الطاقة الكهرومائية في 6 آلاف سنة.. من الساقية إلى التوربينات الحديثة (صور)
محمد عبد السند
- تتعدد استعمالات الطاقة الكهرومائية منذ آلاف السنين
- استعمل المصريون "براغي أرخميدس" للري خلال القرن الثالث قبل الميلاد
- الطاقة الميكانيكية للمياه كانت تُستعمل منذ أكثر من 2000 عام
- يُعزى الفضل إلى اليونانيين والرومان في تطوير طواحين المياه
- زادت السعة العالمية المضافة في قطاع الطاقة الكهرومائية أكثر من 34 غيغاواط خلال عام 2022
استعمل البشر الطاقة الكهرومائية -الطاقة الحركية للمياه- في أداء الأعمال منذ آلاف السنين، إذ انتفع الإغريق (اليونانيون القدماء) من الساقية في طحن القمح وتحويله إلى دقيق منذ أكثر من 2000 عام، في حين استعمل المصريون "براغي أرخميدس" للري خلال القرن الثالث قبل الميلاد.
و"براغي أرخميدس" هي "مضخات لولبية" تُستعمل تاريخيًا لنقل المياه من مسطح مائي منخفض إلى قنوات الري.
والطاقة الكهرومائية هي اختراع جديد نسبيًا، غير أن الطاقة الميكانيكية للمياه كانت تُستعمل منذ أكثر من 2000 عام، وفق ما رصدته منصة الطاقة المتخصصة، نقلًا عن موقع فيورجي (Fuergy).
ثورة السواقي
اُخترعت الساقية لتشغيل أي جهاز آخر ميكانيكي، وهي عبارة عن عجلة تستعمل الحركة الهبوطية للمجاري المائية، والأنهار والمسطحات المائية الأخرى.
وظهرت أقدم نسخة معروفة للساقية في أواسط القرن الرابع قبل الميلاد في بلاد ما بين النهريْن، وكانت أداة أفقية أشبه بالمروحة، تُستعمل -أساسًا- لتحريك أحجار الرحى لطحن الدقيق.
وقد أثبتت هذه الأداة فاعليتها، وسرعان ما ظهرت في جنوب أوروبا والصين.
وانتشر استعمال الآلية الأساسية للساقية في أجزاء كثيرة من العالم القديم (أوراسيا وأفريقيا) بأشكال عديدة مختلفة، دون أن يتغير المفهوم الأساس لها.
ومع تطور طواحين المياه، ارتفعت كفاءة الطاقة الميكانيكية المولدة من خلالها.
طاقة المياه في العصور القديمة
في بلاد ما بين النهرين القديمة واليونان، وتحديدًا قبل أكثر من 6 آلاف عام، شهدت أعمال الري والأدوات ذات الصلة مثل ساعات المياه -إحدى أقدم الأدوات لقياس الوقت- تطورًا ملحوظًا، وفق ما ذكره موقع "ذا رينيوابول إنرجي هب".
وفي نحو عام 1000 قبل الميلاد، طوّر الفرس تقنية "القنوات" التي استعملت قنوات أو حتى أنفاق طويلة ضيقة تمتد رأسيًا -تقريبًا- لتزويد السكان المحليين بالمياه.
وفي الوقت نفسه -تقريبًا-، فعل الصينيون القدماء الشيء نفسه في مدينة توربان وسط منطقة شينغيانغ الإويغورية ذاتية الحكم.
طواحين المياه
يُعزى الفضل إلى اليونانيين والرومان في تطوير طواحين المياه التي أصبحت تقنية أساسية للمجتمعات حول العالم، وما تزال تُستعمل في أجزاء كبيرة من الكوكب حتى الآن.
وتعود أقدم بقايا لطواحين مياه اُستعملت على الإطلاق، إلى القرن الثالث قبل الميلاد، وتحديدًا في مدينة بيراتشورا اليونانية، وإن كانت هناك أدلة كتابية على استعمال تلك الأداة في عام 240 قبل الميلاد.
وسرعان ما انتشرت تلك التقنية التي ربما تُعد أحد الأشكال الأولى للطاقة المتجددة في الوجود البشري، حتى ظهرت مستوطنة في فرنسا تستعمل طواحين متعددة في طحن القمح إلى دقيق، وذلك في العام الأول بعد الميلاد.
