شل تتخلى عن أكبر خطة في العالم لتطوير تعويضات الكربون
نوار صبح
- إستراتيجية شل المحدّثة تضمنت خفض التكاليف ومضاعفة محركات الربح مثل النفط والغاز
- تخلّي شل عن التزامها بتطوير تعويضات الكربون يُعدّ لائحة اتهام جديدة للتعويضات
- كافحت شركة شل للعثور على مشروعات تلبي معايير الجودة لديها
- سوق الكربون الطوعية يمكن أن تنمو إلى نحو 950 مليار دولار بحلول عام 2037
أكدت شركة النفط الأوروبية الكبرى شل تخلّيها عن أكبر خطة مؤسسية في العالم لتطوير تعويضات الكربون، في إطار إستراتيجيتها الجديدة الهادفة إلى تعزيز أعمال النفط والغاز.
وأغفلت الإستراتيجية المحدّثة للرئيس التنفيذي للشركة، وائل صوان، أيّ ذكر لالتزام الشركة السابق بإنفاق ما يصل إلى 100 مليون دولار سنويًا بموجب مشروع لائتمانات الكربون، حسبما رصدته منصة الطاقة المتخصصة.
جاء ذلك بعد 6 أشهر من تولّي وائل صوان مهامّ الرئيس التنفيذي لشركة شل، إذ يُعدّ هذا المشروع جزءًا من وعد الشركة بالتخلص من انبعاثاتها بحلول عام 2050، ويندرج في سياق المشروعات البيئية المصممة لمواجهة آثار الاحتباس الحراري لانبعاثات ثاني أكسيد الكربون.
خلال حدث استثماري استمر طوال اليوم في يونيو/حزيران، وضع صوان إستراتيجية محدّثة لشركة شل، تضمّنت خفض التكاليف ومضاعفة محركات الربح، مثل النفط والغاز، وفقًا لما نشرته وكالة بلومبرغ (bloomberg) في 31 أغسطس/آب.
وأعلنت الشركة أنها تراجعت عن هذه الأهداف الخاصة ببرنامج التعويضات، إلى جانب خطة جمع 120 مليون طن متري من ائتمانات الكربون سنويًا بحلول نهاية العقد من المشروعات، التي تقوم باحتجاز الكربون في الأشجار أو الأعشاب أو الموارد الطبيعية الأخرى، وتقوم شل بتطوير كثير منها.
وكان من الممكن أن يمثّل ذلك نحو 10% من انبعاثات الشركة، ولم تعلن الشركة أيّ أهداف جديدة لتطوير التعويضات، أو تحدّد كيف تخطط الآن للوفاء بالتزاماتها المناخية المستقبلية.
أعمال النفط والغاز
يعكس الانسحاب الالتزام المتجدد للرئيس التنفيذي لشركة شل، وائل صوان، بأعمال النفط والغاز التي تولّد معظم أرباح الشركة، والاعتراف بأن الأهداف السابقة كانت بعيدة المنال.
وعلى مدى العامين الماضيين، لم تحقق شركة شل أيّ نجاح يُذكر، فقد أنفقت 95 مليون دولار، أي أقلّ من نصف موازنتها الأولية، لبناء أو الاستثمار في مجموعة من مشروعات الكربون من غرب أفريقيا إلى منطقة الأمازون البرازيلية إلى الأراضي الزراعية الأسترالية.
وحققت هذه المشروعات القليل من التعويضات، إن وجدت، وقد كافحت شركة شل للعثور على مشروعات تلبي معايير الجودة لديها.
ويرى المحللون أنّ تخلّي شل عن التزامها بتطوير تعويضات الكربون يُعدّ لائحة اتهام جديدة للتعويضات، التي أصبحت "حلًا مناخيًا" مهمًا، وإن كان مثيرًا للجدل، بالنسبة لمعظم الشركات الكبرى.
من ناحيتها، تقدّر شركة بلومبرغ لتمويل الطاقة الجديدة أن سوق الكربون الطوعية، التي يبلغ إجماليها اليوم نحو ملياري دولار، يمكن أن ينمو بما يصل إلى 950 مليار دولار بحلول عام 2037.
على صعيد آخر، يركّز الكثير من الانتقادات، حتى الآن، على الجودة، ووجدت العديد من التحقيقات، بما في ذلك العديد من التحقيقات التي أجرتها بلومبرغ غرين، أن العديد من التعويضات لا تحقق الفوائد البيئية التي تعد بها.
وشرعت شركة شل في حل المشكلة من خلال متطلبات صارمة وموارد مالية كبيرة وأكثر من قرن من الخبرة الهندسية، وسرعان ما تعلمت أن التركيز على الجودة يحدّ من العرض.
وقال مسؤول سياسة الكربون في شركة كاربون ماركت ووتش المعنية بأسواق الكربون ومكافحة تغير المناخ، جايلز دوفراسن: "من الصعب حقًا الحصول على نطاق واسع من الائتمانات عالية الجودة"، لأن "القوّتين" - الحجم والجودة - "تعملان ضد بعضهما".
الحلول القائمة على الطبيعة
أدارت الموظفة المخضرمة في شركة شل منذ 17 عامًا، فلورا جي، عمليات "الحلول القائمة على الطبيعة" للشركة منذ عام 2021.
وفي مقابلة، قبل أن يلغي الرئيس التنفيذي للشركة، وائل صوان، الهدف الرسمي المتمثل في تحقيق 120 مليون تعويض كربون سنويًا، قالت فلورا جي: "إن الجميع يعلمون أنها كانت خطة ناجحة".
وأضافت أن "سوق الكربون لم تتوسع بسرعة كافية لتلبية الطلب المتزايد.. ولم يكن لديها هذا النوع من النمو الهائل المتسارع الذي توقعناه".
وأشار متحدث باسم شركة شل إلى الموقف الرسمي للشركة بأن "الزيادة في الطلب على ائتمانات الكربون يجب أن تقابلها الحاجة إلى الجودة"، ومضى يقول: "إننا لا نتّفق على أن هناك عدم تطابق بين الحاجة إلى كمية ائتمانات الكربون دوليًا وقدرة مطوري المشروعات على تحقيق معايير الجودة".
فكرة بناء مشروع قوي للتعويضات
استوحت شركة النفط الأوروبية العملاقة فكرة بناء مشروع قوي للتعويضات من بحث نشرته منظمة نيتشر كونزرفنسي الأميركية المعنية بحماية البيئة، في عام 2017.
ووجدت المنظمة البيئية، التي تقوم بتطوير وبيع التعويضات، أن الحفاظ على الطبيعة وإصلاحها يمكن أن يمتص ثاني أكسيد الكربون أكثر مما كان يعتقد سابقًا، وهو ما يكفي لأداء دور مهم في الحدّ من ظاهرة الاحتباس الحراري وبسعر أقلّ بكثير من الحلول الأخرى المقترحة.
وأدى هذا البحث، إلى جانب ضغوط المستثمرين المتزايدة على الشركات لتقليل بصمتها الكربونية، إلى دفع شركة شل للبحث عن إمدادات ثابتة من التعويضات، وفقًا لما نشرته وكالة بلومبرغ (bloomberg) في 31 أغسطس/آب.
تجدر الإشارة إلى أن مجرد شراء الائتمانات أمر محفوف بالمخاطر، فمشروعات الكربون تخضع لقواعد تنظيمية طفيفة ومثيرة للجدل، كما أن الأعمال الأساسية لشركة شل تجعلها هدفًا للناشطين في مجال البيئة.
وقال الرئيس السابق للعمليات في شركة الحلول القائمة على الطبيعة التابعة لشركة شل، أناييس باخ: "إن الطريقة الوحيدة لضمان حصولك على إمدادات كافية من الائتمانات ذات الجودة المناسبة في الوقت الملائم وبسعر مقبول تتمثل في أن يكون لديك فريق داخلي وأن تقوم ببناء خط الإمداد لديك".
وكانت شركة شل تأمل في مفاجأة منتقديها، حتى أولئك الذين قالوا، إن مشروعاتها الخاصة بالكربون هي بمثابة "عملية احتيال خطيرة".
وبدأت الشركة في تطوير التعويضات في عام 2018، وعندما حددت هدفها البالغ 120 مليونًا بعد 3 سنوات، قامت بتدوين معايير الجودة لديها.
ويشير المراقبون إلى أن الأمر سوف يتطلب نهجًا متحفظًا في تقدير إزالة الغابات للتأكد من أنها لا تؤدي إلى تضخيم تأثير الحماية.
وقالت الموظفة المخضرمة في شركة شل منذ 17 عامًا، فلورا جي: "لم تولِ السوق الاهتمام الكافي للجودة في ذلك الوقت"، مشيرة إلى أن "الجودة والنزاهة والاستعمال المسؤول للائتمانات تمثّل المتطلبات الأساسية لمصداقية واستدامة أسواق الكربون".
ومثالًا على النهج الذي تبنّته شركة شل، قبل أن توافق على تمويل جهود إعادة تشجير 10 آلاف هكتار في الفلبين، قامت بدراسة النماذج التي يستعملها الأكاديميون في جامعة صن شاين كوست الأسترالية لتوقّع احتمالات تخفيف انبعاثات الكربون في المشروع.
وأجْرت شركة النفط الأوروبية العملاقة فحوصات لخلفية قادة المنظمات المحلية المرتبطة بالمشروع، بحثًا عن علامات الفساد أو النشاط الإجرامي.
وقال مدير مركز أبحاث الغابات الاستوائية والبشر في جامعة جنوب كاليفورنيا ومنسق مشروع تارسير، جون هيربوهن: "لقد طمأنني مستوى هذا التحقيق بأنهم يأخذون الأخلاق والامتثال على محمل الجدّ".
وأضاف: "لو كنا نتطلع إلى تعظيم العدد الإجمالي للائتمانات، لكنا فعلنا الأمور بشكل مختلف"، مشيرًا إلى قرار زراعة الأشجار في المنطقة، على الرغم من أن الأنواع المستوردة ستنمو بشكل أسرع، وتبدأ في النمو لتخزين الكربون عاجلًا.
واتّفقت شركة شل وجامعة جنوب كاليفورنيا على شروط الشراكة بينهما في عام 2022، أي بعد 3 سنوات تقريبًا من بدء المناقشات، واستغرق الأمر 6 أشهر أخرى لبدء زراعة الأشجار.
ويتوقع هيربوهن إنتاج 20% بحدّ أقصى من إجمالي الائتمانات في العقد الأول، مع توزيع التعويضات المتبقية على مدى العقدين التاليين.
اقرأ أيضًا..
- محطات كهرباء سيمنس.. قصة أكبر استثمار في برنامج الطروحات المصري
- هل صادرات النفط والغاز في الجزائر وراء استبعادها من عضوية بريكس؟
- تقرير إيطالي: الطاقة المتجددة في المغرب أمل أوروبا
- دعم الوقود في السعودية 7 آلاف دولار للفرد.. الأعلى بمجموعة الـ20