طاقة متجددةتقارير الطاقة المتجددةرئيسية

خفض سعة مزرعة رياح مثيرة للجدل في أستراليا

محمد عبد السند

أسفرت ضغوط نشطاء البيئة في أستراليا عن إجراء شركة آرك إنرجي Ark Energy الأسترالية تغييرات جوهرية على مزرعة رياح مثيرة للجدل في ولاية كوينزلاند.

ويغذّي الإجراء الجديد التكهنات التي تشير إلى نية الشركة تصفية المشروع الذي يخشى النشطاء وبعض السكان المحليين من تداعياته السلبية على النظام الإيكولوجي للمنطقة.

وفي يونيو/حزيران (2023)، منحت حكومة كوينزلاند الضوء الأخضر لإنشاء مزرعة الرياح، غير أن معارضيها من المجتمع المحلي ونشطاء البيئة في أستراليا يأملون في أن تعرقل وزيرة البيئة الفيدرالية تانيا بليبيرسك المشروع، عندما تصدر قرارها في هذا الأمر بوقت لاحق من العام الحالي (2023)، وفق تقارير طالعتها منصة الطاقة المتخصصة.

وفي تطور باعث على القلق، خُفضت سعة مزرعة الرياح المثيرة للجدل المقترحة في منطقة تيبلاندز بولاية كوينزلاند الأسترالية إلى النصف للمرة الثانية، في حين صرّحت آرك إنرجي المطورة للمشروع المثير للجدل أن الأخير سيحوي -الآن- 42 توربينًا، بدلًا من 86، وسيُنَفَّذ تحت اسم جديد.

294 ميغاواط

قالت آرك إنرجي التابعة لمجموعة كوريا زنك غروب، أمس الثلاثاء 5 سبتمبر/أيلول (2023)، إن مزرعة الرياح التي كانت تُعرف في السابق باسم "تشالومبين" سيتحول اسمها الآن إلى "ووروورا" على اسم المحطات الرعوية التي ستحتضنها في أقصى شمال كوينزلاند، وفق ما أورده موقع "رينيو إيكونومي" RENEW ECONOMY.

وتستهدف مزرعة رياح "ووروورا" توليد سعة كهرباء قدرها 294 ميغاواط بدلًا من 602 ميغاواط التي كانت تستهدفها في السابق آرك إنرجي، بعد استبعاد 44 توربينًا من الخطط.

وقال رئيس المشروعات لولاية كوينزلاند لدى آرك إنرجي أنطوني روسو: "بعد مشاورات عامة مكثفة، نستمع إلى ردود الأفعال من المجتمع، والحكومة، والملاك التقليديين، وبالفعل أدخلنا تغييرات على المشروع لتلبية التوقعات".

وأبدى روسو استعداد شركته "للعمل مع كل الأطراف المعنية الرئيسة لتحقيق نتائج إيجابية،" قائلًا: "نحن ملتزمون بالتنفيذ الدقيق لهذا المشروع منذ البداية، وتقديم أفضل الممارسات العالمية في قطاع الكهرباء".

وكان من المقترح أن يحوي مشروع مزرعة الرياح "تشالومبين" في الأصل 200 توربين، لكن قُلِّص هذا العدد إلى 95، ثم إلى 86، بسعة مجمعة تلامس 602 ميغاواط، بهدف تفادي إلحاق الضرر بمواقع بيئية وتراثية حساسة.

قلق نشطاء البيئة في أستراليا

أعرب نشطاء البيئة في أستراليا، بمن فيهم الجماعات المجتمعية والجماعات "الخضراء"، عن قلقهم إزاء قرب موقع المشروع من المتنزهات الوطنية الأيقونية التي تشكّل جزءًا من منطقة التراث العالمي للمناطق الاستوائية الرطبة في كوينزلاند.

كما أبدت تلك الجماعات انزعاجها من التأثير المحتمل للمشروع في العديد من الكائنات الحية، مثل الضفادع، والبومة المقنعة، والثعلب الطائر، وغيرها.

وقالت آرك إنرجي، إن التصميم الجديد لمشروع مزرعة الرياح المثيرة للجدل في كوينزلاند يشتمل على منطقة عازلة بطول لا يقلّ عن كيلومتر واحد، يفصلها عن مناطق التراث العالمي، مؤكدة أن المشروع يتجنّب -تمامًا- الغابات الرطبة المجاورة لمنطقة التراث العالمي، إضافة إلى جميع موائل الضفادع المعروفة.

خطط المشروع

تشتمل خطط مشروع مزرعة الرياح المثيرة للجدل في كوينزلاند -كذلك- على حلّ معظم المعضلات الإنشائية، وتأسيس محميات طبيعية للضفادع، بمساحة إجمالية تصل إلى 1.255 هكتارًا.

(الهكتار = 10 آلاف متر مربع).

كما يشتمل المشروع على نظام مكافحة الحرائق، ونظام مكافحة الآفات، والآفات الضارة الغازية، لتحسين موائل الأنواع المحلية الرئيسة.

وإلى جانب مواجهة المخاوف البيئية والإيكولوجية العالقة، تأمل آرك إنرجي في أن تقود التغييرات التي ستُدخَل على مزرعة الرياح المثيرة للجدل في كوينزلاند، إلى إبعادها عن مرمى انتقادات الناشطين المناهضين لطاقة الرياح، من بينهم المسؤول في مؤسسة "مردوخ " الإعلامية نيك كاتر.

ويُعدّ كاتر أحد أبرز الشخصيات المناهضة للمشروع، ولطالما يوظف منصّته الإعلامية المحافظة لإثارة الجدل بشأن موقعه المقترح، إلى جانب آثاره البيئية.

مزرعة "وورورا" التي يعارضها نشطاء البيئة في أستراليا
مزرعة "وورورا" - الصورة من numerical

معلومات مضللة

لعل إحدى أكثر المعلومات المضللة التي تناقلتها وسائل الإعلام بشأن المشروع هو أن مزرعة الرياح تتعدى مباشرة على تل تشالومبين، والذي يُعدّ مكانًا مقدسًا لسكان جيربال المحلية في شمال كوينزلاند.

وقال أحد كبار مجتمع جيربال براد سام-جو: "نعلم أن هذا ليس حقيقيًا"، في رسالة مفتوحة نُشرت بالصحف الكبرى نهاية يوليو/تموز (2023).

وأشار سام-جو إلى أن المشروع ليس مُقامًا على تل تشالومبين، بل وليس قريبًا من هذا التل الذي يُعدّ بالغ الحساسية بالنسبة لسكان جيربال.

ويُعدّ سام-جو أحد أبرز داعمي مشروع مزرعة الرياح المثيرة للجدل في كوينزلاند، والذي سبق أن دعمها -أيضًا- في شكلها القديم الذي كان يتألف من 88 توربينًا.

وفي الرسالة المذكورة، قال سام-جو، إن اسم مشروع مزرعة الرياح الذي جرى تجاهله من الممكن أن يسبّب ارتباكًا في هذا المشروع.

ويأتي هذا الاسم من الصلة التي تربط مزرعة رياح كوينزلاند بمحطة كهرباء شالومبين الفرعية الحالية.

رأي مختلف

قال رئيس المشروعات في كوينزلاند لدى آرك إنرجي أنطوني روسو: "بعض المنتقدين يستغلون الاسم السابق لنشر معلومات مغلوطة، وسرد مزاعم باطلة بشأن نوعية الموائل والأنواع الحية في منطقة المشروع، ومن ثم الآثار البيئية للتطوير".

ومضى روسو في حديثه قائلًا: "لكن واقعيًا: المشروع لا يوجد داخل منطقة التراث العالمي، ومن المهم أن يُمثَّل هذا المشروع تمثيلًا دقيقًا، والجمهور يعرف الحقائق".

وفي الواقع، كان من المخطط تطوير مزرعة رياح كوينزلاند على أرض تقع داخل منشأتين مُخصصتين لرعي الماشية، وهما محطتا ووروورا وغلين غوردون.

غير أن تطوير المشروع اقتصر في النهاية على محطة ووروورا.

وفي هذا السياق، قال أحد كبار مجتمع جيربال، براد سام-جو، إن تأسيس مزرعة الرياح سيمكّن سكان مجتمع جيربال من الوصول إلى المناطق الواقعة في محطة ووروورا الرعوية، وهو ما لا يُتاح أمامهم في الوقت الخالي.

وواصل إشادته بالمشروع قائلًا: "سيتيح هذا فرصة لسكاننا، وسيساعد على تحسين جودة الأراضي المغطاة -حاليًا- بالأعشاب الضارة والآفات"، وفق ما ورد في الرسالة المفتوحة.

ولفت إلى أن الشركة تعمل "معنا منذ عام 2019 لضمان احترام العلاقة التي تربط مجتمع جيرال بتلك المنطقة".

مكسب لكل الأطراف

قال سام-جو:" هذا المشروع مكسب لكل الأطراف المعنية، إذ سيتوافر لدينا وظائف محلية في بلادنا، كما أنه سيجلب العديد من الفوائد للبيئة".

وأضافت: "إذا ما كان الناس يرغبون في معارضة إنشاء مزرعة رياح لأسباب عقلانية وصحيحة، ينبغي أن يلتزموا الأمانة والصدق في عرض موقفهم".

ووجّه حديثه إلى منتقدي المشروع، قائلًا لهم: "لا تزيّفوا الحقائق وآراء أغلبية مجتمع جيربال"، مؤكدًا: "صوتنا نابع من داخلنا".

وتأمل شركة آرك إنرجي أن تقدّم التغييرات الأخيرة التي أُدخلت على تصميم مشروع مزرعة رياح كوينزلاند إجابات على الأسئلة الباعثة على القلق، ومنع المزيد من الجدل.

وفي هذا الصدد، قال روسو: "يتعين علينا أن ننزع فتيل التوتر بين مزرعة الرياح اللازمة للتحول إلى نظام طاقة نظيفة، وبين حماية البيئة، وتطوير هذا المشروع يتيح لنا دراسة حالة ممتازة لتكرار التصميم الرئيس، بما يحقق نتائج إيجابية".

وواصل: "هذه التغييرات تقلل من الآثار المذكورة إلى مستويات منخفضة جدًا، ونحن نعتقد أن المزايا التي يجلبها المشروع إلى البيئة الطبيعية تفوق آثاره".

واختتم تصريحاته بقوله: "لعل إحدى هذه المزايا توصيل كميات أكبر من الكهرباء النظيفة إلى الشبكة في مدة زمنية قصيرة نسبيًا، إلى جانب التحسن الكبير في كفاءة الموائل الخاصة بالأنواع الحية المحمية الموجودة على الأراضي الخاصة المجاورة للغابات المحمية".

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق