أنسيات الطاقةالتقاريرتقارير النفطسلايدر الرئيسيةنفط

كيف تأثرت أهداف السعودية وأوبك الإستراتيجية بثورة الصخري الأميركي؟ (تقرير)

أحمد بدر

قال مستشار تحرير منصة الطاقة، خبير اقتصادات الطاقة الدكتور أنس الحجي، إن السعودية ودول الخليج والدول الأعضاء في أوبك تأثرت بثورة النفط الصخري الأميركي.

ولفت الحجي إلى أن السماح بتصدير النفط الصخري الأميركي، -بموجب قرار من الرئيس الأسبق باراك أوباما في شهر ديسمبر/كانون الأول من عام 2015- جعل الأمور في الأسواق العالمية مختلفة تمامًا.

وأوضح -في حلقة من برنامج "أنسيّات الطاقة"، على مساحات منصة "إكس" (تويتر سابقًا)، قدّمها بعنوان "انخفاض إنتاج النفط الصخري الأميركي وآثاره في السعودية وباقي دول أوبك"- أنه عند تأسيس أوبك في 1960 كان كل النفط في المنطقة العربية تحت سيطرة شركات أميركية وأوروبية.

وأضاف: "كان النفط تحت أيديهم بامتيازات مجحفة جدًا، بعضها لمدة 99 عامًا، وكانت الأرباح التي يحققونها ضخمة جدًا، في حين كانت الحكومات والمشيخات في ذلك الوقت تحقق عائدًا بسيطًا، ومع الزمن وزيادة حركات التحرر والحراك الوطني العربي، وتأميم مصدق للنفط الإيراني في 1951، ثم تأميم قناة السويس في 1956، زاد الوعي العربي، ما جعل الأمور تختلف".

استثمارات السعودية ودول الخليج

قال مستشار تحرير منصة الطاقة المتخصصة الدكتور أنس الحجي، إنه مع ارتفاع أسعار النفط الكبير في سبعينيات القرن الماضي حققت السعودية ودول الخليج إيرادات ضخمة، ولكن اقتصاداتها كانت ضعيفة، وقدرتها على استهلاك الاستثمارات واستيعابها كانت ضعيفة جدًا.

وأضاف: "حتى المدن كانت بسيطة جدًا، وعدد السكان صغيرًا، لذلك بحثوا عن طريقة لاستثمار الأموال الكبيرة التي يملكونها، وفكروا في الاستثمار لدى الغرب، ولكن هناك كان التضخم عاليًا، والفائدة الحقيقية كانت قريبة من الصفر، وكان الدولار ينخفض، بجانب محاولات بعض الدول تجميد أموال دول في الشرق الأوسط".

إنتاج أوبك النفطي

لذلك -وفق الدكتور أنس الحجي- بحثت هذه الدول عن حلول أخرى، واستشارت البنك الدولي وصندوق النقد وبعض بيوت الخبرة، التي قدمت استشارات بضرورة بناء صناعات كثيفة الطاقة، للاستفادة من الموارد الرخيصة الموجودة في هذه البلاد.

وبناء عليه، تبنّت السعودية ودول الخليج البتروكيماويات، وبعض المصانع التي تستهلك الطاقة بصورة كبيرة مثل مصانع الألومنيوم مثلًا، وكذلك تبني فكرة بناء معامل تكرير أو مصافٍ، إذ تمت الاستفادة من القيمة المضافة وتصدير المنتجات النفطية.

وتابع: "تبنّت دول الخليج ودول أوبك الأخرى كل هذه السياسات، رغم أنه كانت هناك في ذلك الوقت بعض الصعوبات المتعلقة بالاستثمار في البتروكيماويات، كما كانت هناك صعوبات في مسألة التكرير، وكانت بعض المصافي تحقق خسائر في ذلك الوقت".

ولفت إلى أنه في الوقت الذي بدأت فيه السعودية ودول أخرى ضمن أوبك تحقق انتعاشًا بسبب المشروعات الضخمة للبتروكيماويات ومعامل التكرير الضخمة، جاء النفط الصخري الأميركي ليضرب الأهداف الإستراتيجية لهذه الدول بالكامل.

وأردف: "الهدف الإستراتيجي الأول هو صناعة البتروكيماويات، التي كان يُقال في السبعينيات وبداية الثمانينيات إنها غير مجدية، ولكنها أصبحت مجدية اقتصاديًا لاحقًا، بسبب توافر غاز الإيثان في هذه الدول، في حين كانت الدول الأخرى تستعمل النافثا".

وأشار إلى أنه مع ارتفاع أسعار النفط والنافثا، التي تُعد منتجًا نفطيًا، فترتفع أسعارها مع ارتفاع أسعار النفط، كانت هناك ميزة نسبية لدول الخليج والسعودية في هذا المجال، إذ بدأت تحقق أرباحًا، قبل أن يأتي النفط الصخري الأميركي بكميات هائلة من غاز الإيثان، لدرجه أنه صار يُرمى مع الغاز دون أي قيمة على الإطلاق.

ومع توافر الميثان، وكذلك غاز الإيثان بهذا الشكل، وكذلك توافر الغازات السائلة بصورة كبيرة في أميركا، بدأت شركات البتروكيماويات العالمية، التي كانت تتحول إلى الخليج، التوقف والرجوع إلى أميركا، لتنتعش صناعه البتروكيماويات هناك، وتنافس السعودية ودول الخليج، وهذا من الآثار السلبية لثورة النفط والغاز الصخريين.

استفادة المصافي وتصدير المشتقات الأميركية

قال خبير اقتصادات الطاقة الدكتور أنس الحجي، إن الهدف الإستراتيجي الثاني، الذي أضرت به ثورة النفط الصخري الأميركي السعودية ودول أوبك، هو موضوع المصافي، التي تنتج مشتقات نفطية متعددة، أشهرها البنزين والديزل ووقود الطائرات.

وأضاف: "سبق أن أشرت إلى وجود أمر رئاسي بمنع تصدير النفط الأميركي حتى عام 2015، لذلك كانت هناك في المدة بين 2010 و2015 زيادة في إنتاج النفط الصخري الأميركي، الذي لا توجد له سوق عالمية، الأمر الذي أدى إلى انخفاض أسعار الخام الأميركي داخل الولايات المتحدة بصورة كبيرة".

مصفاة نفط أميركية
مصفاة نفط أميركية - الصورة من بلومبرغ

وأوضح الدكتور أنس الحجي، أن المعروف أن خام غرب تكساس الوسيط الأميركي وخام برنت الأوروبي أسعارهما متقاربة جدًا، ولكن في تلك المدة كانت أسعار خام غرب تكساس منخفضة بنحو 20 دولارًا عن خام برنت.

هنا -وفق الحجي- استفادت المصافي الأميركي استفادة كبيرة، لأن هناك حظرًا على تصدير النفط الخام، ولكن لا يوجد حظر على تصدير المنتجات النفطية، فكرروا النفط الصخري، وصنعوا البنزين والمنتجات الخفيفة وصدّروها إلى بقية دول العالم فحققوا أرباحًا كبيرًا، لأنهم باعوها بالأسعار العالمية.

وتابع: "حققت المصافي أرباحًا خيالية وتاريخية في ذلك الوقت، ولكن في الوقت نفسه كانت السعودية ودول الخليج وبعض دول أوبك قد انتهت من المصافي التي بنتها وأنفقت مليارات الدولارات عليها، وبدأت تصدر البنزين، لتتفاجأ بأن البنزين الأميركي يغطي كل الأسواق".

ولفت إلى أنه من العجائب أن الصادرات الأميركية من المنتجات النفطية خلال الشهر الجاري سجلت أعلى مستوى لها في التاريخ، كما كانت الصادرات خلال النصف الأول من 2023 الأعلى تاريخيًا، إذ بلغت 6 ملايين برميل، ما أثر بالسلب في الهدف الإستراتيجي الثاني.

المنافسة على الغازات السائلة وتفوّق أوبك

قال مستشار تحرير منصة الطاقة المتخصصة الدكتور أنس الحجي، إن الهدف الإستراتيجي الثالث الذي تأثر بثورة النفط الصخري الأميركي كان الغازات السائلة، التي تعد مواد نفطية رغم أن اسمها "غازات"، والتي تلقى اهتمامًا كبيرًا من السعودية ودول أوبك على مر تاريخهما، وذلك لسببين.

السبب الأول -وفق الحجي- أنها ليست ضمن الحصص الإنتاجية لأوبك، فإذا خفّضت دول أوبك الإنتاج، ينخفض إنتاج النفط الخام، ولكن الغازات السائلة لا تتأثر، فتستثمرها هذه الدول، إذ إنه بسبب النمو الكبير في آسيا كانت لهذه الغازات سوق كبيرة، لأن كل البتروكيماويات تأتي منها غالبًا.

النفط الصخري الأميركي

وأضاف الدكتور أنس الحجي: "كانت للغازات السائلة سوق كبيرة مع هامش ربح عالٍ، لذلك كان هناك دافع للاستثمار في هذا المجال، فاستثمرت السعودية ودول الخليج فيها، لتتفاجأ فيما بعد بأن صادرات الغازات السائلة الأميركية تضاعفت خلال 14 عامًا تقريبًا بأكثر من 25 مرة".

وعن أسباب تضاعف الصادرات الأميركية، قال الحجي إن الحقول الصخرية تختلف عن حقول النفط المعروفة، لأن الصخرة الأم لديها غاز ونفط، في حين عندما يهاجر النفط يبقى الغاز أو يذهب إلى مكان آخر، وفي كثير من الأحيان لا يذهب مع النفط، كما يُستخرج الآن الغاز مع النفط من الصخرة الأم، ومن ثم فإن نسبة الغاز والسوائل الغازية في آبار الصخر عالية.

وتابع: "أحيانًا تكون النسبة عالية جدًا قد تصل إلى أعلى من 50%، ونتيجة ذلك حدث الأثر السلبي في الهدف الإستراتيجي الثالث، وهو الغازات السائلة، إذ تفوقت الغازات السائلة الأميركية على مثيلتها الخليجية".

وكان الهدف الإستراتيجي الرابع -وفق الحجي- الذي ما زال موجودًا حتى الآن، هو وحدة أوبك، وأن تظل المنظمة وحدة متكاملة مع بعضها، إذ إن الخلافات السياسية بين دول أوبك كانت كبيرة، وكانت هناك حروب طاحنة بين بعض الأعضاء، كما حدث بين العراق وإيران من جهة، والعراق والكويت من جهة أخرى.

وأردف: "رغم ذلك بقيت وحدة أوبك بقيادة السعودية، ولكن ما قصم ظهر المنظمة هو النفط الصخري الأميركي، لأنه عند زيادة الإنتاج بعد عام 2010، لم يستطع المنتجون الأميركيون تصديره خارج بلادهم، واستبدلوا نفطهم بالواردات، ولكن ذلك من النوع الخفيف فقط، ومن ثم كان الأثر كبيرًا بالنسبة إلى بلاد محددة مثل نيجيريا والجزائر وليبيا".

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق