المعادن الأرضية النادرة.. فيتنام تنافس الصين بـ22 مليون طن احتياطيات
دينا قدري
تسعى العديد من دول العالم إلى تأمين إمدادات المعادن الأرضية النادرة بعيدًا عن الصين، في ظل ازدياد الطلب والضغوط الناجمة عن التوترات الجيوسياسية.
في هذا الإطار، تضع فيتنام نفسها في وضع يمكنها من تأدية دور رئيس في توسيع سلسلة التوريد العالمية للمعادن الأرضية النادرة، بحسب المعلومات التي رصدتها منصة الطاقة المتخصصة.
إذ تمتلك ثاني أكبر مورد للمعادن الأرضية النادرة القابلة للاستغلال بعد الصين، مع 22 مليون طن من الاحتياطيات مقارنةً بـ44 مليون طن في الصين، وفقًا لبيانات هيئة المسح الجيولوجي الأميركية.
وقد أصبحت فيتنام قاعدة إقليمية جذابة بصفة متزايدة للشركات التي تتفاعل مع التوترات التجارية بين الولايات المتحدة والصين، وتنويع سلسلة التوريد بعد جائحة فيروس كورونا، وارتفاع تكاليف العمالة الصينية.
كما تُعد قاعدة إنتاج مهمة في جنوب شرق آسيا للمكونات والأجهزة الإلكترونية، وهي واحدة من أسرع أسواق الطاقة المتجددة نموًا.
اهتمام ياباني بإمدادات فيتنام
تُعد المعادن الأرضية النادرة من المواد الخام المهمة ليس فقط للسيارات الكهربائية وتوربينات الرياح -التي تُعد مفتاحًا لانتقال الطاقة النظيفة- ولكن أيضًا للإلكترونيات والاستخدامات الطبية والمعدات العسكرية.
ولم تتمكن فيتنام حتى الآن من الاستفادة من إمكاناتها على الرغم من سنوات الاستكشاف، وفق ما نقلته منصة "آرغوس ميديا" (Argus Media).
فقد أظهرت بيانات هيئة المسح الجيولوجي الأميركية أن الدولة استخرجت 400 طن فقط من المعادن الأرضية النادرة في عام 2021، انخفاضًا من 700 طن في 2020، مقارنةً بزيادة المعدلات في الصين إلى 168 ألف طن في عام 2021 من 140 ألف طن في عام 2020.
وتحوّلت اليابان إلى فيتنام بوصفها مصدرًا لإمدادات المعادن الأرضية النادرة في عام 2010، بعد نزاع سياسي دفع الصين إلى الحدّ من صادراتها إلى البلاد.
وتظهر إحصاءات التجارة اليابانية أن فيتنام هي ثاني أكبر مصدر للمعادن الأرضية النادرة إلى اليابان بعد الصين، ولكن ما يزال يُعتقد أن جزءًا كبيرًا من هذه المعادن جاء من الصين.
وتُعد اليابان ثاني أكبر منتج للمعادن الأرضية النادرة التي تحتوي على مغناطيس دائم في العالم بعد الصين، وقد استثمرت الشركات اليابانية في مشروعات بفيتنام على مدار العقد الماضي، في محاولة لتأمين المواد غير الصينية.
وتوقف الزخم لتطوير الإمدادات الفيتنامية مع تطبيع التجارة بين الصين واليابان، ولكنْ هناك اهتمام متجدد الآن، إذ تبنّت الحكومة اليابانية إستراتيجية للأمن القومي تشجع الشركات على تنويع سلاسل توريد المعادن المهمة.
إنشاء سلسلة إمداد متكاملة
تشكّل العديد من الدول شراكات مع الحكومة الفيتنامية والشركات الخاصة، بهدف إنشاء سلسلة إمداد متكاملة للمعادن الأرضية النادرة والمواد الحيوية الأخرى.
ففي أوائل ديسمبر/كانون الأول 2022، وقّع وزير التجارة الفيتنامي اتفاقية مع نظيره الكوري الجنوبي، للتعاون في استكشاف المعادن الأساسية وتطويرها، بما في ذلك المعادن الأرضية النادرة في فيتنام لتوفير سلاسل إمداد عالمية مستقرة.
وكان وزير التجارة والصناعة والطاقة في كوريا الجنوبية، لي تشانغ يانغ، قد اقترح تعزيز التعاون بشأن إمدادات المعادن الأرضية النادرة في أغسطس/آب، وأرسل فريق تحقيق لاستكشاف سبل تطوير هذا القطاع.
وتستكشف الشركات الأسترالية -أيضًا- استثمارات في التعدين الفيتنامي، بما في ذلك شركة أستراليان ستراتيجيك مينيرالز، التي وقعت صفقة في منتصف ديسمبر/كانون الأول مع شركة فيتنام رير إيرث لتوريد طويل الأجل من أكاسيد المعادن الأرضية النادرة.
كما زادت كندا تجارتها مع فيتنام بموجب اتفاقية التجارة الحرة للشراكة عبر المحيط الهادئ، وفي ديسمبر/كانون الأول، أرسلت مقاطعة ساسكاتشوان الكندية وفدًا إلى فيتنام لمناقشة الفرص الإضافية.
وأشار وزير التجارة والتصدير في ساسكاتشوان إلى إمكانات الدول للتعاون في مجال الطاقة الخضراء، بما في ذلك التعدين المستدام والعناصر الأرضية النادرة.
مواجهة هيمنة الصين
في سياقٍ متصل، أشار تقرير حديث -صادر عن معهد بيكر للسياسة العامة في جامعة رايس- إلى أن صانعي السياسة في الولايات المتحدة والدول الحليفة يجب أن يبدؤوا في تعزيز سلاسل توريد المواد الخام لتقليل الاعتماد على المعادن الأرضية النادرة من الصين.
وأوضح التقرير أن مجموعة تشاينا رير إيرث -اندماج 3 شركات مملوكة للدولة في الصين- تسيطر على ما يصل إلى ربع العناصر الأرضية النادرة الحاملة للمعادن، وفقًا لمنصة "ماينينغ" (Mining).
إلى جانب هيمنة الصين الشاملة على المعادن والمواد الأرضية النادرة -ما يقرب من 60% من الإنتاج العالمي-، يمنح الاندماج المخططين المركزيين الصينيين قوة تسعير كبيرة وتأثيرًا في الإمدادات العالمية.
وجاء في التقرير: "ما إذا كانت الصين ستستخدم نفوذها سلاحًا على سلاسل توريد المعادن الأرضية النادرة في صراعات مباشرة مع الولايات المتحدة و/أو حلفائها هي مسألة تكهنات ومناقشات".
وأضاف: "ومع ذلك، هناك شيء واحد مؤكد.. في مثل هذا الحدث، يجب على الولايات المتحدة تقليل قدرة الصين على تقييد العقوبات وغيرها من الاستجابات العالمية الجماعية ضد الإجراءات القسرية المحتملة".
ووفقًا للمؤلفين، سلّطت جائحة فيروس كورونا والحرب الروسية في أوكرانيا الضوء على الهشاشة في سلاسل توريد السلع العالمية والتدفقات التجارية، فضلًا عن التوترات بين القوى العالمية المتنافسة.
وقالوا: "على وجه الخصوص، يمكن أن يهدد تزايد التوترات التجارية والأمنية الجيوسياسية مع الصين إمدادات الطاقة المتجددة، ما قد يؤثر في ما يصل إلى تريليون دولار من البضائع".
موضوعات متعلقة..
- المعادن الأرضية النادرة.. تقنية جديدة تساعد على استخراجها من نفايات الفحم
- توقعات بارتفاع أسعار المعادن الأرضية النادرة مع تراجع الإنتاج الصيني
- المعادن الأرضية النادرة.. اتفاق أميركي مرتقب للتخزين بعيدًا عن الاستحواذ الصيني
اقرأ أيضًا..
- أرامكو السعودية تخفض أسعار بيع النفط إلى آسيا لمستوى قياسي
- الغاز المسال الأميركي يصل ألمانيا لأول مرة بديلًا عن الغاز الروسي
- خبراء يوصون قطاع الشحن البحري العالمي بتقنيات الهيدروجين رغم معضلاته الناشئة (تقرير)
- صناعة السيارات الكهربائية في 2023 بين التوقعات والابتكارات