خبراء: أزمة الطاقة في أوروبا تقوّض أهداف المناخ والتحول الأخضر
دينا قدري
أصبحت أزمة الطاقة في أوروبا بمثابة "تهديد وجودي" لأهداف المناخ، حسبما أكده قادة الأعمال وعلماء البيئة، في مؤتمر رويترز بشأن الاستدامة "إيمباكت".
وأوضح الخبراء أن هذه الأزمة قلبت التحول الأخضر، وقوّضت الجهود المبذولة لإبقاء الاحترار العالمي أقلّ من 1.5 درجة مئوية، وفق ما نقلته وكالة رويترز.
وتطرَّق المشاركون في المؤتمر الذي عقد الإثنين الماضي 3 أكتوبر/تشرين الأول (2022) إلى التحدي المتمثل بالحفاظ على الكهرباء -أحيانًا عن طريق إنتاج واستخدام المزيد من الفحم- دون التخلي عن أهداف المناخ في المنطقة، في ظل النقص المحتمل بالوقود هذا الشتاء، حسب المعلومات التي رصدتها منصة الطاقة المتخصصة.
العودة إلى توليد الكهرباء بالفحم في أوروبا
قال الرئيس التنفيذي لشركة بلانيت مارك للاستشارات البيئية، ستيف مالكين: "نحن في لحظة تحول"، مشيرًا إلى أن الحرب في أوكرانيا وأزمة الطاقة الناتجة عنها تشكّلان "تهديدًا وجوديًا" لأهداف الاستدامة.
فقد ارتفعت أسعار الفحم الحراري -المستخدم لتوليد الكهرباء- وأنواع الوقود الأحفوري الأخرى، إذ يتجه العديد من الدول الأوروبية إلى استخدام كميات أقلّ من الغاز الروسي.
وكان هناك انتعاش في أوروبا في الأشهر الأخيرة، إذ أُعيد تشغيل محطات الفحم، بينما كان من المتوقع أن ينخفض الطلب على الفحم في المدى الطويل.
بدوره، أضاف الرئيس التنفيذي لشركة ستات كرافت، أكبر مولِّد للطاقة المتجددة في أوروبا، كريستيان رينينغ تونيسن: "نحتاج إلى الفحم على المدى القصير من أزمة الطاقة، ولكن من الناحية السياسية، نحن بحاجة للتحول نحو انبعاثات منخفضة ومصادر الطاقة المتجددة على المدى الطويل".
وأوضح آخرون -في جلسة بعنوان "تجاوز الحياد الكربوني"- أن الارتفاع الأخير في إنتاج الفحم لا ينبغي أن يشجع على إحياء الوقود الأحفوري، مع مواجهة أوروبا لأزمة الطاقة في العام الجاري (2021).
وقالت المديرة التنفيذية لصندوق الدفاع البيئي في أوروبا: "نحن على استعداد سيئ للغاية (لفصل الشتاء المقبل)، إلى درجة أنه قد تكون هناك بعض الزيادات المؤسفة، لكن لا ينبغي أن يكون هناك استثمار في المزيد من البنية التحتية للوقود الأحفوري".
أزمة الطاقة تدفع نحو عالم أكثر اخضرارًا
في حين أعرب العديد من المتحدثين في المؤتمر عن قلقهم من أن أزمة الطاقة يمكن أن تبطئ التقدم المناخي على المدى القريب، كان بعضهم متفائلًا بأنها قد تعزز الحركة نحو شبكات أكثر اخضرارًا لضمان أمن الطاقة في المستقبل.
فقد قال الرئيس التنفيذي لشركة إيكيا، جيسبر برودين، في مقابلة مع رويترز: "الانتقال إلى الطاقة المتجددة سيكون أسرع الآن"، مشيرًا إلى أن الأزمة ستشجع أيضًا كفاءة الطاقة.
وأضاف أنه يتعين على الشركات -خاصةً في أوروبا- أن تصبح أكثر مرونة مع تفاقم أزمة الطاقة، ومن المرجح أن يؤدي ذلك إلى تسريع انتقال المجتمع إلى طاقة أنظف، لكنه توقّع أن العامين المقبلين سيكونان "تحديًا" للأسر.
كما أكد أن شحنات ايكيا للمنازل ستجري بوساطة السيارات الكهربائية، بحلول عام 2025، جزءًا من هدف الشركة للحدّ بشكل كبير من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري على مدار السنوات الـ8 المقبلة، بحسب ما نقلته رويترز.
وتقدّم إيكيا المزيد من المنتجات الموفرة للطاقة للعملاء الذين يشعرون بأزمة تكلفة المعيشة، بما في ذلك مصابيح "ليد" أو الثنائيات الباعثة للضوء، والأجهزة الإلكترونية التي تعمل بالطاقة الشمسية والبطاريات.
تبنّي شبكات الكهرباء اللامركزية
من جانبه، قال الرئيس التنفيذي لشركة الاستثمار سستينبل ديفلوبمنت كابيتال، جوناثان ماكسويل، إنّ تبنّي شبكات الكهرباء اللامركزية قد يكون الطريق إلى الأمام في بناء قدرات الطاقة المتجددة للوصول لأهداف المناخ العالمية.
وأوضح ماكسويل -متحدثًا أمام لجنة في مؤتمر رويترز للاستدامة- أن تحديات الكهرباء في الولايات المتحدة تُظهر الحاجة إلى "التركيز على اللامركزية".
وتابع: "دعونا نولّد الكهرباء محليًا أو في الموقع، لذا لا نهدر الطاقة في مكان ما بين التحويل والنقل والتوزيع والاستخدام النهائي"، بحسب التصريحات التي نقلتها وكالة رويترز.
وردًا على دعوة سابقة من قبل عمدة لندن صادق خان لاستثمار 75 مليار جنيه إسترليني (84 مليار دولار) لتحقيق أهداف المدينة للحياد الكربوني، قال ماكسويل، إن تحسين كفاءة الطاقة يمكن أن يحقق ذلك بتكلفة أقلّ بكثير.
توقعات باستمرار شح إمدادات الغاز
في سياقٍ متصل، توقّعت وكالة الطاقة الدولية -في تقريرها الفصلي عن سوق الغاز، الصادر اليوم الإثنين 3 أكتوبر/تشرين الأول- استمرار شح أسواق الغاز الطبيعي عالميًا حتى العام المقبل (2023)، مع خفض الإمدادات الروسية المتجهة إلى أوروبا.
وأكدت وكالة الطاقة أن استمرار تقلّص تدفقات الغاز الطبيعي الروسي إلى أوروبا دفع أسعار الغاز عالميًا للارتفاع لمستويات جديدة، وتعطيل التدفقات التجارية، ونقص حادّ في الوقود في بعض الاقتصادات الناشئة والنامية.
شهدت أسواق الغاز الطبيعي في جميع أنحاء العالم تشددًا بالإمدادات منذ العام الماضي (2021)، وسط توقعات بانخفاض الاستهلاك العالمي للغاز بنحو 0.8% هذا العام.
ويوضح الرسم البياني التالي -الذي أعدّته وحدة أبحاث الطاقة- تطوُّر الطلب العالمي على الغاز الطبيعي منذ عام 1965 حتى عام 2021:
وبالنسبة للعام المقبل (2023)، تشير توقعات وكالة الطاقة الدولية إلى نمو 0.4% في استهلاك الغاز عالميًا، ومع ذلك، تظل التوقعات عرضة لمستوى عالٍ من حالة عدم اليقين.
كما أسهم ارتفاع أسعار الغاز لمستويات غير مسبوقة، في انخفاض الطلب على الغاز، فضلًا عن التحول إلى أنواع الوقود الأخرى، مثل الفحم والنفط لتوليد الكهرباء.
وأدت ارتفاعات أسعار الغاز في بعض الاقتصادات الناشئة والنامية إلى حدوث نقص في التيار الكهربائي، فضلًا عن انقطاعه.
موضوعات متعلقة..
- فاتورة أزمة الطاقة في أوروبا تقترب من 500 مليار دولار (تقرير)
- رئيس أرامكو: أزمة الطاقة لن تنتهي بوقف الحرب الروسية الأوكرانية.. وهذه هي الأسباب
- خطة أوروبا لمعالجة أزمة الطاقة.. هل تنقذ القطاع الصناعي من الانهيار؟
اقرأ أيضًا..
- السعودية تفوز باستضافة مؤتمر النفط العالمي في 2026
- ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل يشهد تطورات عاجلة حول الغاز (تقرير)
- تحلية المياه بالطاقة الشمسية.. أبرز التقنيات والأسعار
- لماذا ما تزال السيارات الكهربائية باهظة الثمن رغم زيادة الاهتمام بتصنيعها؟