التغير المناخيالتقاريرتقارير التغير المناخيرئيسية

تغير المناخ.. 10 مشاهد حية تنقل ما أفسده الإنسان في "جنة الأرض"

أسماء السعداوي

سلّط تقرير حديث الضوء على مخاطر تغير المناخ على البيئة والبشر وملامح الحياة على سطح الأرض، من موجات الحر والجفاف إلى العواصف وحرائق الغابات الناتجة عن تلك الظاهرة التي تحصد الأرواح وتدمّر المنازل.

وتتوالى الظواهر المناخية القاسية في ظل ارتفاع درجة حرارة الكوكب أعلى بمقدار 1.2 درجة مئوية عمّا كانت عليه قبل عصر الصناعة، كما من المتوقع أن تشهد السنوات الـ5 المقبلة ارتفاعًا قياسيًا في درجات الحرارة، وفق تقرير نشرته شبكة "سي إن إن" الأميركية، واطّلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة.

وتعرّف هيئة الأمم المتحدة تغير المناخ بأنه تحولات طويلة الأجل في درجات الحرارة وأنماط الطقس، سواء بسبب الطبيعة مثل نشاط الشمس أو الانفجارات البركانية الكبيرة، أو من صنع يد الإنسان الذي كان المحرك الرئيس للظاهرة الأخطر، منذ بداية عهد الثورة الصناعية في القرن التاسع عشر، مع تزايد حرق الوقود الأحفوري.

وينتج عن حرق الفحم والنفط والغاز انبعاثات تسبّب ظاهرة الاحتباس الحراري التي تشكّل غطاءً حول الأرض، يحبس حرارة الشمس ويرفع درجات الحرارة.

في سياق متصل، انطلقت مبادرة إسناد المناخ العالمية، في عام 2015؛ بهدف رصد تأثيرات تغير المناخ العالمي في شدة وتكرار الطقس القاسي، بحسب الموقع الرسمي للمبادرة.

تطمح المبادرة إلى تشجيع خطوات من شأنها منح المرونة اللازمة لسكان العالم، عند التعامل مع ظواهر قاسية ناتجة عن تغير المناخ في المستقبل.

وللإجابة على تساؤلات بشأن تأثير المناخ على الطقس، تقدّم المبادرة إجابات مبسّطة على السؤال الصعب، باستعمال تقنيات علمية، وتحليل للمشاهد العالمية، لتوضيح آثار تغير المناخ.

واستعرضت المبادرة 10 مشاهد رصدتها بدءًا من عام 2020 حتى وقتنا هذا، للتدليل على الخطر الداهم الذي يُنذر بتحول الأمور إلى أسوأ مما هي عليه الآن.

موجة الحر في سيبيريا 2020

ارتفعت درجات الحرارة فوق مستوياتها الطبيعية في شبه جزيرة سيبيريا، لتسجّل أعلى درجة يشهدها القطب الشمالي على الإطلاق.

وتسببت موجة الحر غير المسبوقة، التي امتدت من يناير/كانون الثاني إلى يونيو/حزيران من عام 2020، باندلاع حرائق الغابات في أبرد مكان على سطح الأرض.

تقول دراسة أجراها القائمون على المبادرة، إن الموجة الحارة "كانت شبه مستحيلة" دون انبعاثات الكربون، وتَسبّب تغير المناخ في تزايد احتمالات حدوث الموجة الحارة بمقدار 600 مرة على الأقلّ.

كما كانت احتمالات حدوث تلك الموجة الحارة في القطب المتجمد ستحدث بمعدل مرة كل 80 ألف عام، لولا تغير المناخ.

ذوبان الجليد في القطب الشمالي- الصورة من "دير شبيغل الألمانية"
ذوبان الجليد في القطب الشمالي - الصورة من "دير شبيغل الألمانية"

الموجة الحارة في شمال غرب المحيط الهادي 2021

ضربت موجة حر قياسية أجزاء من شمال غرب المحيط الهادي بنهاية شهر يونيو/حزيران من عام 2021، وتسببت في مقتل المئات واندلاع حرائق مدمرة، كما زادت حدّة موجة الجفاف هناك.

وسجّلت درجات الحرارة في ولايتي أوريغون وواشطن الأميركيتين ومقاطعات غرب كندا ومنها كولومبيا البريطانية مستويات غير مسبوقة بلغت 49.6 درجة مئوية في قرية ليتون الكندية التي اكتوت فيما بعد بنار حرائق الغابات.

ووفقًا لتحليل أجراه أكثر من 24 عالمًا بالمبادرة، فالموجة الحارة كان مستحيلة الحدوث على أرض الواقع، دون يد الإنسان التي أدت إلى ظهور تغير المناخ.

وقال التقرير: "نتائجنا تطلق تحذيرًا قويًا مفاده أنّ تسارُع وتيرة الاحترار العالمي يأخذنا إلى وجهة مجهولة لها عواقب وخيمة على الصحة ورفاهية العيش وسبل كسب الرزق".

الجفاف في نصف الكرة الشمالي 2022

كان صيف عام 2022 المنصرم تاريخًا لا يُنسى بالنسبة لسكان مساحات شاسعة من نصف الكرة الشمالي؛ إذ كانت أميركا الشمالية وأوروبا والصين على موعد من موجة جفاف استنزفت موارد المياه ودمرت المحاصيل وأشعلت نار حرائق الغابات.

يقول علماء المبادرة، إنّ تغيُّر المناخ جعل موجات الجفاف أكثر احتمالًا للحدوث بمعدل 20 مرة على الأقلّ.

وشهد الغرب الأميركي تراجع مستويات المسطحات المائية، وتفاقم ظاهرة الجفاف، وانخفاض معدلات الأراضي الزراعية.

تقول منظمة الصحة العالمية، إن أوروبا والصين شهدتا وقوع حالات وفاة بسبب ارتفاع درجات الحرارة، وفي القارة العجوز وحدها، سقط 15 ألف شخص صرعى بسبب الحرارة.

بدوره، يقول عالم المناخ رئيس الفريق المشارك بالمبادرة، فريدريك أوتو: "كان صيف عام 2022 في النصف الشمالي للكرة الأرضية مثالًا حيًا على امتداد الطقس القاسي الناجم عن تغير المناخ، لمناطق أكبر لأوقات أطول".

الجفاف في منطقة القرن الأفريقي 2020-2023

على مدار 3 سنوات، ضرب جفاف، هو الأقسى منذ 40 عامًا، منطقة القرن الأفريقي إحدى أكثر مناطق العالم فقرًا.

ولم يفرّق تغير المناخ بين غني وفقير أو بين إنسان وحيوان، فكان له تأثير كارثي في المحاصيل والمياه ورؤوس الماشية التي عانت بسبب الجوع في كينيا والصومال وإثيوبيا، كما تسبَّب في مقتل عشرات الآلاف من البشر وترك أكثر من 20 مليونًا وسط لهيب المعاناة الناجمة عن انعدام الأمن الغذائي.

ووفق تحليل أجرته المبادرة، لم يكن ذلك ليحدث لولا تغير المناخ الذي جعل حدوث الجفاف في المنطقة محتمل الحدوث بأكثر من 100 مرة على الأقلّ.

ويقول ممثل منظمة الصحة العالمية في الصومال، معمر رحمن مالك: "تضرَّر نصف سكان البلاد، ونزح أكثر من 3 ملايين نسمة".

وأضاف: "البلاد تواصل دفع ثمن الاحترار العالمي وتغير المناخ".

الجفاف في الصومال- الصورة من موقع wvi
الجفاف في الصومال- الصورة من موقع wvi

موجة الحر في دول البحر المتوسط 2023

في أبريل/نيسان من هذا العام (2023)، ضربت موجة حرّ حارقة البرتغال والمغرب والجزائر.

وتسببت الموجة، التي تأتي -في العادة- في أواخر فصل الصيف، بتدمير المحاصيل واستنزاف موارد المياه.

وكان الاحترار العالمي هو السبب الذي جعل الموجة الحارة في بلدان المتوسط أكثر احتمالًا للحدوث بواقع 100 مرة على الأقلّ.

ولولا تغير المناخ، كانت تلك الموجة الشرسة ستحدث مرة كل 40 عامًا، بحسب علماء المبادرة.

حر شديد في جنوب آسيا 2023

كانت موجة الحر، التي شهدتها أجزاء من جنوب آسيا خلال شهر أبريل/نيسان، قاتلة، بعدما عانت فيتنام وميانمار ولاوس والهند وبنغلاديش بسبب درجات الحرارة غير المسبوقة على الإطلاق.

ففي تايلاند، وصلت درجات الحرارة إلى 45 درجة مئوية لأول مرة، كما جعلت نسبة الرطوبة المرتفعة الإحساس بالحر أعلى بكثير.

وفي تايلاند ولاوس، كانت موجة الحر مستحيلة من الناحية العملية لولا تغيُّر المناخ.

ووفقًا لعلماء مبادرة الإسناد، كانت احتمالات حدوث ارتفاعات الحرارة في الهند وبنغلاديش أعلى بمقدار 30 مرة على الأقلّ، بسبب تغير المناخ.

حرائق الغابات الأسترالية

اكتست السماء بلون الدم والرماد في أستراليا؛ جراء الحرائق والدخان في صيفي 2019 و2020، والتهمت حرائق الغابات أجزاء عديدة من البلاد.

ودمرت الحرائق نحو 50 مليون هكتار من المحاصيل، وتسببت في وفاة أكثر من 400 شخص، ودخل الآلاف المستشفى بسبب استنشاق الدخان، كما نفق أو تشرَّد 3 مليارات حيوان.

ولولا تغير المناخ، لكانت احتمالات حدوث الحرائق المدمرة أقلّ بنسبة 30%، بحسب تحليلات المبادرات.

حرائق الغابات في أستراليا- الصورة من وكالة الأنباء الفرنسية
حرائق الغابات في أستراليا- الصورة من وكالة الأنباء الفرنسية

الجفاف في الغرب الأميركي 2020-2023

شهد غرب الولايات المتحدة أسوأ موجة جفاف منذ قرون، على مدار السنوات القليلة الماضية، إذ تسببت في اندلاع حرائق الغابات وتراجع منسوب المياه.

وتعرضت ولاية كاليفورنيا في صيف عام 2021 لأقسى موجة جفاف مسجلة، واضطرت لإغلاق محطة لتوليد الطاقة الكهرومائية بسبب انخفاض منسوب المياه للمرة الأولى منذ عام 1967.

وتقول دراسة نُشرت في صحيفة "ناتشر كلايمت تشينغ"، إن المدة بين عامي 2000 وحتى 2021 كانت الأكثر جفافًا في منطقة الغرب الأميركي منذ 1200 عام.

وبحسب الدراسة، فإن تغير المناخ -الذي هو من صُنع الإنسان- جعل الجفاف أسوأ بنسبة 72%.

إعصار إيان 2022

عندما اكتسح إعصار إيان منطقة البحر الكاريبي ووصل إلى ولاية فلوريدا الأميركية في عام 2022، خلّف وراءه سلسلة من الدمار، إذ قتل أكثر من 100 شخص، وتسبَّب في أضرار بقيمة 65 مليار دولار.

يقول العلماء، إن الإعصار كان أكثر حدّة بسبب ظاهرة الاحتباس الحراري.

كما كان "إيان" أكثر إمطارًا بنسبة 10% على الأقلّ بسبب تغير المناخ، وفق تحليل أجراه علماء جامعة ستوني بروك ومختبر لورنس بيركلي الوطني.

فيضانات باكستان

تسبّبتن الأمطار الموسمية الغزيرة، صيف عام 2022، في حدوث فيضانات غمرت نحو ثلث أراضي باكستان، وأسقطت نحو 1500 شخص صرعى، وتضرَّر الملايين جراء تلوث المياه النظيفة ونقص الغذاء.

وهطلت على البلاد أمطار تفوق بـ3 مرات المعدلات المعتادة في أغسطس/آب؛ ما يجعله الشهر الأكثر إمطارًا منذ عام 1961.

يقول الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، إن الشعب الباكستاني كان يواجه عواصف موسمية "تتعاطى المنشطات"، على حدّ وصفه.

وبحسب المبادرة، كان هطول الأمطار في مقاطعتي السند وبلوشستان أكثر كثافة بنسبة 50%، بسبب تغيُّر المناخ.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق