التقاريرتقارير الهيدروجينرئيسيةهيدروجين

تطوير الهيدروجين في آسيا يتطلب 90 مليار دولار بحلول عام 2030

وخطوات جدية لبدء توفير الاستثمارات بقيادة اليابان

هبة مصطفى

يبرز الهيدروجين في آسيا بوصفه أحد مسارات الطاقة النظيفة، في توقيت حرج للغاية تمر به الأسواق العالمية بين مطرقة أزمة الطاقة والطلب المُلحّ من جهة، وسندان تحقيق الأهداف المناخية من جهة أخرى.

وبينما اتخذت الصين -أكبر الاقتصادات الآسيوية- خطوة إلى الخلف في هذا المضمار، برزت جهود دول آسيوية أخرى في المشهد، إذ سعت لتوفير التمويل اللازم لإنتاج الوقود النظيف ونشره، وبادر بعضها بحزمة مخصصات، وفق ما أورده المنتدى الاقتصادي العالمي (World Economic Forum).

وربما جاء حجم الاستثمار المتوقع لتطوير مشروعات الهيدروجين في القارة بحلول عام 2030 -والمقدر بنحو 90 مليار دولار- بمثابة محرك للدول، لبذل المزيد من الجهود والسعي لتوفير التمويل اللازم لتطوير الصناعة، حسب ما تابعته منصة الطاقة المتخصصة.

الهيدروجين وانتقال الطاقة

تسعى دول قارة آسيا إلى إحداث توازن بين الطلب المرتفع على الطاقة والانتقال للاعتماد على مصدر طاقة نظيف يتسم بالاستدامة، ويتطلب هذا التحدي إجراءات عدة تهدف إلى التوسع في تقنيات خفض الكربون لصالح زيادة الطاقة المتجددة.

ويخشى القائمون على صناعة الهيدروجين في آسيا تكرار العثرات التي تعرضت لها الصناعة في أوروبا خاصة بالمملكة المتحدة، وحاولوا مواكبة الضغط العالمي على الحكومات لتحديد إستراتيجية الاستثمار والتمويل الداعمة للابتكارات.

سفينة محملة بوقود الهيدروجين السائل في اليابان
سفينة محملة بوقود الهيدروجين السائل في اليابان - الصورة من Nikkei Asia

وخصصت عدد من الحكومات الآسيوية موارد ضخمة مدعومة بلوائح تمهد لمسارات انتقال الطاقة وإستراتيجيات نمو الاقتصاد، وكان أبرز هذه المسارات التوسع في خطط تطوير الهيدروجين على الصعيد المحلي، بهدف تنويع موارد الطاقة والاعتماد على التقنيات المتجددة.

واكتسب الهيدروجين الأخضر أولوية لدى دول القارة، لا سيما مع ظهور مُطورين ولاعبين كبار بها، غير أن تطوير مشروعات الهيدروجين في آسيا بصفة عامة يحتاج إلى حجم استثمارات ضخم بحلول نهاية العقد (2030) بما يصل إلى 90 مليار دولار طبقًا لتقدير مجلس الهيدروجين.

وجهات التمويل.. هل تنجح؟

بالنظر إلى أن صناعة الهيدروجين في آسيا تشكل مسارًا مستقبليًا مهمًا لانتقال الطاقة، دفع ذلك إلى تضافر الجهود العامة والخاصة للتوسع في مشروعاته ونشرها في أنحاء القارة كافة.

وكانت خطط تطوير الهيدروجين في آسيا أوفر حظًا من غيرها، إذ بالتوازي مع جهود الحكومات لتوفير جانب من مخصصات استثمارات الصناعة كان لممولي القطاع الخاص والمؤسسات المالية دور بارز في هذا الشأن.

وأخذ بنك التنمية الآسيوي -ومقره الفلبين- على عاتقه دعم مشروعات ومبادرات الوقود النظيف في القارة، ووقع اختيار البنك الآسيوي لاستثمارات البنية التحتية على "الهيدروجين" بوصفه أبرز أدوات التنمية المستدامة في القارة وخارج حدودها أيضًا.

وقُدرت الاستثمارات الخاصة بتطوير الهيدروجين في آسيا، خلال الأشهر الـ11 الأولى من العام الماضي (2022)، بنحو 5.7 مليار دولار.

وحصلت شركة "إس بي آي سي"، المطورة لتقنيات خلايا وقود الهيدروجين وإحدى أكبر شركات توليد الكهرباء في الصين، على تمويل قدره 890 مليون دولار.

ويشكل معرض "غازتك" المرتقب عقده في سنغافورة -خلال المدة من 5 إلى 8 سبتمبر/أيلول المقبل- فرصة سانحة لتوفير شراكات التمويل لصناعة الهيدروجين في آسيا، بما يُكسب القارة ميزة تنافسية تفوق تطور الصناعة خارج حدود القارة.

محطة للتزود بوقود الهيدروجين في اليابان
محطة للتزود بوقود الهيدروجين في اليابان - الصورة من Nikkei Asia

نماذج آسيوية

بينما تشترك غالبية الدول الآسيوية في الاتفاق على ضرورة تطوير صناعة الهيدروجين، ركز تقرير المنتدى الاقتصادي العالمي على دور بعض دول القارة في تقديم نموذج يحتذى به لدول العالم، عبر توفير التمويل المشترك بين الحكومات والقطاع الخاص.

وفيما يلي، تستعرض منصة الطاقة المتخصصة تطورات الصناعة في 3 دول شكلت الأبرز استثمارًا في الهيدروجين بآسيا وصناعة الطاقة بصورة عامة، وهي: (اليابان، والهند، وباكستان)، لكن اللافت إلى النظر كان غياب الصين أكبر الاقتصادات الآسيوية عن ترتيب الدول الثلاث.

1) اليابان

مع تخفيض الصين حجم استثمارات الطاقة خارج حدودها، احتلت اليابان دورًا قياديًا في قارة آسيا بالكامل، والتزمت حكومة طوكيو بتقديم ما يقرب من 10 مليارات دولار للإنفاق على انتقال الطاقة وتوسعة مصادر الطاقة المتجددة والنظيفة.

ومن بين حجم مخصصات إنفاق اليابان الضخم على الطاقة المتجددة والنظيفة كان للهيدروجين حظ وافر، إذ تعده الدولة الواقعة شرق القارة الآسيوية ضرورة لتخليص اقتصادها من الكربون وإحدى أبرز أدوات إستراتيجية الطاقة المتعلقة بها.

وخصصت اليابان استثمارات ضخمة لتطوير البنية التحتية للوقود النظيف، وأولت اهتمامًا بأبحاث تطوير سلاسل التوريد باستثمارات تصل إلى 2.7 مليار دولار، في حين حظيت مشروعات إنتاج الهيدروجين اليابانية باستثمارات تصل إلى 700 مليون دولار.

وبالتوازي مع الجهود الحكومية كان للقطاع الخاص والممولين دور حيوي في تطوير الصناعة، ويتولى بنك "ميتسوبيشي يو إف جيه" اقتراح بعض الإرشادات حول تمويل البنوك المشروعات منخفضة الكربون، عبر قيادته ائتلافًا يضم تحت لوائه عددًا من كبريات المؤسسات المالية العالمية.

ومن جانب آخر، موّل بنك اليابان للتعاون الدولي مشروعات هيدروجين محلية وخارج حدود طوكيو.

2) الهند

انضمت الهند مؤخرًا إلى نادي مُطوري صناعة الهيدروجين في آسيا، إذ أعلنت خلال الربع الأول من العام الماضي (2022) إستراتيجيتها الوطنية للصناعة، وعززتها نهاية العام ذاته بالكشف عن برنامج للحوافز والإعفاءات بما يصل إلى ملياري دولار.

ورغم الاتجاه الحكومي المتفائل، وجهود دعم الوقود النظيف في الهند كونها لاعبًا رئيسًا جديدًا للصناعة في القارة، تكافح نيودلهي لضمان أمن الطاقة وتلبية الطلب الآخذ في الارتفاع مع نمو عدد السكان.

سيارة تعمل بخلايا وقود الهيدروجين في الهند
سيارة تعمل بخلايا وقود الهيدروجين في الهند - الصورة من Autocar India

ومقابل ذلك، تسعى الهند لتلبية الطلب المحلي على الطاقة ومواصلة الانتقال نحو الطاقة الخضراء في الوقت ذاته، وفي سبيل ذلك يدعم صانعو السياسات التوسع في صور الطاقة منخفضة الكربون، ومن بينها الغاز الطبيعي والهيدروجين والوقود الحيوي.

وارتفع طموح الدولة الواقعة جنوب القارة الآسيوية لتتربع على عرش مُصدري الهيدروجين في آسيا، وشرعت في توقيع اتفاقيات والدخول في شراكات للتمهيد لهذه الصدارة، التي كان أحدثها الاتفاق مع الحكومة الأسترالية على التعاون في صناعة الهيدروجين الأخضر.

ومنح بنك الاستثمار الأوروبي دعمه للطموح الهندي، واتُفق على نشر مراكز الهيدروجين الأخضر ومشروعاته في أنحاء الدولة الآسيوية بنطاق واسع.

3) باكستان

دفع توافر الموارد الطبيعية من الطاقة الشمسية وطاقة الرياح نحو انضمام باكستان إلى مُطوري صناعة الهيدروجين في آسيا، وعدته ضمن خطتها لانتقال الطاقة بوصفه أبرز أدوات تخلص قطاع الطاقة من الكربون.

وتطمح باكستان أن يؤدي التوسع في صناعة الهيدروجين إلى ضمان أمن الطاقة والاستفادة من الموارد المحلية، ما يصب في نهاية الأمر بصالح الاقتصاد المحلي.

وزاد تركيز الدولة الواقعة في الجنوب الآسيوي على صناعة الهيدروجين، بعدما تأثرت إسلام آباد بأزمة الطاقة التي ضربت الأسواق المختلفة العام الماضي (2022)، في حين أثرت البنية التحتية المتهالكة لقطاع الكهرباء الباكستاني سلبًا في صناعة النسيج خلال العام الجاري (2023).

ويبدو أن أنظار الحكومة الباكستانية تعلقت بصناعة الهيدروجين لإنقاذ أمن الطاقة، وتحقيق الأهداف المناخية في آن واحد.

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق