قمة المناخ كوب 27التقاريررئيسية

خبير أممي: قمة المناخ كوب 27 تسبقها استعدادات ضخمة لإنجاحها (حوار)

الدكتور سمير طنطاوي: مصر جهّزت إستراتيجيات وعشرات المبادرات

داليا الهمشري

استعدادًا لقمة المناخ كوب 27، تجري التجهيزات على قدم وساق للحدث الذي تستضيفه مصر للمرة الأولى في تاريخها، والذي انعقد من قبل داخل أفريقيا في دول المغرب وكينيا وجنوب أفريقيا.

وقال استشاري التغيرات المناخية، عضو الهيئة الدولية لتغير المناخ، مدير مشروع البلاغ الوطني الرابع بالأمم المتحدة، الدكتور سمير طنطاوي، إن الحكومة المصرية تتعامل مع هذا المؤتمر بشكل جاد للغاية منذ اليوم الأول من انتهاء مؤتمر المناخ السابق كوب 26.

وأضاف أن هناك لجنة شُكّلت برئاسة رئيس الوزراء والوزراء المعنيين، وهناك متابعة شبه يومية من رئيس الدولة، واجتماعات أسبوعية من اللجنة المعنية لتنظيم قمة المناخ كوب 27.

وسلّط طنطاوي الضوء -خلال الحوار الذي أجرته معه منصة الطاقة المتخصصة- على الاستعدادات اللوجستية والتنظيمية التي تجريها الحكومة المصرية -حاليًا- لاستقبال الحدث العالمي، وإلى نص الحوار:

هل ترى أن مواجهة التغيرات المناخية أصبحت ضرورة ملحّة؟ وما تأثيرها؟

قضية التغيرات المناخية حديث الساعة حاليًا، ولا سيما أن التقارير العلمية الأخيرة للهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ -خاصة التقرير التجميعي السادس للهيئة- اشتملت على حقائق صادمة حول هذه القضية.

فالتغيرات المناخية أصبحت حقيقة واقعة لا يمكن إنكارها، تؤكدها المشاهدات على الأرض من أعاصير وفيضانات وموجات جفاف وتصحر وانخفاض مناسيب الأنهار.

بجانب موجات ارتفاع درجة الحرارة الشديدة -مؤخرًا- التي تسببت في حدوث وفيات، وأثّرت بصورة سلبية في الإنتاجية الزراعية والحيوانية، وأدت إلى ذوبان الجليد في القطبين الشمالي والجنوبي، وارتفاع مناسيب مستوى سطح البحر؛ ومن ثَم فعلى المستوى العالمي أصبح تغير المناخ واقعًا تؤكده الشواهد على الأرض.

قمة المناخ كوب 27
استشاري التغيرات المناخية ومدير مشروع البلاغ الوطني الرابع بالأمم المتحدة الدكتور سمير طنطاوي

وماذا عن تأثير التغيرات المناخية في مصر بصفة خاصة؟

مصر تستضيف -هذا العام- قمة المناخ كوب 27، ومن ثَم زاد اهتمام الحكومة بهذا الملف أكثر من ذي قبل.

فهناك إدارة معنية بتغير المناخ في وزارة البيئة، ووحدات إدارية خاصة بالتغيرات المناخية في الوزارات المعنية كافةً، وفقًا لقرار من رئاسة الوزراء، بجانب المجلس الوطني للتغيرات المناخية.

ويوجد اهتمام بهذا الملف في مصر على أعلى مستوى من قبل رئيس الدولة ورئاسة الوزراء والوزراء المعنيين.

وعلى المستوى الوطني، يمكننا رصد تأثير التغيرات المناخية في ارتفاع درجات الحرارة واختلال توزيع الفصول؛ فالمناخ الذي كان معتادًا في مصر (حار جاف صيفًا دافئ ممطر شتاءً) لم يعد ينطبق على الوضع الحالي.

بالإضافة إلى الخلل في أنماط الأمطار؛ حيث شهدت العديد من المناطق، خلال المدة الماضية، فيضانات تسبّبت في غرق بعض المناطق مثلما حدث في الإسكندرية والبحيرة ورأس غارب وسلاسل جبال البحر الأحمر.

ويمكننا أن نرى بوضوح التأثيرات السلبية لتغير المناخ في الإنتاجية الزراعية؛ فهناك العديد من المحاصيل الزراعية التي تضررت العام الماضي مثل الزيتون والبلح والمانجو، وهذا يؤثر بالتأكيد على الأمن الغذائي.

وهناك تأثيرات -أيضًا- في الموارد المائية؛ نظرًا إلى أن حصة مصر ثابتة من مياه النيل، وعندما تكون الحصة ثابتة مع الزيادة السكانية وتتأثر بالتغيرات المناخية من ارتفاع درجة الحرارة؛ فإن هذا يؤدي إلى زيادة معدلات البخر والإجهاد المائي؛ ومن ثَم فإن حصة الفرد من المياه العذبة تقل نتيجة عدة عوامل؛ من بينها التغيرات المناخية.

ما خطة مصر لتحقيق أهدافها المناخية؟

وضعت مصر الإستراتيجية الوطنية للتغيرات المناخية 2050، وشرفنا بالإشراف على إعداد هذه الخطة، وتُعد هذه الإستراتيجية هي الأولى لمواجهة تغير المناخ في تاريخ مصر.

ووضعت مصر عام 2011 إستراتيجية التكيف مع التغيرات المناخية، كما كانت هناك إستراتيجية رؤية مصر 2030، التي اشتملت على جزء يتعلق بتغير المناخ.

وكانت هناك إستراتيجية الطاقة المستدامة 2035 التي صدرت في عام 2015، ومن ثَم وضعت الحكومة العديد من الإستراتيجيات، لكن لم تكن هناك وثيقة رسمية حكومية معنية بتغير المناخ بشكل صريح من قبل.

ونجحنا في وضع إستراتيجية وطنية للتغيرات المناخية في مصر 2050، واعتُمدت من قبل المجلس الوطني للتغيرات المناخية برئاسة رئيس الوزراء في شهر مايو/أيار الماضي (2022).

ما أهداف الإستراتيجية الوطنية للتغيرات المناخية؟

تتبنّى هذه الإستراتيجية 5 أهداف رئيسة؛ الهدف الأول يتمحور حول تحقيق نمو اقتصادي مستدام منخفض الانبعاثات؛ أي تحقيق تنمية دون الإضرار بالبيئة، وهذا يمثل محور التخفيف.

وفيما يتعلق بمحور التكيف، تهدف الإستراتيجية إلى تعزيز المرونة المناخية من خلال رفع قدرات القطاعات المهددة بالآثار السلبية لتغير المناخ، وهي قطاعات معروفة في مصر مثل قطاع السواحل والزراعة والصحة والموارد المائية والإسكان والطرق، كل هذه القطاعات مهددة بدرجات متفاوتة، وهذا هو الهدف الثاني للإستراتيجية.

ويتمثل الهدف الثالث في تعزيز حوكمة العمل المناخي، وهو يتعلق بإدارة ملف العمل المناخي على مستوى الدولة من حكومة وقطاع خاص وجمعيات أهلية.

بينما يدور الهدف الرابع حول تعزيز التمويل المناخي داخليًا وخارجيًا؛ فلا بد أن تشارك البنوك والمؤسسات المالية المصرية الوطنية في العمل المناخي، من خلال منح قروض لتمويل المشروعات ذات الصلة بتغير المناخ مثل مشروعات الطاقة النظيفة.

وقد بدأت البنوك المصرية بالفعل في إنشاء إدارات معنية بالتنمية المستدامة تتضمن التغيرات المناخية.

كما أصدرت مصر أول إصدار للسندات الخضراء في الشرق الأوسط بقيمة 750 مليون دولار، على أن توجه حصيلة هذه السندات إلى مشروعات تنمية خضراء، لا تنتج عنها انبعاثات مثل مزارع طاقة الرياح ومحطات الطاقة الشمسية وتحسين كفاءة الطاقة ووسائل النقل الذكي وغيرها من الأنشطة النظيفة.

وركّز الهدف الخامس للإستراتيجية على تعزيز دور البحث العلمي ونقل التكنولوجيا ورفع الوعي.

قمة المناخ كوب 27
استشاري التغيرات المناخية ومدير مشروع البلاغ الوطني الرابع بالأمم المتحدة الدكتور سمير طنطاوي

بعد إصدار الإستراتيجية الوطنية للتغيرات المناخية.. ما الخطوة المقبلة في هذا الصدد؟

سنعمل خلال الخطوة القادمة على تحويل هذه الإستراتيجية إلى خطة عمل تشمل مجموعة من الإجراءات والمشروعات التي تهدف إلى تحقيق الأهداف الـ5 للإستراتيجية.

وأصدرت مصر -بالفعل- "تقرير المساهمات الوطنية" بعد الانتهاء من وضع الإستراتيجية، وهذا التقرير على قدر كبير من الأهمية؛ لأنه يمثل التزامًا وطنيًا تجاه اتفاق باريس للمناخ يُقدم كل 5 سنوات.

قدّمنا التقرير الأول عام 2015، وكان من المفترض أن نقدم التقرير الثاني عام 2020، ولكن مؤتمر المناخ لم يُعقَد في هذا العام بسبب انتشار فيروس كورونا.

وكان من المفترض أن نقدم التقرير عام 2021، ولكننا تأخرنا قليلًا وتقدمنا بالتقرير المُحدث في شهر يوليو/تموز 2022.

والعالم كله ينظر إلى هذا التقرير باحترام شديد؛ لأنه أولًا يمثل التزامًا تجاه اتفاق باريس الذي تُعَد مصر طرفًا فيه.

كما يقدم التقرير صورة عن الجهود التي يمكن أن تبذلها الدولة للحد من الانبعاثات، وتعزيز المرونة أو التكيف مع التغيرات المناخية، بالإضافة إلى التمويلات التي تقدمها أو تستقبلها الدولة؛ فالدول الغنية تُموِّل والدول الفقيرة أو النامية تستقبل التمويلات.

اشتملت النسخة المُحدثة من الإستراتيجية الوطنية على حافظة مشروعات استثمارية مناخية ستُطلق قريبًا.. ما طبيعة هذه المشروعات ومصادر تمويلها؟

عندما وضعنا الإستراتيجية الوطنية لتغير المناخ كان هناك طلب من رئيس المجلس الوطني لتغير المناخ وأعضائه، بأن تضم الإستراتيجية قائمة مشروعات ذات صلة بالتغيرات المناخية.

وبالفعل نُسِّقَ مع جميع الوزارات المعنية، وجُمِّعَ عدد من المشروعات ذات الصلة بتغير المناخ، سواء في مجالات تخفيف الانبعاثات أو التكيف مع التغيرات المناخية، وأدرج في الإستراتيجية ملحق يشتمل على أكثر من 80 مشروعًا تمثل القطاعات كافةً، سواء القطاعات المحسوبة على تخفيف الانبعاثات -مثل الكهرباء والنفط والصناعة والنقل والزراعة والإسكان والسياحة- أو القطاعات المحسوبة على التكيف مثل الزراعة والموارد المائية والصحة والطرق والسياحة.

والهدف من وضع هذه القائمة هو الاستعداد بحافظة من المشروعات عند مطالبة المجتمع الدولي بتوفير التمويل اللازم للعمل المناخي، ومن ثَم أُدرجت قائمة المشروعات بالإستراتيجية.

كما دشنت الدولة المنصة الوطنية للمشروعات الخضراء "نُوَفِّي" من خلال وزارة التعاون الدولي، والتي تهدف إلى مطالبة الدول الصناعية بالوفاء بالتزامتها تجاه الدول النامية، فيما يتعلق بتمويل العمل المناخي.

وأطلقت الدولة مبادرة وطنية جديدة خاصة بالمشروعات الخضراء الذكية، وتأتي هذه المبادرة ضمن مبادرات مؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ لجمع عدد من المشروعات من جميع محافظات الجمهورية الـ27.

وستُقيم هذه المشروعات وفقًا لمعايير اختيار معينة بين مشروعات كبيرة وصغيرة وطاقة متجددة وما إلى ذلك.

ووفقًا لتصريحات من وزيرة التخطيط المشرفة على هذه المبادرة؛ فإن الوزارة قد تلقّت نحو 6 آلاف مشروع حتى الآن خلال المرحلة الأولى، ستقيمها وتختار أفضلها للخروج بـ18 مشروعًا سيُروَّج لها خلال قمة المناخ كوب 27 في مدينة شرم الشيخ.

وهناك جهود أخرى تبذلها الدولة من خلال رئاسة قمة المناخ كوب 27، أبرزها عقد اجتماعات إقليمية في مقرات الأمم المتحدة.

وعقد رائد المناخ للرئاسة المصرية لمؤتمر أطراف اتفاقية الأمم المتحدة للتغير المناخي (قمة المناخ كوب 27)، المبعوث الخاص للأمم المتحدة لتمويل أجندة 2030 للتنمية المستدامة، الدكتور محمود محيي الدين، 5 اجتماعات للترويج للتمويل المناخي في مقرات الأمم المتحدة في أديس أبابا وبيروت وبانكوك وسانتياغو وجنيف.

وكان الهدف من الاجتماعات الـ5 تعزيز التمويل المناخي لأنشطة التخفيف والتكيف؛ فالدول لا تطالب بتمويل إضافي، وإنما لا بد أن توفي الدول الصناعية بالتزامها الذي أعلنته في عام 2019 بتوفير 100 مليار دولار سنويًا، والذي لا تزال تتملص من الوفاء به حتى الآن.

ومن خلال مشاركتي في مفاوضات المناخ منذ عام 2005؛ فلا يمكن ممارسة الضغط على الدول الكبرى إلا من خلال الإعلام ومنظمات المجتمع المدني، لكن المفاوضات الدولية في مجال تغير المناخ تحكمها المصالح الاقتصادية والسياسية.

أما الإعلام ومنظمات المجتمع المدني؛ فإنهم يتحدثون بصورة مجردة من المصالح السياسية والاقتصادية لصالح الكوكب والأجيال القادمة.

قمة المناخ كوب 27
شرم الشيخ تستعد لاستقبال مؤتمر المناخ كوب 27

كيف تستعد مصر لاستقبال قمة المناخ كوب 27؟

التجهيزات تجري على قدم وساق؛ فمصر تستضيف قمة المناخ كوب 27 للمرة الأولى؛ حيث عُقد المؤتمر من قبل في قارة أفريقيا مرتين في المغرب، ومرة في نيروبي في كينيا، ومرة في ديربان بجنوب أفريقيا.

ولكنه يُعقد لأول مرة في مصر، والحكومة المصرية تتعامل مع قمة المناخ كوب 27 بشكل جاد جدًا منذ اليوم الأول من انتهاء مؤتمر المناخ السابق كوب 26، وشُكلت لجنة برئاسة رئيس الوزراء والوزراء المعنيين، وهناك متابعة شبه يومية من رئيس الدولة، واجتماعات أسبوعية من اللجنة المعنية لتنظيم المؤتمر.

ويمكن تقسيم الاستعدادات المصرية إلى شقين؛ أحدهما لوجستي، والآخر تنظيمي لأحداث المؤتمر نفسه.

ويتمثل الشق اللوجستي فيما حدث في شرم الشيخ من إعادة تطوير المدينة بشكل كبير، ونشر المركزات الشمسية في كل مكان، وتطوير المطار والطرق والمحاور، ومبادرة النجمة الخضراء للفنادق.

بالإضافة إلى إعلان شرم الشيخ مدينة خضراء، واعتماد مستشفى شرم الشيخ بمثابة أول مستشفى أخضر في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا، والانتهاء من ترتيبات المنطقة الخضراء والمنطقة الزرقاء في المؤتمر.

إلى جانب توفير شبكة نقل في المؤتمر تعمل بالغاز الطبيعي والكهرباء دون إصدار أي انبعاثات.

وكل وزير في الحكومة يعمل في هذا الملف من اختصاصه، وهناك ترتيبات جيدة جدًا على المستوى اللوجستي.

أما على المستوى التنظيمي؛ فإن رئاسة قمة المناخ كوب 27 -التي تمثلها وزارتا الخارجية والبيئة- عقدت العديد من اللقاءات مع الأطراف كافةً، وليست الدول النامية فقط، بل الدول الصناعية والأفريقية ودول أميركا اللاتينية.

أي أن رئاسة المؤتمر تتعامل مع الدول كافةً بشكل شمولي ومتوازن وشفاف، وهذا هو المطلوب، ولا سيما أن المؤتمر يشتمل على 6 مؤتمرات وليس على مؤتمر واحد.

وهذه المؤتمرات هي: مؤتمر قمة المناخ العالمية وهو مؤتمر الرؤساء الذي سيُعقد في اليوم الأول، ثم مؤتمر أطراف اتفاقية المناخ، ومؤتمر أطراف بروتوكول كيوتو، ومؤتمر أطراف اتفاق باريس، واجتماعات الهيئات الفرعية، والهيئة الفرعية للتنفيذ، والهيئة الفرعية للمشروعات العلمية والتكنولوجية.

وأعدت الرئاسة المصرية لقمة المناخ كوب 27 نحو 15 مبادرة عالمية تغطي جميع موضوعات العمل المناخي؛ بدايةً من الطاقة وعزل الكربون والسلام والمرأة والمياه والغذاء والحلول والمدن الذكية وغيرها من المبادرات.

وانتهى العمل -بالفعل- في بعض هذه المبادرات، والوصول إلى ورقة مفاهيمية تُعرض في المؤتمر، ولا يزال العمل جاريًا على البعض الآخر.

ونسّقت رئاسة المؤتمر مع الدول كافةً والمنظمات الدولية العاملة في مجال العمل المناخي؛ كلّ فيما يخصه.

وهناك موقع إلكتروني خاص بالمؤتمر يشتمل على كل المعلومات اللوجستية الخاصة بمكان عقد المؤتمر والمنطقة الخضراء والزرقاء، وكيفية التسجيل والحصول على الفيزا، ويحظى المؤتمر باهتمام كبير.

كيف تمثل استضافة قمة المناخ كوب 27 إضافة لمصر؟

تُعقد قمة المناخ كوب 27 للمرة الأولى في مصر، وأنا أعمل في مجال التغيرات المناخية منذ عام 1996 أي أكثر من 26 عامًا، ولم أرَ اهتمامًا بملف التغيرات المناخية مثل ما يحدث الآن، وهذا جهد محمود؛ لأن تغير المناخ يمس معظم مناحي الحياة؛ بدءًا من الطاقة والزراعة والماء حتى العلوم الإنسانية وسيكولوجية التعامل، وما إلى ذلك.

فارتفاع درجة الحرارة يمكن أن يؤثر في سلوك الأفراد وصحتهم، وتغير المناخ متشابك مع القطاعات كافةً؛ فما نشهده في مصر الآن شيء جيد ومحمود، ونتمنى ألا يقتصر الاهتمام بهذا الملف على المؤتمر فقط، وأن يستمر على المستوى السياسي والتنفيذي، وعلى مستوى رجل الشارع العادي.

قمة المناخ كوب 27
مزرعة رياح جبل الزيت في مصر

معظم انبعاثات مصر تصدر عن قطاعي الطاقة والنقل.. فهل هناك إجراءات خاصة للتخفيف في هذين المجالين على وجه الخصوص؟

انبعاثات مصر تمثل نحو 0.6% من انبعاثات العالم، وهذه نسبة بسيطة، وهناك إجراءات كثيرة للحد من هذه الانبعاثات؛ من بينها التوسع في مشروعات الطاقة الجديدة والمتجددة؛ فلدينا مشروعات طاقة الرياح في جبل الزيت وخليج السويس، وسرعات الرياح هناك تمثل أعلى معدلات في العالم.

ولدينا -أيضًا- نسبة سطوع شمس في بعض المناطق من أعلى نسب سطوع الشمس في العالم؛ ولذلك لدينا واحدة من أكبر محطات الطاقة الشمسية في العالم، وهي محطة بنبان في أسوان.

وعندنا مشروعات وطنية عملاقة منذ عام 2015، وجميعها مشروعات تنموية ذات بعد بيئي، بداية من قناة السويس الجديدة التي تقلل زمن مرور السفن والانتظار، ومن ثَم تُخفض استهلاك الطاقة؛ ما يقلل الانبعاثات الكربونية.

بجانب شبكة الطرق الكبيرة التي أسستها الدولة لتقليل زمن السفر، ومن ثَم توفير استهلاك الطاقة والوقود، وهذا يترجم إلى خفض الانبعاثات.

بالإضافة إلى مشروعات ترشيد استهلاك الطاقة، كما أن رفع الدعم عن الطاقة وارتفاع فواتير الكهرباء قد أسهم في ترشيد الاستهلاك، ومن ثم خفض الانبعاثات.

أنشأت مصر -أيضًا- مشروعات زراعية عملاقة مثل الصوب الزراعية، واستصلاح الأراضي، وإعادة تدوير المياه والصرف.

ولدينا -الآن- واحدة من أكبر محطات معالجة المياه في العالم وهي محطة بحر البقر، ونعمل على تنفيذ محطة أخرى أكبر هي محطة الحمام التي ستجري المعالجة الثلاثية للمياه لاستخدامها في ري الأراضي الصحراوية والزراعية.

فمصر أسست مشروعات عظيمة ملموسة على الأرض، وجميعها يصب في صالح العمل المناخي.

هل وضعت الدولة معايير معينة لخفض الانبعاثات في قطاع النفط والغاز؟

نعمل -حاليًا- على وضع قانون وطني للتغيرات المناخية، يهدف إلى حكم العمل المناخي على المستوى الوطني سواء تخفيف أو تكيف أو تمويل أو بناء قدرات أو رفع وعي أو خلافه؛ فالتغيرات المناخية لم تكن أولوية حتى وقت قريب، إلا أنها أصبحت الآن أولوية قصوى، ليس في مصر فقط ولكن في جميع دول العالم.

وعدم وجود قانون للتغيرات المناخية في مصر أدى إلى وجود العديد من الأنشطة التي تتسبب في انبعاثات غازات احتباس حراري دون رادع، وهذا يؤدي إلى زيادة الانبعاثات ومن ثم زيادة الاحترار.

ولا بد -أيضًا- من تحفيز الأنشطة التي تخدم العمل المناخي، مثل تشجيع توليد الكهرباء من مصادر الطاقة المتجددة من خلال رفع تعرفة الكهرباء المُولدة للشبكة؛ لأن هذه الأنشطة ستوفر على الدولة المليارات التي تنفقها في بناء محطات الكهرباء التقليدية، بالإضافة إلى تداول شهادات الكربون.

ولقد أجرينا دراسة عام 2019 عن جاهزية السوق المصرية للعمل بشهادات الكربون بمشاركة جميع الوزارات المعنية بالإضافة إلى البورصة المصرية.

وكانت لدينا مشروعات آلية التنمية النظيفة التي تهدف إلى خفض الانبعاثات، وتوثيق هذا الخفض من خلال الأمم المتحدة في شكل سندات وشهادات الكربون، والاتجار بها بالبيع والشراء على المستوى الدولي.

والآن نحاول تطبيق الأمر نفسه على المستوى الوطني، بحيث تستطيع الشركات والمؤسسات الوطنية أن تستفيد من خفض الانبعاثات والاتجار بها.

على سبيل المثال، مصنع الأسمنت الذي قد لا يستطيع أن يفي بالتزاماته في خفض الانبعاثات التي يحددها القانون، يكون أمامه حلان؛ إما أن يغير تكنولوجياته بحيث يصل للمعدل القانوني من الانبعاثات، وإما يستعين بجهة أخرى من المؤسسات التي تحقق خفضًا في الانبعاثات، مثل شركات توليد الكهرباء من الطاقة الشمسية، لشراء شهادات خفض كربون.

على أن تدير هذه المنظومة جهة حكومية رسمية مثل وزارة البيئة -على سبيل المثال- وتحكم عملية التداول جهة رسمية -أيضًا- مثل البورصة المصرية، وتكون الشهادات بنظام العرض والطلب.

ويجب أن يضع القانون حدودًا آمنة للانبعاثات الصادرة عن كل نشاط اقتصادي.

هل توجُّه الدولة نحو التوسع في الاعتماد على الغاز الطبيعي جزء من إستراتيجية تحول الطاقة؟

بالطبع؛ فالحكومة تولي أهمية خاصة لملف تحول الطاقة من خلال إدخال الغاز الطبيعي في العديد من الصناعات، ومن خلال إعداد إستراتيجية الهيدروجين الأخضر والتوجه نحو الطاقات الجديدة والمتجددة.

موضوعات متعلقة..
اقرأ أيضًا..
إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق