لماذا تختلف تقديرات أسعار الكربون في سيناريوهات المؤسسات الدولية لعام 2050؟ (تقرير)
وحدة أبحاث الطاقة - رجب عز الدين
- وكالة الطاقة الدولية تراهن على التدابير السياسية الأكثر أثرًا في الأهداف المناخية
- شبكة تخضير النظام المالي تراهن على فاعلية أسعار الكربون في خفض الانبعاثات
- أسعار الكربون تصل إلى 1000 دولارًا للطن المكافئ في بعض سيناريوهات 2050
- سيناريوهات أخرى تقدّر الأسعار بحدود 180 إلى 250 دولارًا للطن
- الأوزان النسبية للعوامل تؤثّر في الاستثمار والأسعار والتضخم
يتزايد الجدل حول أسعار الكربون ومدى فاعليتها كونها أحد الأدوات الرئيسة لدى صنّاع السياسات لتحقيق الأهداف العالمية المتعلقة بخفض الانبعاثات والوصول إلى الحياد الكربوني بحلول عام 2050، المرتقب في أغلب دول العالم.
ورغم تزايد عدد الدول المتبنّية لأداة تسعير الكربون شرقًا وغربًا خلال السنوات الأخيرة، فإن تأثير هذه الأداة في الاستثمار والتضخم قد لا يكون إيجابيًا على الدوام، وربما ينقلب إلى تداعيات سلبية على حسب طريقة تطبيقها، وفقًا لتقديرات شركة أبحاث بلومبرغ نيو إنرجي فايننس المتخصصة (BloombergNEF).
ويختلف تأثير أسعار الكربون في سيناريوهات خفض الانبعاثات والحياد الكربوني الأكثر شيوعًا، لا سيما لدى وكالة الطاقة الدولية، وشبكة تخضير النظام المالي (NGFS) المؤسسة عام 2017، وفق ما رصدته وحدة أبحاث الطاقة.
وتضم شبكة تخضير النظام المالي -مقرّها فرنسا- في عضويتها 127 بنكًا مركزيًا حول العالم، إضافة إلى 20 مراقبًا، وتهدف الشبكة إلى تبادل الخبرات في تطوير إدارة مخاطر البيئة والمناخ في القطاع المالي على أساس طوعي، وفقًا للموقع الإلكتروني للشبكة.
وتُظهر سيناريوهات خفض درجات الحرارة العالمية إلى 1.5 درجة مئوية الصادرة عن وكالة الطاقة الدولية وشبكة تخضير النظام المالي تناقضًا واضحًا؛ أحدهما ترتفع فيه أسعار الكربون بشدة، والآخر تكون فيه الأسعار أقلّ، وفقًا لتحليل شركة أبحاث بلومبرغ نيو إنرجي فايننس.
سيناريوهات شبكة النظام المالي
أعدّت شبكة تخضير النظام المالي العالمية سيناريوهات مختلفة للحياد الكربوني، بعضها سيناريوهات منظمة، والأخرى غير منظمة أو مضطربة، وكلها مجمعة على أسعار الكربون بوصفها أداة رئيسة في خفض الانبعاثات.
وتفترض السيناريوهات المنظمة للحياد الكربوني اعتماد السياسات المناخية مبكرًا، وتنفيذها بصرامة مع الوقت، ما يجعل مخاطر تحول الطاقة منخفضة نسبيًا.
بينما تفترض السيناريوهات غير المنظمة تبنّي السياسات متأخرًا، أو تباين تطبيقها عبر البلدان والقطاعات، ما يجعل مخاطر تحول الطاقة أعلى نسبيًا، ويجعل أسعار الكربون مرتفعة دائمًا في هذه السيناريوهات.
وتفترض أداة أسعار الكربون أن زيادة السعر ستؤدي إلى تسارع الشركات والحكومات في اتخاذ إجراءات خفض الانبعاثات وإزالة الكربون وتقليل الطلب على الوقود الأحفوري.
وتُعرف أسعار الكربون بأنها تكلفة الخفض الهامشية لكل طن إضافي من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، ما يعني أن المناطق والقطاعات لن تنجح في إزالة الكربون إلّا بمجرد تعادل أسعاره مع تكلفة مكافحته.
وترتفع أسعار الكربون بصورة حادّة عبر المناطق المختلفة في سيناريوهات شبكة "تخضير النظام المالي"، لتعكس التكاليف الهامشية المتغيرة للحدّ من الانبعاثات.
ويشير السيناريو المنظّم لشبكة النظام المالي إلى أن أوروبا ستشهد مستويات أسعار عالية الارتفاع للكربون تتجاوز 1000 دولار لكل طن من مكافئ ثاني أكسيد الكربون بحلول 2050، تليها الصين بأكثر من 640 دولارًا للطن.
بينما يشير السيناريو غير المنظم إلى وتيرة مختلفة في معدلات خفض الانبعاثات، مع توقعات بأن تشهد صناعات البناء والنقل ارتفاعًا في أسعار انبعاثاتها الكربونية إلى أكثر من 950 دولارًا للطن بحلول 2050.
وتعتقد شركة أبحاث بلومبرغ نيو إنرجي فايننس أن سعر الكربون المفرط في الارتفاع، يمكن أن يكون إشارة سلبية لصنّاع القرار وواضعي السياسات على أن تشديد التكاليف غير كافٍ لإلزام الشركات، وربما يستدعي ذلك اتخاذ تدابير أكثر صرامة.
سيناريوهات وكالة الطاقة الدولية
يعطي سيناريو وكالة الطاقة الدولية السياسات وزنًا أكبر في خفض الانبعاثات، في حين يعطي أسعار الكربون وزنًا نسبيًا أقلّ بوصفها إحدى الأدوات المكملة للسياسات.
وتركّز وكالة الطاقة الدولية على التدابير السياسية بوصفها أكثر تأثيرًا، مثل قرار الاتحاد الأوروبي حظر مبيعات السيارات التقليدية بحلول 2035.
استنادًا إلى اختلاف تقديرات الوكالة، تبدو أسعار الكربون أقلّ بكثير في سيناريوهاتها، مقارنة بنظيرتها المعدّة من شبكة تخضير النظام المالي، التي يسيطر على تكوينها أغلب البنوك المركزية في العالم.
ففي سيناريو الوكالة الدولية، لا تتجاوز أسعار الكربون التي يتعين على الاقتصادات المتقدمة الوصول إليها أكثر من 250 دولارًا لكل طن من ثاني أكسيد الكربون بحلول 2050، في حين سيتعين على الاقتصادات الناشئة تسعير الكربون بحدود 180 دولارًا للطن.
ويوضح الرسم التالي -من إعداد وحدة أبحاث الطاقة- أسعار الكربون المتوقعة بحلول 2050 في سيناريوهات مختلفة:
وتفترض الوكالة أن الاقتصادات المتقدمة والنامية ستتخذ سلسلة من التدابير السياسية المتوازية ذات الأثر المباشر في إزالة الكربون من أنظمة الطاقة الخاصة بها، ما يفسّر تقديرها المنخفض لأسعار كربون في كلا النموذجين، مقارنة بتقديرات شبكة التخضير المالي.
تقديرات بلومبرغ
تذهب بلومبرغ نيو إنرجي فايننس إلى تقدير أسعار الكربون في الاتحاد الأوروبي عند 170 دولارًا للطن بحلول 2030، بزيادة 30 دولارًا عن تقديرات وكالة الطاقة الدولية البالغة 140 دولارًا للطن.
ويؤدي اختلاف منهجيات المؤسسات الدولية في رسم السيناريوهات إلى آثار مختلفة بشدة في الاستثمار والتضخم وتقلّب الأسعار، رغم الوصول إلى نقاط تشابه واتفاق بين السيناريوهات المختلفة للحياد الكربوني.
وتفترض سيناريوهات وكالة الطاقة أن يؤدي نهج استبدال الطلب إلى انخفاض أسعار الوقود الأحفوري مع زيادة البدائل من الوقود المتجدد، ما سيؤدي بدوره إلى تخفيف الضغوط التضخمية على أسعار السلع كثيفة الكربون.
أمّا في سيناريوهات شبكة "تخضير النظام المالي"، فقد يحافظ الدور المركزي لأسعار الكربون المرتفعة على زيادة أسعار الوقود الأحفوري، ما سيتسبّب في استمرار ارتفاع أسعار الطاقة لمدة أطول، وفقًا لتفاصيل تحليلية رصدتها وحدة أبحاث الطاقة.
موضوعات متعلقة..
- السعودية تشتري أكبر عدد من أرصدة ائتمانات الكربون في مزاد عالمي
- أسعار النفط والغاز تضع ضريبة الكربون العالمية في أزمة (تقرير)
- أسواق تعويضات الكربون تتطلب تطويرًا تجاريًا واسعًا لمواكبة الطلب المتزايد (تقرير)
- ما الفرق بين أسواق الكربون الإلزامية والطوعية؟.. أداة لخفض الانبعاثات
اقرأ أيضًا..
- هل يدعم قانون خفض التضخم أهداف احتجاز الكربون في أميركا؟ (دراسة)
- العقوبات الغربية ضد النفط الروسي تعيد رسم خريطة الخام عالميًا (مقال)
- عوامل تدعم إنتاج الحديد الأخضر عربيًا.. وعمان والإمارات تطلقان شعلة البداية (تقرير)