كيف يؤثر الاتفاق السعودي الإيراني في أسواق الطاقة؟ أنس الحجي يجيب (صوت)
محلل سياسي: الصين ترعى الاتفاق رغم خطورته عليها
أحمد بدر
قال مستشار تحرير منصة الطاقة المتخصصة، خبير اقتصادات الطاقة الدكتور أنس الحجي، إن الاتفاق السعودي الإيراني يُعد في مقدمة الموضوعات التي تشغل بال متابعي الشأن الاقتصادي وأمور الطاقة حاليًا.
جاء ذلك خلال حلقة جديدة من برنامج "أنسيّات الطاقة"، قدّمها الدكتور أنس الحجي على موقع تويتر بعنوان "آثار الاتفاق السعودي- الإيراني في أسواق الطاقة.. وأثر انهيار بنك (إس في بي) الأميركي في استثمارات الطاقة المتجددة".
وأوضح الحجي، أن الرسائل التي أُرسلت إلى أغلب المشاركين، وهم تجار نفط ومستثمرون، والتحليلات المطولة بشأن الاتفاق السعودي الإيراني، لإيضاح أن الاتفاق الحالي ما زال "على ورق" حتى تكون هناك نتائج أخرى.
وأضاف: "هناك اتفاق بين الخبراء على أن الجميع ينتظرون رد فعل إيران وما ستقوم به، وبالتالي فكان كل الاتفاق متوقفًا على موضوع ماذا ستفعل إيران، فهذا الاتفاق موجود للخبراء، إلا أننا أضفنا بعض الأشياء الأخرى، منها أن هذا الاتفاق لن يمضي قدمًا إلا إذا التقى الرئيس الإيراني إما مع الملك سلمان وإما ولي العهد".
أثر الاتفاق في أسواق الطاقة
قال مستشار تحرير منصة الطاقة الدكتور أنس الحجي، إنه عند التحضير لأي لقاء عالمي، بما فيها مثلًا مجموعة الـ7 أو مجموعة الـ20، يجتمع وزراء الخارجية أولًا، لوضع الأجندة والاتفاق على أشياء كثيرة، والآن الوضع بين إيران والسعودية على مستوى وزراء الخارجية.
وأوضح أنه لا يمكن رؤية خطوات جادة في الموضوع، إلا إذا تحول الاجتماع إلى القادة، والجميع ينتظرون هذا الاجتماع، مضيفًا: "لذلك فإن الفرضية التي ننطلق منها أنه لا أثر لهذا الأمر على الإطلاق في أسواق الطاقة، وبصورة عامة لا علاقة له بمنظمة أوبك وتحالف أوبك+ وأسواق النفط".
وتابع: "الموضوع قديم والمباحثات قديمة، وهي غير مرتبطة بوضع أسواق النفط حاليًا أو أوبك+ أو أي شيء آخر، وإن كان موضوع أوكرانيا دائمًا ما يلقي بظلاله على هذه المباحثات، وحتى إذا حدث لقاء على مستوى القادة، فما هو الأثر الذي ستشهده أسواق الطاقة؟".
واستبعد خبير اقتصادات الطاقة الدكتور أنس الحجي، أن يسفر الاتفاق السعودي الإيراني عن أي أثر في أسواق الطاقة في البداية، موضحًا أن هذا هو السيناريو الرئيس الذي يتبناه في الوقت الحالي.
ولكن -وفق الحجي- بالنظر إلى سيناريو آخر على جانب آخر، مع افتراض أن هناك تحولًا كبيرًا في التفكير الإيراني، وأن طهران تريد أن تكون دولة بناءة في المنطقة وتشارك بدور فاعل وإيجابي، حتى إذا استمرت الأزمات في لبنان وسوريا تحديدًا، فستكون هناك نتائج تنعكس على أسواق الطاقة.
وأضاف الحجي أن هذه النتائج -حتى على المدى الطويل- ستكون محدودة، إذ ستزيد إيران إنتاج النفط والغاز، وتطور الطاقة النووية للاستعمال في توليد الكهرباء، ما يعني توفير كمية كبيرة من الغاز للتصدير أو للاستعمال في مجالات أخرى.
التدخل الروسي والأميركي في إيران
لفت خبير اقتصادات الطاقة الدكتور أنس الحجي، إلى أهم تطورات الاتفاق السعودي الإيراني المتوقعة، وهي إمكان أن تطور طهران محطات غاز مسال، ولكن التدخل الروسي في إيران منذ زمن بعيد، والذي يعود إلى عهد احتلال الاتحاد السوفيتي لها، قد يمنع تطوير حقول النفط والغاز بصورة كبيرة.
وأردف: "بعبارة أخرى، سيُسمح لإيران تمامًا بالحصة نفسها المسموح بها للعراق الآن، وقد يُسمح لها بنحو 5 ملايين برميل يوميًا، وفي اعتقادي أنها لن تتجاوز 4.5 مليون برميل يوميًا، وبعدها ستتخذ موسكو موقفًا حاسمًا، ولن تسمح لها بهذه الزيادة، والأمر نفسه بالنسبة إلى الغاز".
وأبدى الحجي استغرابه من رغبة موسكو في تحجيم قدرات الطاقة الإيرانية، سواء فيما يتعلق بإنتاج النفط أو الغاز، وبصورة خاصة إمكان بناء إيران محطات لإسالة الغاز، موضحًا أن الولايات المتحدة بدورها تريد الأمر نفسه، فالأميركيون والروس يتفقون في هذه الحالة على تحجيم إيران فيما يتعلق بالغاز.
وأوضح أن كل ما تريده الولايات المتحدة من إيران الآن هو قدرتها على تعويض غياب الغاز الروسي في بعض الأماكن، ولكنها في الوقت نفسه لن تسمح لها بمنافستها في أوروبا، التي بلغت الحصة الأميركية فيها الآن نحو 20% من مجموع الغاز المستهلك هناك.
وأكد الحجي أن أميركا لن تقبل بأي منافسة لحصتها من الغاز في أوروبا، سواء من جانب روسيا أو النرويج أو إيران أو أي دولة أخرى، ولا حتى محطات الطاقة المتجددة التي يعتزم الاتحاد الأوروبي بناءها، بصفتها ستؤثر في صادراتها من الغاز.
ومن ثم -وفق الدكتور أنس الحجي- فإن الولايات المتحدة لن تسمح لإيران بالتمدد، إذ تتمكّن من تصدير الغاز إلى أوروبا على حساب الصادرات الغازية الأميركية إليها، ولكنها ستسمح لها بما يمكن أن يكون على حساب الروس، فهنا لن تكون لديها مشكلة على الإطلاق.
التوسع الإيراني والاستثمارات
قال مستشار تحرير منصة الطاقة المتخصصة الدكتور أنس الحجي، إن الاتفاق السعودي الإيراني قد يؤدي إلى توسع طهران في إنتاج النفط والغاز، ولكن هذا التوسع سيكون محدودًا، كما ستكون هناك بعض الاستثمارات في هذا الجانب.
وأشار الحجي إلى أن أغلب هذه الاستثمارات سوف تأتي من طرفين، الأول أوروبا، والثاني بعض شركات النفط الخاصة في الخليج، وهي ستكون مملوكة إما لشركات مساهمة وإما لشركات مملوكة لعائلات، وهذه يمكنها الدخول والاستثمار.
وأضاف: "في حالة -وهذا افتراض- نجاح الاتفاق السعودي الإيراني في التوصل إلى نتائج مثمرة وحدث نمو اقتصادي كبير في إيران وتحسنت عملتها، فإن الضحية الأولى لهذا التحسن ستكون العراق، الذي يعتمد بصورة كبيرة على إمدادات البنزين والكهرباء والغاز من طهران".
وأوضح الدكتور أنس الحجي أن انتعاش الاقتصاد الإيراني بصورة كبيرة يعني -بالضرورة- تخفيض صادرات الكهرباء والغاز والبنزين إلى العراق، وليس هناك بديل، فهذا سيخلق فرصة لدول الخليج لدخول السوق العراقية، ودخول الاستثمارات الخليجية لمساعدة بغداد، وبناء قطاع الكهرباء خصوصًا.
ولفت إلى أن هناك قناعة عند كثير من الناس بأن العراق الآن لا يستطيع تطوير قطاع الطاقة لديه، خاصة الكهرباء، لأن إيران وأتباعها يدمرون كل ما يُبنى، لأنها لن تسمح لبغداد بتطوير قطاع الطاقة، لأن من أساليب السيطرة على أي دولة، السيطرة على منابع الطاقة، مثلما تسيطر إسرائيل على مصادر طاقة غزة والضفة الغربية.
وتابع: "سبق أن ذكرنا أن إدارة بايدن أعطت الضوء الأخضر للحكومة الإيرانية، عن طريق دولة خليجية، بأنها تستطيع تصدير النفط علنًا، ما دام أنه يتجه إلى أوروبا رغم وجود العقوبات، وهو ما يقود إلى نتيجة أخرى، وهي أن هناك مصلحة لأميركا لاستتباب الأمن في المنطقة".
واختتم حديثه في هذا الجانب بتأكيد أن الاتفاق السعودي الإيراني قد لا تكون له انعكاسات كبيرة أو ملحوظة في أسواق الطاقة، ولكنْ ستكون هناك آثار محدودة ومحجمة.
صدى الاتفاق السعودي الإيراني
من جهته، قال المحلل السياسي، عضو مجلس إدارة الجمعية السعودية للعلوم السياسية، الدكتور سليمان العقيلي، إنه من المستغرب ألا يجد الاتفاق السعودي الإيراني صدى في أسواق النفط العالمية، خاصة أن طهران في حل من أي اتفاقات ضمن دول أوبك.
وأوضح سليمان العقيلي -خلال مداخلة له ببرنامج "أنسيّات الطاقة"، الذي يقدمه الدكتور أنس الحجي- أن إيران يمكنها أن تعود الآن لتقديم دور فعال في أوبك، بعد انتهاء خصومتها السياسية مع المملكة العربية السعودية.
وأضاف: "صحيح أن هناك مشكلة مصداقية سياسية، بالنسبة إلى السياسة الإيرانية التي لا تحترم المواثيق والمعاهدات، وصحيح أيضًا أن المراقبين الآن يرصدون الشهرين الأولين لتنفيذ الاتفاق وسلوك الراعي الصيني له".
وبمناسبة الراعي الصيني -وفق العقيلي- هناك تخوف من أن الاتفاق السعودي الإيراني سياسيًا قد لا يكون مفيدًا لبكين إذا ما تمخض هذا التفاهم عن ارتفاع في أسعار النفط، لذلك ليس من الواضح الآن مدى تقدير الصين لهذا البعد في الاتفاق رغم أنها ستكون سعيدة بنجاح الاتفاق لأسباب سياسية.
وفسّر عضو مجلس إدارة الجمعية السعودية للعلوم السياسية هذه الرؤية بأن الصين تهتم بأن تكون منطقة الخليج التي تستورد منها معظم احتياجاتها النفطية مستقرة وهادئة، كما منطقة الشرق الأوسط بالكامل، التي سينعكس عليها الاتفاق، آمنة ومستقرة.
وتابع: "لا أعرف إن كان قد دار بخلد الصين أن الاتفاق السعودي الإيراني قد يؤثر في أسعار النفط، عندما تتفاهم طهران والرياض، وكلتاهما عضوة في منظمة أوبك وتحالف أوبك+".
موضوعات متعلقة..
- أسعار النفط في ظل الحرب.. السعودية والجزائر تتصدران المستفيدين (تقرير)
- علاقات الطاقة بين الصين وإيران ليست صفقة رابحة للدولتين (مقال)
- 3 عوامل تشكّل أسواق النفط الآسيوية في 2023.. وإيران قد تُغيّر المشهد
اقرأ أيضًا..
- قرض الطاقة الشمسية في سوريا أحد حلول أزمة انقطاعات الكهرباء
- تطورات صفقة إسالة الغاز الإسرائيلي في مصر.. مسؤول أوروبي يتحدث لـ"الطاقة"
- عقوبات النفط الروسي والإيراني تغيّر قواعد لعبة التجارة في آسيا
- حقن الكربون يشهد تنافسًا بين السعودية والإمارات.. ما القصة؟