التغير المناخيالتقاريرتقارير التغير المناخيتقارير الطاقة المتجددةرئيسيةطاقة متجددة

هل تحقق الطاقة المتجددة في أفريقيا مستهدفات الأمن الغذائي للقارة؟ (تقرير)

مع التوجه للاعتماد عليها بصورة كبيرة

أحمد أيوب

لا شك أن الطاقة المتجددة في أفريقيا باتت أحد الأعمدة الرئيسة التي تستند إليها القارة السمراء، لا سيما في قطاع الزراعة الذي تعتمد عليه بلدانها أساسًا في إنتاج غذائها.

في الوقت ذاته، أصبح قطاع الزراعة يعتمد بصورة كبيرة على الآلات والمعدّات الحديثة في زراعة مساحات شاسعة من الأراضي بأسلوب أكثر فاعلية، ما زاد إنتاج هذه الأراضي من المحاصيل للدول الأفريقية التي يعاني أغلبها من أزمات نقص الغذاء، وفقًا لمقالة نشرها موقع إي إس آي أفريكا (ESI Africa)، في 28 يوليو/تموز 2023، وطالعتها منصة الطاقة المتخصصة.

وبما أن تشغيل هذه الآلات يعتمد على استهلاك كميات كبيرة من الوقود، اتجهت الكثير من الدول الأفريقية إلى الاعتماد على الطاقة المتجددة لضمان استمرار عجلة الإنتاج في الدوران دون توقّف.

وفي هذا السياق أيضًا، استُعملت تطبيقات الطاقة المتجددة في أفريقيا على نطاق واسع لخدمة أغراض أخرى، مثل الري وتسخين المياه، وقدّمت لذلك برامج مالية تحفيزية لتحقيق أعلى استفادة من مصادر الطاقة النظيفة.

تطور الزراعة في أفريقيا

لا يخفى على أحد التطور المُذهل والملحوظ الذي حدث بقطاع الزراعة في القارة السمراء على مدى الـ50 عامًا الماضية؛ بفضل التقدم الهائل في تقنيات وأدوات الزراعة التي باتت تتميز بكبر حجمها وسرعة معدلات أدائها.

وأدت هذه النقلة النوعية في معدّات الزراعة بأفريقيا إلى استزراع قطع أكبر من الأراضي بشكل أكثر فاعلية، وهو تقدّم رائع، خاصة للاقتصادات الأفريقية التي تعتمد أساسًا على النشاط الزراعي.

وفي المقابل، هناك وجه آخر لهذا التطور، يتمثل في أن التقدم المُحرَز على مستوى معدّات الزراعة يتطلب استعمال كميات كبيرة من الوقود لتشغيلها، وهنا تبرز أهمية دور الطاقة المتجددة في أفريقيا.

ويأخذنا ذلك إلى الحديث عن احتمالات زيادة الانبعاثات الكربونية نتيجة استعمال هذه الكميات الكبيرة من الوقود في تشغيل هذه المعدّات.

وتجدر الإشارة هنا إلى وجود تقديرات تُشير إلى أن الزراعة والأنشطة المرتبطة بها، إلى جانب مجالات أخرى مثل تغيير استعمالات الأراضي واستغلال الغابات، مسؤولة عن أكثر من ربع انبعاثات غازات الدفيئة العالمية.

ومن المتوقع أن تزداد هذه الانبعاثات مع تزايد الحاجة إلى الغذاء، ما لم تُتَّخذ إجراءات جادّة لمعالجة هذا الوضع.

استعمال الطاقة المتجددة في أفريقيا في الزراعة
استعمال الطاقة المتجددة في أفريقيا في الزراعة -الصورة من African Union Development Agency

الأمن الغذائي في أفريقيا

تُعدّ الطاقة بمثابة مدخل حيوي في عملية الإنتاج الزراعي ولتحقيق أغراض الأمن الغذائي.

ويمكن القول، إن الطاقة أصبحت مُحركًا أساسًا لجميع مراحل تأمين الغذاء، بدءًا من استصلاح الأراضي، ثم الحصاد، مرورًا بعملية الري وتصنيع المحاصيل الزراعية، فضلًا عن تخزين هذه المنتجات ونقلها عبر دول القارة، بحسب تقرير نشره موقع رين 21 (Ren 21) واطّلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة.

وتعاني القارة السمراء من أزمة نقص الغذاء التي تتسبب في معاناة أكثر من 20% من سكان القارة من الجوع، وفي الوقت نفسه تفاقمت أزمة نقص الغذاء بالقارة بنسبة 60%، لتصيب 100 مليون أفريقي خلال الأعوام القليلة الماضية.

ولتأكيد حاجة أفريقيا إلى إنتاج غذائها بنفسها أكثر من أيّ وقت مضى -وهو ما يؤكد أهمية الطاقة المتجددة في أفريقيا لبلوغ هذه الطموحات- قدّر البنك الأفريقي للتنمية أن القارة السمراء تُنفق 64.5 مليار دولار على استيراد السلع التي يمكن إنتاجها محليًا، ومن بين هذه السلع الأرز واللحوم وفول الصويا والسكر والقمح.

ومن المتوقع وصول قيمة واردات أفريقيا من هذه السلع إلى 110 مليارات دولار بحلول عام 2025، بحسب ما نشره موقع إنرجي كابيتال آند باور (Energy Capital&Power).

الطاقة المتجددة سلاح أفريقيا

اتصالًا بما سبق، فإن بلدان القارة السمراء اتجهت -بما يتماشى مع التوجهات العالمية- إلى تعزيز قطاع الطاقة المتجددة في أفريقيا، عبر إعطائها دورًا أكبر في عملية إنتاج غذائها، بديلًا عن الوقود التقليدي.

وتعوّل البلاد الأفريقية على استعمال مصادر الطاقة المتجددة في الإنتاج الزراعي، إذ يُعدّ هذا بمثابة فرصة يجب اقتناصها لتحقيق الاستدامة وخفض تكاليف التشغيل.

وفي سياق متصل، أثبتت التقنيات التي تعمل من خلال الطاقة المتجددة في أفريقيا قدرتها على تخفيف بعض الآثار الضارة لتغير المناخ في إنتاج الغذاء، مثل الجفاف والطقس القاسي والأمطار غير المنتظمة وغيرها.

وعلى صعيد الطاقة الشمسية، يتيح تركيب الألواح الشمسية في الأراضي الزراعية للمزارعين في أفريقيا الوصول إلى مصدر طاقة موثوق وصديق للبيئة لتشغيل المعدّات.

وأدرك العديد من البلدان في أفريقيا إمكانات الطاقة الشمسية، ووضعت مبادرات لتشجيع استعمالها من قِبل المجتمع الزراعي.

تطبيقات الطاقة المتجددة في القارة

أصبحت دول مثل كينيا وغانا وتنزانيا وأوغندا رائدة في استعمال تقنيات الطاقة الشمسية في مختلف المجالات الزراعية، ومن بينها أنظمة الري بالطاقة الشمسية التي تُسهم في إدارة موارد المياه بشكل أكثر فاعلية.

فعلى سبيل المثال، أطلقت أوغندا برنامج الري بالطاقة الشمسية في عام 2013، الذي صحبته حزمة مساعدات مالية لأنظمة الري التي تعمل بالطاقة المتجددة، ومن ثم خفض الاعتماد على هطول الأمطار.

الري ياستعمال تقنيات الطاقة المتجددة في أفريقيا
الري باستعمال تقنيات الطاقة المتجددة في أفريقيا -الصورة من وورلد نيبورز

وتبنّت كينيا برنامج تسخين المياه بالطاقة الشمسية في عام 2010، عبر حوافز مالية للمزارعين، لتشجيعهم على شراء سخانات المياه العاملة بالطاقة الشمسية.

وأسهم برنامج تطوير سوق الطاقة الشمسية خارج الشبكة، الذي اعتُمِد في غانا خلال عام 2011، بتركيب المجففات التي تستعمل الطاقة الشمسية لإزالة الرطوبة من المواد الغذائية في المواقع الريفية لتجفيف المنتجات الزراعية، ما قلَّل من خسائر ما بعد الحصاد وحسّن من مصادر دخل المزارعين.

وأطلقت تنزانيا في عام 2012 برنامج أنظمة الطاقة الشمسية المنزلية مع إعانات مالية للأسر، ما مكّن المجتمعات الريفية من الحصول على الكهرباء النظيفة.

وعزّز هذا البرنامج الإنتاجَ لدى المزارعين من خلال تشغيل المعدّات الزراعية وتوفير الإضاءة لساعات العمل التي تمتد لمدّة طويلة.

برامج دولية

إدراكًا للدور الهائل الذي يمكن أن تؤديه الطاقة المتجددة في أفريقيا، خاصة في القطاع الزراعي، أطلق العديد من المنظمات الدولية مبادرات داعمة لثورة الطاقة المتجددة في القارة السمراء.

ففي عام 2015، أطلق بنك التنمية الأفريقي مبادرة "ديزرت تو باور" التي تهدف إلى نشر 10 غيغاواط من الطاقة الشمسية في منطقة الساحل الأفريقي بحلول عام 2030.

ويسعى هذا المشروع الطموح إلى توفير الكهرباء للمجتمعات الريفية، والعمليات الزراعية، وتطوير سلاسل القيمة.

وبالإضافة إلى المبادرات الحكومية، هناك -أيضًا- العديد من المنظمات غير الحكومية التي تعمل على تعزيز اعتماد مضخات المياه العاملة بالطاقة الشمسية في المناطق النائية بالبلدان الأفريقية.

وفي سياق متصل، ساعدت منظمة "ذا براكتيكال أكشن جروب" بتدريب أكثر من 100 ألف مزارع على استعمال مضخات المياه التي تعمل بالطاقة الشمسية في تغطية معظم المناطق الريفية.

كما أسهم صندوق "ذا سولار إليكتريك لايت فند" بتركيب مضخات المياه بالطاقة الشمسية في أكثر من مليون منزل بمنطقة سافانا الأفريقية.

أهمية تطبيقات الطاقة المتجددة

في ضوء الثورة الزراعية الجارية بجميع أنحاء العالم، يتعين استغلال التأثير الكبير الذي يمكن أن تُحدثه تطبيقات الطاقة المتجددة داخل أفريقيا.

فالتعاون في هذا المجال يمكن أن يكون له أثر إيجابي يتمثل بالدخول في حقبة جديدة من أنظمة الزراعة الحديثة، من خلال دمج حلول الطاقة المتجددة في الممارسات الزراعية بصورة أكبر، ومن شأن هذا أن يُعزز إحداث نقلة نوعية في الزراعة.

يوضح الرسم البياني التالي -الذي أعدّته منصة الطاقة المتخصصة- سعة الطاقة الشمسية في أفريقيا حتى عام 2021:

الطاقة المتجددة في أفريقيا

كما أنه من خلال تبنّي إمكانات الطاقة المتجددة في أفريقيا، يمكن للقارة السمراء التوافق مع مبادئ الاستدامة والمرونة والإشراف البيئي على الطبيعة وحمايتها.

وينبغي تأكيد أن مثل هذه التطورات الحاصلة في مجال الطاقة المتجددة في القارة لا تساعد المزارعين فقط في تعظيم الاستفادة من الموارد وخفض النفقات، بل تدعم -أيضًا- جهود مكافحة تغير المناخ وتوفير مستقبل أفضل للأجيال المقبلة.

بالإضافة إلى ذلك، يمكن إرسال الكهرباء الفائضة من مصادر الطاقة المتجددة في الأراضي الزراعية إلى شبكات الكهرباء الوطنية، ما يمنح المزارعين الفرصة لبدء مشروعاتهم الخاصة في مجال الطاقة.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق