تقارير النفطسلايدر الرئيسيةنفط

خط أنابيب شرق أفريقيا لنقل النفط يضع توتال في مأزق.. واعتقالات لمعارضيه في أوغندا

دينا قدري

اقرأ في هذا المقال

  • البرلمان الأوروبي يدين مشروعات توتال إنرجي في أوغندا وتنزانيا
  • توتال إنرجي تستنكر عدم استماع البرلمان الأوروبي لها قبل اتخاذ قرار
  • رئيس توتال يمتنع عن حضور لجنة استماع بشأن انتهاكات حقوق الإنسان
  • رئيس أوغندا يهدد باستبدال شركاء آخرين بتوتال إنرجي حال خضوعها لضغوط البرلمان الأوروبي
  • أوغندا تعتقل معارضين للمشروع، وسط مطالبات بإطلاق سراحهم فورًا

ما يزال مصير خط أنابيب شرق أفريقيا لنقل النفط الخام يثير الجدل، بعد تبنّي البرلمان الأوروبي قرارًا يُدين مشروعات شركة توتال إنرجي الفرنسية في أوغندا وتنزانيا، يوم 15 سبتمبر/أيلول 2022.

كما شهدت التطورات المتسارعة للمشروع عدم حضور الرئيس التنفيذي لـ"توتال" باتريك بويانيه، لجلسة الاستماع التي تنظّمها اللجنة الفرعية لحقوق الإنسان، فضلًا عن اعتقالات لعدد من المعارضين للمشروع في أوغندا.

سيمتد خط أنابيب شرق أفريقيا -الذي تُقدَّر تكلفته بـ 3.5 مليار دولار أميركي- من حقول النفط غير الساحلية في أوغندا، غرب البلاد، إلى ميناء على ساحل المحيط الهندي في تنزانيا.

وتُعدّ توتال إنرجي هي المطور الرئيس لخطّ الأنابيب، إلى جانب شركة سينوك الصينية، وشركات النفط الوطنية في أوغندا وتنزانيا، بحسب المعلومات التي اطّلعت عليها منصة الطاقة المتخصصة.

إدانة البرلمان الأوروبي

أدان البرلمان الأوروبي -في قراره الصادر 15 سبتمبر/أيلول- مشروعَي تيلينغا وخط أنابيب شرق أفريقيا، بقيادة توتال إنرجي.

وأعرب البرلمان عن بالغ قلقه إزاء انتهاكات حقوق الإنسان في أوغندا وتنزانيا المرتبطة بالاستثمارات في مشروعات الوقود الأحفوري، وفق ما جاء في بيان رسمي.

واستنكر البرلمان الاعتقالات وأعمال التخويف والمضايقة القضائية ضد المدافعين عن حقوق الإنسان والمنظمات غير الحكومية العاملة بقطاع النفط والغاز في أوغندا، مطالبًا بإطلاق سراحهم فورًا.

وحثّ القرار شركة توتال إنرجي على أن تستغرق عامًا واحدًا قبل إطلاق المشروع لدراسة جدوى طريق بديل لتحسين حماية النظم البيئية المحمية والحساسة وموارد المياه في أوغندا وتنزانيا، واستكشاف مشروعات بديلة تعتمد على الطاقة المتجددة من أجل تنمية اقتصادية أفضل.

كما دعا البرلمان القائمين على مشروع خط أنابيب شرق أفريقيا في أوغندا وتنزانيا إلى حل جميع النزاعات التي كان ينبغي حلّها قبل إطلاق المشروع، ومراعاة جميع المخاطر التي تهدد هذا المشروع.

خط أنابيب شرق أفريقيا يضع توتال إنرجي في مرمى الانتقاداتخط أنابيب شرق أفريقيا يضع توتال إنرجي في مرمى الانتقادات
الرئيس التنفيذي لـ توتال إنرجي، باتريك بويانيه - أرشيفية

توتال: مزاعم خطيرة لا أساس لها من الصحة

ردًا على هذا القرار، أرسل الرئيس التنفيذي لشركة توتال إنرجي، باتريك بويانيه، رسالة إلى رئيسة البرلمان الأوروبي، روبرتا ميتسولا، في 22 سبتمبر/أيلول.

ومن ثم لن تكون توتال إنرجي ممثلة في جلسة الاستماع التي تنظمها اللجنة الفرعية لحقوق الإنسان اليوم الإثنين 10 أكتوبر/تشرين الأول، حول مشروع خط أنابيب شرق أفريقيا، بحسب ما أوضحته الشركة في بيان صحفي أصدرته اليوم الإثنين.

وقال الرئيس التنفيذي باتريك بويانيه: "في الواقع، إذا جرى الاتصال بشركة توتال إنرجي قبل اعتماد هذا القرار، لكان بإمكانها إبلاغ البرلمان بعدم دقة العديد من العناصر التي تستند إلى مزاعم خطيرة لا أساس لها من الصحة".

وأضاف: "لقد فات الأوان للأسف لإجراء هذا النقاش منذ أن اعتمد البرلمان الأوروبي هذا القرار، دون حتى الاستماع إلى الشركة".

وشددت رسالة توتال بأن جميع الشركاء في هذا المشروع ملتزمون بوضع قضايا البيئة والتنوع البيولوجي، وكذلك حقوق المجتمعات المعنية في قلب المشروع، وفقًا للمعايير الدولية الأكثر تطلبًا.

وقال بويانيه: "يمثّل هذا المشروع تحديًا إنمائيًا كبيرًا لأوغندا وتنزانيا، ونحن نبذل قصارى جهدنا لضمان أن يكون نموذجيًا من حيث الشفافية والازدهار المشترك والتقدم الاقتصادي والاجتماعي والتنمية المستدامة واحترام البيئة وحقوق الإنسان".

ضمان ظروف أفضل.. وتعويضات مناسبة

قال بويانيه -في رسالته-: "لقد أُبلغت أن البرلمان الأوروبي ناقش الأسبوع الماضي قرارًا، ثم صوّت عليه خلال 48 ساعة، لإدانة الانتهاك المفترض لحقوق الإنسان الذي سيلحق بمشروع استغلال موارد باطن الأرض في أوغندا، المرتبطة بالبنية التحتية عبر تنزانيا، بقيادة توتال إنرجي خصوصًا".

وتابع: "يؤسفني بشدة أن الشركة، ومن خلالها 105 آلاف موظف، كانوا موضوعًا -في هذه المناسبة- للائحة اتهام علنية من قبل مؤسستكم، دون أن يُطلب منهم في أيّ وقت مناقشة خصومة مسبقة".

كما قال: "من المؤسف بالنسبة لي أن البرلمان يعرّض نفسه لتبنّي نصوص تحتوي على عناصر غير دقيقة من الناحية الواقعية، أو تستند إلى عدّة مزاعم، بعضها خطيرة، وليس لها أيّ أساس من الصحة".

وأوضح بويانيه أن الشركة الفرنسية لم تتمكن من إبلاغ البرلمان الأوروبي بأن مشروع خط أنابيب شرق أفريقيا لا ينطوي على "الخطر"، حتى وإن كان "وشيكًا"، للتسبب في تشريد 100 ألف شخص.

وأشار إلى أنه سيعاد -في الواقع- تسكين 723 أسرة، أي نحو 5 آلاف شخص، في مكان قريب وبظروف أفضل، مع الأخذ في الحسبان في إجراءات التعويض الأشخاص الآخرين المتأثرين بالمشروع بسبب وجود قطعة أرض يمتلكونها أو يشغلونها.

واختتم الرسالة قائلًا: "حقيقة أن اللجنة الفرعية لحقوق الإنسان رأت أنه من المفيد دعوتي -بعد ذلك- للحديث بعد هذا القرار، لمدة "8 دقائق" (وفقًا لشروط الدعوة)، لا تمحو بأيّ حال من الأحوال الموقف الواقعي الذي أوجدته هذه المداولات، لأن مبدأ الخصومة ليس له معنى لاحقًا، ستفهمون أنني لا أنوي تلبية هذه الدعوة في ظل هذه الظروف".

تهديد الرئيس الأوغندي

من جانبه، هدّد الرئيس الأوغندي يويري موسيفيني، باستبدال شركاء آخرين بشركة توتال إنرجي في مشروع خط أنابيب شرق أفريقيا، حال خضوع شركة الطاقة الفرنسية لضغوط البرلمان الأوروبي.

وفي حديثه بقمة أوغندا الدولية للنفط والغاز، قال الرئيس موسيفيني، إن الخطط ستمضي قُدمًا، داعيًا شركات النفط إلى اتخاذ الخطوات التالية بشأن المصفاة وخط الأنابيب المخطط لهما، وفق ما نقلته منصة "إنرجي فويس" (Energy Voice).

وتعليقًا على إجراء البرلمان الأوروبي، قال موسيفيني: "إن أولئك الذين اتخذوا مثل هذا الموقف يجب أن يزوروا أوغندا".

وأضاف: "لا نتعامل بلطف مع الغطرسة.. الخطة ستُنفَّذ حسب الجدول الزمني. آمل أن ينضم إلينا شركاؤنا بحزم، وأن ينصحوهم.. بالنسبة لنا، نحن نمضي قدمًا في برنامجنا".

كان موسيفيني قد أطلق انتقادات شديدة في الاتحاد الأوروبي بوقت سابق من سبتمبر/أيلول.

كما أصدر تهديدًا لشركاء المشروع: "يجب أن نتذكر أن توتال إنرجي أقنعتني بفكرة خط الأنابيب.. إذا اختاروا الاستماع إلى البرلمان الأوروبي، فسنجد شخصًا آخر للعمل معه".

خط أنابيب شرق أفريقيا يضع توتال إنرجي في مرمى الانتقادات
مظاهرات ضد مشروع خط أنابيب شرق أفريقيا - الصورة من رويترز

اعتقال معارضي المشروع في أوغندا

في سياق متصل، اعتقلت الشرطة الأوغندية 9 أشخاص احتجوا على مشروع خط أنابيب شرق أفريقيا الثلاثاء الماضي (4 أكتوبر/تشرين الأول)، في حملة متصاعدة ضد منتقدي المشروع الذي يعارضه دعاة حماية البيئة ونشطاء ومشرّعون من الاتحاد الأوروبي.

فقد تجمَّع عشرات المتظاهرين بالقرب من مكاتب الاتحاد الأوروبي في العاصمة كمبالا لتسليم عريضة تتهم الحكومة بالاستيلاء على أراضي المواطنين، ما دفع الشرطة إلى التدخل.

وقال المتحدث باسم الشرطة باتريك أونيانغو، إن 9 أشخاص اعتُقِلوا لأنهم نظّموا "مظاهرة غير قانونية"، مضيفًا: "نتّهمهم بالتحريض على العنف"، وفق ما نقلته وكالة رويترز.

وكان دعاة حماية البيئة ونشطاء حقوقيون قد أطلقوا حملة لوقف مشروع خط أنابيب شرق أفريقيا، الذي يقولون، إنه سيؤدي إلى نزوح عشرات الآلاف من الأشخاص، ويُعرّض للخطر النظم البيئية الهشة في المنطقة.

واتهم المتظاهرون -في العريضة- الحكومة الأوغندية بـ "التهجير القسري وإزالة الغابات وأشكال أخرى من التدهور البيئي".

وقالت العريضة، إن السلطات متورطة أيضًا في "ترهيب المدافعين عن حقوق الإنسان الذين شاركوا في إدارة الموارد الطبيعية"، بما في ذلك الاعتقالات التعسفية وغير القانونية للمدافعين عن حقوق الإنسان.

من جانبه، صرّح وفد الاتحاد الأوروبي في أوغندا بأنه تلقّى العريضة، وطلب من الشرطة إطلاق سراح المعتقلين.

النفط ضروري لانتقال الطاقة

أكدت توتال إنرجي أنها أطلقت مشروع خط أنابيب شرق أفريقيا، في وقت يواجه فيه العالم دعوات بوقف فوري لجميع مشروعات الوقود الأحفوري، نظرًا لأن هناك حاجة إلى توفير النفط وبتكلفة معقولة خلال المرحلة الانتقالية.

وأوضحت أن هذا هو الغرض الكامل من هذا المشروع، والذي يوفر إنتاج النفط على مدى 20 عامًا، إن انتقال الطاقة هو قبل كل شيء مسألة قبول اجتماعي، وفق ما جاء في الموقع الرسمي للشركة.

وشددت على أنه من الضروري الاستثمار بشكل مكثف في الطاقة المتجددة، وهو ما تفعله شركة توتال إنرجي، مع الحفاظ على سعر الوقود الأحفوري عند مستوى معقول لإتاحة الانتقال العادل للطاقة.

وردًا على مزاعم تُفيد بأن إنشاء خط أنابيب شرق أفريقيا سيؤدي إلى زيادة تلوث بحيرة فيكتوريا وبحيرة ألبرت، أوضحت الشركة أن خط الأنابيب لا يعبر أيًا من البحيرات الحيوية لموارد المياه في المنطق، مع أخذ مخاطر تلوث المياه في الحسبان.

وحول إسهامها في استغلال حقول نفطية جديدة، أكدت توتال أن أوغندا دولة ذات سيادة اتخذت خيارًا إستراتيجيًا لاستغلال مواردها الطبيعية، سواء مع توتال إنرجي أو لاعبين آخرين، فإنها ستستغل مواردها.

كما أشارت إلى أنه إذا كان التخفيض التدريجي في إنتاج النفط والغاز ضروريًا، فلن يكون التوقف المفاجئ ممكنًا ولا مرغوبًا فيه، ولن يكون استنفاد الاحتياطيات الحالية كافيًا لتحقيق هذا التحول باستخدام الطاقة المتجددة.

بالإضافة إلى ذلك، لا تقتصر توتال إنرجي على إنتاج النفط الأوغندي، ولكنها تهدف إلى أن تكون لاعبًا رئيسًا في الطاقة المتجددة في أوغندا وتنزانيا وتلبية الاحتياجات الملموسة والحيوية للسكان المحليين، من خلال إجراءات مثل الكهرباء والوصول إلى المياه.

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق