تكلفة تطوير خط أنابيب لنقل الهيدروجين بين إسبانيا وفرنسا قد تصل ملياري دولار
مشروع طموح لكنه محفوف بالمخاطر
مي مجدي
ظهرت مبادرة مشتركة بين إسبانيا وفرنسا والبرتغال لتطوير خط أنابيب لنقل الهيدروجين بين برشلونة ومرسيليا في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، وأثار ضجة كبيرة خاصة أنه بديل لخط أنابيب ميدكات الذي شهد معارضة شديدة من نشطاء المناخ.
وسيجتمع قادة الدول الـ3، اليوم الجمعة 9 ديسمبر/كانون الأول (2022) في مدينة لقنت الإسبانية على هامش قمة دول جنوب الاتحاد الأوروبي لمناقشة خط الأنابيب الفرنسي الإسباني.
كما ستُعقد جلسة أخرى مع رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، لمناقشة الجدول الزمني لتطوير خط الأنابيب الجديد وتمويله، حسب وكالة رويترز.
ورغم عدم الكشف عن أي ميزانية رسمية أو جدول زمني لتطوير خط الأنابيب الجديد، من المتوقع أن يكلف المشروع نحو ملياري يورو (2.1 مليار دولار)، وفقًا للتقديرات الأولية للمشروع التي وافقت عليها إسبانيا والبرتغال وفرنسا.
ويأتي ذلك في الوقت الذي أدت فيه أزمة الطاقة الناجمة عن الحرب في أوكرانيا إلى تسريع الخطط الأوروبية لدعم الطاقة المتجددة بديلًا للغاز الروسي، وفق ما رصدته منصة الطاقة المتخصصة.
من أين جاءت فكرة تطوير خط أنابيب لنقل الهيدروجين؟
خرج مشروع تطوير خط أنابيب لنقل الهيدروجين بعد خلاف بين مدريد وباريس يتعلّق بخط أنابيب ميدكات عبر جبال البرانس، وهو خط أنابيب غاز إسباني فرنسي نُوقش منذ أوائل العقد الأول من القرن الـ21.
فقد زعمت إسبانيا أن بإمكانه المساعدة في تعزيز إمدادات الغاز لبقية أوروبا بدءًا من أواخر عام 2023، إلا أنه تلقى معارضة شديدة من باريس وأنصار البيئة، ما أثار نزاعًا دبلوماسيًا اجتذب ألمانيا -أيضًا-، التي دعّمته ووجدت أنه وسيلة لاستبدال الغاز الروسي.
وانتهى الخلاف فقط عندما أعلنت فرنسا وإسبانيا مشروع خط أنابيب بحري بديل في أكتوبر/تشرين الأول (2022) والتخلي عن ميدكات.
ويشير قرار بناء خط أنابيب لنقل الهيدروجين فقط إلى تغيير في الخطط عندما كشفت فرنسا وإسبانيا النقاب عن الفكرة لأول مرة، وأوضحتا أن خط الأنابيب سينقل الغاز الطبيعي قبل الهيدروجين.
وشكّك بعض الخبراء في جدوى هذا النهج، مشيرين إلى أنه سيزيد من صعوبة الحصول على تمويل الاتحاد الأوروبي بالنظر إلى اللوائح الصارمة التي وضعتها بروكسل المتعلقة بالحد من تمويل البنية التحتية للوقود الأحفوري.
وبما أن الدول الـ3 تأمل في الحصول على تمويل من الاتحاد الأوروبي، فإن خط الأنابيب يجب تخصيصه للهيدروجين فقط.
تأمين تمويل أوروبي
سينقل خط الأنابيب -الذي يُعرف بـ"بارمار" والمعروف -أيضًا- بـ"إتش 2 ميد" في إشارة إلى الهيدروجين الأخضر بين إسبانيا وفرنسا وبقية أوروبا، وسيمتد لقرابة 450 كيلومترًا.
ويهدف تطوير خط أنابيب لنقل الهيدروجين إلى تعزيز عملية إزالة الكربون من الصناعات الأوروبية.
ولدى إسبانيا والبرتغال خطط لتعزيز مكانتهما بصفتهما مركزين لإنتاج الهيدروجين النظيف وتعدان من البلدان المصدرة الصافية للطاقة، وهو أمر يتعارض مع فرنسا التي تخطط لإنتاج الهيدروجين من الطاقة النووية.
ومن المتوقع استخدام خط الأنابيب لنقل الهيدروجين فقط، بهدف تلبية معايير تمويل الاتحاد الأوروبي، على الرغم من أنه يمكن إجراء تحسينات في المستقبل للسماح بنقل بعض الغاز.
ويعتزم الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ونظيراه الإسباني بيدرو سانشيز والبرتغالي أنطونيو كوستا التقدم بطلب للحصول على تمويل من الاتحاد الأوروبي للمشروع في مطلع الأسبوع المقبل.
ونتيجة لذلك، سرّع مشغلو الشبكات الـ4 الدراسات الفنية والتصميمات المحتملة وتقييم التكلفة.
وقالت وزيرة الطاقة الفرنسية أنييس بانييه-روناشيه إن خط الأنبيب يمكن أن يبدأ العمل في عام 2030، لكن نظيرتها الإسبانية تيريزا ريبيرا أفادت بأنه قد يبدأ العمل خلال 4 أو 5 سنوات.
تحديات ومعوقات
يرى خبير الطاقة في معهد إلكانو غونزالو إسكريبانو أنه لم يسبق تطوير خط أنابيب لنقل الهيدروجين بهذا العمق والطول من قبل.
وربما يواجه المشروع بعض التحديات التقنية، خاصة أن إحدى المشكلات الرئيسة أن الهيدروجين يتكوّن من جزيئات صغيرة يمكن تسربها أو تتسبب في التآكل.
ويمكن التغلب على هذه المشكلات من خلال تركيب حاجز داخل خط الأنابيب.
في حين يرى الخبراء أن الخطر الأكبر هو الجدوى الاقتصادية من المشروع.
وقال إسكريبانو إنه ليس من الواضح متى ستنطلق سوق الهيدروجين الأخضر، وما إذا كانت إسبانيا ستكون في وضع يمكنها من إنتاج ما يكفي للتصدير.
استثمارات الهيدروجين في أوروبا
من جانبه، أعطى الاتحاد الأوروبي الأولوية للهيدروجين كونه مصدرًا بديلًا لمصادر الطاقة الأخرى، في محاولة لتحقيق هدف خفض الانبعاثات بنحو 55% بحلول عام 2030، مقارنة بمستويات عام 1990.
وتشهد شبه الجزيرة الإيبيرية العديد من الاستثمارات في الهيدروجين.
وسبق أن كشفت شركة النفط الإسبانية سيبسا في مطلع الشهر الجاري عن خطط لاستثمار 3 مليارات يورو (3.15 مليار دولار) لتطوير الوقود النظيف، في حين تخطط البرتغال لتصبح منتجة ومصدرة رئيسة للهيدروجين.
ويشكك بعض المراقبين في فرص نجاح المشروع، فقد وصفه مدير برنامج الشحن في مركز أبحاث النقل والبيئة -ومقره بروكسل- فايغ عباسوف، بأنه "واجهة زائفة" للتخفيف من حدة التوترات السياسية التي أثارها ميدكات.
وقال: "لماذا تطور خط أنابيب بحريًا عندما يكون لديك خط أنابيب بري؟.. إسبانيا ستستفيد أكثر من شحن صادراتها".
موضوعات متعلقة..
- خط الأنابيب الفرنسي الإسباني لن يحلّ أزمة الطاقة في أوروبا (تقرير)
- الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بوابة الهيدروجين الأخضر لأوروبا.. و3 دول عربية على المسار
- تحويل الهيدروجين إلى أمونيا.. خبير أوابك يكشف الخيارات الأفضل لأوروبا
اقرأ أيضًا..
- السوريون يواجهون أزمة الوقود بحرق قشور المكسرات والأحذية والملابس
- أرامكو السعودية تعزز وجودها بسوق التكرير والبتروكيماويات في الصين بصفقة جديدة
- سعة تخزين الكهرباء في أميركا قد ترتفع إلى 30 غيغاواط بنهاية 2025 (تقرير)