بحث جديد يهاجم مؤتمرات تغير المناخ ويطالب بآلاف المشروعات القابلة للتطبيق
دينا قدري
يزداد الحديث عن ضرورة انتقال الطاقة لمواجهة تغير المناخ، وإنقاذ الكوكب من ظاهرة الاحتباس الحراري، مع التخلّي عن الوقود الأحفوري، وتوجيه الاستثمارات إلى مشروعات الطاقة المتجددة.
وتمثّل أزمة تمويل تغير المناخ عقبة رئيسة في عملية التحول هذه، ما يهدد بعدم السيطرة على حرارة الأرض عند 1.5 درجة مئوية، مثلما تنصّ اتفاقية باريس.
وسلّط بحث جديد الضوء على أنه يجب أن تتجاوز مؤتمرات تمويل المناخ مجرد تخصيص الأموال، وأن يُدعم بمشروعات قابلة للتطبيق من أجل الاستثمار فيها، وفق ما طالعته منصة الطاقة المتخصصة، نقلًا عن منصة "إيكو بيزنس" (Eco Business).
وشدد البحث على أنه قد حان الوقت لأن يولي المجتمع الدولي اهتمامًا جادًا، وينفق رأس المال السياسي على الآليات التي يُترجَم من خلالها التمويل إلى مشروعات فعلية، لا سيما في الاقتصادات النامية.
المعالجة الصحيحة لتغير المناخ
ينفق مفاوضو المناخ رأس المال السياسي في الجدل حول المليارات والتريليونات اللازمة عالميًا لتمويل انتقال الطاقة، في سلسلة متعاقبة من القمم الدولية سنويًا.
وقد انعقد المجتمع الدولي مرة أخرى قبل أسبوعين -هذه المرة في باريس- للسعي لإصلاح النظام المالي متعدد الأطراف لمواجهة تغير المناخ.
إلّا إن هذه المناقشة قد تصرف الانتباه عن حاجة أكثر إلحاحًا، تتمثل في تمويل المشروعات، حتى لو أسفرت كل هذه القمم عن بيانات حول "تخصيص" مليارات الالتزامات الجديدة لتمويل المناخ -والتي هي موضع ترحيب دائمًا-.
وأشار البحث إلى أن "تمويل المشروعات ممل.. إنه لا ينتج عناوين تجذب الانتباه، ولا ينتشر على وسائل التواصل الاجتماعي، ومع ذلك إذا أردنا معالجة تغير المناخ، فإن فهم العوامل التي تجعل تمويل المشروعات ومعالجتها أمر بالغ الأهمية".
ومن المتوقع تعبئة معظم الاستثمارات المناخية من مصادر خاصة، أي تسعى لتحقيق الربح، لكن التمويل الخاص يتدفق فقط إلى المشروعات التي يمكن أن تثبت جدواها، أو التي تحقق عائدًا مناسبًا معدّلًا حسب المخاطر.
ويوضح الإنفوغرافيك التالي -الذي أعدّته منصة الطاقة المتخصصة- المسار الصحيح في مواجهة تغير المناخ:
تعقيد الاستثمار في مشروعات الطاقة المتجددة
تطرَّق البحث إلى طاقة الرياح والطاقة الشمسية الكهروضوئية، وكلتاهما تقنيتان ناجحتان مناسبتان بشكل خاص للاستثمار الخاص، وتُنشَران حاليًا بوتيرة سريعة في العديد من مناطق العالم.
فعملية تطوير كل محطة للطاقة الشمسية وطاقة الرياح معقدة ومتكررة وتستغرق وقتًا طويلًا، وهي تضم العديد من الجهات الفاعلة: المطورين والمقرضين والمقاولين والمرافق والمنظمين ومقدّمي الخدمات، مع شبكة من العقود والمسؤوليات فيما بينهم.
وينبع هذا التعقيد من توزيع المخاطر والمسؤوليات بين الأطراف بطريقة تقنع المقرضين بأن المشروع سيخدم ديونه طويلة الأجل على الفور، بحسب البحث الذي اطّلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة.
ومن ثم، عندما تلبي الإيرادات المتوقعة والتكاليف والمخاطر المتصورة معايير المستثمرين، يتدفق التمويل ويبدأ بناء المشروع، وتستغرق العملية برمّتها بضع سنوات من البداية إلى التشغيل، حتى عندما يسير كل شيء بسلاسة.
إن عدد مثل هذه المشروعات المطلوبة لتحقيق الأهداف المناخية مذهل؛ إذ تُقدّر وكالة الطاقة الدولية أن قارة أفريقيا بأكملها ستحتاج إلى إضافة ما يقرب من 130 غيغاواط من السعة المركبة للطاقة الشمسية حتى عام 2030، لتلبية سيناريو أفريقيا المستدامة.
ووفقًا لمتوسط حجم المشروع الحالي، فإن هذا يعني أن أكثر من مشروع جديد للطاقة الشمسية يُشَغَّل كل يوم من الآن وحتى عام 2030.
دور السياسة في تمويل تغير المناخ
شدد البحث على أنه من غير المرجح أن يساعد "تخصيص" المزيد من التمويل على المدى القصير؛ إذ ما يزال تمويل المناخ يحتاج إلى آلاف المشروعات القابلة للتطبيق، وهناك نقص واضح في هذه الفرص، لا سيما في البلدان النامية.
في حين كانت هناك مقترحات حديثة لنهج مركزي يحركه الذكاء الاصطناعي لإنشاء مجموعة من المشروعات، فإن جوهر المشكلة ليس نقص المشروعات، ولكن ضمان قابليتها للتطبيق.
يتمثل دور الممولين من القطاع الخاص في تحديد المشروعات التي تحقق عائدًا مناسبًا مع تعديل المخاطر والابتعاد عن المشروعات التي لا تحقق ذلك، ويتألف الكثير من مهارات الممولين في التمييز بين الاثنين.
الممولون في القطاع الخاص لن يغيروا أساليبهم في أيّ وقت قريب، لذلك، لا يتمثل الدور الواقعي للسياسة في محاولة تغيير معاييرهم، ولكن مساعدة البلدان والمشروعات على تلبية تلك المعايير.
قد يتطلب تحقيق ذلك تدخلات قصيرة الأجل مثل المساعدة الفنية أو التخفيف من المخاطر، وكذلك سياسات طويلة الأجل لتحسين بيئة الأعمال.
ويُمكن لمثل هذه التدخلات أن تتيح مشروعات أكثر نجاحًا وتجعلها ميسورة التكلفة، من خلال تقليل تكلفة رأس المال.
جدوى مشروعات الطاقة المتجددة
أظهر البحث الذي اطّلعت عليه منصة الطاقة أنه مع التخفيف الكافي للمخاطر، يكون الاستثمار الخاص ممكنًا في بلدان مثل موزمبيق أو ملاوي، وكلاهما من أقلّ البلدان نموًا، مع عدم وجود خبرة سابقة في الطاقة الشمسية.
فقد شهدت برامج التخفيف من المخاطر في زامبيا وأوغندا مشروعات كبيرة يجري تمويلها وبناؤها، ولكن حتى تلك البرامج تكافح مع السرعة وإمكان تكرارها.
ولتسريع الاستثمار الخاص، يجب بذل المزيد من الجهود لتحديد ومعالجة العوائق التي تحول دون جدوى المشروعات.
على وجه التحديد، هناك حاجة إلى مضاعفة الجهود المكرسة لبرامج تخفيف المخاطر، بوصفها طريقة واقعية لتسخير قدرات القطاع الخاص.
لم يكن الدور الحاسم لجدوى المشروع مفاجئًا للمستثمرين والمطورين، لكن هذه المعرفة -بطريقة ما- تبدو مفقودة في الترجمة (أو ليست من الأولويات) للمندوبين الدوليين الذين يتفاوضون حول مليارات وتريليونات من تمويل المناخ.
ومع ذلك، قد لا يتمكن العالم من نشر حتى جزء بسيط من ذلك، إذا عاقت الظروف في البلدان النامية قابلية المشروع للتطبيق.
لذلك، أشار البحث إلى أنه من الأفضل إنفاق الجهد لفهم سبب صعوبة المشروعات في البلدان النامية للوصول إلى الجدوى، وخلق البيئة التي تتيح فرص الاستثمار هذه؛ حينها فقط سيتدفق التمويل الخاص، وستصبح المشروعات حقيقة واقعة.
موضوعات متعلقة..
- رئيس كوب 28: الأفكار التقليدية لم تعد كافية لمعالجة مشكلات تغير المناخ
- 4 طرق لمواجهة تداعيات تغير المناخ على قطاع الصحة في أفريقيا
- تغير المناخ.. 10 مشاهد حية تنقل ما أفسده الإنسان في "جنة الأرض"
اقرأ أيضًا..
- النفط الروسي يحوّل باكستان من مستوردة لزيت الوقود إلى مصدّرة
- أكثر الدول العربية إنتاجًا للغاز الطبيعي في 2022.. قطر والسعودية بالصدارة (إنفوغرافيك)
- خبير: قدرات مصر كبيرة في إنتاج الهيدروجين الأخضر.. وهذا موقف السعودية
- هل يتراجع الطلب على الوقود عالميًا بسبب السيارات الكهربائية؟ النرويج نموذجًا