رئيس "غرينفيث": قمة المناخ فشلت في تحقيق أهم أهدافها.. وهذه بارقة الأمل الوحيدة
داليا الهمشري
على الرغم من انتهاء قمة المناخ كوب 27 بإعلان صندوق تعويض الخسائر والأضرار، فإن الكثيرين قد رأوا أن القمة لم تنجح في تحقيق أهم أهدافها، وهو وقف الوقود الأحفوري.
وأرجع الرئيس التنفيذي لمنظمة غرينفيث (الإيمان الأخضر)، فليتشر هاربر، فشل القمة لعدّة أسباب، من بينها الغزو الروسي لأوكرانيا، وتعنُّت الدول المتقدمة والشركات متعددة الجنسيات في دعم العمل المناخي.
وقال هاربر، إن دول العالم المتقدمة أثبتت -منذ أوائل عام 2020- أن لديها المال والقدرة على التصرف عندما تقرر ذلك، وهو الأمر الذي ظهر جليًا في مبلغ الـ 14 تريليون دولار التي خسرتها في أثناء فيروس كورونا، و80 مليار دولار في مواجهة الغزو الروسي الوحشي لأوكرانيا.
وأضاف هاربر -في تصريحات خاصة إلى منصة الطاقة المتخصصة- أن هذه المبالغ الضخمة تتناقض بشدة مع التقدم البطيء للغاية الذي شهدته قمة المناخ كوب 27 فيما يتعلق بتمويل العمل المناخي.
وتابع: "المدة التي سبقت انعقاد قمة المناخ الأخيرة لم تكن مُبشّرة، ولم تتقدم سوى 24 دولة فقط بتعهداتها المناخية الوطنية المُحدثة قبل المؤتمر، وكذلك لم تلتزم المؤسسات المالية بتعهداتها بصورة مسؤولة".
تحالف غلاسكو المالي
أوضح الرئيس التنفيذي لمنظمة غرينفيث (الإيمان الأخضر) فليتشر هاربر أن تحالف غلاسكو المالي من أجل صافي انبعاثات الكربون (جي إف إي إن زد) كان أحد الإعلانات المناخية الأكثر رواجًا في العام الماضي 2021، إذ أعلنت كثير من المؤسسات المالية في العالم عن إسهامها في تمويل خفض الانبعاثات الكربونية بحلول عام 2050.
إلّا أن الرئيس التنفيذي لمنظمة غرينفيث رأى أن الغزو الروسي لأوكرانيا قد تسبَّب في عرقلة هذا الإعلان، لافتًا إلى أن ارتفاع أسعار النفط جعل تحالف غلاسكو يتراجع عن مطالبة أعضائه بالتخلص التدريجي من استثمارات الوقود الأحفوري.
وأشار هاربر إلى أن كون مصر الدولة المضيفة لقمّة المناخ -إحدى دول قارة أفريقيا، وهي الأكثر عرضة لتغير المناخ- قد ساعد في التعجيل بإجماع على أن قضية "الخسائر والأضرار" تمّثل أولوية قصوى للمفاوضات.
ولفت هاربر إلى أنه قبل 3 عقود دعت الدول النامية الصغيرة لأول مرة إلى إنشاء صندوق لمساعدتها لمواجهة التغيرات المناخية التي أصبحت أكثر وضوحًا في أفريقيا وآسيا وأميركا اللاتينية، على الرغم من أن هذه الدول غير مسؤولة عن أزمة الانبعاثات الكربونية.
ولم تستجب الدول المتقدمة -ومن بينها الولايات المتحدة- بصورة كافية لهذه الدعوات، ولكن الضغط الذي مارسته الدول النامية والمنظمات غير الحكومية قد أدى إلى تغيير هذا الموقف.
فيضانات باكستان
أرجع الرئيس التنفيذي لمنظمة غرينفيث (الإيمان الأخضر) فليتشر هاربر الفضل الأكبر في تغيير موقف الدولة المتقدمة من قضية إنشاء صندوق الخسائر والأضرار إلى قيادة باكستان -التي عانت من فيضانات في وقت سابق من هذا العام، أغرقت ثلث أراضيها-.
إذ نشر الجناح الباكستاني في محادثات المناخ رسالة مفادها أن "ما حدث في باكستان لن يبقى في باكستان"، وأن التعافي من هذه الفيضانات يُكلّف 40 مليار دولار.
وأفاد هاربر -في تصريحاته إلى منصة الطاقة المتخصصة- أنه مع قرب نهاية قمة المناخ كوب 27، اقترح الاتحاد الأوروبي إنشاء صندوق الخسائر والأضرار، ووافقت الولايات المتحدة على عدم استعمال حق النقض (الفيتو).
وقال: "إن هذا القرار الذي يتطلب أعوامًا من التباحث حول تحديد مقدار التمويل من كل جهة والآليات المعمول بها، كان أفضل إنجاز للقمة هذا العام".
وأضاف أن قضية التمويل تعتمد على الثقة بين الدول الغنية والنامية، والاستجابة الإيجابية من جانب الأغنياء، إلّا أن هذه الثقة قد تآكلت -بالفعل- منذ 13 عامًا، عندما وعدت الدول الغنية بدفع 100 مليار دولار سنويًا بحلول عام 2020، لمساعدة البلدان النامية على التكيف مع تغير المناخ والتخفيف من ارتفاع درجات الحرارة، لكنها لم تفِ بهذا الوعد.
بارقة أمل
رأى الرئيس التنفيذي لمنظمة غرينفيث فليتشر هاربر أن الفشل الأكبر لقمة المناخ كوب 27 تَمثَّل في إغفال لغة الالتزام بالتخلص التدريجي من الوقود الأحفوري، لافتًا إلى أن الدول استبدلت بها الدعوة إلى "التخلص التدريجي من الفحم الحجري"، وهو ما وصفه هاربر بأنه "حل وسط ضعيف".
وأوضح هاربر أن القائمين على صناعة الوقود الأحفوري قد أصبحوا قلقين من انتشار مصادر الطاقة المتجددة، التي أصبحت أقلّ تكلفة من الفحم والنفط والغاز في جميع أنحاء العالم تقريبًا، وهو ما ظهر جليًا في مشاركة 636 عضوًا من جماعات الضغط العاملة بمجال الوقود الأحفوري في القمة.
وأشار إلى أن المشاركين من قطاع الوقود الأحفوري كانوا أكثر من ممثّلي أيّ دولة في العالم، باستثناء وفد الإمارات، الدولة المُضيفة لقمّة المناخ كوب 28 العام المقبل 2023.
وقال هاربر، إن بارقة الأمل الوحيدة التي شهدتها القمة ظهرت في البيان الصادر عن ممثلي المجتمع المدني، الذي طالب بإنهاء مشروعات الوقود الأحفوري الجديدة، والتخلص التدريجي المنصف من الإنتاج الحالي، وتمويل انتقال الطاقة للمجتمعات المُتضررة من جراء التغيرات المناخية.
أكبر مُلوث بلاستيكي
انتقد الرئيس التنفيذي لمنظمة غرينفيث فليتشر هاربر اقتصار مظاهرات المجتمع المدني ونشطاء المناخ على مساحة بحجم الطوابع البريدية داخل المكان، وعدم السماح بالمسيرات العامة أو التجمع خارج مكان الاجتماع.
وسلّط هاربر الضوء على انتشار منتجات إحدى شركات المشروبات الغازية في منصات المرطبات داخل القمة، موضحًا أن الشركة التي تُعدّ أكبر ملوث بلاستيكي في العالم كانت الراعي الرئيس لمؤتمر الأطراف، ووزعت منتجاتها مجانًا، بينما دفع المشاركون ثمن المياه.
وأكد هاربر أن محادثات المناخ على مدار 30 عامًا لم تنجح في تحقيق النتائج المرجوة منها، نتيجة العراقيل وتعنُّت الدول الغنية والشركات متعددة الجنسيات.
ودعا الحركات الجماهيرية ومنظمات المجتمع المدني والجماعات الدينية إلى تحمُّل المسؤولية والضغط على الحكومات والمؤسسات المالية، لتسريع وتكثيف وتوسيع نطاق العمل المناخي من أجل مستقبل ملائم للحياة.
موضوعات متعلقة..
- خبير عالمي لـ"الطاقة": نتائج قمة المناخ إيجابية لكنها غير كافية (تقرير)
- صندوق تعويض الخسائر في قمة المناخ.. هل ينجح أم يكون امتدادًا لفشل سابق؟ (تقرير)
- قمة المناخ.. خبراء: مصر تنجح في اجتذاب تمويل لقطاع الطاقة المتجددة
اقرأ أيضًا..
- أكوا باور السعودية توقع اتفاقًا لإنتاج الهيدروجين الأخضر في تايلاند
- مصفاة جازان.. مجمع تكرير أرامكو الأكثر استدامة (تقرير)
- ثاني أكبر مصفاة نفط في أوروبا تعود لإنتاج الديزل جزئيًا
- نفقات الطاقة قد ترتفع لمستويات قياسية.. هل تدفع الدول الغنية إلى الركود؟