انخفاض ميزانية الكربون للنصف في 3 سنوات ينذر بعواقب مناخية كارثية (دراسة)
وحدة أبحاث الطاقة - أحمد عمار
تشهد انبعاثات غازات الاحتباس الحراري ارتفاعًا مستمرًا لتصل إلى مستويات غير مسبوقة، مع انخفاض ميزانية الكربون، المعنية بالحد المسموح به من الانبعاثات لتحقيق هدف اتفاقية باريس للمناخ، إلى النصف في غضون 3 سنوات فقط، رغم محاولات مواجهة ارتفاع درجة حرارة الأرض من خلال تنفيذ مشروعات خضراء في جميع القطاعات، على رأسها النقل والطاقة.
وتوصّلت دراسة حديثة، نُشرت في مجلة إرث سيستم ساينس داتا (Earth System Science Data)، إلى أن انبعاثات غازات الاحتباس الحراري وصلت إلى أعلى مستوياتها على الإطلاق، محذرةً من تسبب ذلك في ارتفاع درجة حرارة الأرض لمستويات غير مسبوقة.
وأوضحت الدراسة أن ميزانية الكربون المتبقية -تعني الكمية المسموح بإطلاقها في الغلاف الجوي للحفاظ على حرارة الأرض عند 1.5 درجة مئوية- انخفضت بحلول العام الجاري (2023) إلى 250 مليار طن من ثاني أكسيد الكربون، مقابل 500 مليار طن، وهو الرقم الذي أعلنه تقرير الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ عام 2020.
ويعني ذلك استمرار انبعاثات غازات الاحتباس الحراري في ارتفاعها القياسي؛ إذ تشير الدراسة إلى إطلاق ما يعادل 54 مليار طن سنويًا من ثاني أكسيد الكربون خلال المدة من 2013 حتى 2022، وفقًا لما نقلته وحدة أبحاث الطاقة.
واعتمادًا على هذا القدر من الانبعاثات؛ فإن ميزانية الكربون قد تنفد في غضون 5 سنوات فقط؛ ما يُنذر بعواقب كارثية على الكوكب.
العقد الحالي حاسم في مواجهة تغير المناخ
رغم الانخفاض الحاد الذي شهده عام 2020، بفضل الإغلاقات التي طُبقت لمواجهة جائحة كورونا؛ فقد واصلت انبعاثات غازات الاحتباس الحراري ارتفاعها في العامين التاليين، لتتقلص ميزانية الكربون، مع التعافي الاقتصادي بعد الجائحة والأزمة الروسية الأوكرانية؛ ما زاد الاعتماد على الوقود الأحفوري، لتلبية الطلب على الطاقة، ومواجهة عجز الإمدادات.
وكانت وكالة الطاقة الدولية قد أشارت إلى ارتفاع انبعاثات الكربون من قطاع الطاقة بمقدار 321 مليون طن خلال 2022، ليصل الإجمالي إلى 36.8 مليار طن، وهو أعلى مستوى على الإطلاق.
ويرى المؤلف الرئيس للدراسة، الذي يشغل مدير مركز بريستلي لمستقبل المناخ في جامعة ليدز، بيرس فورستر، أن العقد الحالي سيكون حاسمًا لمواجهة تغير المناخ؛ إذ سيكون للقرارات المتبعة -حاليًا- تأثير في مقدار ارتفاع درجات حرارة الأرض ومدى حدتها".
ولم يستبعد خبير المناخ حدوثَ تباطؤ في الزيادة السنوية لانبعاثات غازات الاحتباس الحراري، ولكنه دعا إلى اتباع إجراءات أقوى بكثير من المطبّقة حاليًا، قائلًا: "الوقت لم يعد في صالحنا".
ويرصد الرسم البياني التالي، الذي أعدّته وحدة أبحاث الطاقة، تطور انبعاثات ثاني أكسيد الكربون من قطاع الطاقة حتى 2022:
كوب 28 إحدى الفرص الأخيرة
من المنتظر عقد قمة الأمم المتحدة للمناخ كوب 28 في الإمارات، خلال شهر نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، وهو الاجتماع الذي تصفه صحيفة الغارديان البريطانية بأنه إحدى الفرص الأخيرة للعالم للمضي قدمًا في تحقيق أهداف اتفاقية باريس للمناخ والبقاء في حدود 1.5 درجة مئوية، قبل أن تلتهم الانبعاثات المتزايدة ميزانية الكربون المتبقية.
ومن المتوقع أن تشهد القمة المقبلة للمناخ في الإمارات تقييمًا عالميًا لأول مرة لمدى التزام الدول الموقّعة على اتفاقية باريس للمناخ بتعهداتها لخفض الانبعاثات، وإذا كانت على المسار الصحيح من عدمه.
وترجّح الدراسة أن التقييم سيظهر أن العالم بعيد عن المسار الصحيح لخفض الانبعاثات والبقاء في حدود 1.5 درجة مئوية، وهو ما يظهر جليًا في انخفاض ميزانية الكربون العالمية.
وبحسب تقديرات الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ، ينبغي خفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري العالمية إلى النصف تقريبًا بحلول عام 2030، مقارنة بمستويات 2010 للبقاء عند درجة حرارة 1.5 مئوية، والوصول إلى الحياد الكربوني بحلول عام 2050.
ولتحقيق ذلك، ينبغي خفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري عالميًا بنحو 7% سنويًا خلال العقد الأول من القرن الـ21، وفق المعلومات التي رصدتها وحدة أبحاث الطاقة.
وكانت وكالة الطاقة الدولية قد توصّلت إلى أن الانبعاثات الصادرة عن قطاع الطاقة -أكبر مصدر للانبعاثات- تشير إلى علامات الوصول لمرحلة الاستقرار، ومع ذلك هناك 18 دولة فقط أظهرت انخفاضًا مستدامًا في انبعاثاتها.
وشدد المؤلف المشارك في إعداد الدراسة، أستاذ علوم المناخ في إمبريال كوليدج لندن، جويري روجيل، في حديثه لصحيفة الغارديان البريطانية، على أن الارتفاع المستمر في الانبعاثات الضارة يعني أنه ينبغي فعل المزيد.
موضوعات متعلقة..
- الاحتباس الحراري يزيد تواتر وقسوة ظاهرتين مدمرتين (دراسة)
- الفجوة بين وعود التخلص من الانبعاثات والتنفيذ تعرّض العالم لمخاطر كارثية (دراسة)
- رئيس قمة المناخ كوب 28 يدعو لوقف انبعاثات الميثان بحلول 2030
اقرأ أيضًا..
- 5 دول تهبط بإنتاج أوبك النفطي 464 ألف برميل يوميًا في مايو
- الطلب على منصات الحفر البحرية مرشح للانتعاش بعد عقد من الركود (تقرير)
- شركة ألمانية تطلب شراء كل إنتاج الجزائر من الهيدروجين