منصات الحفر البحرية في أفريقيا تتأهب لأعلى مستويات التنقيب خلال 10 سنوات
وتزايد الطلب عليها في 2023
أحمد أيوب
يشهد الطلب على منصات الحفر البحرية في أفريقيا ارتفاعًا ملحوظًا خلال العام الجاري (2023)، مع توسُّع شركات النفط العالمية في أنشطة الحفر والاستكشاف في المياه البحرية بالقارة السمراء.
يأتي ذلك بينما ترغب بلدان القارة في الاستفادة من الطفرات التي تشهدها أسعار النفط عالميًا لتعزيز عوائدها، عبر تكثيف أنشطة الحفر والاستكشاف، بحسب تقرير نشره إنرجي كابيتال أند باور (Energy Capital & Power).
وتشير التوقعات إلى أن أنشطة الاستكشاف من المتوقع أن تصل إلى أعلى مستوى لها في 10 سنوات خلال العام الجاري، ما يُسهم في تعزيز مستويات الطلب على منصات الحفر البحرية في أفريقيا، وفق ما اطّلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة.
زيادة وتيرة الاستكشافات
تُشير المعطيات إلى أن عمليات التنقيب عن النفط في المياه البحرية بالدول الأفريقية -خاصة جنوب الصحراء- تشهد نشاطًا قويًا، إذ تجري بالمنطقة العديد من العمليات الاستكشافية.
وتخضع 30 منصة من منصات الحفر البحرية في أفريقيا للتشغيل، فضلًا عن التفاوض على إضافة المزيد من المنصات خلال المرحلة المقبلة، بحسب التقرير الذي أعدّته شركة هاولتي البحثية المعنية بشؤون الطاقة في أفريقيا، بالشراكة مع مجموعة كافيرتون للدعم اللوجيستي البحري.
وفي هذا السياق، تسهم شركة "إيني" الإيطالية بزيادة الطلب على منصات الحفر البحرية في أفريقيا، بمواصلتها أنشطة الحفر البحري لنحو 6 آبار في جمهورية الكونغو الديمقراطية.
بينما تعمل شركة الصين الوطنية للنفط البحري "المعروفة باسم سينوك" على استكمال أعمال الحفر لبئرين في منطقة واعدة بالمياه العميقة في الغابون.
ومن ناحية أخرى، يوجد عدد من الاكتشافات المُنجزة، منها -على سبيل المثال-: الاكتشاف الثاني لشركة "شل" الأنغلوهولندية الذي يحمل اسم "جونكر-1 إكس" بالمياه العميقة في نامبيا.
وسجل الاستكشاف نشاطًا قويًا خلال العام الجاري (2023)؛ ما يؤكد أن الطلب على منصات الحفر البحرية في أفريقيا من المتوقع أن يتزايد بقوة خلال المدة المقبلة.
أنغولا ونيجيريا تتصدران
طالما كانت أنغولا -تليها نيجيريا- أكثر الوجهات استقبالًا لأنشطة منصات الحفر البحرية في أفريقيا، وتتجه التوقعات إلى أن أعداد منصات الحفر في الدولتين قد تتزايد بحلول عام 2026، بفضل أعمال الحفر، سواء في المشروعات الجديدة أو القائمة بالفعل، ما يعني أن البلدين يستقبلان أعلى عدد من منصات الحفر البحرية في أفريقيا.
- أنغولا
تعاقدت أنغولا -حتى الآن- على 6 منصات ضمن أسطول منصات الحفر البحرية في أفريقيا، تعتمد عليها مجموعة من أبرز شركات النفط العالمية، مثل "توتال إنرجي" الفرنسية، و"أزول إنرجي"، و"شيفرون"، و"إكسون موبيل" الأميركيتين، وتملك هذه الشركات كل منصات الحفر العاملة.
كما أن الجهود المبذولة من قبل هذه الشركات لتنفيذ مشروعات الحفر البحرية، وكذلك عمليات ربط الاكتشافات مع وحدات التخزين والتفريغ العائمة القائمة، من شأنها زيادة الطلب على منصات الحفر البحرية في أفريقيا بصورة عامة، وأنغولا بصورة خاصة.
ويوضح الرسم البياني التالي -الذي أعدّته منصة الطاقة المتخصصة- تطور إنتاج أنغولا من النفط الخام خلال المدة من عام 2019 حتى عام 2022:
ويمثّل قطاع النفط في أنغولا 50% من إيرادات الناتج المحلي الإجمالي.
وحلّت أنغولا في المركز الأول ضمن قائمة أكبر منتجي النفط في أفريقيا، خلال العام الماضي (2022)، بعد أن انتزعت الصدارة من نيجيريا التي تعاني من ظاهرة سرقة النفط المُنظمة.
ويعمل في البلد الأفريقي العديد من الشركات الأجنبية، مثل شركة النفط البريطانية بي بي، و إيني الإيطالية، لكن شركتي "توتال إنرجي" الفرنسية و"إكسون موبيل" الأميركية هما الأكثر حضورًا.
وتُقدّم السلطات في أنغولا حوافز عديدة للشركات العالمية لتعزيز وجودها في القطاع النفطي بالبلاد، ضمن إطار خطة تستهدف الوصول إلى معدل إنتاج يصل إلى 1.3 مليون برميل يوميًا، خلال السنوات الـ3 المقبلة.
وفي مارس/ آذار الماضي، وقّعت وكالة النفط والغاز الأنغولية اتفاقًا مع شركتي "إكسون موبيل" و"سونانغول" المحلية الحكومية؛ إذ تخطط الشركة الأميركية لضخّ استثمارات فدرها 15 مليار دولار في أنغولا حتى عام 2030.
وتهدف الاستثمارات إلى تطوير بعض المربعات النفطية الجديدة الواقعة ضمن حوض ناميبي النفطي، الذي يعدّ بمثابة فرص رهان لإنعاش قطاع النفط في أنغولا.
وفي يوليو/تموز 2022، اتخذت شركة "توتال إنرجي" الفرنسية قرار الاستثمار النهائي في حقل بيغونيا النفطي، الذي يضم 5 آبار بطاقة إنتاجية متوقعة تصل إلى 30 ألف برميل يوميًا، وتبلغ التكلفة الاستثمارية الأولية في الحقل قرابة 850 مليون دولار.
- نيجيريا
لم تقتصر طفرة منصات النفط البحرية في أفريقيا على مشروعات أنغولا فقط، بل كان لنيجيريا -أيضًا- دور مهم، إذ من المخطط تشغيل 5 منصات حفر خلال العام الجاري 2023، من بينها حفّارات تابعة لشركة "شل نيجيريا" للاستكشاف والإنتاج المحدودة، في مربع "أو إم إل 118"، وأخرى تابعة لشركة "توتال إنرجي" في مربع "أو إم إل 130".
وتتوقع الدراسة أن شركات مثل "شيفرون"، و"فيرست" للاستكشاف والإنتاج، و"جنرال هايدروكربوز" المحلية، و"داماس" للاستكشاف والإنتاج، ستزيد الطلب على حفارات النفط من نوعية "جاك أب" في مشروعات المياه الضحلة بنيجيريا.
وتراجعت نيجيريا إلى المركز الثاني في قائمة أكبر البلدان المنتجة للنفط في أفريقيا، بعد أن عجزت عن الوفاء بحصص الإنتاج التي حدّدتها منظمة أوبك خلال المدة بين مارس/آذار وسبتمبر/أيلول (2022).
وفيما يلي رسم بياني -أعدّته منصة الطاقة المتخصصة- حول إنتاج نيجيريا من النفط الخام خلال المدة من عام 2019 حتى 2022:
كما انخفض إنتاج النفط في نيجيريا إلى أدنى مستوى له منذ عدّة عقود، عند أقلّ من 1.2 مليون برميل يوميًا في سبتمبر/أيلول (2022)، وانخفض إلى النصف تقريبًا منذ الربع الأول من عام 2020.
وتراجع إنتاج نيجيريا من النفط، خلال المدة من عام 2012 حتى 2021، بنحو 40%.
ولتعويض هذا التراجع، طرحت السلطات فرصًا للاستثمار في 7 مربعات نفطية بالمياه العميقة، حسبما أُعلن نهاية أكتوبر/تشرين الأول العام الماضي.
وتقع المربعات الـ7 البحرية المطروحة على بُعد 150 كيلومترًا جنوب شرق ميناء لاغوس جنوب غرب البلاد، بعمق يتراوح بين 1000 و2000 متر.
وتخطط الحكومة لإطلاق جولات أكبر تستهدف تعزيز أنشطة استكشاف النفط في نيجيريا عبر المياه العميقة، بما يتوافق مع توقعات انتعاش منصات الحفر البحرية في أفريقيا خلال العام الجاري (2023).
تجدر الإشارة إلى أن إنتاج النفط والغاز من المياه العميقة في نيجيريا بقيادة شركات دولية مثل "شل" و"توتال إنرجي" مثّل نحو 35% من إجمالي الإنتاج، لكن هذه النسبة ارتفعت في العام الماضي (2022)، في ظل صعوبات الإنتاج من الحقول البرية.
أسعار النفط ونشاط الشركات
شجعت الزيادات التي شهدتها أسعار النفط والغاز عالميًا مُنتجي الطاقة الأفارقة وشركات الطاقة العالمية والحكومات على تسريع وتيرة أعمال المنبع؛ ما أدى إلى ارتفاع الطلب على منصات الحفر البحرية في أفريقيا.
وتعمل دول، مثل جنوب أفريقيا وموريتانيا وموزمبيق وغانا وغينيا بيساو، على تكثيف الاستعداد لمشروعات الاستكشاف بهدف الاستفادة من الزيادات في الأسعار لتعظيم موارد موازناتها.
وتُسرّع الشركات العالمية خططها في المياه البحرية الأفريقية عبر قرارات الاستثمار النهائية للمشروعات، كما تعمل على تعجيل تطوير البُنى التحتية اللازمة لتشغيل المشروعات، وهي أحد الأسباب المهمة وراء ارتفاع الطلب على منصات الحفر البحرية في أفريقيا.
ومن المتوقع أن تُسرّع شركة "إيني" الإيطالية من أعمال تنمية مشروع "مارين 12" في الكونغو، وكذلك تعجّل شركة "ترايدنت إنرجي" حملتها الاستكشافية في غينيا الاستوائية، كما تحرص شركة "بيرنكو" الأنغلوفرنسية للطاقة على إحراز تقدّم في حفر 6 آبار جديدة في الكونغو.
ومن المرجح -أيضًا- أن تبدأ "شل" و"توتال إنرجي" استعدادات أعمال الحفر الاستكشافية في ناميبيا، بعد اكتشاف حقلي "فينوس -1" و "غراف-1" العام الماضي 2022.
بينما لدى السنغال خطة لحفر المزيد من الآبار لدفع خطة نمو الهيدروكربونات، إذ إنه من المستهدف بدء أول إنتاج للنفط والغاز العام الجاري 2023.
وبينما تسعى دول القارة للتعامل مع قضايا مثل الوصول إلى الطاقة، والموثوقية، والملاءة المالية، عبر تعزيز عمليات تنمية مواردها المحلية من النفط والغاز، فإنه من المتوقع أن يزداد الطلب على منصات الحفر البحرية في أفريقيا خلال العام الجاري 2023، والأعوام اللاحقة.
موضوعات متعلقة..
- مشروعات النفط والغاز في أفريقيا تجذب تمويلات مصرفية بـ16 مليار دولار
- النفط في أنغولا.. جولة عطاءات بدعم من 3 شركات عالمية
- توتال إنرجي توقف إنتاج حقل داليا النفطي في أنغولا 35 يومًا
- إيرادات النفط في نيجيريا تقفز بأكثر من 46% في 2022
- إنتاج النفط في نيجيريا مهدد بخسارة 4 ملايين برميل
اقرأ أيضًأ..
- رئيس أرامكو: ندعم أمن الطاقة الصيني عبر 3 إستراتيجيات رئيسة
- إنرجيان الإسرائيلية تعلن موعد إنتاج الغاز من آبار أبوقير المصرية
- أنس الحجي: أوبك+ يتأثر بسوء بيانات النفط.. ما دور الشائعات؟ (تقرير)