نفطالتقاريرتقارير النفطتقارير دوريةرئيسيةوحدة أبحاث الطاقة

أزمة المشتقات النفطية العالمية في 2023.. تقرير يوضح أسباب الهدوء

ضعف هوامش التكرير يعكس فائض المعروض العالمي

وحدة أبحاث الطاقة - رجب عز الدين

اقرأ في هذا المقال

  • أزمة قطاع التكرير العالمي ممتدة منذ إغلاقات كورونا.
  • الحرب الأوكرانية كشفت عن ضعف مناعة القطاع ضد صدمات العرض.
  • تضاعف هوامش التكرير 10 مرات متوسطها خلال السنوات الـ5 الأخيرة.
  • بعض الاختلافات الإقليمية تفسر تباين هوامش التكرير في أوروبا وأميركا.
  • أزمة التكرير خلال 2022 لم تدُم طويلًا ولم تعكس تغييرات هيكلية.

استحوذت أزمة المشتقات النفطية العالمية على اهتمام خبراء الطاقة، بل المستهلكين، مع ارتفاع أسعار الوقود منذ جائحة كورونا، حتى الحرب الأوكرانية التي فجّرت الأزمة الكامنة، لذلك أجاب خبراء التحليل بشركة الأبحاث وود ماكنزي، في تقرير حديث، عن التساؤلات بشأن هذه الأزمة العالمية، وإلى أين وصلت؟ وهل يمكن أن تمتد إلى باقى عام 2023 و2024؟

وكانت أزمة الحرب الروسية الأوكرانية كاشفة عن مدى هشاشة سلسلة قيمة النفط العالمية التي منحت المستهلكين شعورًا زائفًا بالأمان.

ويأتي ذلك بسبب الأسعار المعتدلة طوال معظم أوقات العقد الماضي، ثم صدمتهم بارتفاعات قياسية مفاجئة لم يألفوها منذ عقود طويلة، وفقًا لما رصدته وحدة أبحاث الطاقة.

حرب أوكرانيا تُعمّق الجراح

تمتد أزمة المشتقات النفطية العالمية منذ جائحة كورونا؛ إذ تعرضت مصافي التكرير لضغوط شديدة بسبب الإغلاق؛ ما أدى إلى ضعف الاستثمار في المصافي الجديدة وإغلاق الوحدات القديمة خلال الوباء، وتحول بعضها إلى إنتاج الوقود الحيوي.

وأسهمت الجائحة في إضعاف قدرات قطاع التكرير العالمي؛ ما جعله أكثر عرضة لصدمات العرض التي كشفت عنها الحرب الروسية الأوكرانية وضغطت عليها بشدة حتى تحولت إلى تهديد حقيقي للقطاع.

ويستعرض الإنفوغرافيك التالي، الذي أعدّته وحدة أبحاث الطاقة، تفاصيل أزمة المشتقات النفطية العالمية خلال العامين الماضيين:

سعة تكرير النفط في العالم

وتسببت العقوبات الغربية المفروضة على الشركات التي تتعامل مع روسيا تجاريًا في انتشار الخوف في أسواق المشتقات النفطية العالمية، خاصة مع الحظر المفروض على صادرات الخام الروسي والمنتجات المكررة.

وفرض الاتحاد الأوروبي ومجموعة الـ7 حظرًا على صادرات النفط الروسي المنقولة بحرًا منذ 5 ديسمبر/كانون الأول 2022، ثم أُدرجت المشتقات النفطية -بما في ذلك الديزل الروسي- على قائمة المحظورات بدءًا من 5 فبراير/شباط 2023، وفقًا لما رصدته وحدة أبحاث الطاقة.

ارتفاع هوامش التكرير عالميًا

ارتفعت أسعار المشتقات النفطية العالمية على المستهلكين النهائيين، كما قفزت هوامش التكرير لدى شركات النفط بما يتجاوز 10 أضعاف متوسطها التاريخي خلال السنوات الـ5 الماضية.

وارتفع هامش التكرير العالمي المركّب -الذي ترصده وود ماكنزي- إلى 25 دولارًا للبرميل في يونيو/حزيران 2022، كما زادت أسعار النفط الخام إلى الضعف تقريبًا خلال الشهر نفسه.

واختلفت معدلات هوامش التكرير من منطقة إقليمية إلى أخرى، على حسب المخزونات، ودرجة الوصول إلى المواد الأولية الخام والمنتجات، وعدد وحدات المعالجة في المصافي وقدراتها.

في شمال غرب أوروبا، تداول الديزل بعلاوة سعرية 60 دولارًا للبرميل فوق خام برنت خلال صيف عام 2022، مقارنة بـ16دولارًا قبل الأزمة.

بينما وصل متوسط أسعار البنزين الشهرية في الولايات المتحدة إلى قرابة 40 دولارًا للبرميل فوق خام برنت في صيف عام 2022، مقارنة بـ11 دولارًا قبل الحرب، وفقا لما رصدته وحدة أبحاث الطاقة.

المصافي الأميركية أكبر الرابحين من الأزمة

خرجت مصافي التكرير الأميركية من عام 2022، بمكاسب كبيرة -سواء على مستوى الشركات المستقلة أو المتكاملة- كما حقق التجار أرباحًا استثنائية مستفيدين من تقلب أسواق المشتقات النفطية العالمية.

في المقابل، خرج المستهلكون بخسائر وأعباء ضخمة ألقيت على عاتقهم، كما شعرت الحكومات بقلق بالغ من تزايد معدلات التضخم وتداعياته على المواطنين.

أما على مستوى عام 2023؛ فقد رصد خبراء وود ماكنزي تراجعًا كبيرًا في أسعار المشتقات النفطية العالمية إلى مستويات ما قبل الحرب؛ إذ انخفض هامش التكرير العالمي المركب لشهر أبريل/نيسان 2023، بنسبة 70% مقارنة بذروة عام 2022.

كما رصدت وود ماكنزي انخفاض هامش التكرير العالمي المركّب -في بعض الأوقات من عام 2023- إلى أدنى من المتوسط التاريخي للسنوات الـ5 الأخيرة، لأول مرة منذ الحرب الأوكرانية؛ ما يؤثر في وفرة المعروض العالمي مقابل الطلب.

ويتوقع خبراء قطاع التكرير العالمي في وود ماكنزي أن تؤدي الضغوط الهبوطية الحالية على هوامش التكرير إلى دفع المصافي التي لديها قدرات تكريرية أقل في آسيا وأوروبا إلى خفض معدلات التشغيل خلال الأشهر المقبلة.

لماذا انخفضت الأسعار بسرعة في 2023؟

قدمت وود ماكنزي تفسيرًا مركّبًا لظاهرة الانخفاض السريع في أسعار المشتقات النفطية العالمية خلافًا للمخاوف السائدة والتقديرات التي رجّحت مواصلة ارتفاعها مع استمرار الحرب.

ولاحظ المحللون -أولًا- أن مخاوف نضوب الإمدادات الروسية من العالم لم تحقق، بعد نجاح الخام الروسي في جذب مشترين بديلين لأوروبا، ولا سيما في الهند والصين، الذين انتهزوا الفرصة لاستيراد النفط الروسي بأسعار مخفضة.

فضًلا عن ذلك، وجدت المنتجات الروسية طريقها إلى تركيا وشمال أفريقيا والشرق الأوسط وأميركا اللاتينية بصور مختلفة؛ ما أسهم في بقاء أحجام الصادرات الروسية شبه ثابتة رغم العقوبات والحظر الغربي.

كما لاحظ المحللون -ثانيًا- تراجع أسعار النفط الخام؛ حيث تداول خام برنت عند مستوى أقل من 80 دولارًا للبرميل، بانخفاض كبير عن الذروة الشهرية التي بلغها في يونيو/حزيران 2022 عند 123 دولارًا للبرميل.

وامتدت ملاحظة المحللين -ثالثًا- إلى ظروف الشتاء المعتدل في نصف الكرة الشمالي، التي أدت إلى انخفاض الطلب على وقود التدفئة أكثر من المتوقع، فضلًا عن ضعف معنويات السوق خلال الأشهر الماضية بسبب الاقتصاد العالمي المتعثر وزيادة المخاوف بشأن قدرة القطاع المصرفي الأميركي على الصمود، والعودة البطيئة للنشاط الصناعي في الصين على غير المتوقع بعد تخفيف قيود كورونا.

ولم ينسَ المحللون -رابعًا- دور مصافي التكرير الجديدة التي شُغِّلَت في الشرق الأوسط والصين في زيادة المعروض من المنتجات المكررة وخاصة الديزل؛ ما أسهم في تهدئة مخاوف أسواق المشتقات النفطية العالمية.

التقلبات القياسية أصبحت من الماضي

يعتقد خبراء وود ماكنزي أن زمن الأسعار القياسية والتقلبات الشديدة التي شهدها العالم منتصف عام 2022، قد ولّى وأصبح من الماضي، وذلك مع تكيف السوق بصورة جيدة مع التدفقات التجارية الجديدة للخام والمنتجات، وتحسن الأوضاع بالنسبة للمستهلكين.

كما يُتوقع أن تسهم طاقة التكرير الجديدة المضافة حول العالم في تهدئة مخاوف المعروض العالمي، خلال العام الجاري، إذ جرى تشغيل أكثر من 800 ألف برميل يوميًا من طاقة التكرير الجديدة أواخر 2022.

ومن المتوقع بدء تشغيل طاقة تكريرية تصل إلى 1.5 مليون برميل يوميًا أخرى هذا العام؛ بما في ذلك مصفاة دانغوتي النيجيرية العملاقة التى أُعلن تشغيلها حديثًا، في 22 مايو/أيار 2023؛ ما سيعزز من مناعة السوق ويجعلها أقل عرضة لأي صدمات جديدة من ناحية العرض.

ويوضح الرسم التالي -من إعداد وحدة أبحاث الطاقة- أبرز مصافي التكرير المخططة في الشرق الأوسط وآسيا خلال عامي 2022 و2023:

تكرير النفط في آسيا والشرق الأوسط

ولم يغفل خبراء وود ماكنزي القلق الدائم وحالة عدم اليقين، خاصة فيما يتعلق بمخاوف التوقيتات الزمنية المتعلقة بتشغيل مصافي التكرير الجديدة، ومتى تصل إلى معدلات تكثيف الإنتاج، وغيرها من القضايا المحتملة المرهونة بالظروف المحلية والعالمية.

توقعات باستمرار هدوء الأسواق

من المتوقع استقرار هوامش التكرير أو انخفاضها عن متوسطها التاريخي، إذا نجحت السعة العالمية المتاحة في التوازن مع نمو الطلب المتوقع خلال الأشهر الـ18 المقبلة، حتى نهاية 2024.

ويعتقد محللو وود ماكنزي أن عاصفة التكرير العالمية في عام 2022، لم تدُم طويلًا ولم تعكس تغيرات هيكلية في السوق.

إذ عادت هوامش التكرير إلى المعايير التاريخية هذا العام، بفضل مرونة الصادرات الروسية ونجاحها في البقاء بالأسواق العالمية عبر أسواق بديلة، إلى جانب نمو العرض العالمي بفضل عوامل أخرى؛ من بينها تعزيز قدرات مصافي التكرير في الشرق الأوسط وأفريقيا والصين.

ويرجّح فريق المحللين في وود ماكنزي -أخيرًا- نمو الطلب العالمي على النفط، خلال النصف الثاني من عام 2023، رغم الهدوء الحالي الذي يخيّم على الأسواق العالمية.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق