هل يتجه أوبك+ إلى خفض الإنتاج مرة أخرى؟.. 3 خبراء يجيبون
مي مجدي
تترقب الأسواق العالمية اجتماع أوبك+، المقرر عقده في فيينا يوم 4 ديسمبر/كانون الأول (2022)، في ظل التقلبات التي تشهدها أسعار النفط، إذ تلوح في الأفق مخاوف من تطبيق المزيد من خفض الإنتاج، في محاولة للسيطرة على الأسعار وإعادة التوازن إلى الأسواق.
وتشير بعض الآراء إلى أن التحالف سيُبقي على سياسة الإنتاج دون تغيير وتمديدها خلال اجتماعه المقبل، في حين يرى آخرون أن التحالف يناقش احتمال خفض المزيد من إنتاج النفط لتعزيز الأسعار التي تراجعت بسبب مخاوف من تباطؤ النشاط الاقتصادي.
ورغم التخطيط للاجتماع المقبل بالحضور شخصيًا، فقد يُعقد عبر تقنية التواصل المرئي جزئيًا أو كليًا.
وقبيل الاجتماع، صرّح وزير الطاقة السعودي الأمير عبدالعزيز بن سلمان بأن أوبك+ مستعد للتدخل بخفض المزيد إذا لزم الأمر، ضمن المساعي الجارية لتحقيق التوازن بين العرض والطلب.
وأشار بعض المحللين والخبراء -في تصريحات خاصة لمنصة الطاقة المتخصصة- إلى بعض العوامل التي قد تدفع أوبك+ إلى خفض الإنتاج.
الحاجة إلى خفض الإنتاج
كان تحالف أوبك+ قد فاجأ الجميع بخفض سقف الإنتاج بمقدار مليوني برميل يوميًا، بدءًا من شهر نوفمبر/تشرين الثاني (2022) وحتى ديسمبر/كانون الأول (2023)، ما أدى إلى زيادة توتر العلاقات بين إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن والمملكة العربية السعودية.
ويرى الخبير في شؤون الطاقة والشرق الأوسط سيريل وودرشوفن، أن أوبك+ لا يحتاج إلى إجراء تخفيضات إضافية في الإنتاج بالنظر إلى الأساسيات، فالطلب ليس ضعيفًا، وليست هناك وفرة في المعروض.
وقال -في تصرحات خاصة لمنصة الطاقة المتخصصة-: "من بين التطورات الرئيسة المحتملة اضطرار الصين إلى إعادة فتح أبوابها أكثر مما هو عليه الوضع -حاليًا-، لا سيما مع استمرار ضغط المجتمع الصيني لإنهاء عمليات الإغلاق أو الحد منها، وإذا حدث ذلك فستشهد السوق زيادة في الطلب".
وأشار إلى توقعات البعض بارتفاع الطلب في أوروبا في حالة تعرضها لموجة شتاء قارسة خلال الأسابيع المقبلة، ومع استمرار ارتفاع أسعار الغاز الطبيعي، ستستبدل القارة الغاز الطبيعي والغاز المسال بالنفط.
وفي الوقت نفسه، ستتجه الأنظار إلى العقوبات التي سيفرضها الاتحاد الأوروبي على النفط الروسي في 5 ديسمبر/كانون الأول (2022).
وقال: "إذا كانت العقوبات أشد صرامة مما هي عليه الآن، فستكون هناك تطورات سلبية على النفط والمشتقات الروسية المتجهة إلى أوروبا، إلى جانب زيادة عرقلة الصادرات الروسية لبقية العالم".
ويرى أن أي إزاحة إضافية للنفط الروسي ستلغي تخفيضات أوبك+ المحتملة.
بينما أشار الخبير المتخصص في تحليل أسواق السلع لدى ستاندرد آند بورز غلوبال بلاتس، بول هيكن، إلى نفي وزير الطاقة السعودي الأمير عبدالعزيز بن سلمان التقارير الصادرة في 21 نوفمبر/تشرين الثاني (2022) عن أن أوبك+ قد يرفع الحصص بمقدار 500 ألف برميل يوميًا في الاجتماع المقبل يوم 4 من ديسمبر/كانون الأول (2022).
وأضاف أن الوزير أوضح استعداد التحالف لخفض الإنتاج إذا لزم الأمر، وفي حالة استمرار تراجع الأسعار، فسيتزايد الحث على خفض الإنتاج قبيل الاجتماع، في محاولة لوضع حد لتراجع السوق.
وقال -في تصريحات خاصة لمنصة الطاقة المتخصصة-، إن تراجع الطلب من الصين والوهن الاقتصادي العالمي يشيران إلى وضع الأساسيات الاقتصادية لتعديل الإنتاج.
ومن وجهة نظر وكالة إس آند بي غلوبال كوميديتي إنسايتس، ستستمر حصص نوفمبر/تشرين الثاني وديسمبر/كانون الأول حتى يونيو/حزيران، على الرغم من بناء المخزون المتوقع حتى أبريل/نيسان (2023)، بسبب الضغوط السياسية الأميركية بعد خفض سقف الإنتاج بمقدار مليوني برميل يوميًا في 5 أكتوبر/تشرين الأول (2022).
وتابع: "هذا هو جوهر النقاش القائم، فإلى أي مدى كانت الخطوة في أكتوبر/تشرين الأول استباقية أو مدى رد الفعل على تراجع الأسعار؟.. ربما الاجتماع المقبل قد يكشف عن إجابات تتعلق بمدى تأثير الجغرافيا السياسية والاقتصاد في التقديرات، بالنظر إلى استمرار تراجع العرض والطلب".
هل سيُجري أوبك+ تخفيضات إضافية؟
ترى مؤسِّسة مركز "فاندا إنسايتس" المعني بأسواق الطاقة فاندانا هاري، أن الانتظار والمراقبة سيكونان الأفضل لتحالف أوبك+ في الوقت الحالي.
وأشارت إلى حالة التقلبات والنتائج غير المؤكدة، التي من أهمها إعادة توجيه تدفقات النفط الروسي بعد 5 من ديسمبر/كانون الثاني (2022)، ومدى استجابة الصين إلى تزايد الاحتجاجات ضد سياسة "صفر كوفيد" وعمليات الإغلاق الناجمة عن فيروس كورونا، وسيكون أمام أوبك+ الانتظار لمعرفة تداعيات ذلك، وتأثير قرار خفض الإنتاج خلال نوفمبر/تشرين الثاني وديسمبر/كانون الأول.
وقالت -في تصريحات خاصة لمنصة الطاقة المتخصصة-، إن التحالف يمكنه عقد اجتماع طارئ إذا شهدت السوق زيادة أو نقصًا في العرض.
بينما يعتقد الخبير المتخصص في تحليل أسواق السلع لدى ستاندرد آند بورز غلوبال بلاتس، بول هيكن، أن العديد من الأعضاء مقيدون بالقدرة الإنتاجية، لكن سيكون لأكبر اللاعبين في أوبك -وهم السعودية والإمارات والعراق- حضور قوي وتأثير كبير في تحديد النتيجة.
وأضاف أن أوبك+ قد يرغب -أيضًا- في الانتظار والترقب بعد خفض الإنتاج الضخم خلال شهر أكتوبر/تشرين الأول (2022)، والعقوبات التي على وشك فرضها على روسيا، واحتمال خفض المزيد من الإمدادات.
وأوضح أنه بالنظر إلى انخفاض الأسعار وضعف الأساسيات قد يقرر التحالف تغيير مساره بدلًا من التمسك بالقرار.
ومن وجهة نظر الخبير في شؤون الطاقة والشرق الأوسط سيريل وودرشوفن، قد يقدم التحالف على خفض الإنتاج، خاصة مع الإدراك المتزايد بأن تخفيضات الإنتاج ضرورية للحفاظ على الأسعار عند مستوى معين.
وأما بالنسبة إلى روسيا فسيكون الوضع مربحًا، فهي لا تراقب الحد الأقصى للأسعار فقط، الذي يُعد أعلى مما تحصل عليه -حاليًا-، وإنما تراقب الضغوط المحتملة على الإجراءات المناهضة لها من قبل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة وغيرها.
وما يزال اللاعبون في أوبك يبحثون عن سعر أعلى مع تزايد الحاجة إلى الاستثمار، سواء في الطاقة المتجددة أو تنويع المصادر.
وتابع: "الأساسيات لا تحث على خفض الإنتاج، لكن السياسات تطالب بذلك، وترتبط السياسة في الوقت الحاضر بالاقتصاد إلى حد كبير، لكن هناك تأثيرًا جيوسياسيًا واضحًا".
توقعات خفض الإنتاج
في الوقت نفسه، يرى الخبير في شؤون الطاقة والشرق الأوسط سيريل وودرشوفن، أن أوبك+ أمامه خياران، إذ من المحتمل انخفاض الإنتاج بين 500 ألف إلى مليون برميل يوميًا عند الأخذ في الحسبان انخفاض الصادرات الروسية وعمليات الإغلاق في الصين، أما لو كانت العواقب على صادرات النفط الروسي أقل فسيكون الخفض في حدود مليون أو أكثر.
وسيكون التأثير ضئيلًا في السوق بالكامل لمدة لا تقل عن شهر إلى شهرين، إذ يراقب الجميع المدة من فبراير/شباط إلى مارس/آذار (2023)، إذ ستستغرق العقوبات على روسيا وقتًا أطول، ليظهر تأثيرها بوضوح في السوق.
وأشار -أيضًا- إلى الدور الحاسم لشركات الشحن والتأمين العالمية، موضحًا أن التزامها بالعقوبات يعني توقف جميع الناقلات التي ترفع علم الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة والمملكة المتحدة بعد 5 ديسمبر/كانون الأول (2022)، وتأثير ذلك سيكون قاسيًا.
وفي حالة استمرار ضغط الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة لفرض عقوبات الطرف الثالث فقد يضر قرار أوبك+ بخفض الإنتاج بالسوق.
ومن المتوقع ألا يواجه القرار مردودًا سلبيًا من الغرب فقط، لكن من الاقتصادات منخفضة الدخل في أفريقيا وآسيا -أيضًا-.
موضوعات متعلقة..
- مسؤول عراقي يحدد دوافع قرار أوبك+ في اجتماعه المقبل
- 5 دول في أوبك+ تنفي زيادة إنتاج النفط وتدعم استقرار السوق (تحديث)
- 5 أسباب تمنع أوبك+ من اتخاذ قرار مفاجئ بزيادة إنتاج النفط
اقرأ أيضًا..
- تحديات تواجه إنتاج النفط الصخري الأميركي في عام 2023 (تقرير)
- كيف يتأثر إنتاج النفط الروسي وصادراته بعد الحظر الأوروبي؟
- إكسون موبيل تخطط للتخارج من غينيا الاستوائية.. لماذا يبتعد عمالقة الطاقة عن الخام الأفريقي؟