أزمة صادرات الوقود الروسي.. هل تدفع موسكو لزيادة إنتاج النفط رغم اتفاق أوبك+؟
أسماء السعداوي
أدى حظر صادرات الوقود الروسي لتقلبات عنيفة في أسعار البنزين والديزل محليًا وعالميًا، وهو ما أسهم في ارتفاع أسعار النفط مؤخرًا.
وقفزت أسعار النفط بنسبة 30% تقريبًا، خلال الربع الثالث من العام الجاري، مسجلةً أعلى مستوياتها خلال عام على خلفية تراجع الإمدادات من قِبل كبار المنتجين؛ وفي مقدمتهم السعودية وروسيا، بعد تعهدهما بخفض الإنتاج والتصدير بنحو 1.3 مليون برميل يوميًا حتى نهاية ديسمبر/كانون الأول المقبل.
وسجّلت العقود الآجلة لخام برنت القياسي -تسليم نوفمبر/تشرين الثاني 2023، 95.05 دولارًا للبرميل، بحلول الساعة 06:38 صباحًا بتوقيت غرينتش (09:38 صباحًا بتوقيت مكة المكرمة)، بسبب ندرة المعروض وانخفاض المخزونات والمخاوف من شح الإمدادات بسبب تخفيضات أوبك+.
ويُعَد المزارعون في جنوب روسيا هم الأكثر تضررًا من ارتفاع الأسعار التي إذا تفاقمت فمن المحتمل أن تضع الكرملين في موقف محرج مع المواطنين، وخاصة مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية في شهر مارس/آذار المقبل (2024).
وبحسب بورصة سان بطرسبرغ الدولية للسلع، يوم الخميس 28 سبتمبر/أيلول 2023، ارتفعت أسعار البيع بالجملة لبنزين 92 بنسبة 0.7% إلى 58.229 روبل (601.15 دولارًا) للطن.
كما ارتفعت أسعار الديزل بنسبة 0.5% إلى 63.034 روبل للطن الواحد، وفق البيانات التي طالعتها منصة الطاقة المتخصصة.
(الدولار = 96.8630 روبل روسيًا)
وأثارت الأزمة الحالية تساؤلات بشأن احتمالات زيادة المعروض من النفط الخام، في محاولة لتعويض أثر حظر صادرات الوقود الروسي في الأسواق، وهو ما رد عليه المتحدث باسم الكرملين ديمتري بسكوف، في مؤتمر صحفي، أمس الخميس.
أوبك+
قال الكرملين إن روسيا لم تبحث مع تحالف أوبك+ زيادة المعروض من النفط الخام لتعويض الأثر الذي خلّفه حظر صادرات الوقود الروسي، بحسب تقرير نشرته وكالة رويترز.
وقال المتحدث ديمتري بسكوف: "ليس ثمة مناقشات حول هذا الأمر، ملتزمون بكل الاتفاقات مع أوبك+، وشركاؤنا يقومون بالمثل".
وأعلنت دول تحالف أوبك+ في شهر يونيو/حزيران 2023 تمديد تخفيضات الإنتاج الطوعية حتى نهاية 2023، وهو ما حدّ من إمدادات الخام العالمية.
وامتثالًا للقرار، وعدت روسيا بخفض إنتاجها من النفط بواقع نصف مليون برميل يوميًا أو 5% من إنتاجها، بالإضافة لخفض صادرات النفط الخام بمقدار 300 ألف برميل يوميًا، حتى نهاية العام الجاري (2023).
حظر صادرات الوقود الروسي
يقول تجار إن سوق الوقود الروسي تضررت بسبب عوامل؛ من بينها صيانة مصافي تكرير النفط وعقبات مرتبطة بخطوط السكك الحديدية وتراجع قيمة العملة المحلية (الروبل).
ولتخفيف حدة الأزمة، أعلنت روسيا، في 21 سبتمبر/أيلول 2023، حظر صادرات البنزين والديزل إلى جميع الدول خارج دائرة الدول السوفيتية السابقة الـ4، بأثر فوري، من أجل منح الاستقرار لسوق الوقود المحلية.
وقالت وزارة الطاقة إن القيود المفروضة على تصدير البنزين والديزل ستساعد في وقف الصادرات "الرمادية"، وتشبع السوق، وقد تؤدي أيضًا إلى انخفاض إضافي في الأسعار.
يُقصد بالسوق الرمادية تجارة السلع من خلال قنوات توزيع قانونية، لكنها غير مستهدفة من المصدر الأصلي، وفق ما طالعته منصة الطاقة المتخصصة.
وتسبب حظر صادرات الوقود الروسي في تراجع كبير في الأسعار محليًا في الأسبوع الماضي.
وعالميًا، تسبّب الحظر في رفع أسعار النفط التي اقتربت من أعلى مستوى لها منذ نوفمبر/تشرين الثاني (2022).
وبعد قرار الحكومة إقرار تعديلات على الحظر، ارتفعت أسعار الوقود المحلية مجددًا خلال هذا الأسبوع.
تشمل التعديلات إعفاء الوقود البحري والديزل الأحمر ونواتج التقطير المتوسطة من الحظر، كما سمحت الحكومة بنقل المنتجات النفطية التي تقبلها السكك الحديدية ومشغّل خطوط أنابيب النفط ترانسنفط (Transneft)، حتى 21 سبتمبر/أيلول 2023، بحسب ما أوردته وكالة أنباء تاس (Tass).
من جانبه، قال وزير الطاقة نيكولاي شولغينوف، يوم الخميس 28 سبتمبر/أيلول، إن حظر صادرات الوقود الروسي لن يُرفع قريبًا، وسيظل ساريًا لحين استقرار السوق المحلية، بحسب تقرير نشرته وكالة رويترز واطلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة.
كما قال إنه من الممكن اتخاذ إجراءات إضافية لمواجهة أزمة شح الوقود، موضحًا: "سأقول شيئًا واحدًا.. التوقعات بشأن الرفع السريع لحظر صادرات الوقود غير مجدية.. سيستمر الإجراء طالما كان ضروريا لاستقرار إمدادات الوقود والأسعار.
ويتوقع محللون أن يستمر الحظر لأسابيع قليلة خلال موسم الحصاد وهو الوقت الذي يرتفع فيه الطلب على الوقود.
خيارات مقترحة
أمر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الحكومة، يوم الأربعاء 27 سبتمبر/أيلول، بالتأكد من استقرار أسعار بيع الوقود بالتجزئة و"العمل عن كثب مع الشركات".
وفي الوقت الذي حث فيه على اتخاذ إجراءات إضافية لتحقيق التوازن بالسوق، قال بوتين خلال اجتماع للحكومة، يوم الأربعاء، إن ثمة حاجة للعمل سويًا، وإن تعديل الضرائب على صناعة النفط أحد الخيارات المطروحة.
من جانبه، قال نائب رئيس الورزاء الروسي ألكساندر نوفاك، لبوتين إن الحكومة تدرس إجراءات إضافية؛ من بينها حظر صادرات الوقود الرمادية بمعنى شراء المشتقات النفطية لغرض الاستهلاك المحلي ثم تصديرها لتحقيق مكاسب أكبر.
وكانت من بين المقترحات أيضًا -بحسب نوفاك- زيادة رسوم تصدير الوقود إلى 50 ألف روبل (518.24 دولارًا) للطن، ارتفاعًا عن 20 ألف روبل لتجار السوق الرمادية.
وأضاف نائب رئيس الوزراء أن الحكومة تدرس أيضًا خفض رسوم آلية التخميد أو الإعانات المدفوعة لمصافي تكرير النفط، والتي تمنح بموجبها الدولة إعانات لتواصل تزويد السوق المحلية وقت ارتفاع أسعار صادرات الوقود.
وكشف تقرير سابق عن أنه من المتوقع أن تدفع الحكومة 278 مليار روبل (2.8 مليار دولار) لمصافي التكرير في سبتمبر/أيلول الحالي، وذلك بموجب آلية التخميد.
موضوعات متعلقة..
- حظر صادرات الوقود الروسي يشهد تعديلات جديدة
- انخفاض صادرات الوقود الروسي.. ودولتان عربيتان تحصدان كميات أكبر من البنزين والديزل
- صادرات الوقود الروسي تنتهك سقف الأسعار.. وأميركا ترد
اقرأ أيضًا..
- بالأرقام.. الطاقة المتجددة في الجزائر تدعم خطط زيادة صادرات الغاز (خاص)
- وظائف الطاقة المتجددة تواصل النمو القياسي قرب 14 مليون وظيفة (تقرير)
- أنس الحجي: تطوير حقل الدرة مرفوض من إيران.. وهذه هي الأسباب