هل تزيد الصين اعتمادها على اللحوم البديلة لخفض انبعاثات قطاع الغذاء؟ (تقرير)
نوار صبح
- • الصين تحتاج إلى توسيع نطاق اعتمادها لبدائل اللحوم الجديدة في العقود المقبلة
- • الصين تحتاج إلى بروتينات بديلة لتشكّل 50% من مدخولها من البروتين بحلول عام 2060
- • الجهود الحالية في حدّ ذاتها ليست كافية لكبح جماح تغير المناخ
- • الترويج للبروتينات البديلة وتقليل استهلاك اللحوم أمر حيوي لأمن المناخ والبروتين في آسيا
- • البروتينات البديلة لها تأثيرات تغير مناخية أقلّ بكثير من اللحوم التقليدية
بهدف تعزيز مسار التخلص من انبعاثات قطاع الغذاء، تحتاج الصين، أكبر مستهلك للأغذية في العالم، أكبر أسواق البروتين في آسيا، إلى زيادة اعتمادها على اللحوم والبروتينات البديلة، لتشكّل 50% من مدخولها من هذه الأطعمة بحلول عام 2060.
وترتفع النسبة إلى 85%، على الأقلّ، في الهند وباكستان سريعتي النمو، على الرغم من أن البروتين النباتي التقليدي يمكن أن يؤدي دورًا أكبر في هذين البلدين، بحسب دراسة جديدة أجرتها شركة آسيا ريسيرتش آند إنغيجمنت الاستشارية، ومقرّها سنغافورة.
وأفادت الشركة الاستشارية، ومقرّها سنغافورة، أن الإجراءات "الطموحة" لمنع إزالة الغابات وتقليل إنتاج اللحوم الاصطناعية ما تزال ضرورية، مشيرة إلى أن هذه الجهود الحالية في حدّ ذاتها ليست كافية لمنع تداعيات تغير المناخ، وفق ما اطّلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة.
وأضافت الدراسة أن الدعوات الموجهة للشركات والحكومات للمساعدة في استبدال منتجات جديدة تعتمد على النباتات والميكروبات والخلايا باللحوم التقليدية، التي تطلق انبعاثات كربونية أقلّ، ولا تُستهلك على نطاق واسع.
وتمثّل الثروة الحيوانية نحو نصف انبعاثات قطاع الغذاء العالمي، وسُدس إجمالي غازات الاحتباس الحراري التي يتسبب فيها الإنسان، حسبما نشره موقع إكو-بزنس (eco-business).
وذكرت الدراسة: "أن الترويج للبروتينات البديلة وتقليل استهلاك اللحوم أمر حيوي لأمن المناخ والبروتين في آسيا".
انبعاثات قطاع الغذاء في الصين
وجد باحثو شركة آسيا ريسيرتش آند إنغيجمنت أن الصين يمكنها متابعة جهود الاستدامة الصارمة، وما تزال انبعاثات قطاع الغذاء تتجاوز المستوى "الآمن للمناخ" بمقدار 4.3 غيغاطن من ثاني أكسيد الكربون التراكمي من الآن حتى عام 2060، وهو العام الذي تعهدت فيه البلاد بالوصول إلى الحياد الكربوني.
وألمح الباحثون إلى أن المستوى المناخي الآمن كان سيتطلب خفض انبعاثات البروتين في الصين بنسبة 72% إلى 0.2 غيغاطن بحلول عام 2060، في إشارة إلى معيار حددته مبادرة الأهداف المُثبَتة علميًا المناخية غير الربحية.
وإذا أوقفت الصين إزالة الغابات بحلول عام 2030، وتحولت بالكامل إلى الطاقة النظيفة بحلول عام 2055، وأجرت تخفيضات حادة في نفايات الأغذية وانبعاثات الماشية، فإن انبعاثات قطاع الغذاء في البلاد لعام 2060 ستظل تحوم بالقرب من 0.4 غيغاطن، أي ضِعفَي المستوى الآمن.
تجدر الإشارة إلى أن الانبعاثات تزداد جَرّاء زيادة الطلب على البروتين لدى الطبقة المتوسطة المتنامية في الصين، وأنّ تقلُّص عدد السكان في العقود اللاحقة، مع تقدُّم الصينيين في العمر، لم يحقق توازن الانبعاثات.
وسيحتاج استبدال بروتينات بديلة باللحوم المنتجة صناعيًا لإلغاء معظم انبعاثات قطاع الغذاء الزائدة، إلى نحو 730 مليار دولار أميركي من النفقات الرأسمالية حتى عام 2060.
وسيبلغ إنتاج اللحوم المنتَجة صناعيًا ذروته بحلول عام 2030، ثم ينخفض بسرعة بعد ذلك، وفقًا لتقرير شركة آسيا ريسيرتش آند إنغيجمنت الاستشارية.
وأشارت الدراسة إلى أن تربية الماشية في الصين تتسبب في كميات كبيرة من السماد الطبيعي والتلوث البيئي، مضيفة أن المستوردين الصينيين يستوردون كميات كبيرة من فول الصويا البرازيلي بصفة مواد علفية للحيوانات، ما قد يتسبب بإزالة الغابات في الخارج.
تأثير البروتينات البديلة
أظهرت الدراسات الحديثة أن البروتينات البديلة تنطوي على تأثيرات مناخية أقلّ بكثير من اللحوم التقليدية، مع إنفاق إضافي على الطاقة لإنتاج الغذاء في المصانع المتخصصة، يقابله إلى حدّ بعيد تقليل مساحة الأرض والبصمة البيئية للمواد الخام.
للمرة الأولى، دعت "الخطة الخمسية" الأخيرة للصين -وهي الإرشادات العُليا في البلاد للتنمية الوطنية حتى عام 2025- إلى إجراء بحث في اللحوم المُصَنَّعة في المختبر والمواد الغذائية النباتية.
على الصعيد العالمي، اكتسبت البروتينات النباتية بعض الزخم، لكن سنغافورة والولايات المتحدة فقط وافقتا على بيع منتجات اللحوم المصنّعة في المعامل، وفق المعلومات التي رصدتها منصة الطاقة المتخصصة.
وأوضحت دراسة شركة آسيا ريسيرتش آند إنغيجمنت الاستشارية أن أسواق البروتين الآسيوية الـ9، التالية للصين من حيث حجمها، تتبع اتجاهًا مشابهًا في طلب بروتينات بديلة لتحقيق أهداف إزالة الكربون.
على سبيل المثال، ستحتاج اليابان المتقدمة إلى بدائل جديدة، لتشكّل 45% من كمية البروتين بحلول عام 2060، من أجل إزالة الكربون، وتحتاج إندونيسيا سريعة النمو إلى 60%، بينما تحتاج تايلاند إلى 30%.
وذكرت الدراسة أن الهند وباكستان -إذ من المتوقع أن يؤدي النمو في الثروة والسكان إلى زيادة كبيرة في الطلب على اللحوم ومنتجات الألبان- ستحتاجان إلى إيجاد بدائل لـ 85 و 90% على التوالي، من تناول البروتين بحلول عام 2060.
إضافة إلى ذلك، قد يحصل بعض الاستبدال من خلال البروتينات النباتية التقليدية مثل فول الصويا والفاصوليا، وليس البدائل الأكثر معالجة المصنوعة لتبدو مثل شطائر اللحم، حسبما نشره موقع إكو-بزنس (eco-business).
وقالت مديرة تحوّل البروتين في شركة آسيا ريسيرتش آند إنغيجمنت الاستشارية، كيت بلازاك، إن الدراسة تضمنت المنتجات النباتية التقليدية لأن الهند وباكستان من البلدان ذات الدخل المنخفض، والسكان يأكلون كميات أقلّ من اللحوم والأطعمة البحرية.
وقد لا تحظى البروتينات النباتية البسيطة بشعبية لدى الطبقة الوسطى المتنامية في جميع أنحاء آسيا، على الرغم من أن مثل هذه المنتجات قد تكون أكثر استدامة من المواد الغذائية الجديدة.
وأوضحت بلازاك أن المستهلكين الأثرياء سيظلون يريدون اللحوم، أو على الأقلّ منتجات مماثلة المظهر والذوق، مشيرة إلى أن "هناك وضعًا حقيقيًا ما يزال مرتبطًا باللحوم، وبالبروتينات الحيوانية".
الدعم المطلوب
واجهت البروتينات البديلة ظروفًا صعبة، في حين إن الاستثمارات في الأبحاث والشركات الناشئة الجديدة تنمو بشكل سليم في آسيا، شهدت الأسواق الأكثر نضجًا في الغرب تباطؤًا ملحوظًا، على خلفية تباطؤ المبيعات.
واشتكى المستهلكون من أن بدائل اللحوم ليست لذيذة مثل اللحوم الحقيقية، وقالوا، إنهم مهتمون بقائمة المكونات المعقّدة غالبًا للبروتينات البديلة.
ويوضح الرسم البياني التالي، من إعداد منصة الطاقة المتخصصة، حجم انبعاثات أكبر 5 شركات للّحوم والألبان مقارنة مع شركات نفط ودول كبرى:
وقالت مديرة تحوّل البروتين في شركة آسيا ريسيرتش آند إنغيجمنت الاستشارية، كيت بلازاك: "إن تطوير البروتين البديل في آسيا قد اتخذ "نهجًا بطيئًا وثابتًا"، وإن استطلاعات المستهلكين أظهرت نتائج جيدة لمنتجات مثل اللحوم والمأكولات البحرية المُصنَّعة.
وأوضحت شركة آسيا ريسيرتش آند إنغيجمنت أن الحكومات قد تحتاج إلى إعادة توجيه الدعم من تكثيف الإنتاج الحيواني إلى البروتينات البديلة لتسريع التحول إلى البدائل المستدامة.
وأشارت الدراسة إلى أن قلّة من البنوك تروّج بنشاط للتحول إلى البروتينات البديلة من خلال استثماراتها، وأن الشركات الآسيوية بدأت في بناء محافظها الغذائية الجديدة.
وفي حال فشل قوى السوق في تحديد وتيرة أكثر قوة، فقد تكون هناك حاجة إلى سياسات ولوائح لتسريع التحول، وهذا يحدث حاليًا في الاتحاد الأوروبي.
وأفادت الدراسة أن البنوك والشركات والمساهمين، الذين يتوقعون هذه التغييرات التنظيمية من خلال الترويج لعملية التحوّل قبل فرضها، سيكتسبون ميزة المبادرة الأولى.
وأضافت بلازاك أن الإجراءات الأخرى، مثل بلوغ ذروة إنتاج اللحوم الاصطناعية بحلول عام 2030، مهمة أيضًا.
وقالت: "إذا استمرت الأمور بطريقة العمل المعتاد، فسيؤدي ذلك فقط إلى نسف الجهود المناخية بأكملها".
موضوعات متعلقة..
- خفض الانبعاثات.. كيف تتبنى أنظمة الغذاء الطاقة المتجددة؟
- انبعاثات قطاع الغذاء العالمي تقوض أهداف اتفاقية باريس للمناخ (دراسة)
اقرأ أيضًا..
- بدء إنتاج الغاز المغربي قبل الموعد المحدد.. وترخيص جديد لـ"شاريوت"
- إطلاق أكبر سفينة للتزود بالغاز المسال في أوروبا.. تعمل بتقنيات البطاريات
- "الساعدي": نقل الهيدروجين إلى أوروبا سيكون أفضلية لدول المغرب العربي.. وهذه أبرز المخاطر (حوار)