التقاريرتقارير الطاقة المتجددةتقارير الغازتقارير دوريةروسيا وأوكرانياسلايدر الرئيسيةطاقة متجددةعاجلغازوحدة أبحاث الطاقة

التحول إلى الطاقة النظيفة.. غزو أوكرانيا يطلق الإنذار الأخير (تقرير)

الأزمة الروسية الأوكرانية عنصر حاسم في تسريع التحول الأخضر

وحدة أبحاث الطاقة - أحمد شوقي

اقرأ في هذا المقال

  • غزو أوكرانيا يُسرع التحول للطاقة النظيفة ويقلل الاعتماد على الغاز الروسي.
  • ارتفاع أسعار الطاقة يفسح المجال أمام تبنٍّ سريع للمصادر منخفضة الكربون.
  • أوروبا تجاهلت لسنوات اعتمادها المفرط على مصادر الطاقة الروسية.
  • تعزيز كفاءة الطاقة والغاز المسال أبرز الإجراءات الضرورية هذا الشتاء.
  • السياسات الجديدة لأوروبا وأميركا ودول آسيا تعزز الانتقال للطاقة النظيفة.

تمثّل أزمة غزو أوكرانيا دافعًا إضافيًا وحاسمًا في تسريع التحول إلى الطاقة النظيفة عالميًا، مع نقص الإمدادات وارتفاع الأسعار، الذي يؤرّق العالم وأوروبا بصفة خاصة قبل الشتاء.

ويؤدي الارتفاع الكبير في أسعار الوقود الأحفوري، ومن ثم الكهرباء، إلى إفساح المجال لتسريع تبني الطاقة منخفضة الكربون، كما رأينا في الولايات المتحدة عبر قانون خفض التضخم، الذي يهدف إلى تقليل تكاليف الطاقة من خلال دعم الاستثمارات في المصادر المتجددة.

وهذا يعني أن هناك 3 عناصر رئيسة تدعم الانتقال إلى الطاقة النظيفة؛ وهي الاستدامة والقدرة على تحمل التكاليف وأمن الطاقة، وفق رؤية الكاتب مايكل ليبريتش، عبر مقال نشرته وكالة بلومبرغ نيو إنيرجي فاينانس.

ومن المتوقع أن يواجه العالم، وبخاصة أوروبا، أوقاتًا صعبة قبل أن يبدأ التحول إلى الطاقة النظيفة التحرك بسرعة كبيرة، جراء الظروف الحالية من أزمة في الإمدادات والاعتماد الكبير على الوقود الأحفوري وارتفاع أسعار الطاقة، لكنها في الوقت نفسه ستكون هي نفسها العوامل الداعمة للتحول الأخضر، بعد غزو أوكرانيا، وفق المقال الذي تابعت تفاصيله وحدة أبحاث الطاقة.

دوافع التحول إلى الطاقة النظيفة

قد يكون الجانب الإيجابي للحرب الروسية الأوكرانية هو كشف الآثار السلبية لاعتماد أوروبا المفرط منذ سنوات طويلة على الطاقة الروسية، والذي يدفعها حاليًا إلى الانتقال بعيدًا عن الوقود الأحفوري.

وقبل أن يحدث هذا التحول المتوقع، تعيش أوروبا أزمة صعبة للغاية، نتيجة تجاهل الاعتماد على الوقود الأحفوري الروسي لسنوات، حتى رغم الاعتراف بذلك في أروقة بروكسل، وفق وصف الكاتب.

واستمرت أوروبا في زيادة وارداتها من الطاقة الروسية عقب أزمة ضم شبه جزيرة القرم 2014، ليصبح الغاز الروسي يمثل 30% (155 مليار متر مكعب) من احتياطيات أوروبا بنهاية 2021، وحتى بعد بدء غزو أوكرانيا في 24 فبراير/شباط 2022، كان رد فعل القادة الأوروبيين بطيئًا.

ويوضح الرسم التالي -من إعداد وحدة أبحاث الطاقة- مدى اعتماد أوروبا على واردات الطاقة الروسية:

صادرات الطاقة الروسية

وكانت هناك صعوبة في تمرير تشريع رفع هدف خفض الانبعاثات في الاتحاد الأوروبي من 40% إلى 55% بحلول عام 2030، مقارنة بمستويات عام 1990، وذلك من قبل المشرعين في بروكسل؛ إذ رأوا أن الاستجابة لتسريع الطاقة النظيفة كافية لمواجهة الأزمة.

ليس هذا فحسب، بل لم يوافق الاتحاد الأوروبي على حظر واردات الفحم والنفط الروسية حتى نهاية مايو/أيار الماضي -مع الاتفاق على مدة انتقالية 3 أشهر تقريبًا- كما قررت الكتلة تعليق تنفيذ هدف خفض واردات الغاز الروسي بمقدار الثلثين فقط بحلول نهاية 2022، قبل الاستغناء عنها نهائيًا بحلول 2030.

وأمام ذلك، قررت روسيا تقليص إمدادات الغاز إلى أوروبا، ردًا على العقوبات الغربية، بل إغلاق خط أنابيب الغاز نورد ستريم-1، المورد الرئيس للقارة، لتجد القارة العجوزة نفسها أمام أصعب شتاء منذ سنوات دون الإمدادات الروسية.

والآن تواجه أوروبا لحظة الحقيقة فيما يتعلق بإمدادات الطاقة، وتدفع ثمن اعتمادها المفرط على روسيا؛ إذ وصلت فاتورة أزمة الطاقة في أوروبا إلى 500 مليار يورو (496 مليار دولار) منذ سبتمبر/أيلول 2021 حتى الشهر نفسه من 2022، لحماية المستهلكين من ارتفاع أسعار الغاز والكهرباء، وفق تقديرات مركز الأبحاث "بروغل".

وبخلاف الإنفاق المالي، أسهب قادة الدول في الحديث عن التقنيات المهمة لتجاوز الأزمة من مصادر الطاقة المتجددة أو المضخات الحرارية أو المركبات الكهربائية أو الهيدروجين أو التكسير المائي (الهيدروليكي)، كما فعلت المملكة المتحدة من خلال رفع الحظر عنه.

ويرى الكاتب أنه لا يمكن نشر أي من هذه التقنيات بسرعة كافية لإحداث فرق كبير خلال فصلي الشتاء المقبلين؛ لذلك لا بد من وجود استجابة واقعية تخفف من تداعيات الأزمة.

الاستجابة الحقيقية والواقعية للأزمة

هناك بعض الإجراءات يمكن أن تساعد فعليًا، خلال فصلي الشتاء المقبلين، في تعويض فقدان الغاز الروسي؛ وهي: كفاءة الطاقة والحصول على مزيد من الغاز بعيدًا عن روسيا والإبقاء على المحطات النووية وحرق المزيد من الفحم، وأخيرًا خفض الطلب، لتجنب انقطاع الكهرباء، وهي الخطة التي لجأت إليها أوروبا مؤخرًا.

وأعلنت معظم الدول الأوروبية برامج عاجلة لكفاءة الطاقة، وفيما يتعلق بالطاقة النووية، قررت بلجيكا الإبقاء على محطاتها المتبقية قيد التشغيل حتى عام 2035، بحسب المقال، الذي اطلعت عليه وحدة أبحاث الطاقة.

وفي الوقت الحالي، هناك ما لا يقل عن 25 وحدة عائمة لتخزين الغاز وتغويزه، في مراحل مختلفة من التطوير يمكن استغلال بعضها في تعزيز واردات الغاز المسال هذا الشتاء في أوروبا.

وعززت أوروبا وارداتها من الغاز المسال؛ حيث استورد الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة 14.8 مليار قدم مكعبة يوميًا خلال النصف الأول من 2022، بزيادة 63% على أساس سنوي، وشكّلت الولايات المتحدة 47% من هذا الإجمالي، بحسب إدارة معلومات الطاقة الأميركية.

ويرصد الرسم البياني التالي، واردات أوروبا من الغاز المسال في أول 5 أشهر من العام الجاري (2022):

واردات الغاز المسال

وبالنسبة لحرق المزيد من الفحم؛ فإن أوروبا بالفعل تستهلك المزيد لاستبدال الغاز الروسي، كما تحفز الصين زيادة الاستهلاك من خلال خطة لدعم اقتصادها بقيمة 6.8 تريليون يوان (0.96 تريليون دولار)، ومع ذلك، فإن مثل هذه الظاهرة ستكون قصيرة الأجل.

وبعد هذه الاستجابة الواقعية لأزمة الطاقة في أوروبا والعالم أجمع، من المتوقع بدء تسارع نمو الطاقة النظيفة، كما يرى الكاتب.

تسارع متوقع لنمو الطاقة النظيفة في أوروبا وأميركا

رغم أن أوروبا وقفت صامتة لسنوات أمام تزايد الاعتماد على الوقود الأحفوري الروسي؛ فإن غزو أوكرانيا أعطى لها الفرصة في إنهاء هذا الاعتماد والتركيز على مصادر الطاقة النظيفة للأبد.

والآن يتبنى الاتحاد الأوروبي 3 إستراتيجيات رئيسة لتعزيز الطاقة منخفضة الكربون: خطة التحول الأخضر (Fit for 55)، التي تهدف لخفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري 55% بحلول 2030، وإستراتيجية الهيدروجين وخطة ريباور إي يو (REPowerEU).

ويوضح الرسم الآتي، سيناريو إنهاء الاعتماد على واردات الغاز الروسي بحلول 2025 من خلال تعزيز الطاقة النظيفة:

الطاقة المتجددة

وباتت خطة "ريباور إي يو"، التي أقرها الاتحاد الأوروبي خلال مايو/أيار 2022، الأكثر بروزًا حاليًا، كونها جاءت في أعقاب الغزو الروسي لأوكرانيا، بهدف تقليل الاعتماد على الطاقة الروسية، كما أنها تمثل زيادة في طموحات الأهداف الخضراء التي جاءت في خطة التحول الأخضر وإستراتيجية الهيدروجين.

ويهدف الاتحاد الأوروبي إلى رفع حصة الطاقة المتجددة في مزيج الكهرباء إلى 45% بحلول 2030، بدلًا من 40% في خطة التحول الأخضر، عبر العديد من الخطط أبرزها مضاعفة قدرة الطاقة الشمسية الكهروضوئية بحلول عام 2025 والوصول إلى 600 غيغاواط بحلول عام 2030.

كما حددت الخطة هدفًا لإنتاج الهيدروجين المتجدد محليًا بما يقرب من 10 ملايين طن و10 ملايين أخرى من الواردات بحلول عام 2030، لاستبدال الغاز الطبيعي والفحم والنفط في الصناعات التي يصعب إزالة الكربون منها وقطاعات النقل، وبذلك أكملت أوروبا الأهداف الواضحة لإستراتيجية الهيدروجين المعتمدة في عام 2020.

وفي الولايات المتحدة، جاء قانون خفض التضخم البالغ قيمته 369 مليار دولار بعد قانون الاستثمار في البنية التحتية والوظائف لعام 2021، والذي تضمن 140 مليار دولار لابتكارات الطاقة والنقل العام والشبكة الكهربائية، وسبق ذلك أيضًا قانون الطاقة لعام 2020.

وتقدر مؤسسة المجلس الأطلسي البحثية أن قانون خفض التضخم سيضاعف الإنفاق على المناخ في الولايات المتحدة من 0.6% نسبة للناتج المحلي الإجمالي في البلاد إلى 1.25% حتى عام 2025.

وتتوقع شركة أبحاث الطاقة ريستاد إنرجي أن يُسهم قانون خفض التضخم في تعزيز قدرة الطاقة الشمسية وطاقة الرياح البرية في الولايات المتحدة بنسبة 40% عبر تركيب 155 غيغاواط إضافية بحلول 2030.

آسيا تدعم اتجاه تسارع الطاقة النظيفة

على الرغم من احتمالات استفادة آسيا من اتجاه صادرات الوقود الأحفوري الروسي إليها؛ حيث تبحث موسكو عن بيع إمداداتها بعيدًا عن أوروبا؛ فإن القارة لن تكون خارج التسارع الوشيك للتحول إلى الطاقة النظيفة.

وفي قمة المناخ كوب 26 خلال نوفمبر/تشرين الثاني 2021، تعهّدت الصين بالوصول إلى ذروة الانبعاثات قبل عام 2030، عبر مضاعفة سعة طاقة الرياح والطاقة الشمسية إلى 1.2 تيراواط، وزيادة نسبة مبيعات السيارات الكهربائية إلى 40%، وإضافة 20 غيغاواط من الطاقة النووية بحلول عام 2025.

كما أطلق رئيس الوزراء الياباني، فوميو كيشيدا -خلال مايو/أيار الماضي- خطة بلاده لخفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري بنسبة 46% بحلول عام 2030 مقارنة بعام 1990، باعتبارها جزءًا من تعهّد طوكيو بالوصول إلى الحياد الكربوني بحلول عام 2050.

والتزمت الهند -أيضًا- بوصول السعة الإجمالية المركبة إلى 450 غيغاواط بحلول 2030 وهو رقم تجاوزه بسهولة، حتى وإن أخفت البلاد في تحقيق هدف 2022 عند 175 غيغاواط، جراء اضطرابات سلاسل التوريد وغيرها من العقبات، وفق الكاتب.

وبصفة عامة؛ فإن التوقعات بشأن الطاقة النظيفة حتى على المدى القريب تَعد بتسارع هذا الاتجاه؛ حيث من المرجح نمو تركيبات الطاقة الشمسية العالمية بنحو 38% على أساس سنوي، لتصل إلى 245 غيغاواط بحلول نهاية العام الجاري (2022)، بحسب بلومبرغ نيو إنرجي فاينانس.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق