أموال النفط الإيراني العائدة بعد صفقة الأسرى الأميركيين "لعبة شطرنج" (صوت)
أحمد بدر
علّق مستشار تحرير منصة الطاقة المتخصصة، خبير اقتصادات الطاقة الدكتور أنس الحجي، على إتاحة إيرادات النفط الإيراني المحتجزة لدى كوريا الجنوبية بسبب العقوبات الأميركية، بعد صفقة تبادل الأسرى بينهما.
وقال الحجي -في حلقة من برنامج "أنسيّات الطاقة" قدّمها على مساحات موقع "إكس" بعنوان "هل تمنع الصين وإيران صعود النفط فوق 100 دولار؟"-، إن السجناء المفرج عنهم في إيران وصلوا إلى الولايات المتحدة، ضمن صفقة تضمنت إطلاق سراح 5 أميركيين.
وأوضح أن صفقة تبادل الأسرى تضمنت في الوقت نفسه الإفراج عن 6 إيرانيين كانوا قد أُدينوا في تجاوز العقوبات المفروضة على إيران، بجانب السماح لطهران باستعمال 6 مليارات دولار، من إيرادات بيع النفط الإيراني إلى كوريا الجنوبية.
أموال إيرانية بإشراف أميركي
قال مستشار تحرير منصة الطاقة المتخصصة الدكتور أنس الحجي، إن كوريا الجنوبية لم تكن قادرة على دفع ثمن النفط الإيراني، بسبب العقوبات الأميركية المفروضة عليها وعدم وجود وسيلة بنكية لتحويل المبلغ، ما أبقى على هذه الأموال لديها، قبل أن تسمح الولايات المتحدة للإيرانيين بالحصول عليها.
ولفت أنس الحجي، إلى أن أميركا سمحت بحصول طهران على هذه الأموال، من خلال تحويلها إلى بنوك لدى قطر، على أن تخضع لإشراف الحكومة الأميركية، لإنفاقها فقط في أمور إنسانية وأغذية وغيرها، حتى لا تنفقها إيران على مشروعات التسليح أو أمور تتعلق بالبرنامج النووي لديها.
وأضاف: "تحدّثنا سابقًا عن الأمر بالتفصيل، وواضح أن الأمر قد لا يكون تعاون متفق عليه مسبقًا بقدر ما هو لعبة شطرنج، إذ إن اللعبة تُدار على توقع تحركات الخصم والتصرف على هذا الأساس، وبالطبع كانت هناك بعض الإشارات من الطرفين".
ولفت إلى أنه من الواضح تمامًا -وهناك أدلة كثيرة على ذلك- أن إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن أعطت الحكومة في طهران الضوء الأخضر لزيادة صادرات النفط الإيراني إلى أوروبا مقابل تغاضيها عن العقوبات التي كان الرئيس السابق دونالد ترمب قد أعاد فرضها.
وتابع: "هنا أكرر 3 أمور ذكرتها في مساحة سابقة، وهي أن إدارة بايدن كانت مضطرة إلى التغاضي عن موضوع العقوبات لـ3 أسباب، أولها إبقاء إيران على مائدة المفاوضات في فيينا من أجل البرنامج النووي، لأنها انسحبت مرات عديدة، وهم يريدون إبقاءها على الطاولة، ما يتطلب التغاضي عن العقوبات، لأنه لا يمكن تطبيق العقوبات وبعدها تسألهم أن يجلسوا للتفاوض".
السبب الثاني -وفق الحجي- أنه بعد الغزو الروسي لأوكرانيا احتاجت إدارة بايدن إلى إعادة توجيه صادرات النفط إلى أوروبا لتعويضها عن غياب النفط الروسي، لذلك أعطوا استثناء إلى فنزويلا واستثناء غير مباشر إلى إيران، عن طريق ضوء أخضر عبر دولة خليجية.
وأوضح، أن طهران حصلت على الضوء الأخضر لتصدير النفط الإيراني إلى أوروبا دون أي مخاوف، وهو ما حدث، إذ وصل النفط من إيران إلى أوروبا علنًا، في حين كان السبب الثالث هو مسألة السجناء الأميركيين، التي أفهمت القيادة الإيرانية والحرس الثوري أنهم يستطيعون فعل ما يشاؤون، لذلك وجهوا مجموعة من الاستثمارات إلى حقول نفطية، ما أسهم في زيادة الإنتاج ومن ثم زيادة الصادرات.
المخزون العائم من النفط الإيراني
قال خبير اقتصادات الطاقة الدكتور أنس الحجي، إن إدارة بايدن عندما سحبت 180 مليون برميل من المخزون النفطي الإستراتيجي لمدة 6 أشهر كان واضحًا تمامًا أن الضوء الأخضر الممنوح لإيران عن طريق دولة خليجية تضمّن أشياء كثيرة، لأن طهران بدأت تبيع المخزون العائم من النفط الإيراني.
وأضاف الدكتور أنس الحجي: "المعروف أن المخزون العائم في إيران -عند بنائه- يصل إلى نحو 80 مليون برميل، ما يعني أنه لا يمكن التخلص منه إلا عند رفع العقوبات، ولكن إيران تمكنت من التخلص منه بالكامل طوال مدة السحب من المخزون الإستراتيجي الأميركي".
وأوضح أن هذا الأمر يعني وجود توافق كامل بين إدارة بايدن وحكومة طهران، بشأن زيادة معروض النفط في الأسواق العالمية، مضيفًا: "الغريب في الأمر أنهم بدؤوا معًا السحب، وانتهوا معًا، فتخلصوا من المخزون العائم من النفط الإيراني، كما توسعت طهران في الإنتاج والتصدير".
ولفت إلى ما يجري تداوله الآن بشأن ربط الإفراج عن السجناء الأميركيين بزيادة إيران إنتاجها النفطي بصورة كبيرة، ومن ثم خفض أسعار النفط، مؤكدًا أن هذا الكلام غير صحيح لأسباب عدة، أولها أن المخزون العائم تلاشى وانتهى، فلا يوجد الآن مخزون عائم يمكن إطلاقه وخفض الأسعار به.
وتابع الدكتور أنس الحجي: "كما أنه لا توجد قدرات إنتاجية أو تصديرية إضافية على الإطلاق في إيران، كل ما يمكنهم إنتاجه ينتجونه، وكل ما يمكنهم تصديره يصدرونه، ومن ثم فإن هذا الكلام غير صحيح، وما يترتب عليه الآن أنه إذا كانت هناك مفاوضات إضافية وتم رفع العقوبات جزئيًا أو كليًا، قد يسمح بدخول الشركات الأجنبية وبعض الاستثمارات لإيران، ما يُسهم في زيادة الإنتاج، ولكن هذا يستغرق وقتًا طويلًا".
وأكد أنه بعد عامين من الآن، مهما زاد إنتاج النفط الإيراني، بمقدار 500 ألف أو مليون برميل، فإن الطلب العالمي على النفط خلالهما سيزداد بحدود 3 ملايين برميل يوميًا، متابعًا: "من أين سيأتي هذا النفط؟ فنحن بحاجة إلى النفط من طهران مستقبلًا في كل الحالات، وبالتالي لن يؤثر في الأسعار".
موضوعات متعلقة..
- هل تنتعش صادرات النفط الإيراني بعد صفقة الأسرى الأميركيين؟ 4 خبراء يجيبون
- ناقلات النفط الإيراني تواصل التخفي.. وهذه قصة 2 مليون برميل جديدة
- هل يصل النفط الإيراني للصين رغم الضغوط الأميركية؟ (مقال)
اقرأ أيضًا..
- إنتاج النفط الروسي في 2023 قد يصل إلى 3.7 مليار برميل
- وزيرة بريطانية: لن ننقذ كوكب الأرض بإفلاس الشعب.. سنؤجل التحول الأخضر
- أرقام عن مصافي النفط في السعودية وقدرات التكرير (إنفوغرافيك)