قطاع التعدين في الأردن يعوّل على رمال السيليكا لتحقيق طفرة اقتصادية
يعوّل قطاع التعدين في الأردن على رمال السيليكا ذات النقاء العالي التي تختزنها التربة جنوب المملكة في تحقيق طفرة اقتصادية للبلاد خلال السنوات المقبلة.
وتؤكد العديد من الدراسات أن الاستثمار في مادة السيليكا (رمال الكوارتز) يشكّل قيمة اقتصادية مضافة، إذ تُقدّر خامات السيليكا في محافظة معان جنوب المملكة بنحو 12 مليار طن تتمتع بنسبة نقاء عالية جدًا، وفق البيانات التي اطلعت عليها منصة الطاقة المتخصصة.
وتستهلك السوق المحلية منها 22 ألف طن سنويًا، في حين قدرت الكميات المنتجة -بحسب بيانات هيئة تنظيم قطاع الطاقة والمعادن- بـ68.8 ألف طن عام 2021.
ويتوقع قطاع التعدين في الأردن أن تعود على المملكة مليارات الدولارات جراء الاستثمار في رمال السيليكا، التي تُعدّ محفزة لجذب الاستثمارات الأجنبية والمحلية فيها.
تجارب على خام السيليكا
أظهرت النتائج الأولية للتجارب التي أجرتها وزارة الطاقة والثروة المعدنية على عينات خام السيليكا في منطقة دبة حانوت برأس النقب لترقيتها ورفع نقاوتها، أن نسبة النقاوة وصلت في حدها الأعلى إلى (99.62%)، في حين يستمر العمل للحصول على نقاوة أعلى بحدود (99.99%).
وتماشيًا مع متطلبات الأسواق العالمية وحاجتها إلى السيليكا ضمن نقاوة مرتفعة (99.9%)، أطلق قطاع التعدين في الأردن مطلع العام الماضي 3 مسارات خاصة في منطقة دبة حانوت/رأس النقب، لإعادة تقييم هذا الخام وبموجب خطة عمل.
يأتي ذلك في إطار توجه وزارة الطاقة والثروة المعدنية إلى إعادة الزخم لقطاع التعدين في الأردن ورفع إسهاماته في الناتج المحلي الإجمالي، والتوسع في فرص العمل وتحسين مستوى المعيشة للمجتمعات المحلية.
وجرى في المسار الأول تقييم الدراسات والنتائج السابقة التي نفذتها وزارة الطاقة والثروة المعدنية، وإعداد قاعدة بيانات رقمية عملت على تصنيف المناطق من حيث النوعية والسماكات المتوفرة، في حين نص المسار الثاني على تحليل عينات خارج المملكة في مختبرات (إس جي إس) الكندية ضمن 3 مراحل.
وشملت المرحلة الأولى -التي انطلقت في 20 فبراير/شباط 2022، وسُلّم تقريرها النهائي في 19 مايو/أيار 2022- الدراسات المعدنية والتصوير المجهري لنوعية الشوائب المعدنية والطينية وتشكلها في حبيبات السيليكا وتوزيع الحجم الحبيبي في العينات المرسلة.
وخلص التقرير إلى ضرورة التقدم باتجاه المرحلة الثانية من أجل تحديد معاملات النقاوة، وأن مستوى نقاوة السيليكا الأردنية يُعد مرتفعًا مع وجود شوائب معدنية ذات تراكيز منخفضة، لكنها توجد ضمن التركيب البلوري لحبيبات السيليكا التي يلزمها عمليات معالجة إضافية (غير مكلفة من الناحية الاقتصادية)، لرفعها إلى نسب أعلى من (99%).
واستنادًا إلى نتائج التحليل المعدني التي ظهرت في المرحلة الأولى وتوصياتها، بدأت الوزارة بأعمال المرحلة الثانية التي انطلقت في 20 مايو/أيار 2022، وشملت أعمالًا ميدانية لتحديد المستويات الطبيعية لتمركز خام السيليكا في منطقة الدراسة (3 مستويات اتضح أن المستوى المتوسط هو الأكثر نقاوة)، وعليه جُمعت العينات بوزن (100 كغم 5 عينات صخرية)، وأُرسلت إلى المختبرات الكندية لبدء المرحلة الثانية بتاريخ 7 أغسطس/آب 2022، من أجل دراسة طرق ومعاملات رفع نقاوة خام السيليكا من الحالة الطبيعية (النقاوة بين 95 و98%) إلى نقاوة عالية تتجاوز (99.9%)، من خلال مراحل الغسل والطحن والتنخيل والفصل المغناطيسي.
وسُلّمت النتائج الأولية لرفع النقاوة باستعمال طرق الغسل بتاريخ 23 سبتمبر/أيلول 2022، وأظهرت النتائج نجاح رفع النقاوة من 98% إلى 99.4%، ضمن عمليات (غسل لمدة 10 دقائق بسرعة دورات 400 دورة/دقيقة)، وما زالت العينات تحت العمل، ويتوقع الحصول على التقرير الفني النهائي لهذه المرحلة مع نهاية أكتوبر/تشرين الأول المقبل.
وتتضمن المرحلة الثالثة تحليل مزيد من شبكة العينات من المستويات السابقة، للحصول على نقاوة أعلى من (99.99%) "باستعمال معاملات القسوة المضاعفة".
الثروات الطبيعية في الأردن
أكد وزير الطاقة والثروة المعدنية صالح الخرابشة أن الأردن غني بالثروات الطبيعية التي يجب أن تحظى بالاهتمام، للاستفادة منها في دعم الاقتصاد الوطني بقيمة مضافة ورفع إسهاماتها في الناتج المحلي الإجمالي، وتوفير فرص عمل ورفع مستوى الدخل في مناطق هي بأمس الحاجة إلى ذلك.
وتشير بيانات الوزارة إلى أن العوائد المالية لقطاع التعدين في الأردن خلال عام 2021 بلغت 3.11 مليار دينار، توزعت على 1.94 مليار دينار للصناعات الاستخراجية، و1.16 مليار دينار للصناعات التحويلية.
وأشارت البيانات إلى أن قطاع التعدين في الأردن أسهم في الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 9.12%، وشكّلت صادرات القطاع 30.4% من إجمالي الصادرات الوطنية عام 2021.
وتسعى إستراتيجية الثروات المعدنية لعام 2025 إلى رفع إسهام قطاع التعدين في الأردن إلى 11% من الناتج المحلي الإجمالي، ارتفاعًا من 7.7% عام 2019، مشكلًا أكثر من 19% من مجموع الصادرات.
رخص التنقيب
تتولى هيئة تنظيم قطاع الطاقة والمعادن مسؤولية منح رخص التنقيب وحقوق التعدين أو تجديدها في الأردن لاستغلال المصادر الطبيعية، مثل الفوسفات والبوتاس والحجر الجيري والسيليكا والبوزوالنا والدولومايت وكربونات الكالسيوم والنحاس، وغيرها من الخامات.
وتقوم الهيئة بجولات تفتيشية على حقوق تعدين رمال السيليكا في مناطق التعدين جنوبي المملكة، وتتخذ الإجراءات المناسبة لتصويب أي مخالفات يجري ضبطها، مثل إعادة تأهيل المواقع والمساحات التي اُنتهي من العمل بها، والالتزام بالعمل ضمن المساحة المحددة في حق التعدين، والالتزام بتطبيق نظام التعدين خصوصًا فيما يتعلق بتعيين مهندس تعدين في موقع العمل.
كما تتولى الهيئة الدور الرقابي والتنظيمي على حقوق التعدين العاملة في المملكة التي يزيد عددها على 100 حق تعدين.
وبحسب بيانات الهيئة، بلغ عدد الرخص والتصاريح لقطاع المصادر الطبيعية 465 طلبًا خلال ديسمبر/كانون الأول الماضي.
وتتكفل الهيئة بوضع سياسة لتطوير الثروات المعدنية والحجرية واستغلالها في المملكة، وإجراء التحريات والدراسات الجيولوجية الاقتصادية اللازمة للثروات المعدنية، والإشراف الفني على طرق تعدينها واستغلالها، وتقديم الخدمات الفنية والاستشارية لأغراض التعدين.
إنتاج الرمل الزجاجي
تمتاز خامات السيليكا الأردنية بمواصفات عالمية لاستخراج الرمل الزجاجي لإنتاج زجاج عالي الجودة، بالإضافة إلى توفرها بكميات ضخمة وسهولة تعدينها بالطرق السطحية وقربها من الطرق وميناء العقبة.
وتدخل مادة الرمل الزجاجي في صناعة الأواني الزجاجية، زجاج الكريستال، والألواح الزجاجية، والألياف الزجاجية، وزجاج البصريات، وقوالب السباكة، ومواد الصقل وصناعة الخزف والطوب، وفلاتر تنقية المياه في محطات المياه العادمة وبرك السباحة، وكمادة مالئة وباسطة في صناعة المطاط، والبلاستيك، والورق، والدهانات وفي نوع خاص من الأسمنت، وفي الصناعات الكيميائية المختلفة، بالإضافة إلى أنها عامل مخفض لدرجة الإذابة للأكاسيد القاعدية في عمليات الإذابة.
وأثبتت دراسات سابقة، أجرتها سلطة المصادر الطبيعية، بالإضافة إلى دراسات قسم التنقيب عن الخامات خلال المدة بين 1995 و1998، وجود كميات كبيرة من رمال السيليكا في مناطق رأس النقب، وقاع الديسي، ووادي السيق- الراكيا، ومنطقة الجيشية التي تقع على بعد 6 كم إلى الشرق من ميناء العقبة، وكذلك البتراء- عين البيضا.
خريطة طريق بالثروات المعدنية
لاستغلال الثروات المعدنية، وقّعت وزارة الطاقة والثروة المعدنية -مؤخرًا- مع شركة "تجانس لتملك وإقامة المشروعات"، مذكرة تفاهم لإعداد خريطة بالثروات المعدنية لتعزيز فرص الاستثمار في المملكة.
وجاءت المذكرة في إطار اهتمام الوزارة بالتركيز في المرحلة الحالية على استغلال الثروات الطبيعية واستقطاب الاستثمارات لقطاع التعدين في الأردن الذي يشكّل قيمة مضافة للاقتصاد الوطني، ما يستدعي رفع مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي.
وستُجري الشركة على مدى سنتين مسحًا كهرومغناطيسيًا لمناطق المملكة وإعداد خريطة للثروات المعدنية في المملكة، تتضمن المواقع التي يمكن الاستثمار فيها في مجال التعدين، ويُستفاد منها لغايات التنقيب المستقبلية عن المعادن والمصادر الطبيعية.
وأشار الخرابشة إلى أهمية المذكرة في إطار توجه الوزارة لإعطاء القطاع "حقه" لاستغلال الثروات الطبيعية، والتركيز على الصناعات التحويلية واستقطاب الاستثمارات بالاستفادة من التطور التكنولوجي الذي يشهده قطاع الاستكشاف والتعدين العالمي.
الصناعات الاستخراجية والتحويلية
كانت وزارة الطاقة والثروة المعدنية أطلقت -بالتعاون مع هيئة الاستثمار في شهر أغسطس/آب 2020- مجموعة من الفرص الاستثمارية في قطاع الثروة المعدنية والنفطية في الأردن، بعد أن حددت الوزارة المناطق المؤملة والمفتوحة للاستثمار في قطاعات البترول والصخر الزيتي والثروات المعدنية والمعادن الاستراتيجية.
وتعمل الحكومة على تشجيع إنشاء الصناعات الاستخراجية والصناعات التحويلية القائمة على الخامات الوطنية.
وحدّدت الوزارة 12 خامًا من الخامات الوطنية المؤملة لغايات التنقيب والتعدين والاستغلال التجاري في الصناعات الاستخراجية والتحويلية، استنادًا إلى الدراسات السابقة الخاصة بمشروعات التنقيب عن الثروات المعدنية في الأردن.
وجرى إعداد نشرة خاصة بأهم الخامات المعدنية المتاحة للاستغلال في القطاع الاستثماري، التي تتضمّن وصفًا للخامات المعدنية في الأردن وطبيعتها والبيئة الجيولوجية، واستعراض أهم المواصفات الكيميائية والفيزيائية لهذه الخامات، والمتعلقة باستعمالاتها الصناعية والاحتياطيات الجيولوجية المقدرة لكل خام، وذلك لتأكيد إمكاناتها الاقتصادية.
وفي إطار الاهتمام الرسمي باستغلال الثروات المعدنية، أطلقت وزارة الطاقة والثروة المعدنية منصة لتسهيل إجراءات رحلة المستثمر في الثروات المعدنية، وجاء إطلاق المنصة ضمن الدفعة الثانية من المسرعات الحكومية، وإيمانًا من الوزارة بأهمية العمل على زيادة الاستثمار في مجال الثروات المعدنية وتحسين مستوى الخدمات المقدمة من خلال التحول الإلكتروني.
وتهدف المنصة الإلكترونية إلى تسهيل إجراءات رحلة المستثمر في الثروات المعدنية، والربط البيني بين الجهات المعنية، لتقليل الزمن والعبء اللازم للحصول على الخدمة، والاستغناء عن الوثائق الورقية، وتقليل زمن الحصول على الخدمة.
التنقيب عن المعادن
وقّعت وزارة الطاقة والثروة المعدنية منذ مطلع العام الماضي 7 مذكرات تفاهم للاستكشاف والتنقيب عن الثروات المعدنية في مختلف مناطق الأردن، وركزت على الصناعات التحويلية لما تشكله من قيمة مضافة للاقتصاد الوطني والتوسع في فرص العمل وتحسين مستوى المعيشة للمجتمعات المحلية.
كما أطلقت الوزارة قبل أيام خريطة تفاعلية تعرض تموضعات 13 من المعادن، للتسهيل على المستثمرين استكشاف فرص التعدين المتاحة في المملكة، وتعرض من خلالها التوزيع الجغرافي والمعلومات الفنية للفرص الاستثمارية المتاحة في القطاع، وتشمل خامات (رمال السيلكا، والبازلت، والبنتونايت، والطباشير، والنحاس، والدياتومايت، والدولومايت، والفلدسبار، والذهب، والجبس، والكاولين، والفوسفات، والحجر الجيري النقي).
استغلال الصخر النفطي
من جهة أخرى، أكدت وزارة الطاقة والثروة المعدنية أن مذكرة التفاهم الموقعة مع شركة المجرة لاستغلال الصخر النفطي في منطقة اللجون التي وقّعها وزير الطاقة والثروة المعدنية مع مدير عام الشركة الجيولوجي عماد مرجي الفاخوري، مرت بجميع المراحل القانونية بعد أن وفرت الشركة الضمانات الفنية والمالية.
وقالت الوزارة إن مذكرة التفاهم جاءت استنادًا لقانون المصادر الطبيعية ونظام مشروعات استغلال النفط والصخر النفطي والفحم الحجري والمعادن الإستراتيجية وتعليمات دراسة العرض المباشر وتقييمه، حسبما ذكرت وكالة الأنباء الأردنية.
وأضافت أن طلب شركة المجرة لاستغلال الصخر النفطي اُستقبل استنادًا إلى تعليمات تتولى بموجبها وزارة الطاقة وفي أي وقت استقبال طلبات العروض المباشرة للشركات المهتمة باستغلال الصخر النفطي، إذ تقدمت شركة المجرة بطلب الاهتمام باستغلال الصخر النفطي في منطقة اللجون بتاريخ 27 أبريل/نيسان 2022، وهي شركة أردنية.
وأشارت إلى أن اللجنة العليا المكلفة تسلّمت طلب العرض المباشر ودرسته بصورة أولية، ثم حوّلته إلى لجنة مشروعات الصخر النفطي التي بدورها درست الطلب والوثائق المعززة بصورة مفصلة، ودرست وقيّمت المعلومات الفنية المتوفرة من قبل الشركة.
وأوضحت الوزارة أن المعلومات تشير إلى أن الشركة قدمت رسالة التزام من شركة "باور ريسورسز" تتعهد فيها بتقديم الدعم الفني والمالي وتغطية مجموعة من متطلبات مذكرة التفاهم (دراسة بيئية وعمليات تعدين ودراسة اقتصادية).
كما قدمت الشركة رسالة من شركة مجموعة الموقع (سايت غروب) للخدمات وحفر الآبار تتعهّد فيها بتقديم الدعم الفني والمالي إلى شركة المجرة.
وبيّنت الوزارة أن الشركة قُيّمت بناء على القوائم المالية لشركة مجموعة الموقع للأعوام 2019-2021، وبناء على معايير مالية وُضعت مسبقًا بهذا الخصوص، كما تعهّدت كل من شركتي "مجموعة الموقع"، و"باور ريسورسز" بتقديم الدعم المالي إلى شركة المجرة بموجب كتب التزام.
وقدمت شركتا باور ريسورسز ومجموعة الموقع تفاصيل عن المشروعات السابقة وكذلك السير الذاتية لـ(24) من فريق العمل المقترح للمشروع.
وأكدت الوزارة أنه بناء على الالتزامات نسبت لجنة مشروعات الصخر النفطي بتأهيل العرض المباشر المقدم من شركة المجرة، وقررت اللجنة العليا قبول العرض المباشر وتأهيل شركة المجرة، للتعاقد بمذكرة تفاهم مع الحكومة ممثلة بوزارة الطاقة والثروة المعدنية لاستغلال الصخر النفطي في منطقة اللجون.
يُشار إلى أن التكاليف المالية المترتبة على المشروع من دراسات فنية وجيولوجية وهندسية وبيئية ودراسة الجدوى الاقتصادية ستتحملها شركة المجرة، ولن تترتب على الحكومة أي تكاليف مالية.
موضوعات متعلقة..
- قطاع التعدين في الأردن يترقب طفرة بالتعاون مع القطاع الخاص
- إيرادات قطاع التعدين في الأردن تسجل 2.19 مليار دولار في 6 أشهر
- منصتان جديدتان لخدمات الطاقة المتجددة واستثمارات التعدين في الأردن
اقرأ أيضًا..
- إيرادات صادرات النفط السعودي ترتفع 12% في نوفمبر
- الطاقة المتجددة تستحوذ على 7% من التمويل المصرفي (تقرير)
- على غرار الجزائر.. الغاز الأفريقي يستعد لدخول شمال أوروبا عبر إيطاليا