واردات الصين من النفط السعودي في ظل تخفيضات أوبك+ الطوعية.. هل تتأثر؟
في الربع الثالث من 2023
هبة مصطفى
شكّلت واردات الصين من النفط السعودي محلّ جدل بعد أن سجلت في يوليو/تموز الماضي أدنى مستوياتها منذ ما يزيد عن عام، ورجّحت توقعات استمرار انخفاضها خلال الربع الثالث من العام الجاري 2023.
ورغم أن تراجع صادرات الخام السعودي إلى بكين كان لافتًا للنظر، فإن صادرات عدد من كبار المُصدّرين بتحالف أوبك+، ومن بينهم روسيا، سجلت انخفاضًا أيضًا، ما دفع الصين إلى البحث عن إمدادات بعيدًا عن كبار المورّدين، حسب تحليل أجرته رويترز.
ويبدو أن استمرار خفض إنتاج تحالف أوبك+، والخفض الطوعي الإضافي الذي أعلنته السعودية، قد يغير خريطة الشراء خلال الربع المذكور، إذ زادت حصص صادرات مورّدين صغار إلى أكبر الاقتصادات الآسيوية، وفق ما تابعته منصة الطاقة المتخصصة.
واردات الصين وأسباب التراجع
سجلت واردات الصين من النفط السعودي في يوليو/تموز الماضي أدنى مستوياتها منذ 13 شهرًا (من يونيو/حزيران 2022)، طبقًا لبيانات جمركية.
وبلغت واردات بكين من الرياض، الشهر الماضي، 5.65 مليون طن متري (1.33 مليون برميل يوميًا)، بنسبة تراجع 14% على أساس سنوي و31% على أساس شهري.
ولم تنخفض واردات الصين من النفط السعودي وحده في شهر يوليو/تموز الماضي، إذ تراجعت -أيضًا- واردات بكين النفطية من روسيا -العضو في تحالف أوبك+- بنسبة 26%، إلى 1.9 مليون برميل يوميًا، رغم أن موسكو تربّعت على عرش المورّدين إلى الدولة الآسيوية في 2023.
ويوضح الرسم البياني أدناه -الذي أعدّته منصة الطاقة المتخصصة- حجم صادرات النفط السعودي من عام 2021 حتى 2023:
ويرجع معدل الانخفاض إلى التزام السعودية وروسيا بتخفيضات الإنتاج المعلنة من قبل تحالف أوبك+، بجانب الخفض الطوعي الذي أعلنته السعودية -خلال المدة من شهر يوليو/تموز إلى سبتمبر/أيلول- بمقدار مليون برميل إضافية يوميًا.
ومن جانب آخر، تقلّصت الخصومات على خام إسبو الروسي في ظل زيادة الطلب الهندي والطلب في موسكو، إلى حدٍّ دفعَ الأخيرة نحو إعلان خفضها صادرات النفط بمعدل 500 ألف برميل يوميًا خلال شهر أغسطس/آب الجاري لتلبية الطلب المحلي على المشتقات النفطية.
توقعات الربع الثالث
عادةً ما تمثّل واردات الصين من النفط السعودي والروسي الجانب الأكبر من إمداداتها -بوصفهما أكبر المورّدين إلى البلد الآسيوية-، لكن الأمر قد يختلف خلال الربع الثالث من العام الجاري 2023، لأسباب عدّة.
وبخلاف خفض الإنتاج المعلَن من قبل تحالف أوبك+ والخفض الإضافي للسعودية، هناك عامل مهم ينبغي أن يؤخذ في الحسبان بعدما أعلنت الرياض رفع سعر البيع الرسمي لدرجات الخام العربي الخفيف الرئيسة.
وكانت السعودية قد قررت رفع سعر الخام في يوليو/تموز الماضي إلى أعلى المستويات في غضون 6 أشهر، وامتدّ رفع الأسعار إلى شهري أغسطس/آب وسبتمبر/أيلول -أيضًا- ليغطي الربع الثالث من العام، خاصة بعد تراجع الإنتاج النفطي للمملكة إلى 9 ملايين برميل يوميًا.
وتُشير التوقعات إلى أن واردات الصين من النفط السعودي قد تتراوح بين 1.6 و1.7 مليون برميل يوميًا في أغسطس/آب الجاري، انخفاضًا من 1.99 مليون برميل يوميًا خلال الشهر ذاته من العام الماضي 2022.
كما ينخفض حجم واردات الشهر الجاري عن تقديرات متوسط النصف الأول من العام الجاري (من يناير/كانون الثاني حتى نهاية يونيو/حزيران)، بنحو 1.87 مليون برميل يوميًا، طبقًا لبيانات فورتكسا.
وتوقّع محللون استمرار تراجع واردات الصين من النفط السعودي، خلال الربع الثالث من العام الجاري (من يوليو/تموز حتى نهاية سبتمبر/أيلول).
بدائل بكين
في ظل تراجع واردات الصين من النفط السعودي والروسي وتوقعات استمرار هذا الانخفاض حتى نهاية الربع الثالث من 2023، ولمواجهة ارتفاع أسعار الخامات، اضطرت بكين إلى الاعتماد على صغار مورّديها لتأمين شحنات أقلّ سعرًا.
ولجأت أكبر مستوردي النفط في العالم إلى دول مثل البرازيل وإيران وأنغولا لتعويض التراجع القياسي في مخزوناتها، وارتفعت شحنات أكبر دول أميركا الجنوبية للصين -في يوليو/تموز- إلى 650 ألف برميل يوميًا بنسبة 167%.
وتعاقدت الصين مع البرازيل -أيضًا- على شحنة تزيد عن مليون برميل يوميًا، لتزويد مصافي التكرير بالإمدادات اللازمة في أغسطس/آب الجاري.
وزادت واردات الصين من أنغولا إلى 574 ألف و581 برميل يوميًا في يوليو/تموز الماضي، بزيادة قدرها 27% عن الشهر السابق له.
وذهب محللون إلى تفضيل الصين للميزات السعرية التي يقدّمها النفط الإيراني، خاصة أن طهران تزيد من حجم صادراتها في الآونة الأخيرة، محذّرين من تداعيات ذلك على حصة واردات الصين من النفط السعودي.
وقلّلت المحللة في فورتكسا، إيما لي" من تداعيات تراجع واردات الصين من النفط السعودي خلال شهر يوليو/تموز الماضي، مشيرة إلى أن الانخفاضات المتوقعة للواردات لن تدوم طويلًا، خاصة أن البلدين تربطهما اتفاقيات توريد حديثة وطويلة الأجل.
اقرأ أيضًا..
- الطاقة في شمال أفريقيا.. هل تتعلم دول الجنوب من خبرات الجزائر ومصر وليبيا؟
- سلاسل توريد طاقة الرياح البحرية تحتاج إلى 100 مليار دولار لتحقيق أهداف 2030 (تقرير)
- هل توقعات الطلب العالمي على النفط من أوبك ووكالة الطاقة واقعية؟
- شح إمدادات الديزل العالمية يُنذر بشتاء صعب.. وهذا دور الصين والسعودية