معالجة انبعاثات الميثان من مناجم الفحم قد تحل أزمة الطاقة في أوروبا (تقرير)
وسط اتهامات للاتحاد الأوروبي بالتساهل في الأزمة
في الوقت الذي يُنظر فيه إلى انبعاثات الميثان أنها أحد المسببات الرئيسة لأزمة الاحتباس الحراري عالميًا، إلا أن عدة طرق للمعالجة خاصة في مناجم الفحم يمكن أن تُسهم بصورة رئيسة في حل أزمة الطاقة بأوروبا.
يُعد الميثان ثاني أهم غازات الدفيئة التي تُسهم في الجزء الأكبر من أزمة تغير المناخ بعد ثاني أكسيد الكربون، على نطاق زمني مدته 100 عام.
لدى انبعاثات الميثان قدرة أكبر على إحداث الاحترار العالمي بمقدار 28 مرة من ثاني أكسيد الكربون، كما أنها أقوى بنسبة 84 مرة على نطاق زمني مدته 20 عامًا.
علاوة على ذلك، يُعد الميثان ملوثًا محليًا قويًا للهواء ويُسهم في تكوين الأوزون، الذي يسبّب بحد ذاته مشكلات صحية خطيرة، لذا فإن انبعاثات الميثان وثيقة الصلة بأهداف 2050 المناخية.
مصادر انبعاثات غاز الميثان
يأتي ما يقرب من ثلث انبعاثات الميثان البشرية المنشأ العالمية من قطاع الطاقة، إذ تقدر وكالة الطاقة الدولية أنه يمكن تخفيف 45% من هذه الانبعاثات دون تكلفة صافية، إذ ينظر إلى الميثان أنه منتج قابل للبيع في شكل غاز طبيعي.
ويمكن أن يؤدي خفض انبعاثات غاز الميثان المرتبطة بالنشاط البشري بنسبة 50% على مدار الـ30 عامًا المقبلة إلى التخفيف من تغير درجة الحرارة العالمية بمقدار 0.2 درجة مئوية بحلول عام 2050، وهي خطوة مهمة نحو الحفاظ على زيادة درجة الحرارة أقل من درجتين مئويتين.
وتُعد مناجم الفحم -المناجم النشطة بصفة رئيسة- أكبر مصدر منفرد للميثان في الاتحاد الأوروبي بقطاع الطاقة، وتستحوذ بولندا وحدها على ثلثي الانبعاثات ذات الصلة وفق إحصاءات عام 2020.
تأتي الانبعاثات من مناجم الفحم الجوفية أكثر من غيرها، ولكن من الأسهل تخفيفها، طرق التخفيف أسهل في المناجم تحت الأرض مقارنة بالمناجم السطحية، مع التقنيات المتاحة القادرة على تقليل الانبعاثات بنسبة تصل إلى 70%.
وبصفة عامة يمكن تخفيف 60-70% من انبعاثات الميثان من تعدين الفحم بتكلفة منخفضة جدًا للمشغلين، إذ يمكن أن يحقق البعض ربحًا من خلال إعادة بيع الميثان الذي تم التقاطه لشركات الغاز.
وتقع الغالبية العظمى من هذه المناجم الجوفية في بولندا، وتأتي رومانيا والتشيك في المرتبة الثانية والثالثة، ويمكن أن يتيح التقاط الميثان توليد نحو 0.6 تيراواط/ساعة من الكهرباء، وهو ما يكفي استهلاك الكهرباء المنزلية في إحدى المدن البولندية الكبيرة، مثل فروتسواف.
قانون غاز الميثان في أوروبا
تهدف مسودة قانون غاز الميثان الصادرة عن الاتحاد الأوروبي، التي طُرحت في ديسمبر/كانون الأول 2021، إلى جعل أوروبا تتماشى مع التعهد العالمي بخفض انبعاثات الميثان بنسبة 30% قبل نهاية العقد.
وتسمح التعديلات على مشروع قانون غاز الميثان في الاتحاد الأوروبي لمناجم الفحم بإطلاق غازات دفيئة إضافية تعادل انبعاثات ثاني أكسيد الكربون السنوية لكل من بلجيكا والتشيك.
وبعد المراجعات الأخيرة للائحة ستخفض فقط انبعاثات الميثان من مناجم الفحم بنسبة 47%، أي أقل بكثير من هدفها المعلن البالغ 58%، وفق البيانات التي اطلعت عليها منصة الطاقة المتخصصة.
ويمكن أن يتسرّب الميثان من البنية التحتية للوقود الأحفوري في أثناء الاستخراج والنقل، ولديه أكثر من 80 ضعفًا من احتمالية الاحترار العالمي لثاني أكسيد الكربون في السنوات الـ20 الأولى بعد وصوله إلى الغلاف الجوي.
وتركز لائحة الاتحاد الأوروبي على تسرب الميثان من صناعة النفط والغاز، ومن مناجم الفحم النشطة والمهجورة.
وبالنسبة إلى الفحم، فإنه يتوخى حظرًا من خطوتين على تنفيس الميثان وحرقه، بحلول عام 2025 من محطات الصرف، وبحلول عام 2027 من أعمدة التهوية.
ومع ذلك، أدت التعديلات التي دفعتها الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي في ديسمبر/كانون الأول الماضي إلى زيادة عتبات التنفيس عن الفحم الحراري.
وأوقفت دول الاتحاد الأوروبي اعتماد قواعد التنفيس لفحم الكوك المستهلك في صناعة الصلب لمدة 5 سنوات أخرى على الأقل بعد اعتماد اللائحة، مقارنة مع عامين من الاقتراح الأولي للاتحاد الأوروبي.
ودون فرض عتبة تنفيس على مناجم الفحم الحجري، فإن نطاق اللوائح الخاصة بخفض انبعاثات الميثان من مناجم الفحم في الاتحاد الأوروبي محدود بنسبة 55%.
ورفضت المفوضية الأوروبية -التي كانت قد تقدمت في البداية باقتراح أكثر طموحًا بشأن غاز الميثان من مناجم الفحم- التعليق على العملية التشريعية الجارية.
فحم الكوك في بؤرة التركيز
يمكن تفسير عدم وجود قواعد تنفيس غاز الميثان لفحم الكوك من خلال إدراجه في قائمة تضم 30 مادة خامًا تُعد "حرجة" بالنسبة إلى صناعة الاتحاد الأوروبي.
ويُستعمل فحم الكوك في إنتاج الصلب بصفته عامل اختزال ومصدرًا للطاقة لصهر خام الحديد، وعلى هذا النحو، فهو ضروري لقطاعات مثل السيارات والسكك الحديدية والدفاع والبناء، ولكن أيضًا في الصناعات الخضراء مثل توربينات الرياح.
وكان رئيس وزراء بولندا الأسبق جيرزي بوزيك من بين أولئك الذين ضغطوا للحفاظ على فحم الكوك في قائمة الاتحاد الأوروبي للمواد الخام المهمة في آخر مرة حُدّث فيها، عام 2020.
ووفقًا لشركة حديد أوروبا -وهي مجموعة ضغط أسستها شركة جي إس دبليو- فإن تصنيع توربين رياح واحد بسعة 1 ميغاواط يتطلب نحو 200 طن من فحم الكوك، مشيرة إلى أنه مع ازدياد طاقة الرياح سيزداد الطلب على الفولاذ عالي الجودة.
جدير بالذكر أن إدراج فحم الكوك في قائمة الاتحاد الأوروبي للمواد الخام المهمة هو "بالتأكيد السبب" في إفلاته حتى الآن من قواعد الاتحاد الأوروبي بشأن تنفيس غاز الميثان.
موضوعات متعلقة..
- انبعاثات الميثان من قطاع الطاقة ترتفع للعام الثاني على التوالي
- جون كيري من قمة المناخ: علينا الإسراع في تحول الطاقة وخفض انبعاثات الميثان
- اتهام أرامكو السعودية وسوناطراك الجزائرية بزيادة انبعاثات الميثان.. من يموّل التلاعب بالحقائق؟
اقرأ أيضًا..
- طريقة لتدفئة المنازل ستكون أرخص 3 مرات من الهيدروجين الأخضر
- تقنية مميزة لتوليد الكهرباء في الليل تعمل بكفاءة تصل لـ65%
- مشروع إسرائيل لخط أنابيب شرق المتوسط يهدد صادرات الغاز المصرية
- الغاز الجزائري يطيح بأميركا من صدارة الإمدادات إلى إسبانيا