصخري في بريطانيا من استغلال عملية التكسير المائي (الهيدروليكي)، وهو الفشل الذي وُصف بـ"فضيحة" ذات أبعاد أسطورية.

وقد سلّط اقتراب شركة إكسون موبيل (ExxonMobil) الأميركية من الاستحواذ على شركة بايونير ناتشورال ريسورسز (Pioneer Natural Resources) الضوء على تطوّر الصناعة بشكل ملحوظ في الولايات المتحدة.

وتُعدّ هذه أكبر صفقة في صناعة النفط منذ عقد من الزمن، وستوحّد الإنتاج، وتفرض ضغوطًا متجددة على بقية الصناعة، خاصةً العملاقان البريطانيان شل (Shell) وبي بي (BP).

وستتمكن إكسون موبيل -حال إتمام الصفقة التي تُقدَّر بنحو 60 مليار دولار- من تعزيز قبضتها على صناعة النفط، وفق تقارير اطّلعت عليها منصة الطاقة المتخصصة.

ويُعدّ ذلك بمثابة تذكير مؤلم بالخطأ الفادح الذي ارتكبته الحكومة عندما أدارت ظهرها لتطوير صناعة النفط والغاز الصخري في بريطانيا، التي كانت قد تكون أحد النجاحات الصناعية الكبرى في هذا العقد.

سيطرة أميركية على النفط والغاز الصخري

تُجري شركة إكسون موبيل محادثات للاستحواذ على شركة بايونير، التي تبلغ قيمتها 50 مليار دولار، وإذا تمّت الصفقة، فمن المرجّح أن تضطر إلى دفع علاوة كبيرة، ما يرفع السعر النهائي إلى 60 مليار دولار، أو ربما أعلى من ذلك.

وسيكون هذا أكبر تحرك لـ"إكسون" منذ الاندماج مع "موبيل" الذي أدى إلى إنشاء الشركة في عام 1999، وفق ما جاء في مقال نشرته صحيفة ذا تيليغراف البريطانية.

وربما الأهم من ذلك أن تلك الصفقة ستعزز وجودها في حوض برميان المترامي الأطراف في تكساس ونيو مكسيكو، إذ تعدّ بايونير واحدة من أقوى الشركات العاملة.

بالنسبة لشركة إكسون موبيل، قد تكون هذه بمثابة خطوة ذكية؛ إذ ما يزال سعر النفط أعلى من 80 دولارًا للبرميل، وكان السعر قويًا طوال العام، رغم كل الاستثمارات في الطاقة الخضراء.

وشدد المقال على أن الوقود الأحفوري بقدر ما هو مكروه، فإنه سيشكّل جزءًا حيويًا من مزيج الطاقة لسنوات عديدة مقبلة، وسيكون هناك الكثير من الأموال التي يمكن جنيها من استخراج النفط والغاز وتسليمهما إلى جميع أنحاء العالم.

كانت إكسون موبيل أكبر شركة نفط غربية، وإذا تمكنت من المضي قدمًا في عملية الاستحواذ هذه، فمن المرجح أن تظل كذلك لسنوات عديدة مقبلة.

ويوضح الرسم البياني التالي -الذي أعدّته منصة الطاقة المتخصصة- تطور إنتاج النفط الصخري في أميركا منذ عام 2019:

إنتاج النفط الصخري في الولايات المتحدة

لماذا فشلت صناعة النفط والغاز الصخري في بريطانيا؟

طرح المقال سؤالًا مهمًا: إذا كانت الولايات المتحدة قادرة على إنشاء شركة تبلغ قيمتها 60 مليار دولار من خلال طفرة النفط والغاز الصخري، والتي كانت شركة بايونير واحدة من قادتها، فلماذا لم تتمكن بريطانيا من ذلك؟

لا يوجد سبب يمنع تطوير سلسلة كاملة من عمالقة النفط الصخري في بريطانيا، مثل بايونير، وما يزال بوسعها ذلك، إذا عملت فقط على تطوير الإرادة السياسية لاستغلال موارد الطاقة لديها.

بايونير -التي أسسها سكوت شيفيلد في عام 1997- هي الشركة التي قادت تطوير صناعة التكسير المائي (الهيدروليكي) في الولايات المتحدة، بما مكّن البلاد من تحقيق الاكتفاء الذاتي من الطاقة لأول مرة منذ جيل كامل، مع فائض لمساعدة أوروبا عندما أوقف الغاز الروسي، وخلقت ثروة هائلة للبلاد.

وفي المقابل، تُعدّ أحجام النفط والغاز الصخري في بريطانيا كبيرة؛ إلّا إنه من الصعب معرفة ذلك على وجه اليقين حتى تبدأ الحفر.

وقدّرت هيئة المسح الجيولوجي البريطانية الاحتياطيات بنحو 150 مليار متر مكعب، حسب الأرقام التي اطّلعت عليها منصة الطاقة.

ووفقًا لدراسة أجرتها كلية وارويك للأعمال، قد يكون ذلك كافيًا لتلبية ما يصل إلى 22% من استهلاك الطاقة السنوي في المملكة المتحدة حتى عام 2050.

وتكمن المشكلة في أن الحكومة رفضت تطوير النفط والغاز الصخري في بريطانيا؛ نتيجة مواجهة العديد من المعارضات دفعتها لتعليق عمليات التكسير المائي.

إذ انضم تحالف غريب من مجموعات الاحتجاج المحلية إلى ذلك دعاة حماية البيئة المتطرفين الذين يعترضون على استخراج أيّ نوع من الوقود الأحفوري، جنبًا إلى جنب مع حفنة من داعمي نظرية المؤامرة، للتنمر على الوزراء لحظر الصناعة في المملكة المتحدة.

ومن الصعب فهم السبب؛ إذ تعمل شركات -مثل- بايونير على تطوير هذه التكنولوجيا منذ ربع قرن من الزمان، ومن المضحك أن ولاية تكساس لا يبدو أنها تعرضت للزلازل، وكذلك ألبرتا، مركز صناعة الغاز الصخري في كندا.

ولم يكن هناك ارتفاع كبير في عدد الأطفال المشوهين، وهي قصة مخيفة أخرى مفضلة لمعارضي التكسير المائي (الهيدروليكي).

وبدلًا من ذلك، أُنشئت شركات جديدة ضخمة مثل بايونير، وهي شركات قوية ومستقرة بما يكفي للاستحواذ عليها من قبل عمالقة الصناعة.

فضيحة النفط والغاز الصخري في بريطانيا

وصف المقال -الذي اطّلعت منصة الطاقة على تفاصيله- إهدار فرصة إنشاء أعمال النفط والغاز الصخري في بريطانيا، أنه بمثابة فضيحة ذات أبعاد أسطورية.

في الواقع، كان ينبغي أن تبدأ صناعة النفط والغاز الصخري في بريطانيا على محمل الجدّ، عندما سُلِّمَت التراخيص الأولى قبل 15 عامًا.

بحلول الوقت الحالي، كان سيكون لدى البلاد لاعبون أساسيون في هذا المجال، يتمتعون بخبرة مثبتة وسجل من الإنتاج المستمر.

وكانت ستشتري بي بي أو شل شركة عملاقة في مجال التكسير المائي (الهيدروليكي) في المملكة المتحدة مقابل المليارات، بدلًا من شراء شركة أميركية لشركة أميركية أخرى لتعزيز ريادتها في هذه الصناعة.

كما كانت ستتمكن من خلق عدد كبير من فرص العمل، والكثير من عائدات الضرائب، وتحسين ميزان مدفوعاتها بشكل كبير، مع تأمين إمداداتها من الطاقة، والتأكد من حماية البلاد من الأسعار التي تمليها روسيا أو المملكة العربية السعودية.

لقد كانت فرصة صناعية هائلة أن ترفض بريطانيا ببساطة بعض القصص المخيفة حول هزات أرضية ثبت أنه ليس لها أيّ أساس في أيّ مكان آخر.

ولو كانت عملية التكسير المائي (الهيدروليكي) خطيرة، كما يزعم معارضوها، لما اشترت شركة إكسون موبيل شركة بايونير.

وأكد المقال أنه ما يزال بإمكان بريطانيا أن تبدأ تطوير تلك الصناعة؛ إذ تُعدّ الموارد موجودة، والتكنولوجيا راسخة، كما ستنضج الصناعة مع عملية الاستحواذ الأخيرة هذه، إذا تمت.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق