أكبر حقل نفط في بحر الشمال.. 5 تساؤلات عن "روزبانك" المثير للجدل
أكبر الحقول البريطانية غير المطورة يحصل على الضوء الأخضر
وحدة أبحاث الطاقة - رجب عز الدين
- الحكومة البريطانية توافق على تطوير حقل روزبانك مع تراجع الخطط المناخية
- اُكتشف الحقل عام 2004 على يد شركة شيفرون الأميركية
- احتياطيات الحقل القابلة للاستخراج تصل إلى 300 مليون برميل
- تطوير الحقل يتعرّض لانتقادت واسعة من دوائر حكومية ومعارضة
- المملكة المتحدة تصدر أغلب إنتاجها من النفط إلى الخارج بنسبة 70%
تعرّض أكبر حقل نفط في بحر الشمال "روزبانك" لهجوم شرس من قبل نشطاء البيئة وأنصار المناخ في المملكة المتحدة -مؤخرًا- بعد حصول خطط تطويره على الضوء الأخضر من الحكومة.
وأعلنت الحكومة البريطانية في 26 سبتمبر/أيلول 2023، تأجيل بعض خطط الحياد الكربوني لعام 2050، ما أثار ضجة في المملكة يقودها نشطاء المناخ وبعض الأحزاب المعارضة، بحسب ما رصدته وحدة أبحاث الطاقة.
وشملت المراجعات الحكومية منح الضوء الأخضر لتطوير أكبر حقل نفط في بحر الشمال، إلى جانب تأجيل قرارات حظر بيع السيارات التقليدية واستبدال الغاز في الغلايات الكهربائية بالمضخات الحرارية إلى عام 2035.
وتأتي هذه المراجعات في ضوء ما سماه رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك "نهج أكثر مواءمة"، لتحقيق أهداف خفض الانبعاثات والحياد الكربوني في المملكة المتحدة مع مراعاة الضغوط المعيشية للمواطنين.
وأبدت الهيئة الانتقالية لبحر الشمال في 27 سبتمبر/أيلول 2023، موافقتها على خطة تطوير أكبر حقل نفط جديد في بحر الشمال البريطاني، المعروف باسم "روزبانك"، مع التزام مالكيه باستعمال تقنيات خفض الانبعاثات في عمليات الاستكشاف والتنقيب.
وتُلقي وحدة أبحاث الطاقة الضوء في هذا التقرير على أبرز المعلومات الأساسية عن هذا الحقل، وتاريخ اكتشافه، وحجم احتياطياته، وهيكل ملكيته والقائمين على تشغيله، إلى جانب حجم استثمارات الحقل، وخطط إنتاجه، مع ذكر أهم الانتقادات الموجهة إليه.
متى اكتُشف الحقل وما احتياطياته؟
اكتُشف أكبر حقل نفط في بحر الشمال "روزبانك" عام 2004، على يد شركة شيفرون (Chevron) الأميركية، وتحالف يضم شركة أورستد (Orsted) الدنماركية، التي كانت تُعرف سابقًا باسم دي أو إن جي "DONG Energy"، إلى جانب شركة "أو إم في -OMV" النمساوية، بحسب بيانات سابقة منشورة على موقع شيفرون.
ويقع الحقل في المربعين البحريين (213/26 و213/27) على بُعد 130 كيلومترًا من ساحل جزر شيتلاند في إسكتلندا، وهي منطقة تقع على حافة الجرف القاري للمملكة المتحدة وقريبة من المحيط الأطلسي، بحسب ما رصدته وحدة أبحاث الطاقة.
وحفرت شركة شيفرون 3 آبار في الحقل عام 2007، لكنها لم تجد طريقة اقتصادية لتطويره بسبب موقعه في أقصى الجزء الشمالي من بحر الشمال، كما ظلت احتياطياته المؤكدة محل تقييم حتى نهاية عام 2013، ما دفع الشركة إلى إعلان بيع حصتها البالغة (40%) إلى شركة إكوينور أواخر عام 2018، قبل أن تضاعف الأخيرة حصتها عبر الاستحواذ على أعمال شركة سنكور إنرجي (Suncor Energy)، بحسب ما نشرته مجلة "أفشور- offshore" المتخصصة.
وأقرت إكوينور خطة زمنية جديدة لتطوير الحقل عام 2019، بعد حصولها على تمديد تراخيص التطوير 3 سنوات إضافية من قبل هيئة النفط والغاز في المملكة المتحدة، متوقعة وصولها إلى قرار الاستثمار النهائي في الحقل بحلول مايو/أيار 2022، لكنها تأخرت في ذلك حتى سبتمبر/أيلول 2023.
ويتوزع هيكل ملكية الحقل في الوقت الحالي بين إكوينور بنسبة 80%، وشركة إيثاكا إنرجي (Ithaca Energy) البريطانية بنسبة 20%، بحسب بيانات رصدتها وحدة أبحاث الطاقة.
وتقدر إكوينور حجم احتياطيات النفط القابلة للاستخراج من حقل روزبانك عند 300 مليون برميل، تستهدف المرحلة الأولى من تطويره، التي ستبدأ خلال 2026-2027، استخراج 245 مليون برميل، على أن يستمر الإنتاج من الحقل حتى 2051.
ما استثمارات الحقل وخطط إنتاجه؟
اتخذت شركتا إكوينور وإيثاكا إنرجي قرار الاستثمار النهائي الخاص بتطوير المرحلة الأولى من حقل روزبانك (27 سبتمبر/أيلول 2023) باستثمارات تصل إلى 3.8 مليار دولار.
وتقدر شركة أبحاث الطاقة "وود ماكنزي" إجمالي الاستثمار المباشر في حقل روزبانك بـ8.1 مليار جنيه إسترليني (9.9 مليار دولار) على مدار العمر الافتراضي للحقل حتى عام 2051.
بينما تقدر إجمالي القيمة المضافة من المشروع بـ24.1 مليار جنيه إسترليني (29.4 مليار دولار) على مدار عمر الحقل، مع وصوله إلى 2.1 مليار جنيه إسترليني (2.56 مليار دولار) سنويًا في مرحلة ذروة الإنتاج، وهو ما يعادل 1% من الناتج المحلي الإجمالي في إسكتلندا ذات الـ5.5 مليون نسمة.
ومن المخطط بدء تشغيل المرحلة الأولى من مشروع تطوير أكبر حقل نفط في بحر الشمال "روزبانك" بين 2026 و2027، كما يخطط لتطوير الحقل من خلال ربط آباره بسفينة تخزين وتفريغ عائمة.
كما سيُجرى نقل النفط المستخرج من الحقل إلى مصافي التكرير عبر السفن والناقلات، مع تصدير الغاز المصاحب إلى البر الرئيس في إسكتلندا عبر خط أنابيب غرب شيتلاند.
كم سيمثّل الحقل من إنتاج بريطانيا؟
من المتوقع أن يستحوذ حقل روزبانك على 8% من إجمالي إنتاج النفط في المملكة المتحدة بحلول عام 2030، مع متوسط ذروة إنتاجية يصل إلى 70 ألف برميل نفط مكافئ يوميًا، ما يعادل 69 ألف برميل يوميًا من النفط، و44 مليون قدم مكعبة يوميًا من الغاز.
كما يتوقع أن ينتج الحقل قرابة 39 مليون قدم مكعبة من الغاز يوميًا في المتوسط خلال أول 10 سنوات، أي ما يعادل ضعف الاستهلاك اليومي لمدينة أبردين، ثالث أكبر مدينة في إسكتلندا.
كما يتوقع إسهام الحقل في توفير 1600 فرصة عمل في مراحل البناء المتقدمة، في حين سيوفر 450 وظيفة طويلة الأمد، مع توقع ضخ 78% من استثماراتها عبر شركات مقيمة في المملكة المتحدة، بحسب تقرير وود ماكنزي.
وبلغ إنتاج المملكة المتحدة من النفط قرابة 850 ألف برميل يوميًا في عام 2022، مقارنة بـ890 ألف برميل يوميًا العام السابق له، وفق بيانات أويل آند غاز جورنال.
بينما بلغ حجم احتياطيات المملكة المتحدة المؤكدة من النفط 1.8 مليار برميل في عام 2022، بانخفاض عن ملياري برميل في 2021.