ثم تطورت طواحين المياه بمضي الوقت حتى بدأ استعمالها في العمليات الصناعية مثل قطع الأخشاب والرخام.
طواحين المياه في العصور الوسطى
كان هناك الكثير من طواحين المياه في بريطانيا، وصل عددها إلى أكثر من 5 آلاف و500 طاحونة، وفق ما ورد في كتاب يوم الحساب "دومزداي بوك".
وبحلول القرن الثاني عشر، ارتفع عدد طواحين المياه التي تمتلكها بريطانيا ليتراوح بين 10 و15 ألفًا، وامتدت كذلك إلى أيرلندا، التي كانت تستعمل طواحين المياه العاملة بطاقة المد والجزر.
وتشير طاقة المد والجذر -تُسمى كذلك الطاقة القمرية- إلى نوع من طاقة الحركة المخزّنة في التيارات الناتجة عن المد والجزر، والناجمة عن جاذبية القمر والشمس ودوران الأرض حول محورها.
الثورة الصناعية والطاقة الكهرومائية
خلال القرنيْن الثامن عشر والتاسع عشر، قاد ظهور الثورة الصناعية إلى تطورات علمية وتكنولوجية مهمة، أبرزها -على الإطلاق- اختراع توربينات المياه.
وفي منتصف القرن الثامن عشر، شهد العمل الأساس على توربينات المياه تطورًا كبيرًا بفضل المهندس الفرنسي بيرنارد فوريست دي بيليدور الذي يُعزى إليه الفضل في تطوير علم حركة السوائل (الهيدروليكا).
توليد الكهرباء
مثّلت عملية توليد الكهرباء التطور الذي غيّر كل شيء، وأتاح مصدرًا جديدًا للطاقة، بدءًا من مبادئ مايكل فاراداي ونظرياته في أوائل القرن التاسع عشر، وصولًا إلى اختراع الدينامو على أيدي كل من السير تشارلز ويتستون في المملكة المتحدة، وسام فارلي في الولايات المتحدة الأميركية.
وكانت إنجلترا هي -أيضًا- مهد أول آلة تعمل بالطاقة الكهرومائية، وتحديدًا في نورثمبرلاند، وكانت من اختراع وليام أرمسترونغ.
وكانت تُستعمل تلك الآلة -حصريًا- لتوليد الكهرباء، بهدف تشغيل مصباح كهربائي واحد في عام 1878.
إلا أن أول خطوة لتوليد الطاقة الكهرومائية بصورة كاملة اُتخذت في نهر نياجارا الواقع بين أميركا وكندا، مع استعمال محطة كهرباء شويلكوف التي بدأت توليد التيار الكهربائي بعد مضي 3 سنوات.
وقادت هذه الخطوة التاريخية إلى زيادة كبيرة في أعداد المحطات الكهربائية، وبحلول عام 1890، كان هناك قرابة 200 محطة كهربائية في أميركا الشمالية بمفردها.
ويُشار إلى أن الولايات المتحدة الأميركية ما تزال أكبر منتج للطاقة الكهرومائية في العالم.
من الأربعينيات إلى السبعينيات
في أربعينيات القرن الماضي، كانت أميركا تعوّل على الطاقة الكهرومائية في توليد نحو 40% من إجمالي احتياجاتها من الكهرباء.
وخلال المدة من الأربعينيات إلى السبعينيات من القرن الماضي، ومع اندلاع الحرب العالمية الثانية، وما تلاها من نمو اقتصادي وسكاني قوي، فطنت المرافق المملوكة للدول إلى أهمية بناء مشروعات مهمة في مجال الطاقة الكهرومائية بجميع أنحاء أوروبا الغربية، وكذلك الاتحاد السوفيتي سابقًا وأميركا الشمالية واليابان.
ولطالما كان يُنظر إلى الطاقة الكهرومائية منخفضة التكلفة على أنها إحدى أفضل الطرق لسد مستويات الطلب المتنامية على الكهرباء، إذ كانت مرتبطة غالبًا بتطوير الصناعات كثيفة الاستهلاك للكهرباء مثل مصاهر الألومنيوم ومصانع الصلب.
وعلى مدار العقود الأخيرة من القرن العشرين، أضحت البرازيل والصين رائدتين عالميتين في الطاقة الكهرومائية.
إنشاء السدود
دُشن سد إيتايبو، الممتد على جانبي البرازيل وباراغواي، في عام 1984 بسعة 12 ألفًا و600 ميغاواط.
ومنذ ذلك الحين، جرى توسيعه ورفع سعته إلى 14 ألف ميغاواط، ولا يتجاوزه في السعة سوى سد "ثري جورجيس" المبني على نهر اليانغتسي في الصين، الذي يُعد أكبر سد مائي (هيدروليكي) في العالم، بسعة مركبة تلامس 22 ألفًا و500 ميغاواط.
الثمانينيات والتسعينيات
في أواخر الثمانينيات من القرن الماضي، شهدت سعة الطاقة الكهرومائية العالمية ركودًا، قبل أن تتراجع أكثر في عقد التسعينيات، وهو ما كان يُعزى إلى القيود المالية المتزايدة والمخاوف إزاء الآثار البيئية والاجتماعية لتنمية الطاقة الكهرومائية، التي تسببت في توقف العديد من المشروعات بجميع أنحاء العالم.
وما زاد الطين بلة هو توقف التمويلات وأشكال الدعم الأخرى من المؤسسات المالية الدولية، ولا سيما البنك الدولي، في أواخر التسعينيات، ما عرقل بدوره جهود بناء الطاقة الكهرومائية في العالم النامي.
الطاقة الكهرومائية في 2022
منذ مطلع الألفية الحالية، تشهد الطاقة الكهرومائية توسعًا كبيرًا مع ظهور تقنيات جديدة، ممثلة في التوربينات الحديثة، إلى جانب تحول الكثير من الدول إلى استعمال الطاقة المتجددة في توليد الكهرباء النظيفة، والاستعاضة بها عن الوقود الأحفوري الحساس بيئيًا، ما أسهم بدوره في زيادة السعة المولدة.
وحافظت سعة الطاقة الكهرومائية العالمية على وتيرة نموها خلال العام الماضي (2022)، مسجلة إضافات ملحوظة على مستوى المشروعات الجديدة والتخزين بالضخ، مع استحواذ الصين وحدها على 75%.
وزادت السعة العالمية المضافة في قطاع الطاقة الكهرومائية بأكثر من 34 غيغاواط خلال عام 2022، شاملة 10 غيغاواط من قدرة التخزين بالضخ، مقابل 26 غيغاواط خلال العام قبل الماضي (2021)، لتصل السعة التراكمية إلى 1397 غيغاواط، بحسب تقرير حديث صادر عن الرابطة الدولية للطاقة الكهرومائية.
ويُعدّ 2022 العام الأول الذي تتخطى فيه سعة الطاقة المائية المضافة حاجز 30 غيغاواط منذ عام 2016، وفقًا للتقرير الذي تابعت تفاصيله منصة الطاقة المتخصصة.
يُشار إلى أن الطاقة الكهرومائية توفر نحو 4 آلاف و400 تيراواط/ساعة، ما يمثّل 15% من إجمالي الكهرباء المولدة عالميًا خلال عام 2022، بارتفاع نسبته 3.7% على أساس سنوي.
موضوعات متعلقة..
- سعة الطاقة الكهرومائية العالمية ترتفع 34 غيغاواط في عام 2022 (تقرير)
- سعة الطاقة الكهرومائية عالميًا ترتفع 26 غيغاواط في 2021 (تقرير)
- الطاقة الكهرومائية تواجه 4 تحديات تضعف دورها في خفض الانبعاثات (تقرير)
- توليد الطاقة الكهرومائية بالضخ.. تجربة جديدة في نيوزيلندا تدعم الحياد الكربوني
اقرأ أيضًا..
- انقطاع الكهرباء في مصر.. ما حقيقة مساهمات الطاقة المتجددة وهل فشلت؟
- تقنية مذهلة.. توربينات تحت الماء تولد كهرباء 3 أضعاف الطريقة العادية (فيديو)
- تطور جديد بشأن معايير كفاءة الطاقة الأميركية.. يوفر المليارات ويقلل الانبعاثات
- هبوط قوي في أرباح شركات النفط الكبرى خلال الربع الثاني من 2023 (إنفوغرافيك)