مقالات الغازالمقالاترئيسيةغاز

مبادلة الغاز الروسي لن تحوّل إيران إلى مركز للطاقة (مقال)

أومود شوكري* - ترجمة نوار صبح

اقرأ في هذا المقال

  • بيع النفط الروسي الرخيص في السوق أدى إلى انخفاض صادرات النفط الإيرانية.
  • استيراد الغاز من روسيا يُعَد أحد خيارات وزارة النفط الإيرانية لتزويد الغاز المطلوب.
  • غازبروم الروسية وقّعت مذكرة تفاهم مع شركة النفط الوطنية الإيرانية هذا العام.
  • لا يمكن توقّع السيطرة على أزمة الطاقة بمبادلة الغاز الطبيعي بين روسيا وطهران.
  • إذا لم تجرِ الخصخصة الكاملة؛ فلن تصبح إيران مركزًا للغاز الطبيعي.

تُعَد مبادلة الغاز الروسي أحد الخيارات التي تركز عليها إيران لزيادة استثماراتها في القطاع، وسط خطط لتحويل طهران إلى مركز للطاقة.

بعد وصول الرئيس الإيراني، إبراهيم رئيسي، للسلطة، يبدو أن علاقات الطاقة قد تعززت بين إيران وروسيا اللتين تخضعان للعقوبات.

وفي الأشهر الماضية، أدى بيع النفط الروسي الرخيص في السوق إلى انخفاض صادرات النفط الإيرانية.

ويُعَد استيراد الغاز من روسيا أحد خيارات وزارة النفط الإيرانية لتزويد الغاز المطلوب، بالنظر إلى أن إيران تواجه نقصًا في الغاز الطبيعي.

في الوقت نفسه، يُزعم أن توسيع العلاقات بين إيران وروسيا في مجال الطاقة سيجعل إيران مركزًا للطاقة في المنطقة.

مساعي سد العجز في الغاز

توجّه وزير النفط الإيراني جواد أوجي، يوم الإثنين 31 أكتوبر/تشرين الأول، إلى موسكو، والتقى نائب رئيس الوزراء الروسي، ألكسندر نوفاك.

في سبتمبر/أيلول الماضي، حذّر وزير النفط، جواد أوجي، من أنه "مع الاتجاه الحالي لاستهلاك الغاز الطبيعي، نتوقع أن يكون هناك عجز بنحو مائتي مليون متر مكعب من الغاز في الشتاء المقبل".

ووعد أوجي بأن وزارة النفط ستحاول ضمان "عدم تعرّض القطاع المنزلي الإيراني للمأزق".

في السنوات الماضية، واجهت إيران نقصًا حادًا في الغاز في فصل الشتاء، لكن العام الماضي بدأ نقص الغاز في إيران في الخريف، لذلك، تقلل الحكومة بشدة من إيصال الغاز إلى مصانع البتروكيماويات والأسمنت ومحطات الكهرباء، خلال مواسم البرد من العام.

اتفاقية لمبادلة الغاز الروسي
وزير النفط الإيراني جواد أوجي ونائب رئيس الوزراء الروسي ألكسندر نوفاك – الصورة من موقع كاسبيان نيوز

تعاون إيران وروسيا في مجال الطاقة

قال مساعد وزير الخارجية لشؤون الدبلوماسية الاقتصادية في إيران، مهدي صفري: "قريبًا، سيجري إنشاء مشروع مشترك بين إيران وروسيا لبناء خط أنابيب غاز إلى البلدان الواقعة على طول الخليج العربي وبحر عمان".

وتابع صفري، في إشارة إلى فرصة لتحويل إيران إلى مركز إقليمي للغاز: "إن سيناريو إيران لتجارة الغاز مع روسيا يتمثل في شراء الغاز من هذا البلد ثم تصدير الغاز إلى الدول المجاورة".

خلال الزيارة السابقة لوزير النفط الإيراني إلى روسيا، ناقشت اللجنة المشتركة مبادلة النفط والمشتقات النفطية الروسية، وفي الأيام القليلة اللاحقة اتُّفِق على الأرقام.

وقال مساعد وزير الخارجية لشؤون الدبلوماسية الاقتصادية: "إنه يجري إنجاز اتفاقية مبادلة الغاز الروسي، والمشكلة الوحيدة في تأجيل هذه الاتفاقية كانت الدولة الوسيطة؛ حيث كان من المفترض أن يجري تبادل الغاز الروسي إلى إيران عبر أراضيها".

ولن تسلم إيران خط الأنابيب إلى أي دولة، لكن الروس هم الذين من المفترض أن يستثمروا في هذا المشروع، ومن المفترض أن تبني الشركات الروسية خطوط أنابيب لنقل الغاز داخل باكستان بحيث يمكن تصدير الغاز من إيران إلى هذا البلد.

وقريبًا، سيجري إنشاء مشروع مشترك بين إيران وروسيا لبناء خط أنابيب غاز إلى دول الخليج العربي وبحر عمان؛ إذ تبلغ حصة كلّ من البلدين 50%.

وبحسب صَفَري؛ فإن تركيز مفاوضات مبادلة النفط الروسي ينصب على رقم التبادل السنوي البالغ 10 ملايين طن من النفط، موضحًا أن الاتفاقيات على وشك الانتهاء.

وفقًا لنائب رئيس الوزراء الروسي، ألكسندر نوفاك؛ فقد بدأت موسكو توريد المشتقات النفطية إلى إيران بموجب صفقة المبادلة.

وأكد نوفاك، في لقائه جواد أوجي، أهمية التعاون بين البلدين في مجالات الطاقة والكهرباء والنفط والغاز وقال: "اتُّفِقَ على توسيع التعاون في هذه المجالات. تستثمر الشركات الروسية حاليًا في حقول النفط في جمهورية إيران، وسيزداد حجم هذه الاستثمارات العام المقبل".

وأعلن نائب رئيس الوزراء الروسي حزمة كبيرة جدا من الاتفاقات في مجال الطاقة، وأضاف أن شركة غازبروم الروسية وقّعت مذكرة تفاهم مع شركة النفط الوطنية الإيرانية هذا العام.

اتُّفِقَ على الاستخراج من حقول الغاز في إيران، وكذلك تصدير الغاز إلى دول ثالثة، واتفق البلدان على مبادلة المنتجات النفطية، وهذا التعاون واعد.

وأشار جواد أوجي إلى الدور المتزايد لشركات الطاقة الروسية في صناعة النفط الإيرانية، وقال إن إيران لديها حاليا أكثر من 4 مليارات دولار من العقود المبرمة مع شركات روسية كبرى لتطوير حقول النفط والغاز.

وأضاف: "قطع صادرات روسيا من الغاز إلى أوروبا والتغير في الظروف الدولية جعلا إيران جسرًا لنقل منتجات النفط والغاز الروسية إلى دول أخرى وأن تصبح مركزًا إقليميًا للغاز"؛ إذ يعتمد الاقتصاد الإيراني على دخل صادرات النفط والغاز ومنتجاتهما.

وتتكون هذه الدورة من جزأين مهمين؛ الصادرات والعملاء؛ حيث انخفضت الصادرات بسبب العقوبات لعدة سنوات.

وفي ظل الوضع الحالي، بدأت إيران في عقود بيع للعملاء لمدة 25 عامًا لهذه الدول بحجة تبادل الغاز مع روسيا وتركمانستان.

ويعتقد خبراء الطاقة في إيران أن عقود مبادلة الغاز الطبيعي تناسب مصالح روسيا.

اختلال التوازن في إنتاج الغاز واستهلاكه

نشرت لجنة الطاقة في البرلمان الإيراني، مطلع أكتوبر/تشرين الأول، تقريرًا أقر فيه المتحدث باسم لجنة الطاقة، مالك شريعتي، باختلال التوازن في إنتاج الغاز الطبيعي واستهلاكه في إيران.

وتشير آخر توقعات وزارة النفط بشأن إنتاج الغاز الطبيعي الإيراني إلى أن إنتاج الغاز الطبيعي في البلاد في أحسن الأحوال يمكن أن يصل إلى 1.4 مليار متر مكعب يومي من 950 مليون متر مكعب حاليًا بحلول عام 2030، وبعد ذلك سيصل إلى 1.1 مليار متر مكعب يوميًا في عام 2040.

الغاز الروسي
منشأة لتخزين الغاز تشغّلها شركة غازبروم في بلدة كاسيموف الروسية – الصورة من صحيفة وول ستريت جورنال

ومن المتوقع أن يتحقق هذا السيناريو بحلول عام 2041، وستكون هناك حاجة إلى نحو 60 مليار دولار من الاستثمارات؛ بما في ذلك 25 مليار دولار لتنفيذ خطط صيانة الإنتاج (خصوصًا في حقل بارس الجنوبي) و35 مليار دولار لتطوير حقول جديدة.

بالنظر إلى وجود أزمة الطاقة في إيران، خصوصًا في قطاعي الغاز الطبيعي والكهرباء، لا يمكن توقع السيطرة على أزمة الطاقة بمبادلة الغاز الطبيعي بين روسيا وطهران.

وعلى المدى الطويل، قد تكون إيران قادرة على توفير الظروف اللازمة لتصبح مركزًا للطاقة.

وتُعَد البنية التحتية المطلوبة غير جاهزة، وسوق الطاقة الإيرانية ليست متحررة، والحكومة لا توفر الشروط لوجود القطاع الخاص في مشروعات الطاقة المهمة حتى لا تُحَرَّر سوق الطاقة الإيرانية.

وفي غياب الخصخصة الكاملة، لن تصبح إيران مركزًا للغاز الطبيعي.

التداعيات السياسية

بالنظر إلى أن إيران تخضع لعقوبات ولم يجرِ إحياء الاتفاق النووي، حتى الآن، جعلت السياسة الخارجية لإيران الشركات الغربية غير راغبة في المشاركة في صناعة الطاقة الإيرانية.

وسنرى زيادة في وجود شركات الطاقة الروسية في حقول النفط والغاز الإيرانية، إذا لم يجرِ إحياء الاتفاق النووي.

وستؤدي زيادة الاستثمار الروسي في حقول النفط والغاز الإيرانية إلى زيادة اعتماد إيران على روسيا، وفي الوقت نفسه، ستزيد من النفوذ السياسي لروسيا في سياسة إيران الخارجية.

وتحتاج إيران إلى عقدين على الأقل لتصبح مركزًا للطاقة، بشرط أن يلبي الاستهلاك الشروط اللازمة لإنشاء مركز للطاقة.

في الوقت الحالي، لن يحول تبادل الغاز الروسي إيران إلى مركز للطاقة.

* الدكتور أومود شوكري، كبير مستشاري السياسة الخارجية والجغرافيا السياسية للطاقة، مؤلف كتاب "دبلوماسية الطاقة الأميركية في حوض بحر قزوين: الاتجاهات المتغيرة منذ عام 2001".

*هذا المقال يمثّل رأي الكاتب، ولا يعبّر بالضرورة عن رأي منصة الطاقة.

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق