خبراء: الهيدروجين الأخضر أمل الهند في تحقيق استقلال الطاقة
وسلامة تخزينه ونقله أكبر التحديات
عمرو عز الدين
حصل الهيدروجين الأخضر على إشادات علمية جديدة من علماء الهند، في إطار خطط تحقيق الحياد الكربوني لثالث أكبر بلد منتج للانبعاثات في العالم.
وقال العالم الهندي الشهير فيجاي كومار ساراسوات، إنه لا مفر من الوقود الأخضر لإنجاح مبادرات إزالة الكربون والتحول المناخي في الهند والعالم.
وأضاف ساراسوات -في كلمة ألقاها خلال مؤتمر الغاز السنوي، الذي تنظمه مجلة "إي تي إنرجي ورلد" المحلية (ET Energy World)-، إن الهيدروجين الأخضر هو الوقود الوحيد الخالي من الكربون في العالم.
وأشار البروفيسور إلى حاجة الهند لتطوير تقنيات احتجاز الكربون وتخزينه، لتمكين خططها المستقبلية في الاعتماد على الهيدروجين الأخضر، وفقًا لتفاصيل الكلمة التي اطلعت عليها منصة الطاقة المتخصصة.
فيجاي طوّر برنامج صواريخ الهند
يُعَد فيجاي ساراسوات أحد علماء الهند البارزين في مجال البحوث الدفاعية، وشغل سابقًا منصب رئيس مركز الأبحاث الدفاعية الهندية، وهو حاصل على درجة الدكتوراه من الجامعة العثمانية بحيدر آباد في الهند، ودرجة الماجستير من المعهد الهندي للعلوم.
ويُنسب إليه الفضل في التطوير المحلي لبرنامج الصواريخ الدفاعية في الهند، المستخدمة على مستوى الطائرات المقاتلة والغواصات النووية، ويشغل -حاليًا- عضوية المعهد الوطني لانتقال وتطوير الهند "نيتي أيوغ".
وشارك ساراسوات في مؤتمر الغاز السنوي لمجلة إي تي إنرجي ورلد الهندية المحلية، إلى جانب مجموعة من العلماء المختصين وعدد من رؤساء الشركات الهندية.
وتناول المؤتمر، المنعقد في 6 ديسمبر/كانون الأول 2022، موضوع الهيدروجين الأخضر وتحديات إنتاجه وتخزينه في الهند، بالإضافة إلى اضطرابات أسواق الغاز الطبيعي المسال وآثارها في دول آسيا ومستقبل الطاقة في الهند، وفقًا لما رصدته منصة الطاقة المتخصصة.
مشكلة تخزين الهيدروجين
قال نائب رئيس وحدة الهيدروجين في شركة ريلاينس إندستريز ليمتد، المشاركة في المؤتمر أنيوراغ باندي، إن هناك حاجة إلى التركيز على مسائل سلامة تخزين الهيدروجين الأخضر ونقله، بوصفها من أهم التحديات التي تواجه الهند في هذا السياق.
وفي الاتجاه نفسه، قال الرئيس التنفيذي لشركة (إن تي بي سي) الرائدة في الطاقة المتجددة موهيت بهارجافا، إن الهند لديها إمكانات هائلة لأن تصبح مركزًا رائدًا في صناعة الهيدروجين في العام.
وتوقع بهارجافا أن تؤدي المبادرات الحكومية إلى زيادة الطلب على الهيدروجين الأخضر في المستقبل المتوسط والطويل، مشيرًا إلى أن القطاع الصناعي سيكون المستفيد الأكبر من هذه المبادرات.
ومن جانبه، قال الرئيس التنفيذي لمجموعة الحلول الهندسية (آيه سي إم إي) سانديب كاشياب، إن مجموعته وقّعت مذكرة تفاهم مع 3 ولايات هندية لبدء خطط إنتاج الأمونيا والهيدروجين الأخضر.
وتوقع كاشياب -في كلمته خلال المؤتمر- أن يتصدر قطاع الأسمدة قائمة القطاعات الأكثر استفادة من مبادرات إنتاج الهيدروجين الأخضر في الهند.
الهيدروجين يحرر الهند
علّق رئيس وحدة تطوير الطاقة الخضراء في شركة إل آند تي للطاقة المتجددة بيمال غيندال، آمالًا كبيرة على الهيدروجين الأخضر في تحقيق استقلال الهند في قطاع الطاقة.
وأشار غيندال إلى ضرورة اهتمام الهند بتعزيز قدرتها في مجال تصنيع تقنيات المحللات الكهربائية اللازمة لإنتاج الهيدروجين الأخضر.
وأما رئيس مجلس الأبحاث الصناعية في الهند (سي إس آى آر) البروفيسور مادوليكا بهاتي، فقد ركز على التحديات التي تواجه إنتاج الهيدروجين الأخضر في الهند، لا سيما في مجال إنتاج الحديد والصلب.
وأشار بهاتي إلى أن إنتاج الصلب يمثّل 7% من إجمالي انبعاثات ثاني أكسيد الكربون العالمية، ما يعني ضرورة البحث عن حلول مبتكرة لخفض الانبعاثات في هذا القطاع.
كما لفت إلى ضرورة التركيز على حلول مختلفة لدمج قطاعات السيارات والطاقة في بنية تحتية متطورة وشبكة شحن سريعة ملائمة للتحولات المستقبلة القادمة.
أزمة الغاز تعزّز التفكير في البدائل
تداول خبراء آخرون في المؤتمر حالة قطاع الغاز الطبيعي المسال في العالم واضطراب سلاسل التوريد العالمية، وما أدت إليه من اضطرار المستهلكين إلى البحث عن بدائل أرخص بعد اشتعال أسعار الغاز.
ويقول المدير التنفيذي لشركة تسويق الغاز "غال إنديا" سوميت كيشور، إن استهلاك الغاز في شبه القارة الهندية يشهد تراجعًا ملحوظًا منذ أشهر، في ظل ارتفاع أسعاره بصورة قياسية وإحجام الموردين عن توقيع عقودًا طويلة الأجل طمعًا في المستقبل المهدد بمزيد من الاضطرابات العالمية.
وأشارت بيانات حديثة صادرة عن وزارة النفط الهندية إلى انخفاض واردات الغاز المسال بنسبة 11.3%، لتصل إلى 14.7 مليار قدم مكعبة (تعادل 10.8 مليون طن) خلال المدة من أبريل/نيسان إلى سبتمبر/أيلول (2022)، مقارنة بالمدة نفسها من عام 2021.
وعلى العكس من هذا التوجه، طالب مدير شركة كارمين إنرجي بتي، إيه كا باليان، بضرورة تعزيز الاعتماد على الغاز الطبيعي المسال بوصفه وقودًا انتقاليًا جيدًا يمكنه الإسهام في تنفيذ خطط الحكومة الهندية طويلة الأجل لتحقيق الحياد الكربوني.
وقال باليان: يمكن للغاز المسال الإسهام في دعم خطط التحول بقطاعات النقل الثقيل عبر إحلاله محل الديزل، أحد المشتقات النفطية الملوثة للبيئة بمعدلات كبيرة.
وتتفق آراء باليان مع توجهات حديثة طرحها وزير النفط والغاز الهندي هارديب سينغ بوري، في نسخة أسبوع غاز النفط المسال السنوية المنعقدة في نيودلهي خلال المدة من 14 إلى 18 نوفمبر/تشرين الثاني (2022).
وقال الوزير الهندي، إن التوسع في الاعتماد على غاز النفط المسال يمكن أن يُسهم في تعزيز خطط التحول المناخي وتحقيق بعض أهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة، وفقًا لما رصدته منصة الطاقة المتخصصة.
واتفق الحاضرون في نهاية المؤتمر على حاجة الهند إلى اعتماد إستراتيجية مركبة، تعتمد على تنويع مزيج الطاقة على المدى المتوسط، لتحقيق الهدف الأكبر في الوصول إلى الحياد الكربوني بحلول عام 2070.
26 مشروعًا حتى الآن
تمثّل الهند ثالث أكبر دولة منتجة للانبعاثات الكربونية في العالم، بسبب اعتمادها على الفحم في توليد الكهرباء بنسبة 70% تقريبًا.
وتطمح ثاني أكبر بلد من حيث السكان في العالم، لتعزيز الاعتماد على مصادر الطاقة المتجددة، خاصة الهيدروجين الأخضر، في إطار خطط الوصول للحياد الكربوني بحلول عام 2070.
واعتمدت الهند -حتى الآن- قرابة 26 مشروعًا لإنتاج الهيدروجين في ولايات مختلفة بطاقة إنتاجية 255 ألف طن متري/سنويًا، إلا أن هذه المشروعات ما زالت في مراحلها الأولى، كما أن تكلفة الاستثمار في هذا المجال ما زالت مرتفعة مقارنة بمصادر الطاقة التقليدية المألوفة للمنتجين منذ عقود.
وقدّر رئيس شركة آر إي سي، فيفيك كومار ديوانغان، حجم الاستثمار اللازم لتحقيق اقتصاد الهيدروجين الأخضر في الهند بنحو 30 تريليون روبية (367.17 مليار دولار) بحلول عام 2030، وفقًا لما رصدته منصة الطاقة المتخصصة.
وتمثّل عوامل تكلفة كثافة السكان عوائق ضخمة تكبّل الهند عن إحداث نقلة نوعية سريعة في مجال التحول للطاقة المتجددة، مقارنة بدول أوروبا المتسارعة في هذا المجال.
واضطرت وزارة الطاقة الهندية -مؤخرًا- إلى تجديد الثقة في الفحم لتوليد الكهرباء حتى عام 2030 على الأقل، بسبب ضغوط هائلة من الطلب المحلي المتزايد على الكهرباء، وفقًا لما رصدته منصة الطاقة المتخصصة.
موضوعات متعلقة..
- الطلب على الهيدروجين قد يصل إلى 660 مليون طن بحلول 2050 (تقرير)
- الهند تدرس تقديم حوافز لتوسيع نطاق إنتاج الهيدروجين الأخضر
- جنرال إلكتريك ترسم ملامح سياسة الهيدروجين الأخضر في الهند
اقرأ أيضًا..
- سوق الهيدروجين الأخضر العالمية قد تسجل 58 مليار دولار بحلول 2030 (تقرير)
- الطلب على الهيدروجين.. 11 شركة يابانية تقدم خارطة طريق لاحتياجاتها حتى 2030
- بي بي البريطانية تراهن على الهيدروجين لإزالة الكربون وخفض الانبعاثات