روسيا وأوكرانياالتقاريرتقارير النفطرئيسيةنفط

هل تضطر روسيا إلى السير على خطى إيران لبيع النفط؟

أم تنقذها الصين مستغلة هبوط أسعار خام الأورال؟

حياة حسين

اقرأ في هذا المقال

  • العقوبات الاقتصادية على روسيا أضعف من إيران
  • اضطرت إيران إلى الحصول مقابل نفطها لسريلانكا على كميات من الشاي نهاية العام الماضي
  • أزمة النفط الروسي لا تتعلق بالعقوبات بقدر مخاوف الشركات
  • الصين لديها سعة تخزين ضخمة تستوعب النفط الروسي الرخيص

لا تضطر روسيا -حاليًا- إلى السير على خطى إيران لبيع النفط، في ظل عقوبات اقتصادية قاسية فرضها الغرب عليها، عقب غزوها أوكرانيا، فهل يمكن أن تفعل ذلك يومًا ما، وهل تستطيع الصين إنقاذها؟

رغم أن إيران خضعت لعقوبات اقتصادية منذ سنوات طويلة، فإنها لا تزال قادرة على تصدير كميات معقولة من نفطها.

وتتحسّس ناقلات النفط الروسي طرقًا عدّة، استخلصتها من التجربة الإيرانية، لتتجنّب القدر الأكبر من خسائر فرضتها عليها العقوبات الاقتصادية والحرب ضد أوكرانيا، لكنها لم تجربها إلّا على شحنات سبق الاتفاق عليها والحصول على قيمتها قبل الحرب.

علم ألمانيا

قبل يومين من غزو أوكرانيا، في 24 فبراير/شباط الماضي، تحركت سفينة من ميناء بريمورسك الروسي، تحمل نحو 33 ألف طن من الديزل، وتضع علم ألمانيا، لكنها فشلت ببيع تلك الحمولة في ميناء ترانمار البريطاني في 3 أبريل/نيسان، بسبب رفض العمّال تفريغها، بعد معرفتهم بهوية النفط الذي تحمله.

وكشفت شركة البيانات "كايروس" أن 13% من النفط الروسي لا يزال عالقا على سطح المياه، بسبب رفضه في الموانئ وصعوبات تفريغه، لذلك تسعى ناقلاته لسلك مسارات جديدة، وفي الوقت نفسه، قفز عدد العائدين إلى موانئ موسكو خائبي الرجاء.

غير أن معظم تلك الشحنات العائدة أو المرتبكة في سطح البحر، كان متفقًا عليها قبل بدء الغزو، ودُفعت قيمتها.

لذلك لا تغادر معظم شحنات النفط روسيا حاليًا، بسبب تعليق الشركات لمشترياتها من الخام الروسي، خوفًا من العقوبات الاقتصادية، والعراقيل اللوجستية، إضافة إلى تشويه صورتها.

صادرات النفط الروسي

قدّرت شركة البيانات كايروس حجم انخفاض صادرات النفط الروسي عبر البحر بنحو مليوني برميل يوميًا، في 24 مارس/آذار الجاري، مقارنةً بأول آيامه، إذ كانت تبلغ 2.3 مليون برميل يوميًا.

وانعكس ذلك في أسواق النفط العالمية، كون روسيا من كبار المنتجين، وأهم حلفاء أوبك في مجموعة أوبك+، إذ ارتفع سعر خام برنت ليدور حول 120 دولارًا للبرميل.

وفي ظل قفزات سعر النفط، تتجاهل دول عدّة مخاطر تشويه السمعة، والعراقيل اللوجستية، وتسعى للحصول على الخام الروسي، بهوامش سعرية أقلّ، مما ينبّئ بتغير شامل في منظومة التجارة العالمية، حسبما ذكر تقرير نشرته مجلة "الإيكونومست".

يُذكر أن الدول التي تسعى لشراء النفط الروسي، مثل الهند، تواجه كثيرًا من الانتقادات، ويتّهمها بعضهم بأنها تدعم موسكو في حربها الظالمة ضد كييف.

حيل إيران لبيع النفط

روسياتشبه روسيا اليوم إيران في الأمس، إذ دفعت العقوبات الاقتصادية الغربية على طهران، مطلع العقد الماضي، الجمهورية الإسلامية إلى خلق حيل غير مسبوقة لتهريب نفطها.

وفرضت أميركا عقوبات أشدّ على إيران في مايو/آيار عام 2018، لمنع صادراتها النفطية تمامًا، ورغم نجاح الولايات المتحدة في تحقيق هدفها في البداية، إذ هبطت الصادارات من طهران إلى نحو 260 ألف برميل يوميًا في أكتوبر/تشرين الأول من 2019، من 2.3 مليون برميل قبل فرض العقوبات، إلّا أنها ارتفعت إلى 850 ألف برميل يوميًا في الربع الأول من العام الجاري.

وتبيع طهران النفط عبر قناتين، الأولى توصل نفط إيران إلى 8 دول، سمحت بها الولايات المتحدة الفارضة للعقوبات في التصدير إليها، لكن اشترطت العقوبات أن تتسلّم طهران قيمة الصادرات بعملة الدولة المستقبلة لها المحلية، أو ما يوازيها سلعًا من الإنتاج المحلي لتلك الدول.

على سبيل المثال، اضطرّت إيران أن تحصل على 251 مليون دولار قيمة شحنات نفط إلى سريلانكا، نهاية العام الماضي، في صورة كميات من الشاي.

القناة الثانية

قناة تصدير النفط الإيراني الثانية تتمثل في التحايُل، من خلال حمل ناقلات النفط الإيراني لأعلام دول مختلفة، وتعطيل أجهزة الإرسال والاستقبال بها، أو السير بها ليلًا، وتوصيلها إلى الدول المعادية لأميركا، مثل فنزويلا، وفق تصريحات لمسؤولة المخابرات السابقة في المجلس الأطلسي، جوليا فريدلاندر.

وأضافت فريدلاندر أن عمليات تهريب النفط الإيراني، تجري أيضًا بريًا، من خلال مهربين يبيعونه لدول مثل الإمارات والصين وتركيا مقابل الذهب وسلع أخرى مثل المبيدات الحشرية، أو حتى مقابل الحصول على وحدات سكنية في طهران.

ويقوم بعض التجّار في دبي بالإمارات العربية، التي يقطنها نحو نصف مليون إيراني، بخلط خام طهران، وبيعه على أساس أنه نفط كويتي.

تكرار التجربة

لا يبدو أن روسيا ستكون مضطرة في الوقت الراهن إلى تكرار التجربة الإيرانية، إذ تُعدّ العقوبات الاقتصادية عليها أضعف، ولا تزال كل الدول تستقبل النفط والغاز الروسيين، إذ لم تحظرهما بصورة كاملة إلّا الولايات المتحدة، كما لا يُعرف وقت تنفيذ ألمانيا لما أعلنته قبل أيام، بأنها ستخفض وارداتها من موسكو إلى النصف.

ولا تزال كميات النفط الروسي المنقولة عبر خطوط الأنابيب تتدفق، رغم أنها تمثّل مليون برميل يوميًا، من إجمالي الصادرات الروسية اليومية، وهي 7.9 مليون برميل يوميًا.

ولا يبدو أن المشكلات التي تواجهها شحنات النفط الروسي حاليًا تتعلق بالعقوبات الاقتصادية، بقدر مخاوف الشركات، التي تخشى من عواقب التعامل مع خام موسكو، ولا ترى أنه يستحق عناءً كبيرًا، يتمثل في إجراءات قانونية قد تضطر إليها في وقت لاحق، وفق المحامية في شركة "هولاند آند نايت" للاستشارات القانونية، أنتونيا تزينوفا.

وأشارت تزينوفا إلى أن مخاوف الشركات، وإحجامها عن التعامل مع شحنات النفط الروسي، خفضت سعر خام الأورال بنحو 30 دولارًا للبرميل، وبعض التجّار يتوقعون مزيدًا من الهبوط المدة المقبلة، ليبلغ 40 دولارًا.

إضعاف روسيا

تسعى أوروبا، ومعها أميركا، إلى إضعاف روسيا من خلال العقوبات الاقتصادية، كما تتخذ إجراءات عديدة لتعزيز قدراتها للاستغناء عن النفط والغاز الروسيين، إذ تستورد دول القارّة العجوز نحو 40% من احتياجاتها من الغاز، و30% من النفط من موسكو.

لذلك لم تجرؤ دول الاتحاد الأوروبي حتى الآن على قطع وارداتها من النفط والغاز، لكن دول القارّة تردّد باستمرار أنها بصدد الاستغناء عن روسيا، مثل حليفتها أميركا.

إلّا أن هناك دولًا يبدو أنها ستستفيد من أزمة روسيا وغضب الغرب عليها، وفي مقدّمتها الهند والصين.

وبعيدًا عن العلاقات السياسية بين روسيا والصين، والتي فرضت على الأخيرة عدم تسمية حرب موسكو على كييف حتى الآن بالعدوان، رغم الضغوط الغربية، فإن الصين تبرز بوصفها المستفيد الأكبر.

النفط الإيراني - احتياطي النفط الإستراتيجي - الصين - واردات الصين من النفط
صهاريج النفط والغاز في مستودع نفط في ميناء تشوهاى بالصين - الصورة من وكالة رويترز

قدرات التخزين

تتمتع الصين بقدرات تخزين نفط كبيرة، ولديها قدرة لشراء 10 ملايين برميل نفط يوميًا، وتستطيع رفعها إلى 12 مليون برميل يوميًا.

وتستطيع الصين تكرار تجربتها في تخزين كميات ضخمة من النفط الروسي الرخيص، كما فعلت وقتَ انهيار الأسعار، مع بداية انتشار وباء كورونا.

وسيعوّض انخفاض سعر النفط الروسي الكبير التجّارَ عن ارتفاع تكلفة الشحن، إذ تستغرق السفن 40 يومًا للوصول إلى الصين، قدومًا من روسيا، مقابل 3-4 أيام في أوروبا.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق