التقاريرالتغير المناخيتقارير التغير المناخيتقارير الطاقة المتجددةرئيسيةطاقة متجددة

الصين لن تتخلى عن حرق الوقود الأحفوري حتى تضمن موثوقية الطاقة النظيفة (تقرير)

ووسائل التواصل الاجتماعي وسيلة جديدة لمكافحة التلوث

أمل نبيل

في خطوة تناقض تعهداتها المناخية السابقة، أعلنت الصين أنها لن تتوقف عن حرق الوقود الأحفوري حتى تثق في أن الطاقة النظيفة يمكن أن تحلّ محلّ النفط والفحم بشكل موثوق.

ووعد الرئيس الصيني شي جين بينغ بنهاية بطيئة وثابتة لنمو انبعاثات الاحتباس الحراري في بلاده، مع إيلاء أمن الطاقة أولوية قصوى، إذ تكافح البلاد مع الاقتصاد المتدهور والاضطراب في أسواق الوقود العالمية، وفقًا لوكالة بلومبرغ.

وأضاف شي جين بينغ: "الحكمة ستحكم جهود الصين للوصول إلى ذروة الانبعاثات الكربونية، وفي نهاية المطاف، التخلص منها نهائيًا"، وفق التصريحات التي اطّلعت عليها منصّة الطاقة المتخصصة.

الحياد الكربوني في الصين

تأتي تصريحات الرئيس الصيني الحذرة بعد موجة من النقص الكبير في إمدادات الطاقة خلال السنوات الأخيرة، ومع ارتفاع أسعار الطاقة العالمية، بعد أن أدى الغزو الروسي لأوكرانيا في زعزعة استقرار الأسواق الدولية.

وقال الرئيس الصيني شي جين بينغ في خطابه: "سنعمل بنشاط وحذر تجاه أهداف الوصول إلى ذروة انبعاثات الكربون وتحقيق الحياد الكربوني".

الوقود الأحفوري
الرئيس الصيني شي جين بينغ - الصورة من npr

وتابع: "استنادًا إلى موارد الطاقة التي تتمتع بها الصين، سنعمل على تعزيز المبادرات للوصول إلى ذروة الانبعاثات الكربونية بطريقة مخططة جيدًا وممهدة على مراحل، بما يتماشى مع مبدأ الحصول على مصادر طاقة جديدة، قبل التخلص من القديمة".

وتعدّ الصين أكبر مصدّر للغازات المسببة للاحتباس الحراري في العالم، وتعهدت البلاد قبل عامين بتحقيق الحياد الكربوني في عام 2060، بعد أن تصل إلى ذروة الانبعاثات في عام 2030.

وتسبَّب إعلان مخططاتها البيئية قبل عامين في زيادة هائلة بالاستثمار في الطاقة النظيفة من قبل الحكومات المحلية، والشركات المملوكة للدولة.

لكن، في العام الماضي (2021)، بدأ التركيز على العودة إلى وقود الفحم الرئيس في الصين، بعد أن تسبَّب نقص الإنتاج في ضيق إمدادات الطاقة للمصانع، وإبطاء النمو الاقتصادي.

وتعهدت البلاد بزيادة طاقة التعدين، وارتفع الإنتاج إلى مستويات قياسية هذا العام (2022)؛ ما وفّر احتياطيات جيدة للبلاد وخفض الواردات.

وتُقدّر وكالة الطاقة الدولية أن استهلاك الفحم -أقذر أنواع الوقود الأحفوري- سيرتفع بنسبة 0.7% هذا العام، ثم يصل إلى أعلى مستوى له على الإطلاق في عام 2023.

مصادر الوقود الأحفوري

ستتوسع بكين -أيضًا- في استكشاف وتطوير موارد النفط والغاز، وزيادة الاحتياطيات والإنتاج بجزء من الإجراءات لضمان أمن الطاقة.

وتستثمر الصين أكثر من أيّ دولة أخرى في الطاقة النظيفة، وهي في طريقها لتحطيم الرقم القياسي لمنشآت الطاقة الشمسية الجديدة هذا العام (2022)، لكنها لم تكن قادرة على تلبية الطلب المتزايد على الطاقة؛ ما أجبرها على حرق المزيد من الفحم، وتسجيل رقم قياسي للاستهلاك العام الماضي، والذي من المُرجّح تجاوزه في عام 2022.

وأكد الرئيس الصيني شي جين بينغ أن الوقود الأحفوري ومصادر الطاقة المتجددة يجب أن يعملا جنبًا إلى جنب.

وقال بينغ : "سيُستَخدَم الفحم بطريقة أنظف وأكثر كفاءة، وسنسرع في تخطيط وتطوير أنظمة طاقة جديدة"؛ كما تعهَّد أن تشارك الصين بنشاط في الاستجابة العالمية لتغير المناخ.

وتعرضت الحكومة الصينية لانتقادات، بعد أن قطعت مفاوضات المناخ مع الولايات المتحدة في أغسطس/آب (2022)، بعد زيارة رئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي، إلى جزيرة تايوان المتناَزع عليها.

وعلى الرغم من تضييق الخناق على المعارضين السياسيين في الصين، ما يزال لدى السكان الكثير من الفسحة للتعبير عن مخاوفهم البيئية وانتقاد الملوثين على وسائل التواصل الاجتماعي.

مكافحة التلوث بمواقع التواصل الاجتماعي

من ناحية أخرى، أسهمت الحملات التي نظّمها نشطاء بيئيون على شبكة التواصل الاجتماعي الصينية (ويبو)، لمناشدة الحكومة باتخاذ إجراءات صارمة ضد التلوث، في خفض الانتهاكات في المنشآت الصناعية بأكثر من 60%، وفقًا لدراسة صدرت هذا الشهر من قبل باحثين من جامعة شيكاغو والعديد من المؤسسات الأخرى.

الوقود الأحفوري
لافتة تحذّر السكان المحليين من حرق القمامة من أجل الحدّ من التلوث في الصين - الصورة من بلومبرغ

وقال المؤلف المشارك في الدراسة الأستاذ بجامعة شيكاغو، مايكل غرينستون، في بيان صحفي، إن وسائل التواصل الاجتماعي ما تزال أداة فاعلة لبعض أنواع الاحتجاج المدني في الصين.

وأضاف: "كلما زادت شعبية المنشورات على مواقع التواصل الاجتماعي، زادت فاعليتها في حثّ الحكومة على إصدار الإجراءات اللازمة".

شارك في إعداد البحث مؤسسة العلوم الوطنية الصينية ومعهد سياسة الطاقة في جامعة شيكاغو ولم يُراجَع بعد.

وتشير نتائج الدارسة إلى أن حكومة الرئيس الصيني شي جين بينغ تسمح بمزيد من النقاش المدني حول قضايا معينة.

وتعدّ وسائل التواصل الاجتماعي متنفسًا للنشطاء الذين يسعون إلى تعزيز أهدافهم بشكل فعّال، ودون التعرض للسلطات، وفقًا لبلومبرغ.

وتتبّعت الدراسة الانبعاثات الفعلية ممّا يقرب من 25 ألف منشأة صناعية في جميع أنحاء الصين، إذ أرسل المتطوعون عن الشعب رسائل إلى السلطات المحلية لمناشدتهم باتخاذ إجراءات فورية للحدّ من معدلات التلوث الناجمة عن هذه المصانع.

وأُرسِلَت بعض الرسائل بشكل خاص عبر الخطوط الساخنة الحكومية أو منصّات المراسلة عبر الإنترنت، بينما نُشرت الرسائل الأخرى عبر موقع "ويبو" -موقع شبيه بالفيس بوك-، إذ يمكن أن يشاهد 500 مليون مستخدم للمنصة طلبات المناشدة الشعبية.

خفض التلوث

في الوقت الذي أسهمت فيه كلا الطريقتين باتخاذ إجراءات عاجلة لحلّ المشكلة، وجد الباحثون أن الشكاوى العامة عبر وسائل التواصل الاجتماعي لها تأثير أكبر.

على سبيل المثال، عندما عبّر المواطنون عن مخاوفهم بشأن التلوث من خلال موقع التواصل الاجتماعي ويبو، خفضت الشركات المستهدفة مستوى ملوثات ثاني أكسيد الكبريت الضارة بالرئة في الهواء، بنسبة 12.2% مقارنة بالمصانع التي لم تُستَهدَف.

على النقيض، أدت الشكاوى الخاصة إلى الخطوط الساخنة أو المواقع الإلكترونية الحكومية، حتى تلك التي استخدمت الصياغة نفسها بالضبط، إلى انخفاض هامشي في التلوث، كما قالت الدراسة، دون تحديد المقدار بالضبط.

ووجد الباحثون -أيضًا- أن المنشورات على وسائل التواصل الاجتماعي، الأكثر تفاعلًا ومشاركة، دفعت سلطات تنفيذ القانون إلى اتخاذ إجراءات أقوى ضد الملوثين.

وتكمن أهمية الدراسة الحالية -بتحليلها الكمي المفصل- في إظهار القوة التي يمكن للمجتمع المدني أن يكتسبها من خلال الشكاوى العامة والمناشدات على وسائل التواصل الاجتماعي في تنفيذ الإصلاح البيئي وخفض الانبعاثات الناجمة عن الوقود الأحفوري.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق