طاقة الشمس والرياح في ليبيا.. هل تخرجها من نفق الصراعات المظلم؟
محمد عبد السند
- تُظهر طاقة الشمس والرياح في ليبيا إمكانات ضخمة
- تعاني ليبيا اضطرابات سياسية وصراعًا مسلحًا على مدار العقد الماضي
- تتمتع ليبيا بموقع جغرافي فريد يمكّنها من استغلال الموارد المتجددة
- تحتاج ليبيا إلى إدخال تغييرات رئيسة، ويشتمل هذا على سنّ قانون الكهرباء الذي يتيح إطارًا تنظيميًا
- يفرض الوضع الأمني غير المستقر مخاطر كبيرة بالنسبة لتنفيذ مشروعات طاقة الشمس والرياح في ليبيا
تُظهر طاقة الشمس والرياح في ليبيا إمكانات ضخمة، يمكن في حال استغلالها بالشكل المناسب أن تساعد على تنويع مزيج الكهرباء في البلد العربي الواقع شمال أفريقيا، وتقليص اعتمادها على الوقود الأحفوري، والإسهام في استقرار البلاد على المدى الطويل.
ولتحقيق الاستفادة الكاملة من الطاقة المتجددة بها، يتعين على الحكومة الليبية وشركائها الدوليين مواجهة مجموعة من التحديات الناتجة عن غياب الإطار التنظيمي، ونقص العمالة الماهرة، والوضع الأمني الهش، وفق تقارير رصدتها منصة الطاقة المتخصصة.
وحينها -فقط- تستطيع ليبيا استغلال طاقة الشمس والرياح، ورسم مسار مستدام نحو مستقبل مشرق.
وتعاني ليبيا، التي تتمتع باحتياطي نفطي ضخم، من اضطرابات سياسية، وصراع مسلح، على مدار العقد الماضي.
ولم يؤثّر هذا في إنتاج ليبيا النفطي فحسب، بل قوّض تطوير البنية التحتية للطاقة في البلد الذي مزّقته الحرب الأهلية.
إمكانات غير مستغلة
وسط تلك الاضطرابات، تبرز إمكانات غير مُستغلة للطاقة المتجددة، لا سيما طاقة الشمس والرياح في ليبيا، التي من الممكن أن تساعد البلاد على خفض اعتمادها على مصادر الوقود الأحفوري في توليد الكهرباء منخفضة التكلفة، والإسهام في التنمية الاقتصادية المستدامة النظيفة على المدى البعيد، وفق ما أورده موقع "إيف ويند" EV Wind.
وتحظى ليبيا بمعدلات سطوع شمسي وفيرة، ورياح قوية؛ ما يجعلها مكانًا مثاليًا لتسخير طاقتي الشمس والرياح.
ووفق تقديرات الوكالة الدولية للطاقة المتجددة "آيرينا"، تمتلك ليبيا القدرة على توليد طاقة شمسية سعة 5.3 تيراواط/ساعة، و طاقة رياح سعة 2.9 تيراواط/ساعة سنويًا.
ويعادل هذا ما يزيد على ضعف معدل استهلاك الكهرباء الحالي في البلاد، الذي يلامس قرابة 3.5 تيراواط/ساعة سنويًا.
وفي السنوات الأخيرة، كان هناك اهتمام متنامٍ باستكشاف إمكانات الطاقة المتجددة في ليبيا.
وشهدت ليبيا تشغيل أول محطة شمسية سعة 20 ميغاواط في جنوب مدينة سبها، عام 2013.
ومنذ ذلك الحين، كانت هناك مقترحات بإنشاء العديد من مشروعات طاقة الشمس والرياح في ليبيا، من بينها محطة طاقة شمسية سعة 62 ميغاواط في جنوب مدينة غريان، إلى جانب مزرعة رياح سعة 60 ميغاواط في شرق مدينة درنة.
دعم دولي
تدعم المنظمات الدولية والحكومات الأجنبية طموحات الطاقة المتجددة في ليبيا.
ففي عام 2016، أطلق الاتحاد الأوروبي برنامج الطاقة المتجددة وكفاءة الطاقة في ليبيا "آر إي إي إي بي" REEEP، والذي يستهدف الترويج لاستعمال الطاقة المتجددة، وتحسين كفاءة الطاقة في البلاد.
ويقدّم البرنامج المساعدات التقنية وبناء السعة إلى المؤسسات الليبية، إضافة إلى التمويلات اللازمة لتنفيذ المشروعات التجريبية في قطاع طاقة الشمس والرياح في ليبيا.
وبالمثل، يعمل برنامج الأمم المتحدة الإنمائي مع الحكومة الليبية لتطوير إستراتيجية وطنية للطاقة المتجددة، والتي تستهدف زيادة حصة المصادر النظيفة في مزيج الكهرباء في ليبيا إلى ما نسبته 10% بحلول أواسط العقد الحالي (2025).
وتتضمن تلك الإستراتيجية خططًا لتركيب سعة طاقة شمسية قدرها 1.5 غيغاواط، إلى جانب 1 غيغاواط من سعة طاقة الرياح بحلول السنة المستهدفة.
تحديات عديدة
رغم تلك التطورات الواعدة، هناك العديد من التحديات التي يتعين التعامل معها، لاستغلال إمكانات الطاقة المتجددة في ليبيا.
ولعل إحدى تلك العقبات الرئيسة غياب الإطار التنظيمي الواضح لمشروعات الطاقة المتجددة.
فالمشروعات واللوائح القائمة لا تمنح الحوافز الكافية لاستثمارات القطاع الخاص في طاقة الشمس والرياح في ليبيا، كما أنها لا تقدّم خريطة طريق واضحة لاندماج مصادر الطاقة المتجددة في الشبكة الوطنية.
وهناك تحدٍّ آخر يتمثل في غياب الخبرات التقنية والعمالة الماهرة في قطاع الطاقة المتجددة.
وبينما تمتلك ليبيا شعبًا يتمتع بمعايير تعليمية جيدة نسبيًا، فإن الصراع الحالي والاضطرابات السياسة قادا إلى هجرة العقول، مع مغادرة العديد من الأشخاص المهرة البلاد بحثًا عن فرص عمل أفضل في أماكن أخرى.
ويقود هذا إلى ظهور فجوة في القوة العاملة المحلية، والتي تشتد الحاجة إلى سدّها لتطوير مشروعات الطاقة المتجددة والمحافظة عليها.
وعلاوة على ذلك، يفرض الوضع الأمني غير المستقر مخاطر كبيرة بالنسبة لتنفيذ مشروعات طاقة الشمس والرياح في ليبيا.
وتبرز البنية التحتية للطاقة المتجددة، مثل أيّ بنية تحتية أخرى، عُرضة للتخريب والدمار في بيئة تمزّقها الصراعات المسلحة.
ويُعدّ ضمان سلامة وأمن منشآت الطاقة المتجددة عاملًا حاسمًا في جذب الاستثمارات وضمان نجاح تلك المشروعات.
كما يُعدّ التحول إلى الطاقة المتجددة في ليبيا حاسمًا لمستقبل البلاد؛ إذا إنه يسهم في خفض الطلب على النفط والغاز؛ ما يَنتُج عنه هبوط أسعار هاتين السلعتين الإستراتيجيتين، وفق ما أوردته صحيفة "ليبيا هيرالد".
موقع مثالي
تتمتع ليبيا بموقع جغرافي فريد يمكّنها من استغلال الموارد المتجددة.
وبفضل موقعها في قلب الحزام الشمسي، فإن عامًا واحدًا من السطوع الشمسي على كل كيلومتر واحد من الأرض يُنتِج كهرباء تعادل 1.5 مليون برميل نفط خام.
ومع ذلك، فإنه، وبينما تمضي دول الجوار بخطى سريعة نحو استغلال المصادر المتجددة، ما تزال منظومة الكهرباء في ليبيا تعتمد حصريًا على المواد الهيدروكربونية التي تستهلك 11 مليون طن من المكافئ النفطي بدلًا من بيع هذا المورد في السوق العالمية والاستفادة بالأسعار المرتفعة.
تحفيزات استثمارية
تحتاج ليبيا إلى إدخال تغييرات رئيسة، ويشتمل هذا على سَنّ قانون الكهرباء الذي يتيح إطارًا تنظيميًا، وتحفيزات لاستثمارات الطاقة المتجددة.
ولتعزيز القدرة التنافسية للمصادر المتجددة، تحتاج ليبيا إلى إعادة توجيه الدعم للكهرباء المولدة بالنفط والغاز نحو الطاقة المتجددة.
وتحتاج ليبيا -أيضًا- إلى إنشاء جهة تنظيمية لمراقبة الامتثال للقوانين وحماية حقوق المستهلك.
وتبرز أهمية تلك التدابير لبثّ الثقة في نفوس المستثمرين، وجذبهم للمشاركة بمشروعات الطاقة المتجددة.
كما تساعد تلك الإجراءات على كسر الاحتكار الحالي في قطاع إنتاج الكهرباء، وتشجيع القطاع الخاص، بما يسهم بتدفقات تمويلية جديدة، والتحفيز على الإبداع.
موضوعات متعلقة..
- طاقة الشمس والرياح في أستراليا تقترب من إنجاز هو الأول عالميًا
- إنتاج النفط في ليبيا ينتعش بـ2000 برميل يوميًا إضافية
- طاقة الشمس والرياح تولد أكثر من ثُلث كهرباء العالم بحلول 2030 (تقرير)
اقرأ أيضًا..
- الطاقة المتجددة توفر 521 مليار دولار لقطاع الكهرباء العالمي خلال 2022 (تقرير)
- إنتاج الوقود الحيوي من الزيوت النباتية.. تقنية مبتكرة في قطاع الطاقة
- كيف اختفى المخزون العائم من النفط الإيراني دون اتفاق نووي؟ أنس الحجي يجيب