أوبك+ يواجه عدة تحديات خارجية وداخلية في 2023 (مقال)
فاندانا هاري* – ترجمة: نوار صبح
- مدَّد تحالف أوبك+ هدف الإنتاج الحالي حتى يونيو/حزيران 2023
- يبلغ هدف الإنتاج المشترك لأعضاء أوبك+ الـ19 الملتزمين بالحصص 40.10 مليون برميل يوميًا
- الاستعداد للعمل "بشكل فعال واستباقي" لكبح الاضطرابات في السوق يعدّ مسؤولية كبيرة
- هناك احتمال في العام المقبل أن تصبح روسيا معزولة داخل أوبك+
يمكن القول، إن الصعوبة بتقييم الطلب العالمي على النفط في العام المقبل، سواء بسبب المسار غير المؤكد للانكماش الاقتصادي الظاهر للعيان، وعدم القدرة على التنبؤ بموعد وطريقة تخلّي الصين عن سياسة مكافحة جائحة كورونا، تمثّل التحدي الأكبر أمام تحالف أوبك+.
وتوجد عقبتان أخريان، على الأقلّ، سيحتاج التحالف للتغلب عليهما بحذر، وتتعلقان بآليات عمله الداخلية.
في وقت سابق من هذا الشهر، مدّد تحالف أوبك+ هدف الإنتاج الحالي حتى يونيو/حزيران 2023، في خروج ملحوظ عن ممارسته لتحديد سياسة إنتاج الجزء الأكبر على أساس شهري خلال العامين الماضيين.
ويبلغ هدف الإنتاج المشترك لأعضاء أوبك+ الـ19 الملتزمين بالحصص 40.10 مليون برميل يوميًا، الذي بدأ سريانه في نوفمبر/تشرين الثاني من هذا العام، بعد خفضه بمقدار 2 مليون برميل يوميًا عن الشهر السابق.
(نستثني المكسيك، التي لم تشارك في صفقات إدارة الإنتاج الخاصة بتحالف أوبك+ منذ يوليو/تموز 2020، على الرغم من أن البيانات الرسمية للتحالف لا تزال تشمل تلك الدولة).
منع السوق من الانزلاق لزيادة العرض
قد يبدو قرار الاستمرار في المسار للأشهر الـ6 المقبلة بمثابة رهان آمن في ضوء الحالة الضبابية الهائلة بشأن الطلب العالمي والصيني على النفط عام 2023.
في المقابل، يبقى أوبك+ متيقظًا بحثًا عن أيّ علامات على تحوّل السوق إلى زيادة العرض، التي يمكن أن تدفع الأسعار إلى حالة من الانهيار والتدهور.
في اجتماعهم الأخير (4 ديسمبر/كانون الأول)، اتفق الوزراء على أنهم سيكونون مستعدين للتجمع في أيّ وقت قبل اجتماعهم التالي المقرر في يونيو/حزيران، إذا دعت الحاجة إلى ذلك.
وأكد تقرير توقعات السوق الشهري لأوبك في ديسمبر/كانون الأول، الذي خفض الطلب العالمي للربع الأول من عام 2023 بمقدار 390 ألف برميل يوميًا، الحاجة إلى "اليقظة والحذر" من جانب أعضائها.
وأشار وزير الطاقة السعودي، الأمير عبدالعزيز بن سلمان، في حديثه إلى وكالة الأنباء السعودية، 20 ديسمبر / كانون الأول، إلى أوقات شهدها هذا العام عندما خالف تحالف أوبك+ وجهة النظر المتوافقة في السوق بشأن توازنات العرض والطلب، وثبتت صحّتها.
وعلى الرغم من كونه سببًا محتملًا للشعور بالثقة بشأن القدرة على قراءة السوق بشكل صحيح، فإن الاستعداد للعمل "بشكل فعال واستباقي" لكبح الاضطرابات في السوق يعدّ مسؤولية كبيرة، لأن الخطأ يمكن أن يؤدي في الواقع إلى تفاقم الموقف بدلًا من تصحيحه.
موقف موسكو في حدوث توترات
هناك احتمال في العام المقبل أن تصبح روسيا معزولة داخل أوبك+ إذا تبنّت موقفًا متشددًا إلى حدّ كبير.
وفي حالة استمرار أسعار النفط الخام بالانخفاض وتواصل الخصومات على أسعار النفط الروسي بالاتّساع مع انكماش السوق، فإن الكرملين يواجه ضربة مزدوجة، ستكون مؤلمة خصوصًا مع استمرار حرب أوكرانيا في استنزاف خزائنه.
وقد يؤدي هذا إلى توترات بين روسيا والأعضاء المعتدلين في تحالف أوبك+، الذين قد يكونون على استعداد للتعايش مع انخفاض الأسعار، وسط تباطؤ اقتصادي.
مشكلة القدرة الإنتاجية
تتمثل المشكلة الأخرى الأكثر رسوخًا في أن "خطوط الأساس" لمعظم أعضاء أوبك+، والمستعملة لمعايرة حصص إنتاجهم، قد تصبح نظرية، لكن إعادة ملاءمتها مع قدرات إنتاج أكثر واقعية سيكون محفوفًا بالتوترات السياسية.
وإلى أن يتمكن تحالف أوبك+ من إعادة رسم خطوط الأساس، سيتعين عليه استعمال حسابات معقدة نوعًا ما، والاعتماد على التخمين لربط أهداف الإنتاج الإجمالية بالإنتاج الفعلي الذي من المحتمل أن يقدّمه.
ويوضح ناتج التحالف في نوفمبر/تشرين الثاني اللغز بشكل جيد، وكان الانخفاض الفعلي في العرض نحو 530 ألف برميل يوميًا فقط، مقابل التخفيض المستهدف بمقدار 2 مليون برميل يوميًا، مقارنة بشهر أكتوبر/تشرين الأول.
حتى لو امتثل عدد قليل من الأعضاء، الذين تجاوزوا حصصهم، امتثالًا كاملًا، فإن تخفيض العرض سيكون فقط 680 ألف برميل يوميًا، وفقًا لحساباتنا.
عندما وافق أوبك+ على خفض هدف إنتاجه بمقدار 2 مليون برميل يوميًا، كان أقلّ من الهدف الحالي بنحو 3.6 مليون برميل يوميًا.
مع أخذ هذه المفارقة بالحسبان، توقّع المحللون أن الانخفاض الفعلي في عرض أوبك+، في نوفمبر/تشرين الثاني، سيكون مساويًا لنصف التخفيض المستهدف، واقترحت حساباتنا التقريبية انخفاضًا بنحو 860 ألف برميل يوميًا.
ولا بد أن قادة أوبك+ يشعرون بخيبة أمل، إذا كانوا قد حددوا النتيجة نفسها.
وفي حالة وصول الامتثال للحصص إلى 100%، وهو أمر صعب دائمًا، فقد لا يقترب خفض العرض الفعلي لأوبك+ في ظل هدف الإنتاج الحالي من مليون برميل يوميًا، إذا كان الأعضاء الذين كانوا ينتجون بشكل منهجي أقلّ من حصصهم قد تمكّنوا من زيادة إنتاجهم، مثلما حدث في نوفمبر/تشرين الثاني.
لكي يتمكّن تحالف أوبك+ من تحقيق المزيد من التخفيضات الفعلية للإمدادات، سيتعين على عدد قليل فقط من أعضائه، المملكة العربية السعودية والعراق والإمارات العربية المتحدة والكويت وسلطنة عمان، القيام بكل عمليات خفض حصص الإنتاج.
عندما أعلن أوبك+ القرار المفاجئ، في 5 أكتوبر/تشرين الأول، بخفض هدفه في نوفمبر/تشرين الثاني وديسمبر/كانون الأول بمقدار 2 مليون برميل يوميًا، استنتجت السوق أن التحالف يريد الدفاع عن سعر 90 دولارًا للبرميل لخام برنت.
وظل هذا الحدّ الأدنى على حاله لمدة شهر ونصف تقريبًا بعد الصفقة.
وبالنظر إلى انخفاض خام برنت إلى أقلّ من 80 دولارًا في الأيام الأخيرة، فإن السؤال الكبير يكمن في الحد الأدنى الجديد لأوبك+ لاتخاذ مزيد من الإجراءات.. نعتقد أن المنتجين سيتصرفون، إذا لزم الأمر، للحصول على حدّ أدنى عند 70 دولارًا.
* فاندانا هاري، مؤسِّسة مركز "فانداإنسايتس" المعني بأسواق الطاقة.
* هذا المقال يمثّل رأي الكاتبة، ولا يعبّر بالضرورة عن رأي منصة الطاقة.
اقرأ أيضًا..
- أسعار البنزين المحلية في الدول العربية بنهاية 2022.. ليبيا والجزائر والسعودية الأرخص (تقرير)
- الكهرباء في أميركا.. القلق المناخي وراء أزمة الطاقة في عيد الميلاد (مقال)
- الحرب في أوكرانيا.. هكذا حافظ أوبك+ على استقرار سوق النفط خلال 10 أشهر (تقرير)