تقارير الغازالتقاريررئيسيةغاز

بعد فشل فاغنر في التمرد على بوتين.. شركات النفط والغاز الأميركية الرابح الأكبر

محمد عبد السند

اقرأ في هذا المقال

  • شركات النفط والغاز الأميركية استفادت كثيرًا من تمرّد فاغنر في روسيا
  • الاضطرابات الروسية فأل خير لأسعار النفط
  • صناعة الغاز المسال ستستمر في التطور والازدهار، ما سيفيد شركات النفط والغاز الأميركية
  • المحرك الاقتصادي الكبير لروسيا كان دائما متمثلًا في مبيعات النفط والغاز
  • سوق النفط الروسية ربما تمرّ باضطرابات ضخمة خلال السنوات الـ 5-10 المقبلة

تتجه شركات النفط والغاز الأميركية إلى تحقيق أقصى استفادة من التمرد العسكري الفاشل الذي قادته مجموعة فاغنر شبه العسكرية الروسية ضد الرئيس فلاديمير بوتين في يونيو/حزيران (2023)، عبر استمرارها باقتناص حصص كبيرة في واردات الطاقة الأوروبية، لا سيما الغاز المسال.

ولم تُسهم تلك التطورات، التي أثارت قلقًا عالميًا، ببقاء الأوضاع السياسية والاقتصادية الداخلية في روسيا على حالها دون تغيير فحسب، لكنها حافظت –أيضًا- على المسار الذي تمضي فيه السياسة الخارجية لموسكو بالقضايا والملفات المختلفة، في مقدّمتها بالطبع الحرب الأوكرانية التي لا تلوح لها نهاية في الأفق.

ومن هذا المنطلق، يرى العديد من خبراء الطاقة أن التحدي الذي أظهره قائد مجموعة فاغنر العسكرية يفغيني بريغوجين يمثل أنباء سارّة لشركات النفط والغاز الأميركية، وفق ما أورده موقع "أو إيه أونلاين" OA online.

ويُجمع الرئيس التنفيذي لشركة "لاتيغو بتروليوم" النفطية الأميركية كيرك إدواردز، ونظيره في شركة بيريمان غروب، راي بيريمان، ورئيس معرض النفط الدولي في حوض برميان لاري ريتشاردز، على أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يواجه معضلة كبرى منذ محاولة بريغوجين الفاشلة الزحف باتجاه موسكو، وفق تصريحاتهم التي تابعتها منصة الطاقة المتخصصة.

شرارة التمرد

في 23 يونيو/حزيران، بدأت الشرارة الأولى لتمرّد فاغنر على موسكو، حينما اتّهم بريغوجين القيادة العسكرية الروسية بقصف معسكرات لها وقتل عدد كبير من قوات المرتزقة التابعة لها.

وفي اليوم التالي، أعلنت المجموعة تمرّدها، وانسحابها من أوكرانيا، وبسط سيطرتها على عدد من المنشآت العسكرية في روسيا، وزحفها نحو الكرملين في العاصمة موسكو.

وبعد سويعات قليلة أُعلِن اتفاق بين فاغنر والقيادة في روسيا بوساطة بيلاروسيا.

ومع ذلك، ظلت تلك التطورات تثير المخاوف بشأن اضطرابات محتملة في روسيا التي تُعدّ من كبار منتجي مصادر الطاقة، بما فيها الغاز، وفق معلومات استنتجتها منصة الطاقة المتخصصة.

جنود فاغنر في مدينة روستوف الروسية
جنود فاغنر في مدينة روستوف الروسية -الصورة من oaoa

سيناريو انتهاء الحرب

قال إدواردز: "بالنسبة لي الموقف الروسي مثير للاهتمام.. إذا ما توقفت آلة الحرب اليوم، ستكون هناك تعويضات ضخمة يتعين سدادها لأوكرانيا، وأعتقد أن العالم سيتحول بأنظاره إلى روسيا وعائداتها النفطية لسداد تلك التعويضات بطريقة أو بأخرى".

وأضاف أنه "على المدى القصير، تمضي آلة الحرب ببطء -على ما يبدو- لأن كلا الجانبين لا يروق له تصعيد الأمور، ولا يوجد التحرك الكبير من قبل أيّ منهما، وستواصل أوكرانيا تدعيم صفوفها بدعم غربي، وهذا إيجابي بالطبع بالنسبة لكييف، لكنه لن يُسرع وتيرة إنهاء الحرب".

وأشار إدواردز إلى أن السياسة الداخلية لروسيا سرعان ما أصبحت مُبهمة للغاية.

وواصل: "الورقة الأساسية هي الموقف السياسي داخل روسيا نفسها مع بوتين وقائد مجموعة فاغنر شبه العسكرية المرتزقة يفغيني بريغوجين".

وأردف الرئيس التنفيذي لشركة "لاتيغو بتروليوم" النفطية كيرك إدواردز: "من الواضح أن هناك توترات داخل روسيا، وأينما كان اتجاه الريح، ستمضي البلاد معها".

بشرى خير لأسعار النفط

قال إدواردز: "في كلتا الحالتين، يُعدّ هذا فأل خير لأسعار النفط لأنْ تبقى على ما هي عليه الآن، أو حتى الصعود، بناءً على أيّ خسائر تتعرض لها البنية التحتية لشحن الغاز الطبيعي المسال والنفط الخام في روسيا مستقبلًا".

من جهته، قال الرئيس، الرئيس التنفيذي لشركة بيريمان غروب، راي بيريمان: " أحاول -لكني لا أنجح- دائمًا الابتعاد عن الجيوسياسية، والالتزام بالتحدث عن الاقتصاد، لكن التداخل بينهما كبير جدًا".

وتابع: "رغم التضييق على وسائل الإعلام في روسيا، لا يخفى على أحد أن البلاد تمرّ بمرحلة عدم استقرار في ظل تعقّد العلاقة بين بوتين وبريغوجين".

وأشار إلى أن النفط والغاز الروسيين سيتدفقان إلى الأسواق بطريقة أو بأخرى على المدى القريب، بغضّ النظر عن صراع السلطة الداخلي وأيّ مشكلات أخرى من هذا القبيل.

وأضاف: "روسيا واحدة من أكبر الدول المصدّرة للنفط والغاز في العالم، وحتى في ظل العقوبات الغربية المفروضة على قطاع الطاقة الروسية، ما تزال إمدادات البلاد تتدفق على بعض الأسواق".

وتابع بيريمان: "في غضون ذلك، تشكّل صناعتا النفط والغاز حصة كبيرة من الاقتصاد الروسي، بل وحتى نسبة كبيرة من الموازنة الفيدرالية الروسية".

وتابع: "بدعم من التحفيزات الاقتصادية من هذا المستوى، من المرجح أن تواصل روسيا إنتاج أكبر كمية ممكنة من النفط والغاز إذا ما أرادت أن تبيع السلعتين بأسعار مخفضة في إطار تحايلها على العقوبات".

وأتمّ: "صناعة النفط والغاز ستستمر في الوقت الحالي، ويُعزى هذا -جزئيًا- إلى أن روسيا لا يمكنها التخلّي عنها، أو تركها تعاني الضعف والانهيار".

ويوضح الرسم البياني التالي -من إعداد منصة الطاقة المتخصصة- عائدات صادرات الوقود الأحفوري الروسي منذ تطبيق العقوبات الأوروبية في ديسمبر/كانون الأول 2022:

عائدات صادرات النفط الوقود الأحفوري الروسي

مشكلة التربح

قال الرئيس، الرئيس التنفيذي لشركة بيريمان غروب، راي بيريمان، إن موسكو تواجه تحديات متمثلة في فرض الاتحاد الأوروبي سقف أسعار النفط الروسي بواقع 60 دولارًا أميركيًا للبرميل، لافتًا إلى أن بعض المشترين يخفضون هذا السعر بصورة أكبر، ما يجعل من الصعب على موسكو التربح من أسعار النفط المنخفضة.

وأردف: "مع مرور الوقت، أعتقد أن الكثير من الدول سيرفض الاعتماد على الغاز الروسي حتى إذا ما تغيّر الوضع، وتوقفت الحرب الأوكرانية".

وأضاف أن "أهمية أمن الطاقة تتضح في أثناء تلك الحرب، وأنا لا أرى الدول الأوروبية وغيرها من البلدان الأخرى تتراجع عن استثمارات الغاز الطبيعي المسال، لإجراء عمليات التغويز، حتى لو عاد الاستقرار إلى أوكرانيا".

الغاز المسال الأميركي فرس رهان

واصل بيريمان حديثه قائلًا: "عند الأخذ في الحسبان أمن الطاقة المتمثل في استيراد الغاز المسال من الولايات المتحدة الأميركية أو الحلفاء الآخرين، إضافة إلى الحرق النظيف للغاز الطبيعي مقارنة بمصادر الوقود الأحفوري الأخرى، مثل الفحم، تبرز حوافز متعددة لتعزيز استعمال الغاز الطبيعي المسال".

وأردف: "ونتيجة لذلك، فإنني أعتقد أن صناعة الغاز المسال ستستمر في التطور والازدهار، ما سيمهّد الطريق أمام أوروبا لفطم نفسها عن الطاقة الروسية بشكل أو بآخر".

وقال بيريمان: "على المدى الطويل، ستقتضي الضرورة وجود حكومة روسية قادرة على الانخراط بشكل أفضل مع المجتمع الدولي، بطريقة تساعد على الإنتاج المنظم للنفط والغاز، وتدفّقه الطبيعي على الأسواق العالمية".

وأتمّ بيريمان تصريحاته قائلًا: "من الصعب حصول ذلك -الآن- في ظل القيود الحالية".

اضطراب السوق الروسية

قال رئيس معرض النفط الدولي في حوض برميان لاري ريتشاردز، إن التاريخ يثبت لنا أن الشعب الروسي وسوق النفط الحكومية في روسيا "ربما تمر باضطرابات ضخمة خلال السنوات الـ 5-10 المقبلة".

وفي هذا الصدد، استشهد ريتشاردز بعبارة "حينما تثور على ملك، يجب عليك أن تقتله" للفيلسوف الأميركي رالف والدو إيمرسون.

وتابع: "يبدو أن مؤامرة بين قائد مجموعة فاغنر العسكرية يفغيني بريغوجين وبين اثنين من الجنرالات الروس قد كُشفت قبل أسابيع قليلة من تنفيذها، ولم يتسبب الانقلاب الفاشل هذا في بقاء بوتين في السلطة فحسب، بل دفعه كذلك إلى الرغبة في الانتقام".

وأضاف أن "الوقت فقط سيكشف تأثير حالة عدم اليقين هذا في أسواق النفط والغاز العالمية، لكن على الجميع أن يستعدّ للسير في مسار صعب".

وأشار ريتشاردز إلى أنه من حسن الحظ أن الأسواق الأوروبية التي كانت تعتمد بالكلّية على الغاز الطبيعي الروسي قبل عقد، نجحت باقتدار في التحول إلى الغاز الطبيعي المسال الأميركي، وغيره من مصادر الطاقة الأخرى.

وفي هذا السياق أوضح ريتشاردز: "على سبيل المثال، أكملت ألمانيا بناء محطة عائمة لتغويز الغاز المسال في غضون 10 أشهر فقط في العام الماضي (2022).

الرسم البياني أدناه -من إعداد منصة الطاقة المتخصصة- يُبيّن ترتيب مصدّري الغاز المسال إلى أوروبا في الربع الأول من 2023:

الغاز المسال الأميركي

استثمارات أميركية مليارية

قال ريتشاردز: "السوق الأميركية استثمرت مليارات الدولارات في بناء خطوط أنابيب الغاز الطبيعي والبنية التحتية للغاز الطبيعي المسال على مدار العقد الماضي، من بناء محطات غاز مسال جديدة على امتداد ساحل خليج المكسيك، إلى تعميق القناة في كوربوس كريستي، كي تستوعب ناقلات الغاز المسال العملاقة التي تحمل شحنات ثقيلة".

وأردف: "عبر تبريد الغاز الطبيعي وتحويله إلى غاز مسال، يقلّ حجمه بواقع 600 مرة، ما يتيح نقله بسهولة عبر السفن، أو حتى نقله عبر السكك الحديدية، أو الشاحنات".

وواصل: "محطات الاستيراد، مثل المحطة الجديدة في ألمانيا، مُصممة لإعادة تغويز الغاز المسال، حتى يمكن ضخّه في خطوط الأنابيب القائمة تمهيدًا لتوزيعه".

وقال: "لعل التأثير الأكبر في تراجع صادرات الغاز الطبيعي الروسية ربما يُلحظ في إنتاج الأسمدة المصنوعة من الأمونيا، واليوريا المستخرجة من الغاز الطبيعي، والتي تغذي –الآن- قرابة 50% من سكان العالم".

وأوضح أهمية هذه الأسمدة "لا سيما في المناطق التي تعاني الجفاف في أفريقيا والشرق الأوسط، حيث يمكن أن تتسبب الاضطرابات في حصول مزيد من عدم الاستقرار".

وأكد أن المحرك الاقتصادي الكبير لروسيا كان دائما متمثلًا في مبيعات النفط والغاز، "وإذا ما كان هناك صراع داخلي على السلطة، سيتقاتل اللاعبون الرئيسيون للسيطرة على تلك المبيعات".

وقال: "يمكن أن نرى الحكومة الروسية تستولى على تلك الشركات مباشرة لمواجهة هذا التهديد، أو حتى نرى توسعًا في نفوذ الأوليغارشية، ودورهم المتزايد في دوائر السلطة الروسية".

وأتمّ:" لكن مع أيٍّ من هذين السيناريوهين، سيزداد عدم اليقين الذي يغلّف أسعار النفط العالمية".

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق