لماذا عادت مؤشرات فقر الطاقة للارتفاع عالميًا؟ خبير يجيب (صوت)
سامي النعيم: 3.7 مليون إنسان يقتلهم الطهي بـ"الوقود الحيوي" سنويًا
أحمد بدر
قال الخبير النفطي، الرئيس السابق لجمعية مهندسي البترول العالمية الدكتور سامي النعيم، إن فقر الطاقة أمر تعاني منه كثير من الدول حول العالم، وهو أمر تحدده مؤشرات معينة أقرّتها منظمة الأمم المتحدة.
جاء ذلك خلال حلقة من برنامج "أنسيات الطاقة"، حلّ فيها النعيم ضيفًا على مستشار تحرير منصة الطاقة المتخصصة خبير اقتصادات الطاقة الدكتور أنس الحجي، جاءت بعنوان "في ظل قرب مؤتمر كوب 28 في الإمارات.. ضرورة تغيير المفهوم العالمي لتحول الطاقة".
وأوضح النعيم أن تنبؤات مؤشر معدل التنمية الاجتماعية العالمي، الذي تحرص الأمم المتحدة على متابعته، أشار –في مرحلة ما قبل كورونا- للمدة بين 2017 و2020، إذ إن الأمم المتحدة حددت معدل الحدّ الأدنى لمؤشر التنمية الاجتماعية بـ100 نقطة، لتصبح أيّ دولة أقلّ من 100 تعاني من فقر الطاقة.
وأضاف: "يشير ذلك إلى أمرين، الأول أن الدول المتقدمة، بما فيها أميركا وكندا واليابان، جميعها تجاوزت الحد الأدنى للمؤشر، وكانت كندا الأعلى، وبعضها بدأ المؤشر يرتفع خلال ـ20 أو 30 عامًا، والأمر الثاني أن الدول النامية -وأركز هنا على أفريقيا- كان المؤشر فيها "19" في عام 2017، وسيرتفع بمعدل واحد فقط ليصل إلى 20 في عام 2040".
وتابع: "تتكلم عن 19 نقطة مقارنة مع 100 نقطة، أي إن دول أفريقيا أقلّ بمعدل نحو 80% من الحدّ الأدنى للمؤشر، ولن تصل إلى هذا الحد الأدنى حتى بحلول عام 2040".
فقر الطاقة في أفريقيا والعالم
قال الرئيس السابق لجمعية مهندسي البترول العالمية الدكتور سامي النعيم، إن هناك مشكلة كبيرة تتعلق بفقر الطاقة، خاصة عند النظر إلى قارة تعدّ فقيرة جدًا في الطاقة مثل أفريقيا، لافتًا إلى أن "ناسا" كانت قد طورت خريطة تعطي إيحاءً عن كثافة الطاقة في الليل، وتوضح الفرق بين أوروبا وأفريقيا، وتبين أن أوروبا مضاءة، بينما أفريقيا مظلمة.
وأوضح الدكتور سامي النعيم أن تقارير الأمم المتحدة في عام 2018 تشير إلى أرقام كبيرة بالنسبة إلى مؤشر فقر الطاقة، إذ توضح أن 620 مليون إنسان في أفريقيا ليس عندهم اتصال بشبكة الكهرباء، بينما يستعملون الكتلة الحيوية للطبخ، رغم ما تمثّله من خطر على حياة الإنسان.
وأضاف: "بداية من 2019، تغيرت 3 أمور في العالم، إذ كان فيروس كوفيد-19 أحد العوامل المهمة التي أدت إلى ارتفاع معدلات فقر الطاقة، بجانب الحرب الروسية الأوكرانية التي تسببت في ارتفاع أسعار الطاقة، خاصة الغاز، مما أدى إلى احتمال زيادة هذا الفقر في كثير من الدول".
ولفت إلى أن تقارير الأمم المتحدة قالت، إن 75 مليون إنسان حول العالم، ممن كان لديهم وصول إلى الكهرباء، هناك احتمال كبير أن يفقدوا قدرتهم على دفع قيمتها، مضيفًا: "توقُّعي أن هذا بسبب ارتفاع أسعار الغاز بعد الحرب الروسية الأوكرانية".
وتابع: "التقرير نفسه قال، إن عدد الأشخاص حول العالم الذين ليس لديهم كهرباء من الأساس بدأ يتزايد للمرة الأولى منذ عقدين كاملين، فالأمور كانت تسير بشكل عادي، وكانت معدلات فقر الطاقة في انخفاض، ثم جاءت الظروف الحالية لترتفع أسعار الطاقة، ومعها ترتفع احتمالات أن يفقدها ممن كانوا قادرين على الوصول إليها ودفع قيمتها".
وأشار النعيم إلى أن تقرير الأمم المتحدة يوضح أيضًا أن 100 مليون إنسان حول العالم من المحتمل أن يؤدي فقدانهم القدرة على دفع قيمة الكهرباء، إلى عودتهم للاعتماد على الكتلة الحيوية أو الوقود الحيوي في الطبخ، وهذا يمثّل خطرًا كبيرًا على الصحة العامة.
أرقام حديثة مخيفة
أشار مستشار الطاقة، رئيس جمعية مهندسي البترول العالمية الدكتور سامي النعيم، إلى تقرير حديث أصدرته وكالة الطاقة الدولية، بتاريخ 4 سبتمبر/أيلول 2023، يثير كثيرًا من المخاوف، إذ إنه يشير إلى تزايد معدلات فقر الطاقة.
وأضاف الدكتور سامي النعيم: "يشير التقرير إلى أن 2.3 مليار إنسان حول العالم –أي ثلث التعداد السكاني العالمي- يستعملون الوقود الحيوي للطبخ، بما يمثّله من خطورة على الصحة، كما يشير إلى أن فقدان القدرة على الوصول للطاقة النظيفة للطبخ، يؤدي لوفاة 3.7 مليون إنسان سنويًا".
ولفت التقرير، وفق النعيم، إلى أن أكثر الضحايا من النساء والأطفال، وذلك بسبب استنشاق الانبعاثات التي تنتج عن حرق الكتلة الحيوية، وكل ذلك بسبب فقر الطاقة، فالرقم كبير، خاصة عند مقارنته مع ضحايا كوفيد-19، فالفيروس قتل حتى الآن 6.7 مليون شخص منذ 2019، بينما ضحايا الكتلة الحيوية 3.7 مليون شخص سنويًا.
وأوضح أن السبب المباشر في ذلك هو ارتفاع معدلات فقر الطاقة وارتفاع أسعار الطاقة، وذلك بسبب الإستراتيجيات المستعملة الآن، والتي يُطلق عليها "تحول الطاقة"، مشيرًا إلى أن التقرير نفسه يشير إلى أن استعمال الكتلة الحيوية يزيد -أيضًا- عملية "التصحر"، بسبب قطع الأشجار، التي من مهامها امتصاص غاز ثاني أكسيد الكربون.
يشار إلى أن الدكتور سامي النعيم خبير نفطي ومستشار بمجال الطاقة، وأكاديمي، وكاتب في مجال استدامة وتحول الطاقة والنفط والغاز والتحديات البيئية واقتصاديات تدوير الكربون، ولديه خبرة 40 عامًا في صناعة النفط والغاز.
وفي عام 2019، شغل الدكتور سامي النعيم منصب رئيس جمعية مهندسي البترول العالمية، وهي أكبر تجمع تقني في قطاع هندسة النفط والغاز في العالم، بجانب عضويته في المجلس الاستشاري العالمي لجامعة تكساس الأميركية.
وحاز النعيم جائزة التميز العالمي في قطاع هندسة البترول من قبل جمعية مهندسين البترول العالمية، وهو عضو بالمجلس الاستشاري الصناعي لهندسة البترول بجامعة الملك فهد للبترول والمعادن، وعضو المجلس الاستشاري الصناعي لهندسة البترول والغاز الطبيعي في جامعة الملك سعود في الرياض، وعضو المجلس الاستشاري الصناعي لكلية الهندسة في جامعة الملك فيصل.
موضوعات متعلقة..
- ارفعوا أيديكم عن صناعة النفط والغاز العالمية وعالجوا فقر الطاقة (مقال)
- رئيس أوبك 2023: موارد النفط والغاز في أفريقيا لها الأولوية لمكافحة فقر الطاقة
- هل ينتشل خط أنابيب شرق أفريقيا أوغندا من فقر الطاقة؟
اقرأ أيضًا..
- تقرير: أسعار النفط سترتفع إلى 95 دولارًا بعد قرار السعودية وروسيا
- أنس الحجي: صناعة النفط العالمية شهدت مراحل غيّرت التاريخ.. هذه أبرزها
- تفاصيل تصدير أول شحنة غاز مسال مصرية منذ 4 أشهر (خاص)
- تاريخ واردات لبنان من الديزل.. شحنة ملوثة من الجزائر وعقود مع العراق وتركيا