نفطالنشرة الاسبوعيةتقارير النفطسلايدر الرئيسية

صفقات النفط والغاز في شمال أفريقيا على رادار عمالقة الطاقة.. مصر والجزائر وليبيا تقود الطفرة

محمد عبد السند

يتدافع عمالقة الطاقة حول العالم على إبرام صفقات النفط والغاز في شمال أفريقيا؛ إذ يُنظر إلى المنطقة على أنها طوق إنقاذ الأوروبيين من صدمات الطاقة التي أحدثتها الحرب الأوكرانية، نتيجة شُح الإمدادات الروسية.

وفتح الصراع الروسي-الأوكراني سوق واردات طاقة جديدة لبلدان القارة العجوز؛ إذ تحول اهتمام كبريات الشركات في الآونة الأخيرة إلى استكشاف النفط والغاز في شمال أفريقيا، لسد الطلب المحلي المتنامي.

ففي أعقاب سنوات من تراجع وتيرة الاستثمارات في البنية التحتية للطاقة في شمال أفريقيا، تكثف شركات الطاقة العالمية، بدءًا من هاليبرتون الأميركية المتخصصة في خدمات الطاقة والهندسة والبناء، ومواطنتها شيفرون، إلى إيني الإيطالية، جهودها لإبرام صفقات النفط والغاز في شمال أفريقيا، مع تنامي الطلب من أوروبا، حسبما ذكرت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية.

ويراهن المسؤولون التنفيذيون في الصناعة على جدوى أعمال التنقيب والاستكشاف في شمال أفريقيا؛ إذ تعد واحدة من أصعب المناطق التي يمكن مزاولة الأعمال بها في العالم، بينما تسرع أوروبا الخُطى صوب تأمين مصادر طاقة بديلة على خلفية نقص الإمدادات الروسية عقب الحرب الأوكرانية التي اندلعت شرارتها في 24 فبراير/شباط (2022)، وفق ما رصدته منصة الطاقة المتخصصة.

صفقات مليارية

في الأشهر الأخيرة، نظم عدد من المسؤولين الأوروبيين جولات إلى بلدان عدة بالمنطقة؛ للمساهمة في دفع المفاوضات الجارية بشأن صفقات النفط والغاز في شمال أفريقيا.

وأبرمت شركتا "هاليبرتون" و"هانيويل إنترناشونال"، رائدة التقنيات الإلكترونية المعقدة، صفقات يصل إجمالي قيمتها 1.4 مليار دولار، لتطوير حقل نفط ومصفاة تكرير مع المؤسسة الوطنية للنفط في ليبيا، التي تمتلك أكبر احتياطيات نفطية مثبتة في عموم أفريقيا، بحسب ما صرح به رئيس رائدة الطاقة الليبية فرحات بن قدارة.

وتخطط إيني لضخ استثمارات في استبدال الغاز الجزائري بنصف الغاز الذي كانت تستورده من روسيا.

وبالمثل، جذبت صفقات النفط والغاز في شمال أفريقيا أنظار شيفرون التي تتطلع هي الأخرى لإبرام صفقة للتنقيب عن النفط والغاز في الجزائر، بحسب ما أوردته صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية.

وفي يناير/كانون الثاني (2023)، أعلنت شيفرون اكتشاف غاز طبيعي ضخمًا في مصر.

ويرصد الرسم البياني التالي -الذي أعدّته منصة الطاقة المتخصصة- إمدادات الغاز في أفريقيا من أكبر 3 منتجين:

تعرف على أكبر منتجي الغاز في أفريقيا

انحسار المخاطر السياسية

قال رئيس مؤسسة "نورث أفريكا ريسك كونسالتينغ" -ومقرها الولايات المتحدة- جيف بورتر: "منطقة شمال أفريقيا بطيئة في تطوير إمكاناتها بسبب المخاطر السياسية المحدقة بها، والتي تتعلق إما بانعدام الأمن وإما بتفشي البيروقراطية".

وأوضح بورتر أنه مع تزايد حاجة أوروبا لإنهاء اعتمادها على إمدادات الطاقة الروسية؛ فقد سنحت الفرصة أمام عقد صفقات النفط والغاز في شمال أفريقيا.

وذكر المسؤولون التنفيذيون بالصناعة أنهم يلمسون مناخًا سياسيًا أكثر استقرارًا في شمال أفريقيا، ولا سيما في دول مثل ليبيا التي هدأت بها وتيرة الاشتباكات المسلحة بين الفصائل المحلية المتناحرة خلال العامين الماضيين في أعقاب نحو عقد من الحرب الأهلية.

وانسحب العديد من الشركات الأميركية من المنطقة بداعي اضطراب الأوضاع السياسية في المنطقة؛ ما دفعها إلى تحويل وجهتها والتركيز على إنتاج النفط الصخري محليًا.

القرب الجغرافي من أوروبا

تحظى صفقات النفط والغاز في شمال أفريقيا بميزة كبيرة بفضل القرب الجغرافي للمنطقة من أوروبا، إلى جانب احتياطياتها الهائلة من النفط والغاز؛ إذ تمتلك الجزائر ثالث أكبر احتياطي من النفط الصخري القابل للاستخراج في العالم؛ ما يجعل مزاولة الأعمال في البلد العربي تستحق المخاطرة، بحسب ما ذكره المسؤولون التنفيذيون.

في غضون ذلك، تبدي الشركات المحلية المملوكة للحكومة في البلد العربي حرصًا على اقتناص صفقات النفط والغاز في شمال أفريقيا؛ إذ ترى فيها فرصة ذهبية لسد الهُوة التي خلفتها روسيا، واستغلال الصعود الصاروخي في أسعار السلعتين الحيويتين.

وثمة بلدان، مثل مصر، تطوق إلى جلب إيرادات إضافية من بيع منتجات الطاقة؛ إذ تعاني اقتصاداتها في ظل ارتفاع تكاليف الواردات، من بينها الغذاء.

وقادت الحرب الروسية-الأوكرانية إلى عرقلة وصول الشحنات، ومن ثم ارتفعت أسعار السلع العالمية.

الإنفوغرافيك أدناه -الذي أعدّته منصة الطاقة المتخصصة- يبيّن أبرز أرقام المحروقات في الجزائر بعد الحرب الأوكرانية:

المحروقات في الجزائر

ليبيا بديل للغاز الروسي

في هذا الصدد، قال رئيس المؤسسة الوطنية للنفط في ليبيا فرحات بن قدارة: "في تقديري أننا قد نكون بديلًا جيدًا للغاز الروسي بالنسبة إلى أوروبا".

ومن المتوقع أن تبرم المؤسسة الوطنية للنفط في ليبيا -قريبًا- اتفاقية بقيمة مليار دولار، مع هاليبرتون، والتي ستتيح للأخيرة إعادة بناء حقل الظهرة النفطي، وفقًا لتصريحات فرحات بن قدارة.

ودُمِّر الحقل النفطي الواقع وسط ليبيا من قِبل مسلحي تنظيم داعش في عام 2015، وتديره الآن شركتا كونوكو فيليبس الأميركية وتوتال إنرجي الفرنسية، بحسب المسؤول التنفيذي الليبي.

وستكون الصفقة، حال تمت، واحدة من أكبر الصفقات من نوعها من قبل شركة خدمات نفطية أميركية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في السنوات الأخيرة.

بناء مصفاة

من المتوقع أن تكشف المؤسسة الوطنية للنفط في ليبيا وشركة "هانيويل" النقاب عن عقد لبناء مصفاة في جنوب ليبيا، حسبما أعلن كل من فرحات بن قدارة وناطق باسم الشركة الأميركية.

وتختص الاتفاقية المبدئية، المتوقع الإعلان عنها خلال نهاية الأسبوع الجاري، بتصميم المصفاة، تليها اتفاقية قيمتها 400 مليون دولار لبناء المصفاة بالكامل، وفق ما قاله الناطق باسم "هانيويل".

وتعول ليبيا بقوة على مواردها النفطية في دخلها القومي، رغم أنها تكافح منذ سنوات لتحويل نفطها الخام إلى وقود السيارات؛ ما يجعلها تعتمد بصورة كبيرة على واردات البنزين باهظة التكلفة.

انقسام سياسي وقلق أميركي

بدءًا من العام المنصرم (2022)، انقسمت ليبيا سياسيًا، مع استمرار سيطرة رئيس الوزراء المعين من قبل الأمم المتحدة عبدالحميد الدبيبة على العاصمة طرابلس، بينما تخضع المناطق الشرقية من البلاد لسيطرة رئيس وزراء منافس.

وتدفع ليبيا -مجددًا- باتجاه إجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية في العام الجاري (2023)، بعد انهيار خطط في هذا الشأن في عام 2021.

وما زالت ليبيا خالية من الاشتباكات المسلحة الخطيرة منذ الصيف الماضي، بل وجهت الحكومة في شرق البلاد في الأشهر الأخيرة بعضًا من موازنتها لصالح المؤسسة الوطنية للنفط، لإبرام صفقات مع شركات عالمية.

وفي 22 مارس/آذار (2023)، أبلغ وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، لجنة بمجلس الشيوخ بأن الولايات المتحدة الأميركية تكثّف جهودها لإعادة فتح سفارة في ليبيا، حتى يتسنى لواشنطن دعم فرص إجراء الانتخابات في البلد العربي.

وكانت واشنطن قد أغلقت سفارتها في طرابلس في عام 2014، في أعقاب تسارع وتيرة الصراعات الدامية بين الفصائل المسلحة في البلاد.

وعلاوة على ذلك، ضغطت أميركا على القائد الليبي المشير خليفة حفتر في أواسط يناير/كانون الثاني (2023) من أجل حمله على طرد مجموعة فاغنر الروسية شبه العسكرية من البلاد، وسط مخاوف من أن تضع الأخيرة يدها على المناطق الغنية بالنفط في ليبيا، حسبما نشرت صحيفة وول ستريت جورنال الأميركية في فبراير/شباط (2023).

ويتحالف حفتر، الذي يقود فصيلًا يسيطر على شرق ليبيا، مع الحكومة في طرابلس.

ويوضح الإنفوغرافيك أدناه -الذي أعدّته منصة الطاقة المتخصصة- موارد ليبيا من النفط والغاز الطبيعي:

النفط والغاز في ليبيا

ليبيا بيئة عمل جيدة

من ناحية أخرى، قال رئيس مؤسسة "نورث أفريكا ريسك كونسالتينغ" جيف بورتر، الذي يقدم استشارات لشركات النفط الأميركية في المنطقة: "ثمة إدراك متزايد في الولايات المتحدة بأن ليبيا بيئة عمل مواتية".

وأشار إلى أن الشركات ترى ليبيا "بيئة يمكن العمل فيها في ظل وجود درجة معقولة من السلامة والأمان، كما يمكن الاستثمار على نحو لم يكن موجودًا قبل أعوام قليلة".

وتصدر المؤسسة الوطنية للنفط في ليبيا معظم شحناتها من الغاز إلى أوروبا عبر خط أنابيب يمتد من ليبيا إلى إيطاليا.

وعلى مدار السنوات الـ3 إلى 5 المقبلة، تستهدف المؤسسة الوطنية للنفط في ليبيا زيادة إنتاجها النفطي إلى 2 مليون برميل يوميًا، من قرابة 1.2 مليون برميل يوميًا في الوقت الحالي، وكذا إنتاج 4 مليارات قدم مكعبة من الغاز يوميًا، بزيادة من 2.6 مليار قدم مكعبة.

وفي يناير/كانون الثاني (2023)، أبرمت المؤسسة الوطنية للنفط في ليبيا وإيني -التي تُنتج غالبية الغاز في ليبيا- اتفاقية بقيمة 8 مليارات دولار، تضطلع بموجبها رائدة الطاقة الإيطالية بتطوير حقلي غاز بهدف ضخ 850 مليون قدم مكعبة يوميًا ولمدة 25 سنة.

وبمقتضى الاتفاقية ذاتها، سيبدأ إنتاج الغاز في عام 2025، ليصل إلى السعة القصوى البالغة 850 مليون قدم مكعبة يوميا بحلول عام 2026.

صفقات النفط والغاز في شمال أفريقيا
شعار إيني على أحد مقارها – الصورة من premiumtimesng

الجزائر

في الجزائر تستهدف إيني تصدير 3 مليارات متر مكعب (106 مليارات قدم مكعبة) من الغاز سنويًا، بدءًا من العام الحالي (2023)؛ للمساعدة في تعويض كميات الغاز التي كانت تتدفق من روسيا.

وستصير الجزائر أكبر وجهة استثمارية لشركة إيني في شمال أفريقيا، في السنوات الـ4 المقبلة.

وفي هذا السياق قالت رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني، خلال زيارتها إلى الجزائر، في يناير/كانون الثاني (2023): "الجزائر شريك موثوق ذو أهمية إستراتيجية بالغة".

مصر

تمثل مصر منطقة جذب -أيضًا- للشركات العالمية لإبرام صفقات النفط والغاز في شمال أفريقيا.

ومن خلال مشروعاتها في مصر، تستهدف إيني تصدير 3 مليارات متر مكعب من الغاز المسال إلى إيطاليا بدءًا من العام الجاري (2023)، مقارنة بمليار متر مكعب صدرتها القاهرة في العام المنقضي (2022).

وتتقيد قدرة مصر على تصدير الغاز بالنظر إلى تنامي الطلب على الكهرباء في البلد الذي يزيد عدد سكانه على 100 مليون نسمة.

وبالإضافة إلى ذلك، تفتقر مصر إلى أي خطوط أنابيب واصلة إلى أوروبا، لكن ما زالت تطمح إلى أن تصير مركزًا لتوزيع الطاقة في البحر المتوسط، واستيراد كميات أكبر من الغاز الإسرائيلي، وتصدر الغاز المسال على متن السفن إلى إيطاليا.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق