التغير المناخيالتقاريرتقارير التغير المناخيتقارير دوريةرئيسيةوحدة أبحاث الطاقة

أسواق تداول الكربون قد تحل معضلة التكاليف الباهظة لاحتجازه من الهواء (تقرير)

وكالة الطاقة الدولية تقدم توصيات لحل معضلة التمويل

وحدة أبحاث الطاقة - رجب عز الدين

اقرأ في هذا المقال

  • مشروعات التقاط الكربون من الهواء مباشرة ما زالت مكلفة للغاية
  • تكلفة التقاط طن كربون من الغلاف الجوي قد تصل إلى 1000 دولار
  • سيناريو الحياد الكربوني يحتاج إلى إزالة 600 مليون طن كربون سنويًا بحلول 2050
  • أسواق تداول الكربون والإعفاءات الضريبية أبرز الاقتراحات لدعم مشروعات الالتقاط
  • دعوة إلى صياغة منهاج عالمي لقياس مشروعات احتجاز الكربون

اكتسبت أسواق تداول الكربون سمعة عالمية واسعة الانتشار بين خبراء البيئة والمناخ خلال السنوات الماضية، بوصفها بديلًا تمويليًا مساعدًا لخطط انتقال الطاقة وخفض الانبعاثات العالمية.

وتتجه المبادرات العالمية الحديثة لخفض الانبعاثات إلى التركيز على مشروعات التقاط الكربون من الهواء مباشرة، بهدف خفض كثافة وجوده في الغلاف الجوي، بالتوازي مع مشروعات الطاقة المتجددة.

وتواجه مشروعات التقاط الكربون من الهواء مباشرة معضلة التكاليف الباهظة، ما دفع خبراء الصناعة إلى الرهان على أسواق تداول الكربون ضمن توصيات متعددة تستهدف الإسهام في حل هذه المعضلة، وفقًا لتقرير حديث صادر عن وكالة الطاقة الدولية.

التكلفة عائق كبير

تتراوح تكلفة التقاط طن كربون من الهواء مباشرة بين 600 و1000 دولار، وهي تكلفة باهظة تعوق المبادرات العالمية في هذا المجال، وفقًا لما رصدته وحدة أبحاث الطاقة.

ويحتاج سيناريو الحياد الكربوني بحلول 2050 إلى تسريع عمليات تطوير تقنيات التقاط الكربون من الهواء واستعماله، لترتفع القدرة العالمية من 0.01 مليون طن سنويًا في الوقت الراهن إلى 70 مليون طن سنويًا بحلول 2030.

ويرجح سيناريو وكالة الطاقة الدولية الوصول إلى قدرة التقاط من الهواء تصل إلى 600 مليون طن من ثاني أكسيد الكربون في عام 2050، إذا استطاع العالم تجاوز النقلة النوعية الأولى حتى 2030.

ويعادل الحجم المطلوب تخزينه بحلول 2050 حجم انبعاثات ثاني أكسيد الكربون المتصلة بالطاقة في إندونيسيا عام 2021، وفقًا لما رصدته وحدة أبحاث الطاقة.

ويدعو سيناريو وكالة الطاقة الدولية إلى حشد جميع الفرص لإزالة الكربون من الصناعات والقطاعات كافّة، مع زيادة التشديد على قطاع الوقود الأحفوري بوصفه من أهم القطاعات المسؤولة عن الانبعاثات الكربونية في العالم.

كما تدعو الوكالة الدولية إلى نشر تقنيات الطاقة النظيفة المتاحة بأسرع الوسائل خلال هذا العقد لتحجيم الانبعاثات العالمية، وضمان عدم فقدان هدف السيطرة على درجات الحرارة العالمية أقل من 1.5 درجة مئوية.

لماذا التقاط الكربون من الهواء مهم؟

يعتقد الخبراء أن قطاعات الصناعات الثقيلة والطيران لن تستطيع التخلص من كل انبعاثاتها بحلول 2050، ما يرجح بقاء مستويات من الانبعاثات بصورة لا مفر منها.

وتراهن وكالة الطاقة الدولية على الحلول المستندة إلى تقنيات التقاط الكربون من الهواء مباشرة، لضمان تدارك الانبعاثات المتبقية في الغلاف الجوي بحلول 2050.

ويرصد الرسم التالي -من إعداد وحدة أبحاث الطاقة- خريطة مشروعات احتجاز الكربون وتخزينه عالميًا:

اهتمام متزايد بمشروعات احتجاز الكربون وتخزينه في خليج المكسيك

كما تراهن الوكالة على التوسع في الخيارات والحلول المشتقة من الطبيعة، مثل التشجير وإعادته، المعروفة في الأوساط البيئية باسم عمليات التحريج وإعادة التحريج.

ويتصل بهذه الخيارات العمليات التي تحدث بصورة طبيعية مثل تكسير أو تفكك الصخور بفعل مياه الأمطار أو ارتفاع درجات الحرارة الشديدة والمعروفة في الأوساط العلمية باسم عملية "التجوية".

توصيات وكالة الطاقة الدولية

على الجانب الآخر، تواجه خطط التقاط الكربون من الهواء مباشرة معضلة تمويلية ضخمة، بسبب ارتفاع تكلفة الالتقاط والتخزين، ما قد يُسهم في عزوف الفاعلين عن التوسع فيها مستقبلًا.

وتوصي وكالة الطاقة الدولية بحزمة من الإجراءات الحكومية لتحفيز الفاعلين والمبادرين إلى هذا القطاع الحيوي في خطط انتقال الطاقة وخفض الانبعاثات العالمية.

وتضم اقتراحات الوكالة التوسع في الإعفاءات الضريبية لمشروعات التقاط الكربون من الهواء وتقينات الطاقة المتجددة بصورة عامة، على غرار ما سلكته الولايات المتحدة في قانون خفض التضخم الصادر أغسطس/آب 2022.

كما تشمل التوصيات التوسع في عقد المزادات المتصلة باحتجاز الكربون وتخزينه وزيادة ضمانات القروض للقطاع، بالإضافة إلى تسريع خطط إعادة تأهيل البنية التحتية للنقل والتخزين على مستوى الدول.

وتأتي أسواق تداول الكربون، بما في ذلك آليات الائتمان الدولية وأسواق الامتثال المحلية، على رأس الاقتراحات الاستثمارية و التمويلية التي يمكنها الإسهام في دعم نشر تقنيات التقاط الكربون من الهواء على نطاق أوسع عالميًا.

أسواق تداول الكربون الدولية

تُسهم أسواق تداول الكربون في ضمان تدفق الإيرادات وإزالة مخاطر الاستثمار في القطاع، ما يشجع الفاعلين على ضخ مزيد من الاستثمارات في قطاع إزالة الكربون دون قلق من العائدات والأرباح.

وينظر إلى أسواق تداول الكربون الدولية بوصفها إحدى أهم آليات التمويل العالمية المساندة لخطط انتقال الطاقة والحياد الكربوني.

وتتيح أسواق تداول الكربون للدول والشركات إصدار أرصدة الكربون وتداولها فيما بينها، ما يساعد على خفض وإزالة ملايين الأطنان المترية من ثاني أكسيد الكربون المنتشر بكثافة في الغلاف الجوي.

أسواق الامتثال المحلية

تفرض أسواق الامتثال المحلية، أنظمة لتداول الانبعاثات تعتمد على تحديد سقف لإجمالي الانبعاثات المسموح بها في قطاعات محددة من اقتصاد الدولة أو في المنشآت الفردية.

ويوضح الرسم التالي -من إعداد وحدة أبحاث الطاقة- حجم الانبعاثات المتصلة بقطاع الطاقة:

انبعاثات الكربون المرتبطة بالطاقة

وتعتمد أنظمة الامتثال المحلية على فكرة بيع أرصدة الكربون وشرائها بين المشاركين للوفاء بالالتزامات الخاصة بهم في شركاتهم أو منشآتهم، ما يكبد المخالفين تكاليف إضافية، ويمنح الملتزمين عائدات مالية تمكّنهم من التوسع في مشروعات منخفضة الكربون.

وتقترح وكالة الطاقة الدولية على السلطات المحلية تشجيع الفاعلين على شراء أرصدة الكربون من المشروعات المستقبلية الرائدة لاحتجاز الكربون وتخزينه بدلًا من أو مقابل مخصصات الكربون الاعتيادية، ما قد يُسهم في تشجيع هذه المشروعات على مستوى العالم.

وأدى الطلب القوي من القطاع الخاص على أرصدة الكربون إلى انتعاش مبادرات إعلان مشروعات جديدة في مجال احتجاز الكربون وتخزينه من الهواء مباشرة.

شركات كبرى في المقدمة

غالبًا ما تُباع ائتمانات الكربون في أسواق طوعية تخضع للتنظيم الذاتي من قبل كيانات غير حكومية، وفقًا لما رصدته وحدة أبحاث الطاقة.

وكثّفت شركة إيرباص الفرنسية المصنعة للطائرات عمليات شراء ائتمانات الكربون خلال الأشهر الماضية، إلى جانب شركات "سويز آر إي" السويسرية المتخصصة في عمليات إعادة التأمين.

كما أقبل مصرف "يو بي إس" السويسري، وشركات مايكروسوفت، وميتا، وماكنزي، على عمليات شراء ائتمانات الكربون والتعاقد على شراء 200 ألف طن من مشروعات احتجاز الكربون المستقبلية، وفقًا لما رصدته وكالة الطاقة الدولية.

تفعيل المادة "6" من اتفاقية باريس للمناخ

تشجع الوكالة على تفعيل المادة "6" من اتفاقية باريس للمناخ، في مجال تقنيات احتجاز الكربون وتخزينه وتداول أرصدة الكربون بين الدول، كونها تسمح للحكومات بالتعاون الطوعي فيما بينها لتعزيز أهداف انتقال الطاقة وخفض الانبعاثات الوطنية.

ورغم أن تفعيل المادة "6" من اتفاقية باريس للمناخ عام 2015، ينطوى على فرص وإمكانات كبيرة لمشروعات احتجاز الكربون وتخزينه، فإنها قد تواجه بصعوبات وحواجز فنية ما زالت محل دراسة للتغلب عليها.

وما تزال إرشادات الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ خالية من أى منهاجية محاسبية متصلة بمسألة احتجاز الكربون وتخزينه، ما يفتح الباب أمام اجتهادات فردية من جانب الدول في كيفية احتساب كميات ثاني أكسيد الكربون التي أُزيلت بطريقة الالتقاط المباشر من الهواء.

وأطلقت وكالة الطاقة الدولية دعوة إلى وضع منهاجية عالمية دقيقة تساعد الدول على احتساب نتائج مشروعات التقاط الكربون من الهواء وتخزينه، في إطار اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية للمناخ.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق