سوق النفط تعاني حالة ضبابية.. هل تستمر كثيرًا؟ (مقال)
فاندانا هاري* – ترجمة: نوار صبح
- المضاربة المحمومة ومواقف السوق بشأن رفع أسعار الفائدة قد تستمر.
- سياسة الاحتياطي الفيدرالي الأقل تشددًا ستكون إيجابية للطلب على النفط.
- ترتفع أسعار النفط الخام المقيّمة بالدولار الأميركي لتعويض ضعف العملة.
- تسوية برنت بلغت 98.57 دولارًا للبرميل أعلى مستوياتها في 10 أسابيع.
- تسوية خام غرب تكساس الوسيط عند 92.61 دولارًا كانت هي الأعلى في شهر.
قد تستمر دون انقطاع مسرحية قوة التوقعات وضعفها بشأن توجه الاحتياطي الفيدرالي المتشائم، التي طغت على الأسواق المالية الأوسع بالإضافة إلى سوق النفط الخام، الأسبوع الماضي.
ولا يفصلنا سوى 5 أسابيع عن اجتماع السياسة النقدية التالي للفيدرالي الأميركي؛ ما يعني أن المضاربة المحمومة، ومواقف السوق بشأن رفع أسعار الفائدة قد تستمر؛ ما يزيد من الحالة الضبابية التي تعصف حاليًا بسوق النفط.
كانت الزيادة الرابعة على التوالي في سعر الفائدة بمقدار 75 نقطة أساس، التي أعلنها مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي، يوم الأربعاء 2 نوفمبر/تشرين الثاني، نتيجة مفروضة.
في المقابل، فجّرت تصريحات رئيس مجلس إدارة الاحتياطي الفيدرالي، جيروم باول، بعد قرار سياسة الاحتياطي الفيدرالي، فقاعة من التفاؤل تضخمت خلال الأيام الـ10 الماضية، أو نحو ذلك؛ حتى إن البنك المركزي قد يشير إلى تباطؤ في سياسة رفع أسعار الفائدة.
وقال باول إن مسؤولي الاحتياطي الفيدرالي قد يفكرون في رفع أسعار الفائدة بمقدار أقل في اجتماعهم المقبل، لكن هذا لا يعني الابتعاد عن رفع أسعار الفائدة.
وحذّر من أن الاحتياطي الفيدرالي قد يحتاج إلى رفع تكاليف الاقتراض لمدة أطول وإلى مستوى أعلى من المتوقع، لكن الأسواق المتقلبة، التي لم تتعلم الدرس من نوبات التفاؤل السابقة بشأن توجهات الاحتياطي الفيدرالي، قد لا تنتبه.
أصول المخاطرة وهبوط الدولار
أدى تراكم "التفاؤل التغييري" قبل اجتماع الاحتياطي الفيدرالي إلى دعم أصول المخاطرة وهبوط الدولار الأميركي، وقد أدى كلاهما إلى دفع أسعار النفط الخام إلى الارتفاع.
وستمنح سياسة الاحتياطي الفيدرالي الأقل تشددًا الولايات المتحدة والاقتصاد العالمي بعضًا من الراحة، وهو ما سيكون إيجابيًا للطلب على النفط، وعادة ما ترتفع أسعار النفط الخام المقومة بالدولار الأميركي لتعويض ضعف العملة.
علاوة على ذلك، تتجه السوق الأوسع نحو وضع الابتعاد عن المخاطرة وانتعاش الدولار بعد تصريحات باول؛ ما أدى إلى ضغط هبوطي قصير الأمد ومعتدل نسبيًا على أسعار النفط الخام.
بحلول يوم الجمعة 4 نوفمبر/تشرين الثاني، كانت أسواق الأسهم حول العالم تتسابق نحو الأعلى، وعلى الرغم من أن بيانات الوظائف الأميركية لشهر أكتوبر/تشرين الأول أظهرت أن نمو الوظائف في البلاد ظل قويًا.
ومن شأن هذا أن يمكّن الاحتياطي الفيدرالي من البقاء على مسار رفع أسعار الفائدة، إلا أن الوفرة عادت إلى السوق؛ ما أدى إلى دعم الأصول المعرّضة للمخاطر مجدّدًا.
وتعرّض الدولار الأميركي لهبوط غامض إلى حد ما، وقفزت العقود الآجلة لخام برنت وغرب تكساس الوسيط بنسبة 4% و5% على التوالي، خلال تعاملات يوم الجمعة 4 نوفمبر/تشرين الثاني (2022).
وبلغت تسوية برنت 98.57 دولارًا للبرميل أعلى مستوياتها في 10 أسابيع، بينما كانت تسوية خام غرب تكساس الوسيط عند 92.61 دولارًا هي الأعلى في شهر.
دور حظر أوروبا والتوترات الإيرانية
برز عدد قليل من العوامل الأخرى الداعمة لأسعار النفط الخام، في مقدمتها المخاوف المتزايدة بشأن المعروض مع اقتراب حظر الأوروبي على استيراد النفط الروسي في 5 ديسمبر/كانون الأول، إلى جانب تصاعد التوترات الجيوسياسية بين إيران وجيرانها.
تُضاف إلى ذلك التكهنات بأن الصين كانت تفكر في تخفيف سياسة مكافحة تفشي وباء كوفيد-19 في أوائل العام المقبل.
ويُعَد إنهاء الاتحاد الأوروبي لجميع واردات النفط الخام المنقولة بحرًا من روسيا وفرض حظر على شركاته من تقديم التأمين والخدمات المالية لشحنات النفط الروسية إلى دول ثالثة، على بُعد شهر من الآن.
ولم تتبلور خطة الغرب لوضع سقف لأسعار النفط، الهادفة إلى تجنب أي نقص ناتج في الإمدادات، حتى الآن.
الخطة، التي تتصور السماح لمجموعة الدول الـ7/الاتحاد الأوروبي للخدمات البحرية بالاستمرار إلى ما بعد 5 من ديسمبر/كانون الأول لمبيعات النفط الروسية إلى البلدان التي تتفق مع سقف سعر محدد مسبقًا، لديها العديد من الأجزاء المتحركة التي تتقاطع مع القطاعات والسلطات الوطنية.
ومن الصعب تخيّل الإعفاءات التي تحتاج إليها الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي إلى حزمة عقوبات روسيا السادسة، التي اتُّفِقَ عليها في يونيو/حزيران واللوائح الداعمة لنظام سقف السعر، ستجتمع معًا في الأسابيع الـ4 المقبلة.
وتُعَد الإنجازات المهمة الأخرى -تحديد سقف السعر وجلب مشتري النفط الخام الروسي الرئيسين الصين والهند وتركيا- مُعلَّقة أيضًا.
وأدت المخاوف الناتجة بشأن استقرار إمدادات النفط الروسية إلى مفاقمة المخاوف بشأن إمدادات النفط الخام.
وقد استوردت دول الاتحاد الأوروبي ما معدله 1.1 مليون برميل يوميًا من الخام الروسي عن طريق البحر في أكتوبر/تشرين الأول، وفقًا للبيانات التي جمعتها مؤسسة الأبحاث الألمانية، بروغل.
وعلى الرغم من أن الهند والصين استقبلتا معًا نحو 1.27 مليون برميل يوميًا من الخام الروسي الإضافي في سبتمبر/أيلول مقارنة بشهر فبراير/شباط من هذا العام، وفقًا للبيانات الرسمية وبيانات تتبع السفن؛ فلا يمكن للمرء أن يفترض أنهما سيستوعبان مليونًا آخر يوميًا بسهولة في الشهر المقبل.
هذا بدوره يضع علامة استفهام بشأن قدرة الاتحاد الأوروبي على استبدال النفط الخام الروسي بسهولة.
وحال تمكنت روسيا والمشترون الجدد من إيجاد حلول بديلة للشحن والتأمين في نهاية المطاف؛ فهناك خطر حدوث اضطراب ونقص على المدى القصير.
تأثير التوترات الإيرانية
أسهم التوتر المتصاعد بين إيران وجيرانها في الشرق الأوسط في صعود النفط الخام، الأسبوع الماضي.
وقد نفت إيران رسميًا تقارير إعلامية غربية بشأن تخطيطها شن هجمات على السعودية والمنطقة الكردية بشمال العراق.
وفي وقت لاحق، قال مسؤولون أميركيون وخليجيون إن التهديدات بشن هجوم "وشيك" قد خفّت، بعد أيام فقط من قولهم إن القوات العسكرية في المنطقة وُضعت في حالة تأهب قصوى.
تجدر الإشارة إلى أن حركة الاحتجاج العامة المستمرة والمتنامية في جميع أنحاء إيران منذ منتصف سبتمبر/أيلول، وضعت النظام في طهران في موقف ضعيف، وأدت إلى توتر العلاقات مع بعض الأطراف في الخارج التي تحملها مسؤولية إثارة المشكلات.
على ضوء ذلك، ثبت أن التكهنات واسعة النطاق التي أثارتها بعض منشورات وسائل التواصل الاجتماعي، في بداية الأسبوع الماضي، بأن الصين كانت تخطط لتخفيف سياسة مكافحة وباء كوفيد-19 ليس لها أساس من الصحة.
وفي مؤتمر صحفي، يوم السبت 5 نوفمبر/تشرين الثاني، صرّح مسؤول كبير في لجنة الصحة الوطنية في البلاد بأن الصين ستلتزم "بثبات" بضوابط وباء كوفيد-19 الحالية.
وقد يؤدي ذلك إلى انعكاس مسار الأسهم الصينية بعد الارتفاع القوي، الأسبوع الماضي، وتراجع النفط الخام.
* فاندانا هاري هي مؤسِّسة مركز "فاندا إنسايتس" المعني بأسواق الطاقة.
* هذا المقال يمثّل رأي الكاتبة، ولا يعبّر بالضرورة عن رأي منصة الطاقة.
اقرأ أيضًا..
- توقعات مزيج الطاقة العالمي بحلول 2045.. النفط المصدر الرئيس (إنفوغرافيك)
- وكالة الطاقة الدولية تتوقع اتجاهات الغاز عالميًا في 3 سيناريوهات (تقرير)