هل تنقذ قطر للطاقة صفقة الـ27 مليار دولار في العراق؟.. مصادر تجيب
ياسر نصر
تعتزم شركة قطر للطاقة الدخول في شراكة مع توتال إنرجي الفرنسية، لتطوير عدة مشروعات باستثمارات ضخمة في العراق.
ويأتي الحديث عن خطط الشركة القطرية لدخول العراق، بعد مرور ما يزيد على 16 شهرًا على توقيع صفقة مشروعات الـ27 مليار دولار بين وزارة النفط العراقية وعملاقة الطاقة الفرنسية.
فقد شهدت صفقة مشروعات توتال خلال الأشهر الماضية جدلًا سياسيًا واقتصاديًا كبيرًا، إذ لم يُقدِم الطرفان بعد على وضع خطوات عملية لتنفيذ المشروعات، وسط مخاوف من معوقات مالية قد تهدد تنفيذها والتي يعوّل عليها العراق لجنيه أرباحًا قد تصل إلى 50 مليار دولار.
محادثات قطرية فرنسية
تُجري قطر للطاقة محادثات للاستحواذ على حصة من مجموعة مشروعات توتال إنرجي في العراق.
وتأمل بغداد وقف محاولات شركات الطاقة الغربية للخروج من البلاد، بعد انسحاب شركة النفط الأميركية إكسون موبيل من حقل غرب القرنة 1، حسبما ذكرت رويترز.
وبعد سلسلة من الصفقات بعد الغزو الأميركي قبل أكثر من عقد من الزمان، تحاول شركات النفط الدولية مغادرة العراق بسبب ضعف العائدات من اتفاقيات تقاسم الإيرادات.
ويمثّل دخول قطر للطاقة للاستثمار في العراق فوزًا كبيرًا لرئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، الذي تولى منصبه في أكتوبر/تشرين الثاني من السنة الماضية (2022)، بعد أكثر من عام من الاضطرابات السياسية، ويًعد -أيضًا- خطوة نحو مواجهة النفوذ الإيراني.
وأرسلت منصة الطاقة طلبًا إلى شركة قطر للطاقة، للتعليق، إلا أننا لم نتلق ردًا.
وتتطلع قطر للطاقة للاستحواذ على حصة تبلغ نحو 30% في المشروعات، التي ستنفذها توتال، إذ نادرًا ما تمتلك شركات الطاقة 100% من المشروعات وتفضل الشراكات لتقليل المخاطر.
مشروعات توتال في العراق
في سبتمبر/أيلول 2021، وقّعت شركة توتال إنرجي مع وزارة النفط العراقية اتفاقية لتنفيذ 4 مشروعات عملاقة، باستثمارات تصل إلى 27 مليار دولار.
وحسب الوزارة العراقية، فإن العائد الإجمالي من الأرباح خلال مدة العقد -25 عامًا- يصل إلى 95 مليار دولار، باحتساب سعر برميل النفط عند 50 دولارًا.
وكان من المقرر أن تستثمر شركة توتال مبدئيًا 10 مليارات دولار في العراق، من خلال بدء تنفيذ الأعمال الهندسية لبعض المشروعات قبل نهاية 2021، إلا أنه لم يُبدأ في أي أعمال منذ توقيع الاتفاق.
وتتضمن صفقة الـ27 مليار دولار المشروعات التالية:
- مدّ خط الأنبوب البحري الذي ينقل ماء البحر إلى الحقول النفطية، بطاقة تصميمية قدرها 7.5 مليون برميل مياه يوميًا، بهدف إدامة الإنتاج من الحقول النفطية.
- تطوير حقل أرطاوي وزيادة الإنتاج من 80 ألف برميل يوميًا -حاليًا- إلى 200 ألف برميل يوميًا.
- إنشاء مجمّع غاز أرطاوي بسعة 600 مليون قدم مكعبة قياسية، بغرض استثمار حرق الغاز من حقول النفط.
- إنشاء محطة توليد الطاقة الكهربائية، تعتمد على الطاقة الشمسية، لإنتاج كهرباء بتكلفة أقل من 45% من الإنتاج من المحطات الحالية، وبقدرة إجمالية تصل إلى 1000 میغاواط.
صفقة توتال
جاءت صفقة توتال إنرجي مع العراق -التي ستتطلب استثمارًا أوليًا بقيمة 10 مليارات دولار- في أعقاب زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في سبتمبر/أيلول 2021.
وخلال العام الماضي (2022)، أثارت بنود الاتفاق، التي لم يتم إعلانها أو الإبلاغ عنها من قبل، مخاوف السياسيين العراقيين وكانت غير مسبوقة بالنسبة إلى العراق.
وظل المشروع -الذي يهدف إلى تعزيز اقتصاد البلاد وتقليل اعتمادها على الغاز الإيراني- طيلة الأشهر الماضية دون أن يشهد أي تطورات.
وهدّدت الخلافات والشروط إلغاء المشروع، بعد أن فشلت وزارة النفط العراقية في التوصل إلى اتفاق بشأن التفاصيل المالية للصفقة، مع جميع الإدارات الحكومية التي كانت بحاجة إلى الموافقة عليها.
وتسعى الحكومة العراقية الجديدة التي شُكلت نهاية أكتوبر/تشرين الأول الماضي، إلى العمل على زيادة إنتاج النفط والغاز، وتسريع وتيرة إنجاز المشروعات المعلقة.
ومن المتوقع أن تكون صفقة توتال على جدول أعمال رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، الذي بدأ زيارة رسمية إلى فرنسا اليوم الخميس 26 يناير/كانون الثاني (2023).
وسيلتقى السوداني خلال زيارته باريس، الرئيس التنفيذي لشركة توتال إنرجي باتريك بويانيه، في محاولة لإنهاء المأزق الحالي بالنسبة إلى مشروعات الشركة.
وزارة النفط ليست طرفًا
أكدت مصادر -في تصريحات إلى منصة الطاقة المتخصصة- وجود مفاوضات بين قطر للطاقة وتوتال إنرجي، للحصول على حصة من مشروعات الشركة الفرنسية في العراق.
وقالت المصادر، إن الشركتين -القطرية والفرنسية- تعملان على تعزيز علاقتهما الجيدة، التي تعمّقت خلال العام الماضي (2022)، وتُوجت بحصول توتال على حصة من مشروع توسعة حقل الشمال القطري.
وأضافت المصادر أن المفاوضات التي تجري بين الشركتين وزارة النفط العراقية ليست طرفًا فيها، إذ يحق لـ"توتال" توزيع المشروع على مجموعة من المساهمين في هيئة حصص.
بينما قالت وزارة النفط العراقية -في تعليق مقتضب إلى منصة الطاقة-: إنه "لا تتوافر معلومات حول الموضوع حاليًا".
ولدى شركة الطاقة الفرنسية، وأيضًا القطرية، شراكات وثيقة في إنتاج الغاز المسال العملاق في قطر، بالإضافة إلى مشروعات الطاقة الكبرى في جميع أنحاء العالم بما في ذلك في غايانا وناميبيا وجنوب أفريقيا.
وكان رئيس توتال باتريك بويانيه قد أكد بعد إعلان الصفقة أن العراق كان جزءًا أساسيًا من تركيز شركة توتال إنرجي في الشرق الأوسط، وأن الصفقة كانت بمثابة "مكسب للطرفين"، بغداد وشركته.
وقال إن شركته كانت تبحث عن شركاء في المشروعات التي تريد الاحتفاظ بحصة تتراوح بين 40% و50%.
وتُعَد توتال إنرجي من كبرى الشركات التي لها نشاط في العراق، إذ بدأت أنشطتها في عشرينيات القرن الماضي باكتشاف حقل كركوك.
وتمتلك الشركة -حاليًا- حصة 22.5% في حقل الحلفاية النفطي، وبلغ إنتاجها في العراق نحو 14 ألف برميل نفط مكافئ يوميًا عام 2021.
مأزق شركة النفط الوطنية العراقية
أثار دخول شركة النفط الوطنية العراقية في المشروع مخاوف توتال؛ إذ رفضت أن تكون شريكًا لها في المشروع، الأمر الذي أخّر إتمام الصفقة.
وأُنشِئَت شركة النفط الوطنية العراقية -المعاد تشكيلها- لمحاكاة شركة أرامكو السعودية، لكن وضعها القانوني لم يُوَضّح بالكامل من قبل الحكومة العراقية الجديدة والبرلمان، وهو الأمر الذي ترى فيه توتال أنه يمثل خطرًا عليها.
وكانت الشركة العراقية قد حصلت على موافقة مجلس الوزراء وفق القرار (361) لسنة 2021 بإسهام وزارة النفط في مشروع تطوير البنى التحتية الذي أُحِيلَ إلى توتال وبنسبة لا تقل عن 40%، على أن تسترد المبالغ من الأموال المتحققة من تصدير النفط للمساهمة بنسبة 40% من حصة توتال البالغة 100%، ما يعظّم الإيرادات المالية للشريك الوطني.
وأشارت وزارة النفط العراقية، في بيان سابق، إلى أن نتائج المفاوضات النهائية مع توتال عُرِضَت على مجلس الوزراء الذي وافق على التوقيع الأولي، بعدها صدر قرار مجلس الوزراء المرقم (307) لعام 2021 بالموافقة على تولي شركتي غاز الجنوب ونفط البصرة مع توتال الفرنسية تنفيذ المشروعات.
وأوضحت الوزارة أن مشروع تطوير حقل أرطاوي جاء وفق صيغة عقود جولة التراخيص الخامسة "المشاركة في الربح"، ويُعَد من الخطوات الرائدة لتطوير الصناعة النفطية والغازية في العراق.
ويضخ حقل أرطاوي 85 ألف برميل من النفط يوميًا، وبدلًا من أن تحصل توتال على حصتها تذهب العائدات إلى خزائن الحكومة.
وقالت مصادر نفطية عراقية مشاركة في المفاوضات، إنه من المقرر أن تحصل توتال على 40% من عائدات مبيعات نفط أرطاوي، وهذا أقل من 10-15% كان من الممكن أن يحصل عليها المستثمرون من المشروعات السابقة من خلال عقود الخدمات الفنية العراقية.
موضوعات متعلقة..
- قطر للطاقة وتوتال إنرجي توقعان اتفاق تنفيذ أعمال توسعة حقل الشمال الجنوبي (صور)
- وزير النفط العراقي يطالب توتال بالإسراع في صفقة الـ27 مليار دولار
اقرأ أيضًا..
- أنس الحجي: النفط الروسي يواجه مشكلتين.. وهكذا اتجه إلى آسيا (تقرير)
- الغاز المغربي يتلقى ضربة غير متوقعة على يد شركة بريطانية
- أسوة بالجزائر.. الغاز الليبي يترقب صفقة ضخمة مع إيطاليا خلال أيام