التغير المناخيالتقاريرتقارير التغير المناخيتقارير الهيدروجينتقارير منوعةسلايدر الرئيسيةمنوعاتهيدروجين

الحرق المشترك للأمونيا مع الفحم.. تقنية يابانية يخشاها الغرب وتدعمها الدول النامية

محمد عبد السند

اقرأ في هذا المقال

  • اليابان تخطط لتطبيق تقنية الحرق المشترك للأمونيا مع الفحم
  • تقنية الحرق المشترك للأمونيا مع الفحم تثير جدلًا في أوروبا
  • آسيا تدعم تقنية الحرق المشترك للأمونيا مع الفحم
  • تشارك "جيرا" في مشروعات الحرق المشترك للأمونيا مع الفحم في محطات الكهرباء العاملة بالفحم في تايلاند والفلبين وماليزيا
  • تستطيع الأمونيا تأدية دور حاسم في جهود إزالة الكربون من أنظمة الطاقة

تعوّل اليابان على تقنية الحرق المشترك للأمونيا مع الفحم المثيرة للجدل، لإدخال تغيير جذري على عمل محطات الفحم، وتحويلها إلى منشآت صديقة للبيئة تولد الكهرباء النظيفة، بعد أن كانت تُحمّل القدر الأكبر من المسؤولية عن التغيرات المناخية التي يعاني العالم ويلاتها الآن.

لكن تتنامى المخاوف من التوسع في استعمال التقنية المستهلِكة لوقود الأمونيا مع الفحم، بعد أن أظهرت دراسات علمية حديثة نتائج بيئية سلبية في هذا الخصوص.

وفي ضوء هذا السيناريو، تستكشف الشركات في اليابان التي تحصل على ثُلث الكهرباء المولدة لديها من الفحم، أكثر مصادر الوقود الأحفوري تلويثًا للبيئة، طريقة نظيفة لتطوير عمل محطات الكهرباء العاملة بهذا الحساس بيئيًا، من خلال الحرق المشترك للأمونيا مع الفحم، أحد مشتقات الهيدروجين التي لا تصدر عنها انبعاثات كربونية، وفق ما ذكرته صحيفة "نيكي آسيا".

ولدى الأمونيا القدرة على تأدية دور حاسم في جهود إزالة الكربون من أنظمة الطاقة، نظرًا إلى إمكان استعمالها بكفاءة عالية في نقل الهيدروجين النظيف وتخزينه، إلى جانب كونها وقودًا أخضر في حد ذاتها، وفق تقارير طالعتها منصة الطاقة المتخصصة.

وتواصل تلك الشركات، بالتعاون مع الحكومة اليابانية، تطوير تقنية الحرق المشترك للأمونيا مع الفحم، اعتقادًا منها أنها ستساعد على إزالة الكربون من قطاعات الكهرباء المولدة بالفحم، غير عابئة بالشكوك التي تبديها الدول الغربية الغنية في جدوى تلك التقنية.

تشغيل تجريبي

في أول خُطوة رئيسة نحو هذا الهدف، تستعد "جيرا" JERA، أكبر شركة لتوليد الكهرباء في اليابان، نهاية العام المالي الجاري، لبدء تشغيل تجريبي في محطة فحم تجارية بمقاطعة إيشي عبر الحصول على 20% من الوقود من الأمونيا، و80% من الفحم، في عملية يُشار إليها بوجه عام بـ"الحرق المشترك".

وفي يونيو/حزيران (2023)، أعلنت "جيرا" موافقتها على شراء الأمونيا عبر شركة ميتسوي أند كو Mitsui & Co، واحدة من كبرى شركات التجارة العامة في اليابان، لاستعمالها في الاختبار.

وفي المرحلة التجارية، تُخطط الشركة لاستعمال الأمونيا "الزرقاء" التي تعوض غاز ثاني أكسيد الكربون المنطلق في عملية الإنتاج.

وتخطط الشركة كذلك لزيادة معدل الأمونيا إلى 50% بحلول نهاية العقد الجاري (2030)، وإلى 100% بحلول أواسط القرن الجاري (2050)، وفق أرقام اطلعت عليها منصة الطاقة المتخصصة.

وستتيح شركة "آي إتش آي" IHI اليابانية المواقد التي يمكنها استعمال تقنية الحرق المشترك للأمونيا مع الفحم.

الأمونيا فرس رهان

تراهن "آي إتش آي" اليابانية على وقود الأمونيا الذي ما يزال غير معروف على نطاق واسع، بصفته جزءًا من ركيزة عملها الجديد، إلى جانب نشاطها في مجال تصنيع محركات الطائرات.

في غضون ذلك تطور شركة الصناعات الثقيلة اليابانية "ميتسوبيشي هيفي إنداستريز" Mitsubishi Heavy Industries غلايات وتوربينات غاز لعملية الحرق المشترك للأمونيا مع الفحم.

محطة كهرباء عاملة بالفحم في اليابان
محطة كهرباء عاملة بالفحم في اليابان - الصورة من كيودو نيوز

معارضة غربية

قدّمت شركة جابان إنك خُططًا لاستكشاف التقنية بعد شهر أبريل/نيسان (2023) حينما حذرت مجموعة الـ7 اليابان، خلال انعقاد اجتماع وزراء مناخ المجموعة، من مغبة دعم فكرة استعمال الأمونيا بديلًا لمصادر الوقود الأحفوري في قطاع الكهرباء.

وأبدى كبار الدبلوماسيين المعنيين بالمناخ من البلدان الغنية معارضتهم الشديدة للجهود التي تبذلها طوكيو لتعزيز تقنية تشجع، من وجهة نظرهم، على الاستعمال المتواصل للفحم.

وقال الرئيس، الرئيس التنفيذي لشركة "جيرا" هيساهيدا أوكودا، إن مصطلح "الحرق المشترك" غير دقيق في وصفه تقنية الأمونيا، ويمكن إلقاء اللائمة عليه في ردود الفعل العالمية في هذا الشأن.

وأوضح أوكودا: "ينبغي أن نستعمل البديل العالمي"، خلال تصريحات صحفية أدلى بها في مايو/أيار (2023)، واطلعت عليها منصة الطاقة المتخصصة.

وأضاف: "نرغب في أن نستبدل -تدريجيًا- الأمونيا بالفحم، وأن نقلل في النهاية استعمال الوقود الأحفوري إلى الصفر، لنتجاوز (الحرق المشترك) إلى استبدال الأمونيا بالفحم بالكلية".

من جهته، قال مدير النفط والغاز المسال ووقود الأمونيا في وكالة الموارد المتجددة والطاقة اليابانية ماساشي واتانابي، إن "البلدان الغنية بالموارد مثل الولايات المتحدة الأميركية، والدول الأوروبية لا (تفهم) الدور المهم الذي يمكن أن تؤديه التكنولوجيا" في مزيج الطاقة الآسيوي، الذي يعتمد اعتمادًا كبيرًا على الوقود الأحفوري.

وأوضح واتانابي أن البلدان الغربية "ليس لديها استعداد للثقة في نضوج تقنية الحرق المشترك للأمونيا مع الفحم، لأنها لا تسمع عنها من الصناعات المحلية لديها".

سر الدعم الآسيوي

ما تزال الدول الآسيوية تشكك من البداية في تقنية الحرق المشترك للأمونيا مع الفحم، لكن سرعان ما تغيرت مواقفها مع بدء الكثير منها التفكير في كيفية تحقيق أهداف الحياد الكربوني، إذ رأت الأمونيا وسيلة للوصول إلى تلك الأهداف.

وفي هذا السياق، قال واتانابي، إن اليابان تشعر "بدعم من آسيا، ومن أولئك الذين يحرصون على تصدير الأمونيا" مثل الهند والإمارات العربية المتحدة، مضيفًا أن اليابان "ستتخذ موقفًا مع تلك الدول لتعزيز الوقود"، في تصريحات أدلى بها خلال مقابلة حصرية مع "نيكي آسيا".

وتستضيف الدول الآسيوية النامية بعضًا من أحدث محطات الكهرباء العاملة بالفحم في العالم، التي بُنيت لسد الطلب المتنامي على الكهرباء، نتيجة النمو الاقتصادي، بحسب ما ذكرته وكالة الطاقة الدولية في تقرير صدر عام 2022، طالعت تفاصيله منصة الطاقة المتخصصة.

وأضاف التقرير: "هناك حاجة إلى إجراء علاجي يخفف مخاطر تلك المحطات، نتيجة الانبعاثاث الكربونية، وتتيح الأمونيا فرصًا مميزة لخفض الانبعاثات من محطات الكهرباء العاملة بالفحم القائمة، شريطة أن تُنتَج الأمونيا من طرق منخفضة الكربون".

الحرق المشترك للأمونيا مع الفحم

تطبيقات عملية

تشارك "جيرا" في مشروعات الحرق المشترك للأمونيا مع الفحم في محطات الكهرباء العاملة بالفحم في تايلاند، والفلبين وماليزيا.

وبالمثل تدرس شركة "آي إتش آي" في الهند نشر تقنية الحرق المشترك للأمونيا في محطات الفحم، وعلاوة على ذلك تتطلع "آي إتش آي" إلى إنتاج الأمونيا من المصادر المتجددة في الهند، والإمارات.

وتجري ميتسوبيشي هيفي إنداستريز دراسات جدوى ذات صلة في تايوان وتايلاند وإندونيسيا وتشيلي، وفق ما رصدته منصة الطاقة المتخصصة.

وقال نائب الرئيس التنفيذي لشركة إم إتش آي، توشيوكي هاشي: "الدول النامية تعلم أنه يتعيّن عليها العمل لإزالة الكربون، لكنها ما تزال تدرس أي التقنيات هي الأكثر ملاءمة، هل الهيدروجين أم الأمونيا أم المصادر المتجددة".

وأوضح هاشي: "نرغب في أن نساعدهم على اكتشاف إذا كان استعمال الأمونيا ذات جدوى أم لا"، في إشارة إلى إمكان اللجوء إلى تقنية الحرق المشترك للأمونيا مع الفحم.

مخاوف محلية

على غير المتوقع تختلف الآراء المحلية في اليابان -على ما يبدو- اختلافًا واسعًا عن آراء العديد من الباحثين والمستثمرين بشأن تقنية الحرق المشترك للأمونيا مع الفحم.

فقد وجد تحليل أجرته مؤسسة "ترانزيشن زيرو" غير الهادفة للربح، أن الانبعاثات الكربونية في الدول الواقعة جنوب شرق آسيا، الصادرة من محطات الفحم العاملة بتقنية الحرق المشترك للأمونيا ستزيد على نظيرتها الصادرة عن محطات الكهرباء العاملة بالغاز بما يتراوح بين 40% و90%.

وحتى إذا ما رُفع معدل الحرق المشترك للأمونيا مع الفحم إلى 50%، ستظل الانبعاثات أعلى بقليل من نظيرتها الصادرة عن محطات الكهرباء العاملة بالغاز دون إجراءات لخفض الانبعاثات، مثل تقنية احتجاز الكربون، وفق ما أوضحته الدراسة.

وفي دراسة تحليلية منفصلة، حذر مركز بحوث الطاقة والهواء النظيف من أن عملية الحرق المشترك للأمونيا مع الفحم في المشروع الذي تقوده شركة "جيرا"، بدءًا من العام المالي الحالي، ستنبعث عنها ملوثات أكثر للهواء، وستفرض العملية برمتها مخاطر على صحة الإنسان والبيئة.

وفي العام الماضي (2022) ذكر تقرير منفصل نشرته وحدة خدمة الأبحاث "بلومبرغ إن إي إف": "تقنية الحرق المشترك للأمونيا مع الفحم بمعدل 50% و100% هي طريقة مكلفة لإزالة الكربون بالنسبة إلى اليابان، مقارنة بالمصادر المتجددة، ولن تتيح لمحطات الكهرباء العاملة بالفحم توليد الحد الأدنى من الكهرباء التي يجري توصيلها إلى الشبكة".

تنامي المشاعر السلبية إزاء الفحم

قالت مديرة مؤسسة "إي إس جي ريتينغز أند ريسيرش" في مؤسسة "ساستينابول فيتش"، نيكا تشيك أوبي: "هذا الموقف إزاء الفحم قد أصبح سلبيًا بصورة متزايدة، بين المؤسسات المالية، مع توجه عدد كبير منها لتقييد الإقراض إلى القطاع، بهدف تحقيق أهداف الحياد الكربوني فيما يتعلق بالانبعاثات الممولة".

وأضافت أوبي: "ما لم تسارع الحكومة إلى تمويل تلك الانبعاثات، أعتقد أن الكثير من المؤسسات المالية الخاصة ستجد صعوبة بالغة في تقديم الدعم".

وحذرت أوبي من أن الشركة المنخرطة في مشروعات بآسيا خاطرت بمواجهة قيود في التمويل، ما أجبرها على الاتجاه للحصول عليه من البنوك المحلية الصغيرة التي لا تفرض قيودًا تمويلية كثيرة مثل نظيرتها العالمية، فيما يتعلق بقطاع الوقود الأحفوري.

ويوضح الإنفوغرافيك أدناه -من إعداد منصة الطاقة المتخصصة- دور الأمونيا الخضراء في تحقيق الحياد الكربوني:

الأمونيا الخضراء - الحياد الكربوني

نافذة أمل

لا تعني الآراء السلبية التي تحيط بتقنية الحرق المشترك للأمونيا مع الفحم عدم جدواها بالمرة، أو استبعاد إمكان تطبيقها في المستقبل، وفق ما أكده خبراء في مجال العلوم والتمويل.

وفي هذا الشأن قال الرئيس المشارك للهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ "آي بي سي سي" -هيئة استشارية علمية تابعة للأمم المتحدة- هوسونغ لي: "الحرق المشترك للأمونيا مع الفحم خيار مهم، وينبغي أن يكون العلماء على استعداد لتقبل تلك التقنية، ما دامت تُسهم في الحياد الكربوني"، في تصريحات أدلى بها لصحيفة "نيكي آسيا" خلال يونيو/حزيران (2023).

وأوضح لي: "يميل الناس إلى التقليل من أهمية معدل التقدم الذي تحرزه تقنية ما، مستشهدًا بمعدل نشر الطاقة المتجددة، وانخفاض كلفتها الآن، مقارنة بالتقديرات المتشائمة التي ظهرت في الماضي بشأنها".

وتابع: "الشيء المهم هو أن نتيح أقصى قدر من الموارد المحتملة للبحوث والتطوير، حتى نقدر على قيادة الطريق الفاعل رغم عدم اليقين الذي سيظهر في المستقبل".

بدوره، قال المحلل في مؤسسة "سي إل إس إيه سيكيوريتيز" إدوارد بورليت، إن "المستثمرين العقلاء لا يعتقدون أبدًا أن الفحم سيختفي فجأة، ولذا فإنه إذا ما كنت ستستعمل الفحم لا محالة، يتعين عليك أن تستعمل الفحم الأكثر كفاءة".

وأضاف بورليت أنه رغم الانتقادات الأخيرة، لا يبدو أن الشركات اليابانية قد واجهت عقوبات من قبل المستثمرين، بسبب تطويرها تقنية الحرق المشترك للأمونيا مع الفحم، لكون الأمونيا خيارًا إضافيًا وليس وحيدًا أمام المستثمرين.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق