التحليل الكهربائي لإنتاج الهيدروجين الأخضر.. أبرز التقنيات والقطاعات المستفيدة (تقرير)
نوار صبح
- • التحليل الكهربائي هو استعمال الكهرباء لتقسيم جزيئات الماء لغازَي الهيدروجين والأكسجين
- • الهيدروجين الأخضر يتمتع بإمكانات هائلة لإزالة الكربون من الصناعات التي يصعب تخفيف انبعاثاتها
- • المحللات الكهربائية القلوية تُعدّ فعالة من حيث التكلفة، ولها تاريخ طويل من الاستعمال التجاري
- • اقتصاد الهيدروجين الأخضر الناشئ يطرح آفاقًا اقتصادية كبيرة، ويعزز خلق فرص العمل
يتّصف التحليل الكهربائي بأنه تكنولوجيا انتقالية لها القدرة على إحداث ثورة في مشهد الطاقة، وعلى تيسير إنتاج الهيدروجين الأخضر. وتعدّ المحللات الكهربائية تقنية مهمة لإنتاج هذا الوقود منخفض الانبعاثات من مصادر الكهرباء المتجددة أو الطاقة النووية.
يأتي ذلك في عصر يتّسم بتزايد المخاوف البيئية والحاجة الملحّة للانتقال نحو مصادر طاقة أنظف وأكثر استدامة، وفقًا لما نشره موقع المنتدى الاقتصادي العالمي (World Economic Forum) في 25 سبتمبر/أيلول الجاري.
ويُمثّل التحليل الكهربائي عملية تستعمل الطاقة الكهربائية لتقسيم جزيئات الماء إلى غازي الهيدروجين والأكسجين، وعند تشغيل العملية بالطاقة المتجددة، يمكن استعمالها لإنتاج الهيدروجين الأخضر، ويمكن بعد ذلك استعمال هذا الوقود ناقلًا للطاقة النظيفة، حسبما رصدته منصة الطاقة المتخصصة.
ويتمتع الهيدروجين الأخضر بإمكانات كبيرة لإزالة الكربون من الصناعات التي يصعب تخفيف انبعاثاتها، مثل الشحن والطيران والصلب والأسمنت وإنتاج البتروكيماويات. وتمثّل هذه الصناعات ما يقرب من 30% من إجمالي انبعاثات غازات الدفيئة.
القطاعات المستفيدة من الهيدروجين الأخضر
هناك عدد من القطاعات التي يمكن أن تحقق استفادة كبيرة من الهيدروجين الأخضر، المنتج باستعمال التحليل الكهربائي، وهي:
المواصلات
يمكن استعمال الهيدروجين الأخضر في المرْكبات التي تعمل بخلايا الوقود، ما يوفر بديلًا محايدًا كربونيًا لمحركات الاحتراق الداخلي التقليدية.
وتُستَكشَف حاليًا الأمونيا الخضراء والميثانول الكهربائي، وهي مشتقات من الهيدروجين الأخضر، بصفتها حلولًا رئيسة لإزالة الكربون من صناعات النقل ذات النطاق الصناعي في العالم.
ويرى المحللون والمراقبون أن هذه الحلول مهمة، خصوصًا في صناعة الشحن العالمية، إذ توجد مشروعات من المقرر اختبارها وتطويرها في وقت مبكر من عام 2024.
الصناعة
يُعدّ إنتاج الصلب والأسمنت والمواد الكيمياوية من بين الصناعات التي لديها أعلى مستوى من الانبعاثات، وتواجه أكبر صعوبة في إزالة الكربون.
ويرجع ذلك جزئيًا إلى أن العديد من عمليات التصنيع في هذه الصناعات تتطلب كمية كبيرة من الطاقة لإنتاج الحرارة العالية اللازمة للإنتاج.
ويمكن لهذه العمليات كثيفة الاستهلاك للطاقة استعمال الهيدروجين الأخضر بديلًا، ما يتيح إمكان إنتاج منتجات مثل "الصلب الأخضر"؛ إذ يُستعمل الهيدروجين الأخضر لتوليد الحرارة، ويحلّ محلّ الفحم والغاز الطبيعي في تسهيل العمليات الكيميائية.
تخزين الطاقة
يمكن للمواد الكيمياوية الخضراء أن تكون بمثابة وسائل لتخزين الطاقة، ما يسمح بتخزين الطاقة المتجددة الزائدة من طاقة الرياح والطاقة الشمسية وتحويلها لاحقًا إلى كهرباء عند الحاجة، وهذا يساعد على استقرار الشبكة، ويدعم تكامل مصادر الطاقة المتجددة المتقطعة.
أبرز تقنيات التحليل الكهربائي
تُنجَز عملية التحليل الكهربائي في المقام الأول من خلال 3 أنواع من التقنيات الصناعية: خلية التحليل للأكسيد الصلب بدرجة حرارة عالية، والتحليل القلوي برجة حرارة منخفضة، والتحليل منخفض الحرارة بغشاء البوليمر.
باستعمال تقنية التحليل القلوي وغشاء البوليمر المنحلّ بالكهرباء، يُوَفَّر الماء سائلًا، في حين يستعمل التحليل بالأكسيد الصلب البخار بسبب درجات الحرارة المرتفعة، وفيما يلي شرح لهذه التقنيات:
أولًا: التحليل بغشاء البوليمر
يستعمل التحليل الكهربائي بغشاء البوليمر غشاء بوليمر صلب لفصل غازَيْ الهيدروجين والأكسجين، وفقًا لما نشره موقع المنتدى الاقتصادي العالمي (World Economic Forum) في 25 سبتمبر/أيلول الجاري.
ويسمح هذا الغشاء بموصلية بروتونية عالية، وهي عملية أساسية في إنتاج الهيدروجين الأخضر، مع منع اختلاط الغازات، ويعمل في درجات حرارة منخفضة نسبيًا، ما بين 50-80 درجة مئوية، ويتميز بسرعة استجابته، وفق المعلومات التي رصدتها منصة الطاقة المتخصصة.
وتُعدّ أنظمة التحليل الكهربائي بغشاء البوليمر مدمجة ونموذجية ومناسبة تمامًا لمصادر الطاقة المتجددة المتقطعة مثل طاقة الرياح والطاقة الشمسية، ويمكنها تعديل إنتاجها بسرعة لتتناسب مع التقلبات في إمدادات الطاقة.
في المقابل، تميل أنظمة التحليل الكهربائي بغشاء البوليمر إلى أن تكون أكثر تكلفة بسبب تكلفة مادة الغشاء، وتُعدّ سوق التحليل بغشاء البوليمر راسخة، خصوصًا في التطبيقات التي تتطلب هيدروجينًا عالي النقاء، مثل مركبات خلايا الوقود لخطوط الأنابيب.
ومن المتوقع أن تنمو السوق مع توسّع اعتماد الطاقة المتجددة.
ثانيًا: التحليل بخلية الأكسيد الصلب
يستعمل التحليل الكهربائي بخلية الأكسيد الصلب لكتروليتًا سيراميكيًا من الأكسيد الصلب يعمل عند درجة حرارة عالية، عادةً ما تتراوح بين 675 درجة مئوية و825 درجة مئوية.
في درجات الحرارة هذه، يكون تفاعل التحليل للماء أسهل، ما يؤدي بدوره إلى انخفاض استهلاك الطاقة لكل وحدة من الهيدروجين المنتج.
وتوفر تقنية خلية الأكسيد الصلب المنحل كهربائيًا كفاءة أعلى من أنظمة التحليل بغشاء البوليمر والتحليل القلوي، ويمكنها الاستفادة من الحرارة المهدَرة الناتجة عن العمليات الصناعية أو الطاقة الشمسية المركّزة.
وتُعدّ هذه التقنية مناسبة تمامًا لإنتاج الهيدروجين على نطاق واسع، باستعمالات تشمل إنتاج وتكرير الفولاذ والأمونيا والمواد الكيماوية.
وتشير تقديرات الوكالة الدولية للطاقة المتجددة (آيرينا) إلى أن أجهزة التحليل الكهربائي بخلية الأكسيد الصلب أكثر كفاءة بنسبة تتراوح بين 10 و26% (بنسبة كيلوواط/ساعة لكل كيلوغرام من الهيدروجين المنتج) مقارنة بالتقنيات القلوية وغشاء البوليمر المنحلّ كهربائيًا.
ويُعدّ التحليل بخلية الأكسيد الصلب تقنية ناشئة نسبيًا مقارنة بغشاء البوليمر المنحل بالكهرباء وتقنية التحليل القلوي للعديد من التطبيقات، ومع ذلك، فإن هذه التكنولوجيا تبشّر بالخير بالنسبة للتطبيقات الصناعية وتطبيقات تخزين الطاقة، خصوصًا عندما تتوفر مصادر حرارة عالية الحرارة وانبعاثات عالية من النفايات الحرارية.
ثالثًا: التحليل القلوي
يستعمل التحليل الكهربائي القلوي محلول إلكتروليت قلوي، عادةً هيدروكسيد البوتاسيوم، لتسهيل عملية التبادل الأيوني الذي ينتج الهيدروجين، ويعمل في درجات حرارة معتدلة، وقد استُعمِلَ عقودًا من الزمن في التطبيقات الصناعية.
وتُعدّ المحللات الكهربائية القلوية فعالة من حيث التكلفة، ولها تاريخ طويل من الاستعمال التجاري، ومع ذلك، فإن أنظمة التحليل القلوية أقلّ كفاءة وأبطأ في الاستجابة لتغيرات الحمل، مقارنة بالتحليل بغشاء البوليمر.
ما يزال التحليل القلوي قادرًا على المنافسة في بعض القطاعات الصناعية، ولكنه قد يواجه تحديات من حيث الكفاءة والقدرة على التكيف مع تكامل الطاقة المتجددة.
فرصة التحليل الكهربائي
لا يعتمد تمكين اقتصاد الطاقة الخضراء على فكرة أو تقنية واحدة، ومع ذلك، ستكون المحللات الكهربائية مفيدة في خلق تحولات خضراء لبعض الصناعات الأكثر كثافة بالكربون في العالم.
ويرى المحللون أن الهيدروجين الأخضر هو الجسر بين توربينات الرياح، أو الألواح الشمسية، والوقود الذي نستعمله في حياتنا اليومية، في الطائرات، أو في السيارات أو في السفن، وأن التحليل الكهربائي يجعل ذلك يحدث.
ويتيح اقتصاد الهيدروجين الأخضر الناشئ آفاقًا اقتصادية كبيرة، ويعزز خلق فرص العمل، ويدعم الابتكار والاستثمار في تكنولوجيات الطاقة النظيفة، ويعزز أمن الطاقة.
موضوعات المتعلقة..
- استثمارات التحليل الكهربائي لإنتاج الهيدروجين تحتاج إلى 41 مليار دولار بحلول 2030
- صراع على سوق التحليل الكهربائي بين الصين وأوروبا وأميركا.. من يفوز؟
اقرأ أيضًا..
- قيمة واردات الأردن من النفط ومشتقاته تتراجع 18.6% في 7 أشهر
- صادرات الفحم الأميركي تسجل مستويات قياسية.. مصر والمغرب ضمن كبار المستوردين
- تأجيل حظر سيارات الوقود الأحفوري في بريطانيا يربك استثمارات المركبات الكهربائية