ما هي خطط إكوينور لخفض انبعاثات الحقل؟
تروّج شركة إكوينور لقدرتها على استعمال أحدث التقنيات في مجال خفض انبعاثات عمليات استكشاف وإنتاج النفط والغاز في العالم، مؤكدةً تطبيق ذلك في حقل روزبانك، ما سيجعله مختلفًا عن بقية حقول بحر الشمال.
وتشير خطط الشركة النرويجية إلى أنها ستعتمد على كهربة أعمال المشروع بالكامل بحلول عام 2030، عبر استعمال طاقة الرياح البحرية في تشغيل منصات الحفر والإنتاج وغيرها.
وتتوقع الشركة أن تساعد هذه الخطوة في خفض انبعاثات حقل روزبانك، بما يعادل انبعاثات عام واحد لنحو 650 ألف سيارة عاملة بالبنزين أو الديزل.
وتستند إكوينور إلى تقديرات بأن عملية الكهربة للحقل يمكنها أن تخفض كثافة ثاني أكسيد الكربون من 12 كيلوغرامًا إلى 3 كيلوغرامات لكل برميل نفط مكافئ.
لماذا يتعرّض الحقل لانتقادات بيئية؟
علّلت الحكومة البريطانية قرارها تطوير حقل روزبانك، أكبر حقل نفط في بحر الشمال، بأسباب متصلة بأمن الطاقة وتخفيف العبء على المواطنين الذين يعانون أزمات المعيشة المتدهورة.
ورغم أن هذا السبب قد يكون مقنعًا لدى الكثيرين، فإن بعض الدوائر الحكومية والأحزاب المعارضة إلى جانب نشطاء البيئة وأنصار المناخ، ما زالوا يشككون في ذلك، مستندين إلى أن المملكة المتحدة تصدر أغلب نفطها إلى الخارج، ولا تستهلكه محليًا إلا بكميات محدودة.
وصدرت المملكة المتحدة 75% من إنتاجها النفطي عام 2022، ومن المتوقع تصدير الإنتاج المحتمل من حقل روزبانك إلى الخارج، أو توجيهه للاستهلاك المحلي ولكن بالأسعار العالمية، بحسب تقرير نشرته هيئة الإذاعة البريطانية بي بي سي (BBC).
وعبر نائب رئيس شركة إكوينور في المملكة المتحدة، أرني جورتنر عن ذلك قائلًا: "إذا كانت المملكة المتحدة بحاجة إلى نفط روزبانك، فسوف يذهب إليها من خلال آليات السوق المفتوحة".
لهذا السبب تعرض قرار تطوير الحقل لانتقادات عديدة، إذ يعتقد البعض أن تعزيز أمن الطاقة في بريطانيا وتخفيف فواتير الطاقة على المواطنين لا يأتي بزيادة إنتاج الوقود الأحفوري، وإنما بتعزيز الاستثمار في الطاقة النظيفة، بحسب الرئيسة التنفيذية لهيئة صناعة الطاقة بالمملكة المتحدة إيما بنشيبك.
وعبر مستشارو الحكومة المستقلون في لجنة تغير المناخ، عن الرأى نفسه، ردًا على خطط الحكومة لتطوير احتياطيات النفط والغاز المتبقية في بحر الشمال.
موضوعات متعلقة..
- وزيرة بريطانية: لن ننقذ كوكب الأرض بإفلاس الشعب.. سنؤجل التحول الأخضر
- خطط تحول الطاقة في أوروبا تتراجع أمام الضغوط الاقتصادية.. هل تفشل تمامًا؟
- وقف تراخيص النفط والغاز في بريطانيا.. لماذا فات أوانه ولم يعد مجديًا؟
- أكبر حقل نفط في بحر الشمال يحصل على الضوء الأخضر من بريطانيا
اقرأ أيضًا..
- إمكانات الطاقة في الجزائر تفتح شهية أوروبا.. الهيدروجين والربط الكهربائي بالمقدمة
- تكلفة الطاقة الشمسية في بنغلاديش قد تصبح الأرخص بحلول عام 2025 (تقرير)
- أرامكو السعودية تتهيأ للاستحواذ على حصة من سوق الغاز المسال (تقرير)