تقارير الكهرباءرئيسيةكهرباء

أوروبا تراهن على جزر الطاقة الاصطناعية لتوديع أزمات الكهرباء

محمد عبد السند

اقرأ في هذا المقال

  • تزايد رواج مفهوم جزر الطاقة الاصطناعية في أوروبا
  • جزر الطاقة الاصطناعية تعوّل على مزارع الرياح البحرية في توليد الكهرباء
  • بحر الشمال بقعة خصبة لإنشاء جزر الطاقة الاصطناعية
  • أعلنت بلجيكا والدنمارك أنهما ستوصلان شبكات الكهرباء البحرية لديهما ببعضها في 2021
  • تؤدي جزر الطاقة الاصطناعية دورًا في خفض الانبعاثات الكربونية

تبرز جزر الطاقة الاصطناعية حلاً مثاليًا -على الأرجح- للتخفيف من معضلة شُحّ الكهرباء في أوروبا عبر تخزين تلك السلعة الإستراتيجية، وتسهيل تدفّقها بين دول القارة العجوز، إلى جانب دور هذه التقنية في خفض الانبعاثات الكربونية.

وتكتسب تلك التقنية الإبداعية أهمية قصوى في ظل عدم اليقين الذي يغلّف مستقبل الطاقة، وسط تنامي معدلات الاستهلاك العالمي، إلى جانب التوترات الجيوسياسية التي تؤثّر في سلسلة الإمدادات بتلك الصناعة الإستراتيجية.

وفي الوقت الراهن، هناك مشروعات واعدة في هذا الخصوص قيد التطوير بأوروبا، من بينها نورث سي ويند باور هب (مركز طاقة الرياح في بحر الشمال) الذي يستهدف توصيل مزارع رياح بحرية كبيرة في بحر الشمال بالدول المجاورة عبر شبكة مشتركة، إلى جانب "دانيش إنرجي آيلاند" (جزيرة الطاقة الدنماركية) في بحر الشمال -أيضًا- الذي سيعمل مركزًا لتوليد ونقل الكهرباء من طاقة الرياح البحرية.

وفي هذا الإطار، تتصل مزارع الرياح البحرية في أوروبا البالغة سعتها الإجمالية 30 غيغاواط كلها تقريبًا بمنظومة الكهرباء عبر خطوط تحت سطح البحر، تمتد من كل مزرعة رياح عائدة إلى بلدها الأم، وفق تقرير لهيئة صناعة طاقة الرياح في الاتحاد الأوروبي ويند يوروب (wind europe).

وفي المستقبل القريب، ستُوَصَّل مزارع الرياح البحرية تلك بما يُطلق عليه "جزر الطاقة الاصطناعية"، التي ستؤدي إلى مركزية نقل الكهرباء التي تُنتجها.

مفهوم ثوري واعد

يشير مصطلح جزر الطاقة الاصطناعية إلى منصات بحرية تستهدف -أساسًا- توليد كميات كبيرة من الكهرباء المتجددة، عادةً عبر مزارع الرياح البحرية، واستعمالها في تشغيل وإنارة المناطق المجاورة.

واكتسبت مشروعات جزر الطاقة الاصطناعية زخمًا ملحوظًا في أوروبا، كونها وسيلة لخفض الانبعاثات الكربونية، وتحقيق الأهداف المناخية.

ومن المتوقع أن تصبح جزر الطاقة أكبر مصدر لتوليد الكهرباء المستدامة في أوروبا، والولايات المتحدة الأميركية وكندا، و-أيضًا- ثاني أكبر مصدر لتوليد الكهرباء في الصين، التي ما تزال تعوّل على الوقود الأحفوري الحساس بيئيًا، في توليد الكهرباء.

وستتصل بعض من جزر الطاقة تلك ببعضها، وتساعد على تحسين تدفقات الكهرباء بين البلدان في أوروبا.

الرسم البياني أدناه -من إعداد منصة الطاقة المتخصصة- يوضح الطلب على توربينات الرياح عالميًا في الربع الأول (2019-2023):

الطلب العالمي على توربينات الرياح

مبادرة بلجيكية دنماركية

في العام قبل الماضي (2021)، أعلنت بلجيكا والدنمارك أنهما ستوصلان شبكات الكهرباء البحرية لديهما ببعضها، عبر جزر الطاقة الاصطناعية الجديدة اللتين ترغبان في بنائها، بخطّ تحت سطح الماء في بحر الشمال.

وستشرع بلجيكا في بناء جزز الطاقة الخاصة بها في العام المقبل (2024)، وتحديدًا في منطقة الأميرة إليزابيت، حيث تُخطط بروكسل لبناء مزرعة رياح بحرية جديدة سعة 3.5 غيغاواط.

وستبني شركة "إليا" البلجيكية الجزيرة بشكل وحدات خرسانية يمكن توسيعها بمضي الوقت.

وستتصل مزارع الرياح الجديدة بتلك الجزر، وسيكون هناك مجموعة واحدة من الخطوط التي ستربط الجزيرة بالبر الرئيس.

وسيأتي جزء من التمويل المُخصص لجزيرة الطاقة البلجيكية من صندوق التعافي والمرونة الأوروبي، الذي تصل قيمته إلى قرابة 724 مليار يورو (802 مليار دولار أميركي).

(اليورو=1.12 دولارًا أميركيًا).

وسيبدأ تشغيل البنية التحتية الكهربائية في جزيرة الطاقة خلال المدة بين عام 2026 و عام 2030.

ستعقد الدنمارك مزادًا في عام 2024 للوقوف على الجهة التي ستبني جزيرتها في بحر الشمال، والتي تُخطط كوبنهاغن لبنائها وتشغيلها بحلول نهاية العقد الجاري (2030).

وفي بحر البلطيق، ترغب الحكومة الدنماركية تحويل بورنهولم إلى جزيرة طاقة بالآلية نفسها والجدول الزمني، على أن تبني البلاد مزرعة رياح بحرية جديدة تتراوح سعتها بين 5-6 غيغاواط، تصل بين الجزيرتين.

هولندا وألمانيا على الخط

تعمل هولندا وألمانيا -ومعهما الدنمارك- على مفهوم جزر الطاقة الاصطناعية في بحر الشمال أيضًا.

وترغب الدنمارك وهولندا وألمانيا في بناء جزيرة طاقة بمنطقة دوغر بنك، والتي ستدخل حيز التشغيل في أوائل العقد الرابع من القرن الجاري.

ومنطقة دوغر بنك هي ضفة رملية في منطقة ضحلة ببحر الشمال، تبعد نحو 100 كيلومترًا عن الساحل الشرقي لإنجلترا.

كما ترغب الدول الـ3 -أيضًا- في توصيل ما يُطلق عليه مركز طاقة الرياح في بحر الشمال، بكل من المملكة المتحدة وبلجيكا والنرويج.

مزرعة رياح في بحر الشمال
مزرعة رياح في بحر الشمال -الصورة من دويتشه فيله

تعزيز منظومة الكهرباء

ستؤدي جزر الطاقة الاصطناعية تلك دورًا حيويًا بتعزيز منظومة الكهرباء المستقبلية في أوروبا، وستستضيف الآلات والمعدّات الأخرى التي ستمكّن من دمج نظام توليد الكهرباء من الرياح البحرية وتخزينها في الشبكة عالية الجهد.

ومن الممكن أن تستضيف جزر الطاقة الاصطناعية تلك أجهزة التحليل الكهربائي لتحويل طاقة الرياح إلى الهيدروجين المتجدد، أو ما يُطلق عليه كذلك "الهيدروجين الأخضر"، إلى جانب منشآت تخزين الكهرباء.

وسيساعد هذا على المواءمة بين طاقة الرياح البحرية والطلب على الكهرباء المولدة من مزارع الرياح البرية.

وستساعد جزر الطاقة الاصطناعية -أيضًا- على دمج الرياح البحرية بمنظومة الكهرباء، عبر تقليل نقاط الهبوط البرية بالنسبة للكهرباء المولدة من مزارع الرياح البحرية.

ونقطة هبوط الخط هي المكان الذي تسقط فيه غواصة أو خط آخر تحت الماء.

وقال الرئيس التنفيذي لهيئة صناعة طاقة الرياح في الاتحاد الأوروبي"ويند يوروب" غايلز ديكسون: "جزر الطاقة الاصطناعية ستصبح واقعًا عمّا قريب، وستكون مفيدة للغاية في المساعدة على دمج الرياح البحرية بمنظومة الكهرباء، وتحسين تدفقات الكهرباء بين الدول".

وأوضح ديكسون: "من الرائع أن نرى الدنمارك وبلجيكا وهولندا وألمانيا تعمل على تطوير جزر الطاقة، وتنسيق الخطط بينها في هذا الخصوص".

الرسم البياني التالي -من إعداد منصة الطاقة المتخصصة- يبيّن حصة الكهرباء المتجددة مقابل متطلبات هدف الاتحاد الأوروبي للمناخ لعام 2030:

الكهرباء المتجددة في الاتحاد الأوروبي

التغيرات المناخية تهديد وجودي

تمثّل التغيرات المناخية والتدهور البيئي تهديدًا وجوديًا لأوروبا والعالم، وتستهدف الصفقة الخضراء الأوروبية التي دُشِّنت عام 2019، جعل أوروبا حيادية الكربون بحلول أواسط القرن الحالي (2050).

وفي إطار جزء من هذه الصفقة التي طرحتها المفوضية الأوروبية -الذراع التنفيذية للاتحاد الأوروبي- حددت الأخيرة طاقة الرياح أولوية رئيسة لخفض الانبعاثات الكربونية وتحقيق هذا الهدف.

وإلى جانب القرارات الإستراتيجية التي اتخذتها الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي من أجل "مستقبل مستدام"، شهدت تقنية الطاقة المستدامة نموًا سريعًا يتجاوز المفاهيم القديمة، مثل" الطاقة الحرارية للمحيطات".

وعلاوة على ذلك، طُورت التقنيات الإبداعية لتخزين الكهرباء المستدامة المولدة محليًا، في حين جرى فحص وتحديث الأنظمة الذكية لتحسين كفاءة الشبكة الكهربائية باستمرار.

ونظرًا للتطورات التكنولوجية المستمرة، صار مفهوم جزر الطاقة البحرية العائمة (طاقة رياح بحرية توجد مع مصادر كهرباء متجددة أخرى وتخزين الكهرباء) ميسور التكلفة، ومنتشرًا أعلى من المتوقع.

وفي سياق أزمة الطاقة الراهنة، يُنظر إلى عملية تطوير جزر الطاقة الاصطناعية بأنها حلّ أساسي لسدّ احتياجات الكهرباء المتنامية، مع خفض الانبعاثات الكربونية.

ومن خلال ضخ استثمارات في مزارع الرياح البحرية الكبيرة، والبنية التحتية ذات الصلة، تستطيع أوروبا تطوير مصدر مستدام وموثوق لتوليد الكهرباء، يساعد على مواجهة كل من تحديات الطاقة في المديين الطويل والقصير.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق