خطوة أميركية لتأمين شحنات النفط والغاز في الخليج العربي
دينا قدري
تنشر الولايات المتحدة -بالشراكة مع العديد من الحلفاء- أسطولًا من سفن السطح غير المأهولة، أو دون طاقم، لتأمين شحنات النفط والغاز في الخليج العربي، وسط مخاوف مستمرة من الهجمات رغم استئناف العلاقات بين السعودية وإيران.
إذ أظهر الهجوم الأخير على السفن حول بحر العرب أنه لا يوجد ضمان للسلامة في أحد أهم الممرات البحرية في العالم لإمدادات النفط الخام والغاز الطبيعي، وفق ما نقلته منصة "إس آند بي غلوبال" (S&P Global).
ويراقب الأسطول الخامس للبحرية الأميركية، ومقره البحرين، المياه المحيطة بشبه الجزيرة العربية، التي تشمل الآن أسطولًا من سفن السطح غير المأهولة، بالشراكة مع الحلفاء، لتحسين ما يمكن رؤيته فوق الماء وتحته.
الهدف هو المساعدة في تأمين التجارة المنقولة بحرًا، بما في ذلك شحنات الطاقة الحيوية، التي تظل عرضة للتوترات الإقليمية، فضلًا عن قضايا سلسلة التوريد المتزايدة الآن، وتأثيرات الحرب الروسية في أوكرانيا، بحسب المعلومات التي رصدتها منصة الطاقة المتخصصة.
أسطول سفن السطح غير المأهولة
قال المتحدث باسم الأسطول الخامس، تيم هوكينز، في مقابلة: "نحن نركز على معالجة أي نشاط مزعزع للاستقرار، سواء كان فاعلًا تديره الدولة أو غير تابع لها".
وأضاف: "ينصب تركيزنا على أي نشاط يعوق التدفق الحر للتجارة وحركة المرور التجارية في الممرات المائية الإقليمية الرئيسة التي تساعد على تغذية الاقتصاد العالمي"، وفق التصريحات التي اطّلعت عليها منصة الطاقة المتخصصة.
وأوضح أن الدول الأخرى المشاركة في مشروع سفن السطح غير المأهولة، الذي أطلق عليه اسم فرقة العمل 59، هي المملكة المتحدة وكندا وفرنسا وألمانيا وهولندا وإسبانيا، مع انضمام الأردن قريبًا.
وجرى إنشاء مراكز لمعالجة البيانات التي جُمعت بواسطة السفن غير المأهولة في البحرين والأردن.
وقال هوكينز إنهم يهدفون في نهاية المطاف إلى إنشاء أسطول من سفن السطح غير المأهولة من 100 منصة بحلول نهاية الصيف، لمراقبة نحو 5 آلاف ميل حول شبه الجزيرة العربية، ونصفها متاح الآن للنشر.
ويوجد برنامج مشابه -يُسمى فرقة العمل 99- في قطر، ويراقب الحركة الجوية من خلال طائرات دون طيار، في حين تحتفظ وحدة برية تُسمى فرقة العمل 39 بأسطول من المركبات الأرضية غير المأهولة.
ردع إيران.. محور رئيس
على مدى عقود، حافظ الجيش الأميركي على وجود مكثف في الخليج العربي لحماية عبور ناقلات النفط وسفن الحاويات، وسط توترات تاريخية بين منتجي النفط السعودية وإيران.
وصرّح قائد القيادة المركزية الأميركية، الجنرال مايكل كوريلا، في إفادة صحفية حديثة، بأن ردع إيران هو محور التركيز الأساسي، إذ يراها الخبراء أنها مسؤولة عن العديد من الهجمات على السفن والبنية التحتية للطاقة، بما في ذلك من قبل المتمردين الحوثيين اليمنيين الذين يُزعم أنها تسلحهم.
وقال: "ليس لدينا العدد الهائل من الطائرات والسفن والقوات وأنظمة الدفاع الجوي التي كانت لدينا في المنطقة قبل 5 سنوات فقط".
وأضاف: "بدلًا من ذلك، يتعين علينا تنمية شراكات عميقة ودائمة يمكن أن تكون بمثابة تحوط ضد التهديدات في المنطقة، مع ردع إيران عن أسوأ سلوكياتها وأكثرها تدميرًا".
وتجمع السفن غير المأهولة -التي يصل طولها إلى 38 قدمًا- البيانات حول حركات الشحن من خلال أجهزة الاستشعار، التي تُعالج بعد ذلك من خلال برامج الذكاء الاصطناعي.
وقال كوريلا إن من بين 100 منصة مخطط لها، 20 منها ستقدمها الولايات المتحدة و80 من الدول الشريكة.
هدف الأمن البحري لا يتغير
من جانبه، قال المتحدث باسم الأسطول الخامس تيم هوكينز، إن صناعة الشحن تدرك جيدًا وجود أسطول سفن السطح غير المأهولة في المياه فوق الخليج العربي إلى خليج عمان وخليج عدن والبحر الأحمر، ولم تكن هناك حوادث أو مخاوف.
وأشار هوكينز إلى أنه منذ يناير/كانون الثاني 2021، اعترضت القوات الأميركية والدولية أكثر من 15 ألف سلاح هجوم غير قانوني، ومليار دولار من المخدرات، من خلال استهلاك المزيد من الموارد، بما في ذلك فرقة العمل 59 وشراكات أمنية أخرى.
وأوضح أن عمليات أخرى صادرت متفجرات مقنعة وأسمدة كيماوية مزدوجة الاستعمال وقاذفات قنابل صاروخية ومحركات صواريخ كروز ومكونات صواريخ باليستية متوسطة المدى ومئات الآلاف من طلقات الذخيرة.
وأضاف أن هدف الأمن البحري لا يتغير حتى لو اتفقت السعودية وإيران على استئناف العلاقات الدبلوماسية.
وقال هوكينز: "إيران هي أكبر تهديد إقليمي، لكنها ليست التهديد الوحيد. وتشمل التهديدات الأخرى التهريب أو القرصنة أو أي شيء يتعارض مع النظام الدولي القائم على القواعد وأمن الممرات البحرية الإقليمية الضرورية للاقتصاد العالمي".
تراجع الهجمات ولكن..
باستثناء ليبيا، أظهر آخر تحديث لتقرير أمن الطاقة التابع لـ"إس آند بي غلوبال كوموديتي إنسايتس"، أن الحوادث التي تستهدف البنية التحتية للطاقة والشحن في الشرق الأوسط قد انخفضت بصفة حادة منذ الربع الأول من عام 2022.
إلا أن عمليات التجارة البحرية في المملكة المتحدة ذكرت، في 17 مارس/آذار، وقوع إطلاق نار بين سفينتين بالقرب من ميناء الحديدة اليمني، مؤكدة أن السفينة وطاقمها بخير.
كان هذا أول هجوم يجري الإبلاغ عنه منذ اتفقت السعودية وإيران، في 10 مارس/آذار الجاري، على استئناف العلاقات الدبلوماسية في صفقة توسطت فيها الصين.
إذ أثارت هذه الخطوة الآمال في تحسين أمن الطاقة لـ5 آلاف سفينة تستعمل ممرات الشحن كل عام لنقل النفط الخام من السعودية، أكبر مصدر للنفط الخام في العالم، والغاز الطبيعي المسال من قطر، إلى جانب سلع أخرى حيوية للاقتصاد العالمي.
قبل حادثة اليمن، كانت الهجمات المبلغ عنها على ناقلة النفط كامبو سكوير في 10 فبراير/شباط في بحر العرب، وناقلة المنتجات النفطية باسيفيك زركون في نوفمبر/تشرين الثاني 2022 قبالة سواحل عمان، وناقلة النفط الكبيرة جدًا نيسوس كيا في 21 أكتوبر/تشرين الأول "على مقربة" من ضربتين بطائرة دون طيار بالقرب من محطة الشحر النفطية في اليمن.
وقال هوكينز: "لقد شهدنا ارتفاعًا طفيفًا مؤخرًا في الهجمات التي تشنها إيران"، بحسب ما نقلته منصة "إس آند بي غلوبال".
وأضاف أن "التهديدات التي يتعرّض لها الشحن التجاري، والتي تجلت مؤخرًا في هجمات غير مبررة وخطيرة من جانب إيران، تحظى باهتمامنا بالتأكيد. إننا نعمل من كثب مع الشركاء البحريين الإقليميين، بما في ذلك صناعة الشحن، لتعزيز يقظتنا في المياه الدولية، وزيادة تبادل المعلومات وتحسين التنسيق".
موضوعات متعلقة..
- أحدثها تفجير ناقلة نفط في الخليج العربي.. حرب إسرائيل وإيران تهدد الشرق الأوسط
- قفزة في صادرات وقود الطائرات من الخليج العربي إلى أوروبا
- أجور ناقلات الغاز العملاقة بين الخليج العربي واليابان ترتفع لمستويات قياسية
اقرأ أيضًا..
- أنس الحجي: تجارة النفط العالمية تُغير اتجاهاتها.. وفرنسا في اختبار قاسٍ (صوت)
- هل يحفز هبوط أسعار الغاز تعافي الطلب في أوروبا وآسيا؟
- الجزائر تخطط لتصدير مليون طن هيدروجين إلى أوروبا (فيديو)
- شحن السيارات الكهربائية بالطاقة الشمسية.. ميزة جديدة من تيسلا